في الانتخابات (2)

في الانتخابات (2)
كتب غازي مرتجى

1-

بدأت الحملات الانتخابية للتنظيمات الفلسطينية مُبكراً على مواقع التواصل الاجتماعي , وتُنشر الحملات بشكل رسمي من حسابات رسمية للتنظيمات المُشاركة .. القانون حدّد فترة دعاية انتخابية ومنع استخدام المساجد لهذا الهدف .. هل يسمح القانون بحملات "الفيسبوك" .. سمح أم لم يسمح فقد باتت منصّات التواصل الاجتماعي رئيسية في توجيه الناخبين وهو أمر أشبه بحواديت الحارات .. 

بقي القول أن تحالف اليسار الذي يضم خمسة تنظيمات هو الوحيد المُعتزل لـ"التواصل الاجتماعي" يبدو أنه بسبب نقص العدد لا التزاماً بسياسة الدعاية الانتخابية ..

2-

الدعاية الهابطة على مواقع التواصل الاجتماعي وصلت ذروتها وفقدت الانتخابات الخدماتية أهدافها وتحولّت إلى حلبة ملاكمة وتحميل مسؤوليات بين الأطراف المتنازعة , جميل عودة الروح الديمقراطية وشعور المواطن بأهمية صوته ومكانته وفي الوقت نفسه يُثير متاجرة الأطراف بعقل ذات المواطن الاشمئزاز والقرف معاً .

الخشية أن تنتقل صدامات الفيسبوك إلى الواقع - فنعود إلى مسلسل جديد من تحميل المسؤوليات ونتائج لا يُحمد عقباها .

3-

زادت في الآونة الأخيرة سلسلة تأليف الأخبار على لسان قيادات في فتح وحماس - الأطراف المسؤولة عن عملية التأليف والفبركة "معروفة" - يقع هذا ضمن عملية العولمة "الهبلة" التي نعيشها بعد الانفتاح غير المسبوق على التكنولوجيا ووسائل التواصل .

نؤكد أنّ القصص التي تُنسج من خيال كاتبها يجب أن تنتهي وفقاً لقانون ناظم ينظُم الحياة غير الواقعية على الانترنت , وهذا مسؤولية نقابة الصحفيين أولاً وأخيراً .

4-

تعتمد المجالس القروية في الضفة على الشخصيات العشائرية لترشيحها - لكن غالب المجالس البلدية تعتمد على الجهة التنظيمية التي تقف خلف القوائم أكثر من رأس القائمة - في نابلس وهي مدينة الانقلابات الانتخابية يعتمد المواطنون على الشخص أكثر من قائمته - غسان الشكعة تمكّن سابقا من هزيمة فتح بضعف عدد المقاعد .. في هذه الانتخابات أرادت فتح إصلاح أزمتها السابقة فتحالفت مع عدلي يعيش المحسوب على حركة حماس .

العمل لأجل المدينة إنجاز يُحسب لفتح وحبذّا لو تمكنّت فتح بجمع الكل الوطني في القائمة التي تم التوافق عليها وليُعلن عن فوز القائمة بالتزكية .. ستُمثل في حينها هذه السابقة انتصاراً للوطنية وتغليباً لمصلحة المواطنين على مصالح الحزب أو التنظيم .

5-

المنافسة الانتخابية هذه المرة ستكون مختلفة فحماس لديها مناصريها لن تقوم بدعاية لهم وكذلك فتح لديها مناصريها ومؤيديها ولن تقوم بدعاية لهم .. 

حماس تعتمد على بعض تصرفات السلطة بالضفة لتبني حملتها الانتخابية وفتح تعتمد على تصرفات سلطة حماس بغزة لتروج لحملتها الانتخابية ..

الكتلة الشبابية وفئات أخرى خاملة  يُطلق عليهم "الكنبة"   يُضاف لها فئات مجتمعية واسعة لا تنتمي أو تؤيد أي من الطرفين هم من سيُمارس عليهم الدعاية الانتخابية .. ففتح تريد في غزة حثّهم على التصويت ضد حكام غزة - أما حماس تريد منهم البقاء في المنازل .. في الضفة العكس فتح تريد ابقائهم في المنازل وحماس تريد خروجهم والتصويت ضد ممارسات الجهة الحاكمة .. من سينجح في اقناعهم بالتوجه لصناديق الاقتراع هو من سيفوز .. الكتلة الشبابية غير مؤثرة على الإطلاق في هذه المرحلة وكل شخص انضوى تحت تنظيم ما أو اقتنع ببقائه كـ"كنبة" !

6-

لقد ظهرت في سنوات ما بعد الانقسام كتلة شبابية كبيرة وواسعة لا تهتم ولا تتبع أي طرف من الأطراف ..
لو كانت تلك "الكتلة الشبابية" قد احتجت على الاوضاع في غزة فهذا لا يعني انها تؤيد او تتبع "فتح" والعكس صحيح في الضفة .

هذه الكتلة الكبيرة لم نشاهدها ولم نسمع صوتها ويبدو انها باتت على قناعة انها لن تكون قادرة على صناعة التغيير ..بدأ اليوم الترشح للانتخابات وحتى الآن لم نلحظ تحركاً شبابياً جاداً وجديا .

يبدو قد اقتنع "النشطاء" بوجوب انضمامهم وانضوائهم تحت لواء التنظيمات الكُبرى أو حتى تأييدهم دون تمثيلهم او اعطائهم حيزاً صغيراً

كنت أتوقع أن أجد حملة شبابية كبيرة تسبقها حالة توعوية واسعة لأن شريحة شبابية كبيرة دخلت السباق الانتخابي من جهة التصويت (مواليد 89 حتى 98) وهؤلاء لم يمارسوا العملية سابقاً وهم الفئة الأكثر تضرراً من المستقبل القاتم أولاً ومن الوضع المُزري المعروف ثانياً 
لم أجد أي حملات شبابية أو تحركات منظمة وسيتم الكشف عن القوائم الانتخابية دون أي اعتبار للعنصر الشبابي الذي ملأ الدنيا ضجيجاً على الفيسبوك وتويتر وعند أول معترك على الأرض اعترفوا أنهم يجعجعون في واقع افتراضي وأنهم ليسوا على حجم أو مقدرة التواجد على الأرض .
لا تبكوا غداً من تهميشكم واستثنائكم ولا تُصدّعوا رؤوسنا بأشعار التهميش والتطنيش ..