خيارات فتح وحماس واغفال العين المصرية - اول اختبار لـ"الدستورية" - قانون الأعضاء البشرية في فلسطين

خيارات فتح وحماس واغفال العين المصرية - اول اختبار لـ"الدستورية" - قانون الأعضاء البشرية في فلسطين
كتب غازي مرتجى

*
يتميز الربع الأخير من كل عام فلسطيني باحتوائه على أحداث تكون مؤثرة بالعادة - وحيث أن الربع الأخير من العام الحالي يتميّز بعدة أهداف من المفترض الوصول لها او الاقتراب منها فإنّه بالإمكان إطلاق وصف "الربع المصيري" على الأشهر الثلاثة المقبلة .

سيكون أمام منظمة التحرير وفتح المفاصل والخيارات التالية :

1- عقد المؤتمر الفتحاوي العام وهذا سيُحدد بالتأكيد نهاية الشهر الجاري , وعند تحديده سيتبقى "شهرين" لعقده -متوقع عقده منتصف نوفمبر- وهو ما سيؤسس لمرحلة أكثر حرجاً من التي سبقت عيد الأضحى بما يخص تحركات الرباعية العربية التي حاولت بشتى طُرقها لملمة صفوف فتح وإعادة دحلان والمقربين منه الى الحركة بما يؤسس (بحسب الرباعية) إلى تقوية فتح المدعومة من المحور العربي المُناويء للاخوان مقابل حماس القريبة من المحور القطري - التركي الموالي للاخوان .

2- عقد المجلس الوطني وانتخاب لجنة تنفيذية جديدة وهو هدف رئيسي للرئيس أبو مازن , يدور الحديث هنا عن تجديد الهيئات المُتكلسة لمنظمة التحرير وانتخاب رئيس جديدة للجنة التنفيذية للمنظمة وهو ما سيُعطي حيزاً من الهدوء والاستقرار لمرحلة ما بعد الرئيس بدلاً من التدخلات العربية - الاقليمية - الغربية والامريكية عدا عن الاسرائيلية لتحديد خليفة الرئيس والتي بدأت ترتيباتها بترهيب المواطنين من المرحلة المقبلة التي سيكون بها "فراغ" قد يُصنّف بالقاتل .. الحل هنا يكمن بقرار لا رجعة عنه بعقد المجلس الوطني والضغط بكل الطرق على حركة حماس لتشارك فيه وهو أمر بات سهلاً بعد الحديث عن تغييرات دراماتيكية في سياسة حماس في المرحلة المقبلة والحديث الاعلامي المتواصل عن تحضير خالد مشعل ليتولى منصباً هاماً في الوضع الفلسطيني , قد يكون هنا اميناً لسر اللجنة التنفيذية للمنظمة في حال عقد المجلس الوطني بمشاركة حركته والاتفاق على الممثلين في كل الهيئات القيادية .

3- المصالحة مع حماس , فعلى السلطة وفتح حسم موقفها من حالة الستاتيكو التي تتحرك بديناميكية سريعة "شهراً" وتعود لطبيعتها الساكنة بقية العام .. فالتعامل وفق نظام الحاجة العربية والضغط الاقليمي من جهة أو المآزق السياسية من جهة أخرى لن يُؤدي إلى أي حلول منطقية او مصالحة منتظمة القرارات ومعروفة النتائج .

أما حماس فأمامها التالي :

1-  تحديد خياراتها الداخلية حول المشاركة السياسية مع فتح وإمكانيات التسنيق والاتفاق حول المواقف المتعلقة بالسياسة العامة او السياسات التي تؤثر على المواطن نفسه . استمرار حرق الوقت إلى حين تغير الموازين العربية والاقليمية لن يُفيد على المستوى المحلي إلا زيادة في المآسي واستمرار السير في نفق مظلم لا يوجد له نهاية (حتى الآن) , فحماس عليها ان تواجه الضغط الداخلي من جهة والضغوط العربية من جهة أخرى بانفتاح متزّن مع فتح والسلطة لهدف رئيسي واحد وهو التخفيف على المواطنين وفتح آفاق المستقبل المُظلم حالياً أمامهم .
استمرار الحالة الانقسامية الشاذة اسست لمرحلة الجفاء الاجتماعي والتواصل الجغرافي مع الشطر الآخر مما تبقى من الوطن وأدّى بلا شك إلى ابتعاد القضية الفلسطينية عن كونها القضية الأولى من قضية مركزية دون مقابل إلى قضية مرحلية بمقابل من الطرفين .

2- امام حماس انتخاباتها الداخلية وهي ستؤسس لمرحلة جديدة من العمل السياسي والانفتاح الاقليمي مما يؤهلها مستقبلاً للمشاركة في إدارة المؤسسات الرسمية م.ت.ف بشكل خاص .
لدى حماس الآن فرصة للتغيير في الداخل الفلسطيني وبإمكانها التأسيس لعلاقات متوازنة مع فتح بما يؤدي إلى تحسين المشاركة الاقليمية والعربية لصالح القضية الفلسطينية بدلاً من ركنهم الى سبب الانقسام ليرفعوا أيديهم عن القضية الأعدل .

تكشف خيارات حركتي فتح وحماس ان الركيزة الاساسية لأي عمل عام على مستوى القضية الفلسطينية يلزمه ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي بطريقة أكثر احترافية من الأفلام التي باتت محروقة - فتشكيل حكومة لتكون مسؤولة عن التحضير للانتخابات ثم شل حركتها في عدة جوانب ومناطق ولا يقتصر الأمر هنا على قطاع غزة , لن تؤدي إلى اي نتائج ميدانية على الأرض .. وقد أرسلت الحكومة من جيث لا تدري بقرارها عقد الانتخابات المحلية رسائل صامتة للطرفين بأنّ أكذوبة عقد الانتخابات في ظل انقسام سياسي حاد على كل المستويات بدءاً من الأمن وليس انتهاء بالقضاء فذلك لن يُفضي لأي نتائج إلا بالعودة لاتفاق القاهرة الذي عطلته الحركتين لسوء تفسير الاتفاق - والعودة لاتفاق القاهرة يعني حل القضايا التي نتجت عن الانقسام واحدة تلو الأخرى وبعضها بالتوازي .. وهو ما سيُعطي الحكومة "الحالية" أو أي حكومة أخرى هامشاً جيداً من الاهتمام بالقضايا اليومية الآنية التي تهم المواطنين وتساعد بما لا شك فيه في إرساء النظام السياسي المُوحّد بين الشطرين .

**
في الحديث عن المصالحة وتوجيه دعوات قطرية للطرفين لاستكمال الحوارات فإنّ أي حوارات تتم بعيداً عن العين المصرية لن يُكتب لها النجاح .
السقطة السياسية بالتوجه نحو قطر التي تحتفظ بمآرب أخرى غير توحيد الطرفين لن تُغتفر مصرياً والدعوة المنفردة لطرفي الانقسام دون الفصائل الأخرى يجب ان لا تتكرر إن كانت النوايا لدى الطرفين أكيدة بإنهاء الانقسام فمشاركة كل الطيف الفلسطيني بذلك ضرورة لا هبة .
إقحام مصر في المصالحة الداخلية "فرض عين" والأحاديث التي يتناقلها البعض عن ضعف الدور المصري من التدخل في الشأن الفلسطيني لأسبابها الداخلية هي أحاديث واهية , فـ"رئة" القضية الفلسطينية هي القاهرة ولا يُمكن غفران الابتعاد عن مصر في أي حوار داخلي مرتقب .
لقد جرّبت الأطراف اتخاذ خطوات بعيداً عن العين المصرية وبانت نتيجتها مع تقدم الوقت وبات تكرار الخطأ ضرباً من القفز غير المحسوب في الهواء .

***
كما طالبنا سابقاً بضمان هيبة اجهزة الأمن وكذلك المستوى السياسي ممثلاً بالرئيس ودولته فإن ّ الحفاظ على هيبة الذراع القضائي لدولة فلسطين يجب ان يكون هدفاً سامياً .
النزاع القانوني الأخير الذي نشب بين المحكمة الدستورية والمحكمة العليا وكلا المحكمتين بها سبعة من القُضاة اتخذّت كل هيئة منها قرارا مُختلفاً بشأن النائب الأول لرئيس مجلس القضاء الأعلى , لن أدعّي زوراً معرفتي القانونية وعلمي بدهاليز القضاء لكن وبالقياس مع "مصر" فإن قرار المحكمة الدستورية نافذ على المحكمة العليا من جهة وعلى قرارات الرئيس والحكومة من جهة أخرى فهي تعني بالفصل في النزاعات القانونية , وحيث ان النزاع القانوني الذي بان مؤخراً وأظهره بيان حاد من اللواء توفيق الطيراوي فإن ما تُقره المحكمة الدستورية هو القرار الذي يجب تنفيذه .
عندما تشكلّت المحكمة الدستورية توقعنا أن تكون النزاعات القانونية أكثر حدّة فالانقسام الفلسطيني الداخلي أسّس لمرحلة من الشطط القانوني وجهات وهيئات غير معروفة التوصيف .. وبيان تشكيل المحكمة الدستورية كان واضحاً في ذلك وفي حينه هاجمت فصائل المعارضة قرار الرئيس بتشكيل المحكمة وعقدت المؤتمرات واللقاءات وهاجمت قرار التشكيل .. انتظرنا القضية الأولى التي ستحسم نزاعها "المحكمة الدستورية" فكان قرارها معارضا لقرار محكمة العدل العليا (أعلى هيئة قضائية قبل تشكيل المحكمة الدستورية) .
النزاع القانوني الذي تحوّل ببيان صحفي واحد إلى نزاع إعلامي ودعاوى قضائية يجب أن يتوقف حفاظاً على هيبة القضاء من جهة وانتصاراً لقرار تشكيل المحكمة الدستورية من جهة أخرى .
 
****
تعمل الحكومة الفلسطينية على صياغة قانون عصري يُتيح نقل والتبرع بالأعضاء البشرية , هذا القانون الفريد سيؤدي الى زيادة متوسط "الأعمار" في فلسطين وهو إضافة نوعية للخدمات الصحية التي يوفرها النظام الصحي في السلطة .
تقوم مستشارة رئيس الوزراء د خيرية رصاص بالاشراف على صياغة القانون وتتشاور مع جهات الاختصاص من الوزارات او الهيئات المختصة متجاوزة العقبات التي وضعها الانقسام الداخلي أمام تطوير القوانين ومقاربتها للقوانين التي تفرضها المؤسسات الدولية التي انضمت لها دولة فلسطين مؤخراً .
من الواضح أنّ هناك جهودا تُبذل من أجل تحسين نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين وبإمكان تلك القوانين تغيير نمط القوانين البيروقراطية التي اعتاد عليها المواطن وبات يشعر بعدم جدوى بعضها .