عائلة حلس عائلة الشهداء والمناضلين والابطال

عائلة حلس عائلة الشهداء والمناضلين والابطال
بقلم الدكتور/ احمد هشام حلس.
لقد نشرت صحيفة دنيا الوطن المحترمة وعبر صفحتها على الانترنت قبل ايام مقال كتبته الصحفية "تسنيم الزيان" و بعنوان: هل تنتتهج السلطة نهج "حماس" للقضاء على "سلاح العائلات" ؟

وبدون اي وجه حق او احترام للعائلة وابناءها ورد اسم عائلتي عائلة "حلس" خلال المقال ضمن مقارنات وتوصيفات وتحليلات جانبت الحقيقة الى حد كبير, ولم تكن تلك المقارنات حيادية او موضوعية بما يكفي, ما اوجب الرد. ان المأخذ القانوني والمهني المترتب على ما ورد في المقال تجاه العائلة ياتي في المقام الاول تجاه الصحفية معدة المقال "تسنيم الزيان", ثم تجاه الصحيفة المحترمة "دنيا الوطن", والتي اجازت نشر المقال وفيه اساءة واضحة للعائلة.

لقد كانت الاوضاع في قطاع غزة ومنذ بداية الانتفاضة وبعد الاستهداف الممنهج والمدروس للسلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها المختلفة العسكرية والمدنية من قبل الاحتلال الصهيوني و لاجهزتها الامنية ومقراتها ونفوذها بالقصف والتدمير وتقويض العمل, حتى اضعفتها وشتت اركانها وقزمت اداءها, كانت اوضاعا امنية غاية في التعقيد والخطورة, وكانت الاسلحة والادوات القتالية تتدفق الى القطاع من كل الاتجاهات وبكل الوسائل والطرق وبدعم ومساعدة من قبل العديد من الاطراف, بما فيها الاحتلال نفسه, والكثير من السلاح راح يصل الى ايدي المواطنين باهداف عدة, وعلى راسها مقاومة الاحتلال الصهيوني, والذي أظهر توحشه وزادت شراسته تجاه شعبنا في بداية انتفاضة الاقصى المباركة.

عائلة حلس كما العديد من عائلات الوطن, عائلة عريقة و كبيرة, وتضم بين ابناءها العديد من القيادات النضالية الميدانية التابعة للاجنحة العسكرية والتشكيلات لمختلف الفصائل والاحزاب الاسلامية والوطنية في القطاع, كما ان معظم ابناء العالئلة يسكنون في نطاق لا يتجاور 400 متر ابتعادا عن السياج الفاصل مع الاراضي المحتلة عام 48 شرق مدينة غزة, وبالتحديد في حي
الشجاعية.

لقد ورد في المقال المذكور اعلاه, ان حماس قضت على الفلتان في غزة بضرب كبرى العائلات في القطاع كعائلة حلس, وذهب المقال الى ابعد من ذلك بعدما وصف المجزرة التي ارتكبت بحق عائلة حلس بانه عمل مبرر ومطلوب وصحيح. للاسف هنا سقوط واضح و كبير في وحل التشويه الغير مقبول بالمطلق للحقائق والتفاصيل, وليس من المقبول لا مهنيا ولا اخلاقيا ذكر اسم العائلة في هكذا مقام دون اذن العائلة.

عندما هاجمت حماس عائلة حلس عام 2008, لم يكن الهدف من الهجوم هو القاء القبض على المنفلتين من العائلة والخارجين عن القانون, ولم يكن الهدف من الهجوم مساعدة العائلة في التخلص من حفنة من المسيئين للوطن كما هم مسيئين للعائلة نفسها, والذين لطالما تمنت العائلة عقابهم وتأديبهم,, لم يكن كذلك بالمطلق, لقد كان الهدف من الهجوم هو مجموعة من المقاومين والمناضلين الذين لا ينتمون لحركة حماس, والذين تلقفهم الاحتلال الصهيوني الذي كان يسيل لعابه وهو يراقب من بعيد بمجرد وصولهم الى السياج الفاصل في يوم المواجهة, وقام باعتقالهم وحكم على عدد منهم محكوميات وصلت الى 22 سنة. هل تجد الصحفية المحترمة كاتبة المقال او من حاورتهم في مقالها تفسيرا لاعتقال الاحتلال لمن كانت تلاحقهم حماس من ابناء العائلة يوم الهجوم ؟؟. عائلة حلس والتي واجهت المئات من الاجتياحات الاسرائيلية على مدى عشرات السنوات الماضية عبر معبر "كارني" و "ناحل عوز" والمقبرة الشرقية, وقدمت عشرات الشهداء ومئات الجرحى والمعتقلين في كل تلك الاجتياحات كما يعلم جيران العائلة ضمن مواجهات ملحمية شرسة, وتشهد على ذلك صور الشهداء التي تنتشر عبر شوارع العائلة وازقتها اينما سكنوا في حي الشجاعية, ويسمع بكاء امهاتهم من كل النوافذ المحطمة, كما و ترى دموع ابنائهم الايتام ان مررت من هناك. لم يكن سلاح العائلة كما اظهر التقرير سلاحا مجرما خارجا عن القانون بالكلية ابدا, فمئات من ابناء العائلة هم اصلا من ابناء الاجهزة الامنية والذين شاركوا في بناء السلطة عام 93 وما بعده, من ضباط ورتب عالية وجنود وافراد ضمن صفوف الاجزة الامنية التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية, وكانت حيازتهم للسلاح جزء اصيل من طبيعة عملهم, الامر الذي لم يكن يروق لحماس وافرادها, كونه سلاحا لا يأتمر بامرها ولا يحتكم بحكمها. لقد كان هناك عدد من المنحرفين من ابناء العائلة كما اي عائلة في اي مكان, وكانت العائلة تعاني منهم الامرين, وتتمنى عقابهم في كل وقت, ولكنهم لم يكونوا هدف حماس.

عائلة حلس يا كاتبة المقال, وانا ادرك خبرتك الباهتة ودرايتك الضحلة بتاريخ العائلات في قطاع غزة, هي واحدة من اكبر واقدم عائلة قطاع غزة, شاركت عبر الزمن وبكل ثقة وثبات في بناء نواه الوطن وبداية الحلم, وعلى كافة الاصعدة وفي كل الميادين وبكل قوة, عائلة حلس و التي هاجمها مقالك القاسي يا اختي الكريمة عبر مقارنتها بالبلطجية تضم بين ابناءها عشرات الشهداء الابطال, والذين ارتقت ارواحهم عبر تاريخ هذه الارض الطيبة ومنذ بداية احتلال فلسطين, ولا يتسع المقام لذكرهم جميعا, علما بانني لن اتردد بتزويد من يريد بكل الاسماء. ناهيك عن الالاف من من زاروا سجون العدو, ومنهم العشرات لايزالون يقبعون في سجون الاحتلال حتى الان, ومحكوميات بعضهم تصل الى عشرات السنين. في عائلة حلس اختي الكريمة عشرات الجرحى والمصابين, الذين يكملون حياتهم الان وقد اصيبوا باعاقات مستديمة من اجل الوطن ومن اجل القدس والمقدسات, وفيها القيادات والمناضلين الاشاوس, المشهود لهم ولتاريخهم الناصع بين صفوف جميع الاحزاب والفصائل والحركات في المقاومة والنضال والثبات, وفيها العلماء والخطباء وائمة المساجد والخبراء والمختصين في شتى المجالات. في عائلة حلس المئات من حملة الشهادات العليا كالدكتوراه والماجستير في العديد من حقول العلم والمعرفة, ناهيك عن مئات الاطباء والمهندسين والمعلمين الذين شاركوا كل الوطن في بناء الوطن, والعديد من رجال الاعمال والاصلاح والوجهاء والقضاه ورجال المجتمع, الذين ساهموا في انهاء الاف الخلافات والقاضايا المعقدة, والتي كانت ترد الى ديوان العائلة صباح مساء ومن شتى انحاء القطاع, وكان يقضى بين المتخاصمين ويتم الصلح بينهم في ديوان العائلة. لم تكن عائلة حلس في اي يوم من الايام عائلة فوضى او فلتان, او عائلة خارجة عن الصف الوطني الفلسطيني كما اراد ان يصفها بعض الحاقدين, كون غالبية ابناء العائلة ينتمون لحركة التحرير الوطني الفلسطيني :فتح", بل كانت كريمة عزيزة كما باقي ابناء الوطن المخلصين. لقد عض ابناء العائلة على الجرح النازف باسنانهم, بعد ان قتل اطفال وطلاب واطباء من ابناء عائلتهم على ايدي افراد حركة حماس في هجومها الاخير على العائلة عام 2008, وقد كانت هناك الاف الطرق لانهاء الاحتقان دونما الوصول الى ضرب المنزل والمدنين بالصواريخ, واطلاق النار عليهم من مسافة الصفر بعد استسلامهم, هذا الهجوم الذي خلف عشرات الشهداء من ابناء العائلة والذين قتلوا بدم بارد وتركوا ينزفون امام اعينهم حتى فارقوا الحياه, دونما اي رحمة او شفقه او انسانية. منذ متى يقتل المستسلم وهو اغزل, ما لم يفعله الاحتلال الصهيوني اصلا, هل هكذا هي اخلاق وتعاليم الاسلام الحنيف؟, ناهيك عن مئات الجرحى والمعاقين الذين يعانون صباح مساء بسب اصاباتهم التي حصلت لهم وجها لوجه وبقصد وتعمد من قبل افراد حماس خلال الهجوم على العائلة. لم يترك اي مجال لوجهاء ورجال اصلاح او احزاب اخرى تدخلت لانهاء الخلاف يومها لتجنيب شعبنا مزيد من الدماء دونما حرق المنازل وسرقة محتوياتها وتدمير الممتلكات الخاصة, ونشر الخراب في احياء الامنين الابرياء, واهانة الكبار والصغار, وممارسة الحقد الواضح والكره البائن تجاه ابناء العائلة, واذكر يومها عندما تواصلت مع كبار العائلة بنفسي لمتابعة اخر المستجدات, حينها اخبروني بان قيادة حماس اغلقت هواتفها النقالة, ولا تريد التواصل مع احد, بعدها بلحظات قليلة جرى حشد الاف من ابناء الحركة المدججين بكل اشكال الاسلحة وجرى الانقضاض على منازل العائلة, فلو توفرت الارادة ومخافة الله حينها لما وصلنا الى القتل, و زرع الكره والحقد بين ابناء الوطن الواحد, وكما قال نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم" لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق".