الجماد ينطق بين يديه.. المدهون شاب حوّل الأخشاب لسيارات وتحف فنية

الجماد ينطق بين يديه.. المدهون شاب حوّل الأخشاب لسيارات وتحف فنية
غزة- خاص دنيا الوطن- محمد عطا

بمنشاره الصغير وأدواته البسيطة ينحت الشاب سليم المدهون قطع الأخشاب الجامدة، ليحولها إلى منحوتات لها قيمتها ووزنها طبقا لما يدور في خلجه، بعد أن يشكلها بأنامله فتصبح على هيئة عربات وشاحنات وسيارات سباق تشبه الأصل تماماً.

بلمساته المتقنة وإحساسه الفني نجح العشريني المدهون في التغلب على الوضع الاقتصادي الصعب وقلة فرص العمل في قطاع غزة، ليتخذ من هذا الفن مصدر رزق له.

لم يتردد الشاب المدهون في الخروج عن المألوف وترك صناعة الموبيليات والأثاث المنزلي الذي بدأها مع شقيقه الكبير قبل سبعة أعوام؛ ليحقق هوايته في صناعة التحف الفنية والنقش على الأخشاب.

ويقول سليم الذي شغف بهذه التحف والمنحوتات الخشبية، إن حفر وتشكيل الخشب حرفة فنية تحتاج إلى ساعات طويلة وجهد كبير للوصول إلى أشكالا عالية الجودة، مؤكدا أنه بدأ بصناعة مجسم فني لمقلمة أطفال، تحوى زوايا عديدة للقرطاسية، تبعها صناعة مجموعة مجسمات لسيارات وعربات.

انقطاع التيار الكهربائي المتواصل، وغلاء المواد الخام وعدم توفر أنواع الخشب المطلوبة، بالإضافة إلى انعدام وجود بعض الآلات بسبب الحصار والمنع "الإسرائيلي" لم يقف عائقا أمام المدهون لتحقيق حلمه، فقد تغلب على ذلك بالبحث عن البدائل.

ويضيف" أفتقر للكثير من الآلات وأنواع الخشب الخاصة في صناعة التحف والأشكال الفنية وخاصة منشار (الأركت) المختص في التشكيل، لكن حاولت التغلب على ذلك بصناعة منشار خاص يساعدني بنسبة 80% في العمل وباستخدام أنواع خشب بديلة".

وعن أنواع الخشب التي يستخدم في صناعته يقول: "الأصناف الأخشاب المطلوبة، مثل خشب النبيل الأبيض، والورود الهندية، وخشب البلوط، مشيرا إلى أنه يستخدم بدلاً عنها خشب الماهوجني والزان الطبيعي والسويد.

ولا يأبه سليم من الخطر الذي يكتنفه جراء استخدامه الآلات البديلة، مبيناً أنه يقضي ساعات طويلة في عمله للخروج نهاية المطاف بمنتج عالي الجودة.

ورغم أن مجسمات السيارات والتحف تحتاج إلى مخططات ورسم مسبق قبل صناعتها إلا أن الشاب سليم تغلب على ذلك برسمها في مخيلته، واستطاع أن يسجدها كما واقعها الحقيقي.

وحقق المدهون نجاحا في تسويق منتوجاته على المستوى المحلي والعالمي عبر الانترنت، إلا أن إغلاق المعابر يحول دون تصدير بضاعته لخارج فلسطين، " إحدى الشركات في بلجيكا طلبت مني صناعة 70 مجسما لسيارة سباق، وشركة أخرى في الضفة الغربية طلبت مجسم لشاحنتها لكن الحصار يحول دون ذلك".

ويأمل الشاب العشريني في دعمه من الجهات المختص في قطاع غزة للحفاظ على هذا الارث التاريخي، مردفا "نجحت في صناعة قطار طويل وسيارات شخصية وسيارات كلاسيكية صغيرة وسيارات نقل بضائع وسيارات "مرسيدس" و"فولفو"، وحلمي أن أصنع منتجات جديدة لكن قلة الامكانيات المادية تحول دون ذلك".

ويطمح المدهون بصناعة سيارة خشبية كبيرة تعمل على الطاقة الشمسية لتكون أول سيارة غزية مختلفة عن السيارات الحديدة المعتادة، ويختم "سأسعى لتحقيق هذا الحلم، رغم جميع المعيقات".