سيادة المطران عطا الله حنا "سيبقى الصوت المسيحي الفلسطيني صوتا مناديا بالعدالة والحرية لهذا الشعب المظلوم"

رام الله - دنيا الوطن
 وصلت الى مدينة القدس خلال الايام المنصرمة وفود من الحجاج والزوار الاتين من مختلف الدول الارثوذكسية وذلك للمشاركة في احتفالات عيد رقاد السيدة العذراء في مدينة القدس.

وقد استقبل سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس صباح اليوم اكثر من 500 حاج وحاجة من الزوار الذين وصلوا الى مدينة القدس وذلك في كاتدرائية مار يعقوب وهم من اليونان وروسيا وصربيا وقبرص وجيورجيا ، وقد القى سيادة المطران محاضرة روحية امام الحجاج استهلها بكلمة ترحيب بزيارتهم الى الاراضي المقدسة .

تحدث سيادته في كلمته عن مكانة القدس الروحية باعتبارها ام الكنائس وحاضنة اهم المقدسات والمدينة التي يقدسها ويكرمها المؤمنون في الديانات التوحيدية الثلاث .

وقال سيادته : نحن سعداء بوجودكم ونعتبر وصولكم الى الاراضي المقدسة رسالة تضامن وسلام ومحبة واخوة مع هذه الارض المباركة ومع شعبها ومع اولئك الذين يتألمون ويعانون ويعذبون ويستهدفون  ويضطهدون بفعل الممارسات الاحتلالية الغاشمة .

نريدكم ان تدركوا ان كنيسة القدس هي كنيسة حية بمؤمنيها وشعبها وتاريخها وتراثها ومقدساتها .

فلا يعتقدن احدا منكم ان كنيستنا هي كنيسة مقدسات ومتاحف واماكن دينية تاريخية تدل على تاريخ عريق فحسب بل ان كنيستنا هي كنيسة الانسان ، انها كنيسة الحجارة الحية ، انها كنيسة الشعب الصامد والثابت والباقي في هذه الارض المقدسة محافظا على تاريخه وجذوره وهويته.

فلا نريد من الحجاج والزوار الاتين الى بلادنا ان يظنوا بأن كنيستنا هي كنيسة حجارة صماء ومقدسات ومزارات دينية التي تدل على الماضي ، فنحن كنيسة لها حضورها ودورها ورسالتها في هذه الارض ، نفتخر بتاريخنا وماضينا ونفتخر بمقدساتنا وتراثنا الروحي العريق ولكننا في نفس الوقت نحن مع شعبنا ومع انسان هذه الديار في آلامه ومعاناته ومحنته .

نتمنى منكم عندما تزورون هذه الديار الا تكتفوا بزيارة مقدساتها والتعرف على تاريخها بل نريد منكم ان تلتقوا مع ابناء شعبنا ، اذهبوا الى الرعايا والكنائس في المدن والقرى وتعرفوا على هذا الشعب الطيب المحب لكنيسته والمحب لوطنه وارضه .

نريدكم ونتمنى منكم ان تزوروا المدن والبلدات الفلسطينية وان تعاينوا عن كثب معاناة شعبنا وآلامه وظروف معيشته وما يتعرض له ، فلا يجوز ان يبقى الحج الى الاماكن المقدسة مقصورا على زيارة الاماكن الدينية بل يجب ان يكون هنالك تعرف ولقاء وتواصل مع اهل هذه الديار اي مع شعبنا الفلسطيني الذي ننتمي اليه ومن واجبنا ان ندافع عن قضيته العادلة.

 المسيحيون الفلسطينيون ينتمون الى كنيسة هذه الارض التي هي كنيسة وطنية بإمتياز وهي الكنيسة التي نصفها بأم الكنائس ، انهم امتداد للجماعة المسيحية الاولى وللكنيسة الاولى التي تأسست في هذه الارض ، المسيحيون في ديارنا يفتخرون بتاريخهم وجذورهم وانتماءهم الى اقدم واعرق كنيسة موجودة في هذا العالم ، ولكنهم ايضا يفتخرون بانتماءهم الى فلسطين، ففلسطين هي ارضنا وهي شعبنا وهي قضيتنا وهي انساننا وهي تاريخنا وانتماءنا وهويتنا ، ونحن في فلسطين لسنا طائفة او جالية او اقلية ولسنا جماعة غريبة عن شعب وقضية هذه الارض ، نحن لسنا غرباء في وطننا ولسنا جماعة أوتي بها من هنا وهناك فتاريخنا يبتدأ من هذه الارض وجذورنا عميقة في تربتها كشجر زيتونها ونحن متعلقون بكل حبة تراب من ثرى هذه الارض المقدسة التي تباركت وتقدست بحضور السيد ووالدته وقديسيه ورسله وشهدائه.

نحن نحب هذه الارض ونتفانى في خدمتها وفي الدفاع عنها ولن نتخلى عن انتماءنا لفلسطين مهما تآمروا علينا وخططوا لتصفية وجودنا والنيل من مكانتنا وارتباطنا بهذه الارض ، سنبقى متعلقين بهذه البقعة المقدسة من العالم .

الكثيرون في عالمنا لا يريدون ان يسمعوا شيئا عن فلسطين فهي كلمة تزعجهم ، لا يريدوا ان يسمعوا شيئا عن الظلم الواقع في فلسطين بحق شعبها ومقدساتها وهويتها ، ان جبابرة هذا العالم والمرتبطون بأجنداتهم المشبوهة يريدوننا ان نتخلى عن فلسطين وان نشطب القدس من قاموسنا ويريدوننا الا نتحدث عن هذه القضية التي هي قضية كل الشعب الفلسطيني مسيحيين ومسلمين وهذا لن يحدث على الاطلاق .

اذكر انني في احدى زيارتي الاخيرة لاحدى الدول الاوروبية بأن صحيفة معروفة اجرت معي مقابلة مطولة تحدثنا فيها عن الحضور المسيحي وعن القضية الفلسطينية وعن القدس وعلى غيرها من القضايا ، ولكنني فوجئت في اليوم التالي لصدور الصحيفة ونشر المقابلة بأنه قد تم حذف وشطب كل ما قيل عن فلسطين وكأن هنالك مخططا مشبوها هدفه الا يصل الصوت المسيحي الفلسطيني الوطني المنادي بالعدالة والحرية لشعبنا الا يصل الى اي مكان في هذا العالم .

مهما حاولوا اسكاتنا وتهميش صوتنا ورسالتنا ومنع هذا الصوت من ان يصل الى عالمنا فسنبقى ننادي بالحرية لشعبنا وسنبقى منحازين لعدالة القضية الفلسطينية وستبقى فلسطين قضيتنا وعنوان انتمائنا والارض المقدسة التي نسكن فيها بأجسادنا ولكنها ساكنة في عقولنا وفي قلوبنا وفي ضمائرنا .

لن نتنازل عن حقنا في الدفاع عن وطننا ولا توجد هنالك قوة في هذا العالم قادرة على اسكاتنا.

انهم يحاربوننا لاننا ندافع دوما عن فلسطين ويهاجموننا ويسعون لتهميشنا لأننا نطالب بالعدالة والحرية لهذا الشعب ، انهم يتآمرون علينا ويسعون بكل الوسائل المعهودة والغير المعهودة لكي لا يصل صوتنا الى حيثما يجب  ان يصل هذا الصوت .

نتمنى من كنائسنا الارثوذكسية في هذا العالم ومن كافة الكنائس المسيحية والمؤسسات الدينية ان تكون صوتا صارخا في برية هذا العالم ، صوتا صارخا بإسم المظلومين والمهمشين والمحزونين والمحاصرين ، صوتا  مناديا بالعدالة في هذا الزمن الرديء الذي ينحاز فيه جبابرة هذا العالم للظالمين على حساب المظلومين ، نتمنى من كنائسكم ان تكون صوتا مناديا بالحق بعيدا عن الاجندات السياسية والمصالح الشخصية وبعيدا عن الضغوطات والابتزازات التي قد تمارس من هنا او من هناك ، فنحن لا يجوز لنا ان نخاف من احد عندما ندافع عن العدالة وعن الحق ، وعلينا دوما ان نكون منحازين الى المظلومين والمنكوبين والمشردين ايا كانت ديانتهم وايا كانت قوميتهم .

اقول لكم بأننا سعداء بوجودكم وزيارتكم هي تعزية وقوة لنا ولشعبنا فاذكروا هذه الارض المقدسة في صلواتكم وصلوا من اجل تحقيق العدالة والسلام فيها .

نلتفت الى سوريا والى جراحها ومعاناتها ويجب ان نتضامن معها ونصلي من اجل تخرج سوريا من هذه المحنة وما اكثر اولئك الذين تآمروا على هذا البلد واغدقوا من اموالهم ومن اسلحتهم من اجل الدمار والخراب والتشريد ، نتضامن مع العراق ومc