المخيمات والعشائر تدافع عن نفسها من تهمة "الفلتان الأمني" بالضفة ودنيا الوطن تكشف اسبابه ودوافعه

المخيمات والعشائر تدافع عن نفسها من تهمة "الفلتان الأمني" بالضفة ودنيا الوطن تكشف اسبابه ودوافعه
رام الله - خاص دنيا الوطن - محمود الفروخ

شغلت الأحداث الأخيرة من عمليات قتل ومشاجرات عائلية وعمليات اطلاق نار ليلا ومئات حالات ( الطوش ) اليومية ..الخ المواطن الفلسطيني في كافة اماكن تواجده في الضفة الغربية , وجعلته يعيش حالة من القلق الشديد على حياته و حياة ابناءه ومستقبله لاسيما وانه بين فكي الاحتلال الاسرائيلي وممارساته العدوانية المتواصلة من جهة  والفلتان الامني الداخلي والمشاكل الاجتماعية من الجهة الاخرى .

غياب العقوبات وعدم السيطرة..

بدوره الدكتور عمار الدويك رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الانسان في فلسطين أكد ان السبب الرئيسي للفلتان والمشاكل الاجتماعية وحالات القتل التي تصاعدت وتيرتها مؤخرا هو عدم سيطرة اجهزة امن السلطة الفلسطينية على كافة المناطق في الضفة الغربية، وبالتالي ادى ذلك الى وجود جيوب خارج سيطرة السلطة خاصة في ضواحي القدس والمنطقة الجنوبية في مدينة الخليل وفي مناطق "ج "وحتى "ب" في الضفة الغربية . 

وأوضح الدويك في حديث خاص لمكتب دنيا الوطن برام الله ان السبب الثاني هو انتشار سلاح العائلات في ايدي مواطنين دون رقابة من الاجهزة الامنية الفلسطينية ، متابعا: " وايضا تهاون الاجهزة في سحب السلاح غير المرخص من بعض المواطنين، خاصة في المخيمات , وكذلك التراجع الاقتصادي وازدياد البطالة خاصة في صفوف الشباب كل ذلك يخلق ضغوطات على المواطن،و هذه الضغوطات احيانا تجد تصريف لها من خلال مشاجرات ومشاكل وسلوك عنيف لدى بعض المواطنين .

وحول السبل الكفيلة بمعالجة هذه الظواهر بين الدويك، انه يجب أن تكون هناك ارادة سياسية بضبط الامن في كافة مناطق الضفة الغربية، حتى تلك التي تقع خارج سيطرة الامن الفلسطيني، ويمكن وضع خطط خاصة لهذه المناطق، والسلطة لها تجربة في هذا الموضوع ، متابعا: " كما يجب سحب الاسلحة غير المرخصة من المواطنين وأن يقوم القضاء بفرض عقوبات رادعة ومناسبة بحق المخالفين وتطبيق القوانين على الجميع دون استثناء، حتى لو حصلت مصالحات عشائرية في اي حالة فلتان او قتل او ماشابه" . 

رأي علماء الاجتماع 

ويؤكد الدكتور ماهر ابو زنط استاذ علم الاجتماع في جامعة النجاح الوطنية بنابلس ان هناك عدة اسباب ادت الى ارتفاع نسبة الفلتان وحالات الشجار المتكررة لاسيما التي ادت الى القتل في المجتمع الفلسطيني مؤخرا،والتي تتمثل بالضغوطات النفسية والاجتماعية التي تلقي بظلالها على كاهل المواطن داخل المجتمع الفلسطيني نتيجة انتشار الفقر والبطالة وحالة اليأس والاحباط التي تخيم على المواطنين.

واضاف: " كل ذلك لعدم وجود افق سياسي واقتصادي واجتماعي ناجح وهذا يجعل الشباب الذين فقدوا الامل بالعمل والتوظيف والزواج والسفر والتنقل بحرية كل ذلك يجعلهم قابعين تحت ضغوطات نفسية واجتماعية تحول سلوكهم الطبيعي من هادئ الى عنيف من اجل التنفيس ( فش الغل) باي حالة شجار مثلا او التعدي على الاخرين.

وأوضح ابو زنط لمكتب دنيا الوطن برام الله انه اضافة لكل ذلك فالتربية اصبحت ضعيفة داخل مجتمعنا الفلسطيني وهذا ادى لفقدان القيم والاخلاق والتربية الدينية والاحترام المتبادل بين الناس حتى ان تربيتنا تعتمد منذ الصغر على العنف وللاسف , 

وقال ابو زنط ان استمرار هذه الحوادث والمشاجرات وحالات القتل والفلتان الامني كلها ستؤدي في النهاية الى تفكك المجتمع الفلسطيني وتاَكله , وبين ان المطلوب من الناحية الاجتماعية للعمل على الحد من هذه الظواهر هو ان يتحلى الناس بالصبر والاخلاق والقيم الاجتماعية التكافلية العظيمة والاحترام المتبادل وان يعتمدوا على التسامح والمحبة والتوعية بكل هذه القيم , لما لها من اثر عظيم في تكاتف المجتمع الفلسطيني .

وختم اننا كمجتمع فلسطيني مجتمع قبلي والنعرة القبلية والعصبية العشائرية ساهمت ايضا بشكل كبير في تنامي هذه الظواهر بهذه الدرجة لاننا نعود للعائلة في حال حدث اي اشكالية او حالة قتل او شجار لاننا مجتمع مرتبط بالعائلة والعشيرة والعصبية القبلية . 

 لا حصانة ولا غطاء 

الحاج نافز الجعبري احد رجالات العشائر والاصلاح في مدينة الخليل أكد في حديثه مع مكتب دنيا الوطن برام الله  ان العشائر هي السند الحقيقي للمجتمع والسلطة الفلسطينية واجهزتها في ارساء دعامات السلم الاهلي داخل المجتمع في الضفة الغربية بشكل عام والخليل بشكل خاص لان العشائر هي من تضبط الناس وتوعيهم بشكل فطري .

ونفى اي تهمة توجه للعشائر بأنها مصدر للعصبية القبلية وانها تحمي ابناءها ظالمين او مظلومين مبينا ان العشائر اتخذت قرارا حاسما حيال هذا الموضوع برفع الغطاء العشائري عن اي شخص خارج عن القانون فيها وبالتحديد في مدينة الخليل , لان العشائر هي الركن الاساسي من اركان السلم الاهلي داخل المجتمع , واوضح الجعبري ان رجال الاصلاح العشائري يساهمون بحل المشاكل الاجتماعية بنسبة ثمانين بالمئة وهم يشكلون سندا للاجهزة الامنية والقضائية .

مبينا ان العشائر الخليلية ساهمت في جلب ابناءها الفارين الى المناطق الخاضعة تحت سيطرة الامن الاسرائيلي للمحاكمة على يد الاجهزة الامنية الفلسطينية ونحن نؤيد كعشائر فرض القانون وسيادة الامن ونحن مع الحملة الامنية للقبض على كافة الخارجين عن القانون .

وقال الجعبري ان القانون او العرف العشائري ليس بديلا عن قانون السلطة الفلسطينية في معالجة هذه الظواهر الدخيلة على المجتمع الفلسطيني وانما هي مساندة ومساعدة له .

وأكد اننا لن نحمي "الزعران" والخارجين عن القانون والسارقين والمارقين والعابثين ولا حصانة ولا غطاء لاي شخص من اي عشيرة في الخليل سيخرج عن القانون .

زج المخيمات.. 

دحض النائب جمال الطيراوي من مخيم بلاطة بنابلس التهم الموجهة لابناء المخيمات في الضفة وزجها بانها عنوان دائم للفلتان الامني.

وأكد في حديث خاص لـ" دنيا الوطن " أن ذلك الحديث يعبر عن عدم وضوح في الرؤية وعدم قراءة الواقع الفلسطيني بكل تفاصيله، مضيفا: " وهو استهداف واضح للمخيمات  بشكل صريح بانها تقف خلف حالات الفوضى والفلتان من اجل انهاء قضية اللاجئين 

واوضح الطيراوي ان واقع المخيمات لا شك انه واقع ملئ بالبؤس والفقر والتهميش في الكثير من كل مقومات الحياة، مستطردا: " ولكن كل ذلك لايعني ان نُحمل المخيمات كونها الحلقة الاضعف بالمجتمع الفلسطيني بأنها هي من تخلق حالة التوتر والفوضى  

وتابع: " فالمتابع لحالات القتل والفوضى التي حصلت مؤخرا كانت في بلدة يعبد بجنين والبلدة القديمة بنابلس والخليل ورام الله والقدس فالجريمة لاترتبط ببؤرة معينة او بقعة جغرافية كالمخيم او القرية او المدينة , فجميع حالات الشجار والقتل والفوضى التي وقعت مؤخرا وقعت خارج نطاق المخيمات , مبينا ان الجريمة ليس لها اطار جغرافي محدد"، لافتا انه على الجميع ان يدرك مسالة هامة وهي ان استهداف المخيمات واتهامها بانها بؤرة توتر و فوضى وفلتان كلام غير مسؤول وغير وطني ويصب في مصلحة الاحتلال وليس في مصلحة المشروع الوطني الفلسطيني 

وقال: " فالمخيمات هي حالة وطنية نضالية مميزة ومتقدمة وتعبر عن التاريخ المشرف للشعب الفلسطيني وليس المخيمات حالة للفلتان وبؤر منظمة للجرائم"

ويبين الطيراوي وجود بعض الاشخاص الخارجين عن مسلك القانون في المخيمات وهذا ينطبق على المدينة والقرية وفي كل ربوع الوطن .

وحول الحملة الامنية في نابلس ومدى نجاعتها في فرض القانون والامن وانهاء هذه الظواهر أكد النائب جمال الطيراوي ان مصطلح حملة امنية بحد ذاته غريب عن قيم شعبنا الفلسطيني ويجب علينا ان لانبقى نردد هذا المصطلح لاننا اعتدنا على سماع هذا المصطلح من الاحتلال الاسرائيلي ,، مضيفا: "  ويجب ان يكون هناك نشاط امني دائم من المؤسسة الامنية في كافة المناطق والمحافظات, والجريمة بحاجة الى ثقافة تعزز العلاقة بين كافة المؤسسات داخل المحافظة وليس لتعزيز ثقافة التصارع والندية والاحقاد التي لا تخدم الا الاحتلال الاسرائيلي وتدمر مجتمعنا الفلسطيني "

تهديد لوجود السلطة..

ويرى الكاتب الاكاديمي والمحلل السياسي الدكتور احمد رفيق عوض ان السلطة الفلسطينية تعتبر وجود ظاهرة الفلتان الامني تهديدا لوجودها وبقائها لان هذا الفلتان سيقوم باستغلاله اطراف عديده ضد السلطة منها الاحتلال الاسرائيلي الذي سيقول للمجتمع الدولي ان السلطة لاتسيطر على مناطقها ولاتحفظ الامن وهذا سيؤدي الى احراج السلطة واضعافها واتهامها بعدم قدرتها على سحب السلاح وضبطه وعدم قدرتها على فرض السيطرة الامنية على المناطق التي تخضع لها , 

وأضاف في حديث لمكتب دنيا الوطن برام الله ان السلطة تستطيع تحمل الفلتان الامني لمرحلة معينة فقط وبعد ذلك لا تستطيع ان تتحمله  لانه سيؤدي الى اندثارها, وسيعمل على  انقسام اجتماعي ونزاع اهلي , فالسلطة لا تستطيع تحمل الفلتان الامني بغض النظر لديها قرار سياسي او لا يوجد لديها لديها رؤية او لا يوجد لديها لانهاء هذه الظاهرة  ,

وبين احمد رفيق عوض ان هذه  الظاهرة تهدد اسس وقواعد السلطة الفلسطينية لان السلطة عندما تقول انني اريد ان احمي امن المواطن وهي لاتستطيع حماية امن الوطن فهذا يعتبر مقتلا من مقاتل السلطة الفلسطينية , 

وتابع: " والسلطة ستضطر لوقف حالة الفلتان باي ثمن وبطرق عدة واساليب شتى دفاعا عن نفسها لان الفلتان بلغ حدا لاتستطيع السلطة احتماله وهو تهديدا لوجودها وهي قامت بالحملة الامنية مؤخرا والقت القبض على مطلوبين في نابلس وجنين في سياق ذلك ناهيك عن أن الفلتان الامني والفوضى يؤدي الى الخراب السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي وهجرة المواطنين من البلد وخاصة الكفاءات منها  .
 
لاوجود للحصانات..

وحول سؤال دنيا الوطن عن ان الحملات الامنية التي اعلنت عنها السلطة الفلسطينية مؤخرا على بعض المحافظات الشمالية و هل ستضع حدا لحالة الفوضى والفلتان الامني والتوتر قال اللواء عدنان الضميري الناطق باسم الاجهزة الامنية الفلسطينية : اننا لانتحدث عن حملات امنية لان الحملة الامنية محددة بزمان معين وقوة معينة فنحن نتحدث عن عمل اجرائي دائم وهو ضمن الواجبات والمهمات المطلوبة من قوى الامن الفلسطيني من اجل احقاق القانون وبسط الامن في كافة المحافظات في الضفة الغربية من اجل حماية المواطن والنظام السياسي.

واكد الضميري ان هناك قرار واضح من القيادة الفلسطينية ممثلة بفخامة الرئيس محمود عباس ومن دولة رئيس الوزراء رامي الحمد الله بانهاء حالة الفوضى والفلتان والسلاح الغير قانوني لذلك جهد المؤسسة الامنية ينصب بشكل كبير في السهر والتعب والتنسيق من اجل انهاء هذه الحالة التي يساعدنا فيه المواطن الفلسطيني في انهاءها والتخلص منها وذلك عبر اخبارنا عن اماكن تواجد الخارجين عن القانون ومسببي الفوضى والفلتان ما ادى الى اعتقال العديد منهم , 

وحول من يتحمل مسؤولية الفلتان الامني والفوضى والمشاجرات بين الضميري : ان الاحتلال الاسرائيلي يتحمل جزءا من المسؤولية لانه هو من يصدر ويهرب السلاح لمسببي الفوضى  في الضفة , اضافة الى ان معظم مناطق المحافظات الشمالية تخضع تحت السيطرة الامنية الاسرائيلية وهذا يعيق عمل الاجهزة الامنية الفلسطينية لان هذا المناطق اصبحت ملاذا وحصنا للفارين من العدالة ومن اجهزة الامن الفلسطينية , 

وكشف الضميري ان القيادة والسلطة واجهزة الامن جادة ومصممة على انهاء حالة الفلتان داخل المجتمع الفلسطيني بكافة اشكاله وان هناك تعليمات صارمة وحاسمة من السيد الرئيس بانه لايوجد حماية ولا حصانة لاي احد  كان مدنيا او عسكريا مهما علت رتبته ومرتبته سواء كان مدنيا او عسكريا وسواء بقضايا السلاح او الاتجار فيه او حمله بصورة غير شرعية ولايوجد حصانه لاي شخص او حزب اوجهة في حال تسببوا باي فلتان او فوضى داخل المجتمع الفلسطيني .