انتخابات لإدارة معبر رفح

انتخابات لإدارة معبر رفح
كتب غازي مرتجى

ولأنّ الواقع الفلسطيني المُعاش يعتبر خارج سياق الحدث الصحيح فمنذ الانقسام الفلسطيني لم تكن "دربكات" التظيمات سوى نوع من أنواع الحفاظ على المكتسبات الشخصية أولاً والبعض ينتقل إلى الدرجة الثانية في محاولة الحفاظ على الحد الأدنى من المشروع الوطني والتطور الطبيعي للثورة الفلسطينية أطول ثورة في التاريخ المعاصر .
خرجت القضية والثورة من قبلها من مسارها المُفترض أن تسير به - والتفاخر بكون الثورة الفلسطينية هي الاطول في التاريخ الحديث هو تفاخر من نوع غريب عجيب يُدين قادة الوطن الطارئين منهم والحقيقيين بكون كل الأدوات التي استُخدمت للخلاص من الاحتلال تُعاني من عدم الانسجام الشعبي بدرجات متفاوتة وكذلك إبقائها في نطاق الثوابت غير القابلة للمرونة والتكيّف مع الأوضاع دولياً - إقليمياً أو حتى محلياً .
بعد أن تمكنّت الحكومة الفلسطينية من "فرض" الانتخابات المحلية واقعاً على طرفي الانقسام في الضفة - غزة والقدس فإنّ حالة اللامبالاة التي لا تزال تُسيطر على النسبة الأكبر من المواطنين "الكنبة" مؤشر قوّي على عدم قناعة قبّة الميزان بإمكانية تغيير الانتخابات لأي واقع حالي - وعلى الرغم من ذلك لا تزال التنظيمات الفلسطينية التقليدية هي من تتقدم الترشيحات وتُحاول التحكم بمظهر وباطن النتائج المرتقبة وكل ذلك يعود إلى غياب طرف ثالث قريب من "فهم" المواطن وهمومه - ليثق به "الكنبة" ويُفضّله على الروتين الوطني الحالي .
لملمة صفوف المستقلين (رغم اعتراضي على هذا الوصف) يحتاج لسنوات ضوئية في ظل انتقال مرض المُكتسبات الشخصية لبعض ممثلي هذه الفئات المستقلة بصورة أكثر دُونية من التنظيمات الفلسطينية - بتُ على قناعة شبه نهائية أنّ مصطلحات *مستقل - تكنوقراط - خُبراء ..الخ* لن تصلح في الحال الفلسطيني طالما استمرّت حالة الاستهبال الوطني بشكله العام .
في ظل الحديث عن حالة الاستهبال وكنوع من الفانتازيا والتفكير خارج نطاق الروتين فلم يُنس موعد إجراء الانتخابات المواطنين معبر رفح ولا زيادة الاستيطان ولا استمرار الاعتقالات وغيرها من القضايا التي أصبحت حدثا يوميا .
نحو معبر رفح وفي ظل رفض حركة حماس لمبادرة الفصائل التي أُطلقت في آونة من تاريخ الانقسام الذي يجب أن لا يُؤرّخ ومع موافقة الحركة على إجراء الانتخابات المحلية في محافظات قطاع غزة لماذا لا تُجرى انتخابات لإدارة معبر رفح ؟ تخرُج حماس بماء وجهها من هذا المأزق ويختار المواطنون ممثليهم بطريقة ديمقراطية .
سيتحدث البعض عن قانونية ذلك وأنّ السيادة الفلسطينية لا تسمح بذلك عدا عن "العباطة" الحزبية التي ستنطلق فور قذف هذه الفكرة في وجوه المنقسمين .
فهل يتحدث القانون على استمرار إغلاق المعبر في وجوه الآلاف وتحوّل حاجز بيت حانون لـ"معبر" في تحوّل دُوني جديد لوحدة وترابط الوطن ؟ وهل تسمح السيادة الفلسطينية أياً كان من سيتشبث بها باستمرار إغلاق المعبر في وجوه الطلبة - المرضى وأصاحب الحاجات .. حتى مُحبي السياحة والسفر ؟ هل وهل وهل ؟
فانتازيا انتخابات إدارة معبر رفح قد تكون فكرة خيالية واقعية في ذات الوقت , خيالية لمعرفتنا بأصحاب القرار في الطرفين .. واقعية من جهة المواطن الذي لا يهُمه سوى أن يتحوّل خبر فتخ معبر رفح من استثناء إلى دائم .
لجنة لإدارة معبر رفح هي حل استثنائي في ظل الحالة الاستثنائية الحالية - أما إن كان الأفضل فإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية أعّم وأهم .. ولو فشلت الأطراف بذلك فلماذا لا يتفقوا على استفتاء شعبي متزامن مع الانتخابات المحلية في قضايا مصيرية كمعبر رفح ؟
فلنُفكر خارج الصندوق - وموافقة طرفي الانقسام على إجراء الانتخابات خطوة في الاتجاه الصحيح يجب البناء عليها واستخدامها في محاولة كسر "تابوهات" فرضها الانقسام الأسود على العقل الفلسطيني .

*لتصل : تردد حركة الجهاد الاسلامي حول مشاركتها في الانتخابات المحلية غير مبرر - الحركة وبعض من قياداتها يُحاولون الاستمرار في حالة الوسطية بين فتح وحماس ولعب دور الصليب الأحمر في حالات استثنائية .. فليتحوّل الاستثناء إلى مستمر ولتشارك الحركة في تقرير المصير للقضية الفلسطينية بدلاً من السلبية المُطلقة الحالية ..