المطران عطا الله : نتمنى ان تزول مظاهر الكراهية والعنف والارهاب من عالمنا

رام الله - دنيا الوطن
بمناسبة عيد رقاد السيدة العذراء ووصول اعداد كبيرة من الحجاج من روسيا اجرى التلفزيون الرسمي التابع للكنيسة الارثوذكسية الروسية صباح اليوم مقابلة تلفزيونية مطولة مع سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس تم بثها على الهواء مباشرة وذلك قبالة كنيسة الجثمانية في القدس الشريف .

وقد استهل سيادة المطران عطا الله حنا بتوجيه كلمة معايدة لكافة المحتفلين بهذا العيد مشددا على مكانة العذراء في تراث كنيستنا الارثوذكسية وحياتها الليتورجية .

واننا في هذا الموسم المبارك ومن قلب مدينة القدس المقدسة نبعث برسالة سلام ومحبة واخوة الى كافة كنائس العالم وخاصة الكنيسة الارثوذكسية الروسية الشقيقة التي تربطنا واياها علاقات متينة نظرا لما يكنه الشعب الروسي الارثوذكسي من محبة واحترام وخشوع للاماكن المقدسة في فلسطين ، اننا من قلب مدينة السلام نبرق برسالة سلام ومحبة الى كافة اخوتنا في الانتماء الانساني في كافة ارجاء العالم معبرين عن ادعيتنا وصلواتنا في هذا الموسم الشريف بأن تزول من عالمنا كافة مظاهر العنف والكراهية والحروب وان تسود ثقافة المحبة والاخوة والسلام التي نادى بها ملك السلام عندما عاش في بلادنا ومنها انطلقت رسالته الى مشارق الارض ومغاربها .

وفي هذا الموسم الشريف المقدس الذي تتميز به مدينة القدس نبعث برسالة المعايدة والمحبة والسلام الى كافة ابناءنا في هذه الديار ونذكر شعبنا الفلسطيني الذي نحن جزء اساسي من مكوناته ، فنحن فلسطينيون ونفتخر بانتماءنا لهذا الشعب الذي يناضل من اجل حريته وكرامته واستعادة حقوقه .

المسيحيون في ديارنا هم دعاة سلام ومحبة واخوة واحترام للكرامة الانسانية ولكنهم ايضا هم مدافعون عن الحق وعن العدالة وهم ينادون دوما بالحرية لشعبنا الفلسطيني لكي يعيش بسلام في وطنه في هذه البقعة المقدسة من العالم التي اسمها فلسطين .

في هذا الموسم الشريف الذي فيه نكرم سيدتنا البتول امنا جميعا نقول : بأن المسيحية مرتبطة ارتباطا عضويا وتاريخيا وروحيا وانسانيا وتراثيا بهذه الارض المباركة والمقدسة التي اختارها الله لكي تكون مكان تجسد محبته للانسانية وفيها عاشت العذراء البتول وفيها عاش الرسل والقديسين والاباء والشهداء الذين علمونا ان نحب وعلمونا ان نتفانى في الخدمة والعطاء وان ننظر الى كل انسان بعين الاخوة والمحبة .

ان كنيستنا كمعلمها الاول تنادي بأن : احبوا بعضكم بعضا ، وهذا ما نقوله لكل انسان ، لأن الانسان عندما يفقد المحبة وتزول الرأفة من حياته انما يفقد انسانيته ، ونحن نتمنى للجميع بأن تكون المحبة مزروعة في قلوبهم وانطلاقا من هذه المحبة ان ينظروا الى الانسان الذي يرونه امامهم انه اخ بالنسبة اليهم ، فلا يجوز الاعتداء عليه والتطاول على كرامته وحريته وعيشه .

ان من فقدوا المحبة والقيم الايمانية الصادقة هم الذين يمتهنون الكرامة الانسانية و هم الذين يعتدون على الانسان دون اي وازع اخلاقي او روحي .

لقد تعرض شعبنا الفلسطيني منذ عام 48 وحتى اليوم الى نكبات ونكسات كثيرة ادت الى تشريد هذا الشعب وادت الى كثير من الكوارث الانسانية التي ما زال شعبنا يعاني منها حتى اليوم ، وانني من قلب مدينة القدس وبالقرب من ضريح السيدة اطالب واناشد كافة اصحاب الضمائر الحية في عالمنا بأن يتلفتوا الى آلام شعبنا ومعاناته وان يساهموا في رفع الظلم عن هذا الشعب المظلوم ، نتمنى من كل انسان مؤمن في عالمنا ان يلتفت الى هذه البقعة المقدسة من العالم معبرا عن تضامنه وتعاطفه مع شعبها الذي يحمل صليب آلامه ومعاناته ويسير في طريق جلجلته على رجاء قيامة ملؤها الحرية والكرامة واستعادة الحقوق .

ان ما يتعرض له شعبنا الفلسطيني في ظل هذا الصمت العالمي انما هي وصمة عار في جبين الانسانية فشهدائنا يسقطون في كل يوم وشبابنا يستهدفون وتستهدفهم رصاصات الغدر والعنصرية ، وفي كل بلدة وفي كل بيت فلسطيني هنالك حكاية مأساوية ، مع صبيحة كل يوم نرى الدماء الزكية التي تهرق ونختتم نهارنا بأنواع شتى من المعاناة وممارسات القهر والظلم، ليس من العدل ان يبقى العالم متفرجا صامتا لا يحرك ساكنا امام ما يحدث في بلادنا ، لقد تحولت ارضنا المقدسة ارض السلام والبشارة والمحبة والخلاص الى ارض يستهدف ويقتل فيها الانسان بدم بارد ، وهنا يحق لي ان اتساءل لماذا العالم يغض الطرف على ما يحدث في بلادنا ؟ ولماذا يصمت الكثيرون امام ما يحدث من انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان ؟ اين هي الاصوات التي هي المفترض ان تنادي بالعدالة والحرية والدفاع عن حقوق الانسان .

نتمنى ان تصحو الضمائر من كبوتها ونتمنى ان تصل رسالتنا الى حيثما يجب ان تصل هذه الرسالة ، ولن نألو جهدا في مناشدة كافة المسؤولين والشعوب في ان يلتفتوا الى ارضنا المقدسة لكي يكونوا تعزية وبلسما للمتألمين والمحزونين .

اننا نطالب كل من يسمعنا الان بأن يتضامن مع شعبنا الفلسطيني فالتضامن مع فلسطين وشعب فلسطين وقضية فلسطين هو تضامن مع العدالة وتضامن مع الحق ومع القيم الاخلاقية والانسانية والروحية .

المسيحيون الفلسطينيون وان كانوا قلة في عددهم بسبب ما ألم بهم وبشعبهم من نكبات ونكسات الا انهم سيبقون دوما اوفياء لإيمانهم ولانتماءهم لهذه الارض المقدسة ، وسنبقى اوفياء لشعبنا الذي قضيته هي قضيتنا وآلامه هي آلامنا ومعاناته هي معاناتنا وتطلعه نحو الحرية هو تطلعنا جميعا .

في هذا الموسم الشريف نلجأ الى الله القادر على كل شيء ، فإذا ما كان جبابرة وزعماء هذا العالم منحازون للظالمين على حساب المظلومين فإن نصيرنا الحقيقي هو الله الذي نلجأ اليه ونسأله تعالى أن يبارك ارضنا وان يقوي شعبنا وان يعزي قلوب المحزونين وان يثبت شعبنا في سعيه ونضاله نحو الحرية .

نصلي من اجل السلام الحقيقي المبني على العدالة وعلى الحق وعلى استعادة الحقوق.

لن يكون هنالك سلام حقيقي مع بقاء الاحتلال ومع هذه المظاهر العنصرية والاسوار والحواجز العسكرية التي يجب ان تزول حتما .

نلتفت الى سوريا ونسأل لها السلام كما ونصلي من اجل السلام في العراق وفي اليمن وفي ليبيا وفي غيرها من الاماكن .

في هذا اليوم كما وفي كل يوم نعبر عن تعاطفنا وتضامننا مع كل انسان مكلوم ومحزون ومتألم ، ومع المشردين ومع اليتامى ومع ضحايا الارهاب وما اكثرهم في عالمنا .

اننا ندين الارهاب ونرفضه في اي مكان كان ، فالارهاب هو عنف وثقافة موت وامتهان للكرامة الانسانية وكل هذا يتناقض مع مبادئنا وقيمنا ورسالتنا .