"القومي" عقد مؤتمره العام في ضهور الشوير تحت شعار "لحزب أقوى ودور أفعل في مواجهة التفتيت والارهاب"
رام الله - دنيا الوطن
عقد الحزب السوري القومي الاجتماعي مؤتمره القومي العام اليوم السبت 11 حزيران 2016 في فندق السنترال ـ ضهور الشوير، تحت شعار: "لحزب أقوى ودور أفعل في مواجهة التفتيت والارهاب" وشارك في اعمال المؤتمر ثمانمائة عضو.
وقد افتتح رئيس الحزب النائب أسعد حردان المؤتمر، وطلب الوقوف دقيقة صمت تحية لشهداء الحزب والأمة.
بعد ذلك ألقى رئيس مكتب المؤتمر نزار سلوم كلمة تمهيدية، ودعا بموجب النص الدستوري إلى انتخاب هيئة جديدة لمكتب المؤتمر، فتمّ انتخاب حنا الناشف رئيساً لمكتب المؤتمر وسعيد معلاوي نائباً للرئيس، وكلّ من فداء سعيد وعادل حاطوم، وكبرئيل قبلو نواميس...
بعد ذلك، استمع المؤتمرون إلى تقرير رئيس المجلس الأعلى الوزير محمود عبد الخالق، وقد تلاه ناموس المجلس الأعلى جورج ديب، وتضمّن التقرير شرحاً لأعمال السلطة التشريعية، ومجمل التشريعات التي أقرّتها خلال السنوات الأربع الماضية.
ثم قدّم رئيس الحزب النائب أسعد حردان تقريراً شاملاً عن أعمال السلطة التنفيذية خلال السنوات الأربع الماضية، ومواقف الحزب وإنجازاته، لا سيما على صعيد دوره في مقاومة الارهاب والتطرف، ومواجهة مخططات التفتيت والتقسيم.
وقال حردان في تقريره للمؤتمر: إننا إذ نجتمع اليوم لإنجاز استحقاق دستوري في موعده، يرتسم أمامنا ذلك المشهد العظيم الذي نكوّنه نحن السوريين القوميين الاجتماعيين القادمين من مختلف مناطق الأمة ومدنها وبلداتها وقراها، من العراق والأردن وفلسطين والشام ولبنان، ومن بلدان الاغتراب...
إننا بما نكوّنه ندلّل بحق على أنّ الحزب هو دولة الأمة السورية المصغّرة كما قال سعاده العظيم وهو الخميرة التي نأمل ونعمل على أن ينضج مستقبل سورية بها.
أضاف: ينعقد مؤتمرنا القومي الاجتماعي العام، في ظروف استثنائية تمرّ بها أمتنا، حيث حرصت المؤسسات الحزبية على انعقاده في موعده الدستوري رغم الظروف الصعبة والتحديات القاسية.
وقال حردان: تشهد أمتنا تحديات بالغة الخطورة والتعقيد، فالعدو اليهودي العنصري دخل مرحلة التمكّن في تثبيت احتلاله لفلسطين والجولان وأجزاء من لبنان، وقد نجح هذا العدو بفعل الدعم الغربي له، نجح في جذب دول عربية وإقليمية إلى ضفته، وقد خرج هذا الأمر من السرّ إلى العلن، حيث نشهد لقاءات علنية بين القادة الصهاينة ومسؤولين عرب، ولم يعد خافياً أنّ هناك تنسيقاً قائماً بين دول عربية عدة والعدو "الإسرائيلي"، خصوصاً في ما خصّ الحرب على الشام وقوى المقاومة.
وتابع حردان: بفعل التنسيق غير المستتر بين العدو اليهودي وبعض الدول العربية، نجح هذا العدو في استيلاد تيارات ومجموعات إرهابية متطرفة تنفذ مخططاته ومشاريع القوى الاستعمارية التي تهدف الى تفتيت أمتنا وتجزئتها وتدمير مكامن قوتها، ومحاولة تصفية قواها المقاومة، وإنّ الحرب التي تُشنّ على الشام منذ خمس سنوات، وتعاظم إجرام المجموعات الإرهابية في الشام والعراق، هي ترجمة حرفية للمؤامرة التي توصل في أحد مراميها إلى تصفية المسألة الفلسطينية.
لقد أحدثت حروب ما يسمّى "الربيع العربي"، اختلالاً في موازين الاصطفافات لمصلحة "إسرائيل"، إذ أنّ دولاً إقليمية وعربية كانت تزعم الوقوف في ضفة المشروع الذي يناهض الاحتلال "الإسرائيلي" صارت اليوم بالعلن جزءاً فاعلاً في مشروع التدمير والتفتيت الذي يستهدف بلادنا والعالم العربي.
وأردف حردان: على الرغم من الاصطفافات الإقليمية والعربية إلى جانب المشروع الاستعماري الاحتلالي، شكّل صمود الشام وقوى المقاومة ودعم الحلفاء، حائلاً أمام المشروع المعادي، وأستطيع القول أنّ هذا الصمود، والتضحيات التي بُذلت، أعادا صياغة اللوحة الدولية، بإسقاط الولايات المتحدة الأميركية من كونها قطباً أوحد يتحكّم بالسياسات والمسارات الدولية، لمصلحة تعدّد القطبية العالمية، وها نحن نشهد عودة روسيا الاتحادية قوة جبارة، والصين قطباً رئيساً أساسياً، ودخول إيران في صلب المعادلة الإقليمية كاسرة الحصار والضغوط من بوابة الاتفاق النووي.
وأشار حردان إلى تزامن انعقاد المؤتمر مع مرور مائة عام على مؤامرة "سايكس ـ بيكو" التي قسّمت أمتنا إلى كيانات، وفتّت نسيجها الاجتماعي، وحوّلته من شعب واحد موحد إلى مجموعة قبائل متناحرة.
إنّ مؤامرة "سايكس ـ بيكو" الاستعمارية، لم تقتصر أهدافها وأخطارها على تجزئة بلادنا والهيمنة عليها ولا على تشظية شعبنا واستلاب إرادته وإضعاف قواه، بل انّ هدفها الرئيس هو إلغاء هوية هذه الأمة، وطمس معالم حضارتها وتصفية حقها ووجودها، وهو ما تَكشّف في "وعد بلفور المشؤوم" بعد عام واحد على "سايكس ـ بيكو" ليوكد أنّ تجزئة بلادنا هو التمهيد العملي لقيام كيان الاغتصاب الصهيوني ليس على أرض فلسطين وحسب، بل على امتداد كلّ أرضنا السورية.
"سايكس ـ بيكو" و"وعد بلفور" والتخاذل العربي أسباب جلبت قبل مائة عام كلّ هذا الويل على أمتنا، وقبل ثمانية عقود ونيّف تأسّس حزبنا على مواجهة الويل ومفاعيل التجزئة ولكي يُعيد للأمة وحدتها، أرضاً وشعباً، فسخّر القوميون الاجتماعيون كلّ نضالهم وتضحياتهم، وما بذلوه من دماء زكية على امتداد الجغرافية السورية، من أجل تثبيت حقيقة وحدة الأمة وصون هويتها القومية الحضارية.
وأكد حردان أنّ مسيرة النضال القومي تجسّدت مقاومة في مواجهة العدو اليهودي وهذه المقاومة شكّلت عائقاً أساسياً أمام استكمال الأهداف التي انطوت عليها "سايكس ـ بيكو" ووعد بلفور، وقرار المقاومة الذي اتخذه حزبنا نهجاً وخياراً، منذ معارك فلسطين ضدّ اليهود في العام 1936، شكّل ضالة شعبنا بمعظم قواه، وشكّلت الشام حاضنة رئيسة لقوى المقاومة، الأمر الذي دفع بالقوى الاستعمارية ومعها "إسرائيل" إلى البدء بمؤامرة تقسيم المُقسّم، من خلال مشروع "الشرق الأوسط الجديد"، ووضعت آلية لتنفيذ "سايكس ـ بيكو" الجديدة من خلال ما عُرف بالفوضى الخلاقة تحت مسمّى "الربيع العربي".
ولفت حردان إلى أنّ تقرير السلطة التنفيذية للمؤتمر القومي العام المنعقد سنة 2012، قدّم توصيفاً دقيقاً للخطر الذي يتهدّد بلادنا والعالم العربي قاطبة. ورأى أنّ "الربيع العربي" الذي دهم المنطقة بشعارات الحرية والديمقراطية والتغيير، وشكّلت قوى ومجموعات ودول عديدة أدواته، رأى فيه مشروعاً تفتيتياً أخطر من "سايكس ـ بيكو" ويستهدف القضاء على مقاومة شعبنا وإسقاط الدول الحاضنة للمقاومة وتصفية المسألة الفلسطينية، وبالتالي القضاء على فكرة الوحدة، وتحويل بلادنا إلى محميات دينية وطائفية ومذهبية وقبلية تخدم غرض قيام الدولة الدينية اليهودية وتمكينها من فرض هيمنتها الكاملة على المنطقة.
ورأى حردان أنّ تفعيل دور الحزب في الشام عسكرياً وسياسياً، شكّل تحدّياً صعباً، نظراً لظروف موضوعية، وقد استطاع الحزب تجاوز المعوقات التي نشأت في طريقه، ونجح في أن يكون جزءاً أساسياً من مشهد الميدان السوري، فانخرط القوميون الاجتماعيون في المواجهة تعبئة وتحشيداً، وانتظم المقاتلون منهم ضمن تشكيلات نسور الزوبعة، وخاضوا إلى جانب الجيش السوري والقوى الحليفة، خاضوا أشرس المعارك من درعا والسويداء إلى دمشق وريفها وحمص وحماة وإدلب وحلب واللاذقية، وقد ارتقى عشرات الرفقاء الأعزاء الأحباء شهداء، نُحيّيهم اليوم بتحية الوفاء والثبات، ومن خلال هذا الدور الريادي وهذه المشاركة الفاعلة في الحرب ضدّ الإرهاب تَعزّزت الصدقية العالية لحزبنا، واكتسب الحزب تقديراً مُضاعفاً من مختلف الشرائح الشعبية ومن المواقع الرسمية على حدّ سواء، وصار القوميون مضرب مثل في شجاعتهم وإقدامهم وسلوكياتهم النضالية.
وقال: إنّ نضال القوميين في ميدان مواجهة الإرهاب، انعكس حضوراً على مختلف المستويات، فأصبح الحزب جزءاً أساسياً في المشاورات والحوارات الداخلية في الشام، وقدّم أفكاراً ورؤى للحلّ السياسي، وأعدّ ورقة سياسية متكاملة ضمّنها تصوّره للحلّ السياسي والإصلاحات المطلوبة، كما أصبح الحزب في صلب المشهد السياسي العام، من خلال مشاركته في الاجتماعات واللقاءات الدولية حول الأزمة السورية، إلى مشاركته في الانتخابات النيابية وفوزه بكتلة نيابية مؤلفة من 6 أمناء ورفقاء في المحافظات الأساسية ضمن قائمة التحالف مع القيادة السورية وحزب البعث العربي الاشتراكي، الأمر الذي جاء بمثابة إسقاط لكلّ محاولات إضعاف الحزب.
وأشار حردان في تقريره إلى المبادرة التي أطلقها الحزب من أجل قيام مجلس تعاون مشرقي، وما لاقته من ترحيب، مؤكداً مواصلة الجهد لإحياء وترسيخ فكرة وثقافة الوحدة وضرورات العمل المشترك بين دول الهلال السوري الخصيب. كما أشار إلى طرح الحزب مبادرة قيام جبهة شعبية لمكافحة الارهاب، ووضع آليات عمل في سبيل تحويلها إلى واقع مؤسساتي، وهذه المبادرة أصبحت جزءاً من الخطاب السياسي للعديد من القوى السياسية، وحين تصبح مبادرات الحزب وطروحاته في أساس الخطاب السياسي لقوى شعبنا مهما كانت اتجاهات هذه القوى، فهذا يصبّ في تعزيز ثقافة المواجهة ضدّ مشروع التفتيت والتجزئة الذي تحمله النسخة الجديدة لـ "سايكس ـ بيكو".
وأضاء حردان على دور الحزب الأساسي والفاعل في هيئة الحوار الوطني معتبراً أنّ الحزب سجّل مواقف وطنية لا طائفية، مشدودة إلى الثوابت والخيارات التي نؤمن بها. وأكد على ثابتة التمسك بثالوث الجيش والشعب والمقاومة، وضرورة انتخاب رئيس الجمهورية وسنّ قانون انتخابات وتفعيل المؤسسات ومعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية والأزمات المستفحلة على الصعد كافة.
وقال حردان: لقد ساهم وجود الحزب على طاولة الحوار الوطني، في حصر النقاش بالمسائل الجوهرية، المتصلة بتفعيل المؤسسات والاهتمام بقضايا الناس، وحين تصاعد الحديث عن الاستراتيجية الدفاعية في محاولة من فريق 14 أذار لوضع المقاومة في خانة الاستهداف، واجهنا هذا الاستهداف، بتأكيد أنّ فريق 14 آذار لا يُقدّم أفكاراً حول الاستراتيجية الدفاعية، بل هو يمارس دوراً مشبوهاً يرمي إلى نزع سلاح المقاومة. وأكدنا أنه في ظلّ احتلال العدو لأرض لبنانية فإنّ سلاح المقاومة هو جوهر الاستراتيجية الدفاعية. وعليه، قدّمنا في جلسة 26 حزيران 2012، رؤية واضحة للاستراتيجية الدفاعية، عنوانها الأول العمل على تسليح الجيش اللبناني وتعزيز قدراته في مواجهة العدو الصهيوني، وهذا ما أحرج المطالبين بنزع سلاح المقاومة وجوّف كلّ طروحاتهم، لأنهم يدركون أنّ هناك "فيتو" أميركي ـ "اسرائيلي" على تسليح الجيش، وقد تأكدت مفاعيل هذا "الفيتو" بتراجع حلفاء 14 آذار عن الهبات لتسليح الجيش.
ولفت إلى أنّ الحزب وضع في جلسات الحوار الممتدّة من أيلول حتى تشرين الثاني 2015، (6 جلسات)، وضع الحزب خارطة طريق لكلّ المواضيع المدرجة على الطاولة، وأبرزها تحديد مواصفات رئيس الجمهورية والتأكيد على ثابتة خيار المقاومة، ورفض منطق النأي بالنفس حيال الإرهاب. وقد اتسمت مشاركتنا في الحوار، بالحرص الدائم على المصلحة الوطنية، وكلما رأينا جنوحاً في الحوار نحو مواضيع غير أساسية، واجهناه، ولعبنا دوراً رئيساً في توجيه النقاش بالاتجاه الصحيح.
وأوضح حردان أنّ تسمية النائب تمام سلام لرئاسة الحكومة من قبل نواب الحزب جاءت في سياق المناخ الإيجابي الذي كان سائداً حينذاك، للخروج من الأزمة التي تعصف بلبنان، وقد عبّرنا في موقفنا عن تفاؤل حذر، وأكدنا ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية تُعزز السلم الأهلي وتُحصّن الاستقرار والوحدة الوطنية وتكبح الخطاب الطائفي والمذهبي حتى يشعر اللبنانيون جميعاً أنها حكومة تعبّر عن تطلعاتهم. كما أكدنا أنّ الظرف الاستثنائي الذي يمرّ به لبنان يستدعي تشكيل حكومة سياسية قائمة على الوفاق بين الأفرقاء لردم الهوّة القائمة المتمثلة بحالة الانقسام. وأكدنا وجوب ان تلتزم الحكومة ثوابت لبنان ووثيقة الوفاق الوطني وأولوية التعاطي مع الأراضي التي يحتلها العدو الصهيوني، والتمسك بالمعادلة الذهبية (الجيش والشعب والمقاومة) وأهمية العلاقة بين لبنان والشام والالتزام بما نصّ عليه اتفاق الطائف لجهة أن لا يكون لبنان مقراً أو ممراً للتآمر على الشام، وضرورة العمل على إعادة العلاقات الطيبة بين البلدين ومنع تسلل المسلحين وتهريب السلاح للمجموعات الإرهابية. وشدّدنا على أولوية سنّ قانون انتخابات يقوم على الدائرة والواحدة والنسبية.
وقال: إنّ الحكومة التي مضى على تشكيلها عامان ونيّف لم تحقق المصلحة الوطنية كما أعلن رئيسها، ولم تتوصل الى قانون انتخابي ولم تتحمّل مسؤولياتها كاملة حيال تفاقم أوضاع اللبنانيين، ما يعني أنّ التفاؤل الحذر الذي أعلنا عنه كان محقاً. والحكومة التي كنا نأمل أن تعيد العلاقات الطيبة مع الشام، راكمت مشكلات عديدة على اللبنانيين، أبرزها مشكلة النزوح السوري، بحيث لا تزال هذه الحكومة تنأى عن معالجة هذه المشكلة مع الحكومة السورية، ما يعني أنها تتعامل مع القضايا الأساسية بذهنية الفريق وليس بذهنية المصلحة الوطنية الجامعة وما نص عليه اتفاق الطائف.
وأضاء حردان على دور فروع الحزب في العراق والأردن وفلسطين المحتلة وفي المغتربات، كاشفاً عن حضور كبير للحزب في هذه الكيانات وعن تطوّر علاقات الحزب السياسية مع أحزاب وقيادات رسمية.
واشار رئيس الحزب إلى تفّرد الحزب بالردّ على دعوة الجامعة العربية في العام 2013 الى مبادلة أراض فلسطينية بأراض فلسطينية، واعتبر أن هذا الأمر يشكّل تنازلاً فاضحاً يؤدّي الى تصفية المسألة الفلسطينية. كما دعا إلى قيام انتفاضة فلسطينية ثالثة.
وأكد أنّ إنجاز المصالحة الفلسطينية خطوة لإعادة بناء الوحدة الوطنية الفلسطينية، وقد يدفع هذا المستجدّ على الساحة الفلسطينية إلى رسم صيغة علاقات جديدة تؤثر في مجرى الصراع وتُعيد فلسطين إلى صدارة القضايا التي تشكل دمشق قلب معادلتها القومية الاستراتيجية.
هذا وتستمر اعمال المؤتمر حتى يوم غد الأحد 12 حزيران، وستصدر توصيات ومقررات عامة، كما ينتخب المؤتمرون أعضاء المجلس الأعلى، وأعضاء هيئة منح رتبة الأمانة.
عقد الحزب السوري القومي الاجتماعي مؤتمره القومي العام اليوم السبت 11 حزيران 2016 في فندق السنترال ـ ضهور الشوير، تحت شعار: "لحزب أقوى ودور أفعل في مواجهة التفتيت والارهاب" وشارك في اعمال المؤتمر ثمانمائة عضو.
وقد افتتح رئيس الحزب النائب أسعد حردان المؤتمر، وطلب الوقوف دقيقة صمت تحية لشهداء الحزب والأمة.
بعد ذلك ألقى رئيس مكتب المؤتمر نزار سلوم كلمة تمهيدية، ودعا بموجب النص الدستوري إلى انتخاب هيئة جديدة لمكتب المؤتمر، فتمّ انتخاب حنا الناشف رئيساً لمكتب المؤتمر وسعيد معلاوي نائباً للرئيس، وكلّ من فداء سعيد وعادل حاطوم، وكبرئيل قبلو نواميس...
بعد ذلك، استمع المؤتمرون إلى تقرير رئيس المجلس الأعلى الوزير محمود عبد الخالق، وقد تلاه ناموس المجلس الأعلى جورج ديب، وتضمّن التقرير شرحاً لأعمال السلطة التشريعية، ومجمل التشريعات التي أقرّتها خلال السنوات الأربع الماضية.
ثم قدّم رئيس الحزب النائب أسعد حردان تقريراً شاملاً عن أعمال السلطة التنفيذية خلال السنوات الأربع الماضية، ومواقف الحزب وإنجازاته، لا سيما على صعيد دوره في مقاومة الارهاب والتطرف، ومواجهة مخططات التفتيت والتقسيم.
وقال حردان في تقريره للمؤتمر: إننا إذ نجتمع اليوم لإنجاز استحقاق دستوري في موعده، يرتسم أمامنا ذلك المشهد العظيم الذي نكوّنه نحن السوريين القوميين الاجتماعيين القادمين من مختلف مناطق الأمة ومدنها وبلداتها وقراها، من العراق والأردن وفلسطين والشام ولبنان، ومن بلدان الاغتراب...
إننا بما نكوّنه ندلّل بحق على أنّ الحزب هو دولة الأمة السورية المصغّرة كما قال سعاده العظيم وهو الخميرة التي نأمل ونعمل على أن ينضج مستقبل سورية بها.
أضاف: ينعقد مؤتمرنا القومي الاجتماعي العام، في ظروف استثنائية تمرّ بها أمتنا، حيث حرصت المؤسسات الحزبية على انعقاده في موعده الدستوري رغم الظروف الصعبة والتحديات القاسية.
وقال حردان: تشهد أمتنا تحديات بالغة الخطورة والتعقيد، فالعدو اليهودي العنصري دخل مرحلة التمكّن في تثبيت احتلاله لفلسطين والجولان وأجزاء من لبنان، وقد نجح هذا العدو بفعل الدعم الغربي له، نجح في جذب دول عربية وإقليمية إلى ضفته، وقد خرج هذا الأمر من السرّ إلى العلن، حيث نشهد لقاءات علنية بين القادة الصهاينة ومسؤولين عرب، ولم يعد خافياً أنّ هناك تنسيقاً قائماً بين دول عربية عدة والعدو "الإسرائيلي"، خصوصاً في ما خصّ الحرب على الشام وقوى المقاومة.
وتابع حردان: بفعل التنسيق غير المستتر بين العدو اليهودي وبعض الدول العربية، نجح هذا العدو في استيلاد تيارات ومجموعات إرهابية متطرفة تنفذ مخططاته ومشاريع القوى الاستعمارية التي تهدف الى تفتيت أمتنا وتجزئتها وتدمير مكامن قوتها، ومحاولة تصفية قواها المقاومة، وإنّ الحرب التي تُشنّ على الشام منذ خمس سنوات، وتعاظم إجرام المجموعات الإرهابية في الشام والعراق، هي ترجمة حرفية للمؤامرة التي توصل في أحد مراميها إلى تصفية المسألة الفلسطينية.
لقد أحدثت حروب ما يسمّى "الربيع العربي"، اختلالاً في موازين الاصطفافات لمصلحة "إسرائيل"، إذ أنّ دولاً إقليمية وعربية كانت تزعم الوقوف في ضفة المشروع الذي يناهض الاحتلال "الإسرائيلي" صارت اليوم بالعلن جزءاً فاعلاً في مشروع التدمير والتفتيت الذي يستهدف بلادنا والعالم العربي.
وأردف حردان: على الرغم من الاصطفافات الإقليمية والعربية إلى جانب المشروع الاستعماري الاحتلالي، شكّل صمود الشام وقوى المقاومة ودعم الحلفاء، حائلاً أمام المشروع المعادي، وأستطيع القول أنّ هذا الصمود، والتضحيات التي بُذلت، أعادا صياغة اللوحة الدولية، بإسقاط الولايات المتحدة الأميركية من كونها قطباً أوحد يتحكّم بالسياسات والمسارات الدولية، لمصلحة تعدّد القطبية العالمية، وها نحن نشهد عودة روسيا الاتحادية قوة جبارة، والصين قطباً رئيساً أساسياً، ودخول إيران في صلب المعادلة الإقليمية كاسرة الحصار والضغوط من بوابة الاتفاق النووي.
وأشار حردان إلى تزامن انعقاد المؤتمر مع مرور مائة عام على مؤامرة "سايكس ـ بيكو" التي قسّمت أمتنا إلى كيانات، وفتّت نسيجها الاجتماعي، وحوّلته من شعب واحد موحد إلى مجموعة قبائل متناحرة.
إنّ مؤامرة "سايكس ـ بيكو" الاستعمارية، لم تقتصر أهدافها وأخطارها على تجزئة بلادنا والهيمنة عليها ولا على تشظية شعبنا واستلاب إرادته وإضعاف قواه، بل انّ هدفها الرئيس هو إلغاء هوية هذه الأمة، وطمس معالم حضارتها وتصفية حقها ووجودها، وهو ما تَكشّف في "وعد بلفور المشؤوم" بعد عام واحد على "سايكس ـ بيكو" ليوكد أنّ تجزئة بلادنا هو التمهيد العملي لقيام كيان الاغتصاب الصهيوني ليس على أرض فلسطين وحسب، بل على امتداد كلّ أرضنا السورية.
"سايكس ـ بيكو" و"وعد بلفور" والتخاذل العربي أسباب جلبت قبل مائة عام كلّ هذا الويل على أمتنا، وقبل ثمانية عقود ونيّف تأسّس حزبنا على مواجهة الويل ومفاعيل التجزئة ولكي يُعيد للأمة وحدتها، أرضاً وشعباً، فسخّر القوميون الاجتماعيون كلّ نضالهم وتضحياتهم، وما بذلوه من دماء زكية على امتداد الجغرافية السورية، من أجل تثبيت حقيقة وحدة الأمة وصون هويتها القومية الحضارية.
وأكد حردان أنّ مسيرة النضال القومي تجسّدت مقاومة في مواجهة العدو اليهودي وهذه المقاومة شكّلت عائقاً أساسياً أمام استكمال الأهداف التي انطوت عليها "سايكس ـ بيكو" ووعد بلفور، وقرار المقاومة الذي اتخذه حزبنا نهجاً وخياراً، منذ معارك فلسطين ضدّ اليهود في العام 1936، شكّل ضالة شعبنا بمعظم قواه، وشكّلت الشام حاضنة رئيسة لقوى المقاومة، الأمر الذي دفع بالقوى الاستعمارية ومعها "إسرائيل" إلى البدء بمؤامرة تقسيم المُقسّم، من خلال مشروع "الشرق الأوسط الجديد"، ووضعت آلية لتنفيذ "سايكس ـ بيكو" الجديدة من خلال ما عُرف بالفوضى الخلاقة تحت مسمّى "الربيع العربي".
ولفت حردان إلى أنّ تقرير السلطة التنفيذية للمؤتمر القومي العام المنعقد سنة 2012، قدّم توصيفاً دقيقاً للخطر الذي يتهدّد بلادنا والعالم العربي قاطبة. ورأى أنّ "الربيع العربي" الذي دهم المنطقة بشعارات الحرية والديمقراطية والتغيير، وشكّلت قوى ومجموعات ودول عديدة أدواته، رأى فيه مشروعاً تفتيتياً أخطر من "سايكس ـ بيكو" ويستهدف القضاء على مقاومة شعبنا وإسقاط الدول الحاضنة للمقاومة وتصفية المسألة الفلسطينية، وبالتالي القضاء على فكرة الوحدة، وتحويل بلادنا إلى محميات دينية وطائفية ومذهبية وقبلية تخدم غرض قيام الدولة الدينية اليهودية وتمكينها من فرض هيمنتها الكاملة على المنطقة.
ورأى حردان أنّ تفعيل دور الحزب في الشام عسكرياً وسياسياً، شكّل تحدّياً صعباً، نظراً لظروف موضوعية، وقد استطاع الحزب تجاوز المعوقات التي نشأت في طريقه، ونجح في أن يكون جزءاً أساسياً من مشهد الميدان السوري، فانخرط القوميون الاجتماعيون في المواجهة تعبئة وتحشيداً، وانتظم المقاتلون منهم ضمن تشكيلات نسور الزوبعة، وخاضوا إلى جانب الجيش السوري والقوى الحليفة، خاضوا أشرس المعارك من درعا والسويداء إلى دمشق وريفها وحمص وحماة وإدلب وحلب واللاذقية، وقد ارتقى عشرات الرفقاء الأعزاء الأحباء شهداء، نُحيّيهم اليوم بتحية الوفاء والثبات، ومن خلال هذا الدور الريادي وهذه المشاركة الفاعلة في الحرب ضدّ الإرهاب تَعزّزت الصدقية العالية لحزبنا، واكتسب الحزب تقديراً مُضاعفاً من مختلف الشرائح الشعبية ومن المواقع الرسمية على حدّ سواء، وصار القوميون مضرب مثل في شجاعتهم وإقدامهم وسلوكياتهم النضالية.
وقال: إنّ نضال القوميين في ميدان مواجهة الإرهاب، انعكس حضوراً على مختلف المستويات، فأصبح الحزب جزءاً أساسياً في المشاورات والحوارات الداخلية في الشام، وقدّم أفكاراً ورؤى للحلّ السياسي، وأعدّ ورقة سياسية متكاملة ضمّنها تصوّره للحلّ السياسي والإصلاحات المطلوبة، كما أصبح الحزب في صلب المشهد السياسي العام، من خلال مشاركته في الاجتماعات واللقاءات الدولية حول الأزمة السورية، إلى مشاركته في الانتخابات النيابية وفوزه بكتلة نيابية مؤلفة من 6 أمناء ورفقاء في المحافظات الأساسية ضمن قائمة التحالف مع القيادة السورية وحزب البعث العربي الاشتراكي، الأمر الذي جاء بمثابة إسقاط لكلّ محاولات إضعاف الحزب.
وأشار حردان في تقريره إلى المبادرة التي أطلقها الحزب من أجل قيام مجلس تعاون مشرقي، وما لاقته من ترحيب، مؤكداً مواصلة الجهد لإحياء وترسيخ فكرة وثقافة الوحدة وضرورات العمل المشترك بين دول الهلال السوري الخصيب. كما أشار إلى طرح الحزب مبادرة قيام جبهة شعبية لمكافحة الارهاب، ووضع آليات عمل في سبيل تحويلها إلى واقع مؤسساتي، وهذه المبادرة أصبحت جزءاً من الخطاب السياسي للعديد من القوى السياسية، وحين تصبح مبادرات الحزب وطروحاته في أساس الخطاب السياسي لقوى شعبنا مهما كانت اتجاهات هذه القوى، فهذا يصبّ في تعزيز ثقافة المواجهة ضدّ مشروع التفتيت والتجزئة الذي تحمله النسخة الجديدة لـ "سايكس ـ بيكو".
وأضاء حردان على دور الحزب الأساسي والفاعل في هيئة الحوار الوطني معتبراً أنّ الحزب سجّل مواقف وطنية لا طائفية، مشدودة إلى الثوابت والخيارات التي نؤمن بها. وأكد على ثابتة التمسك بثالوث الجيش والشعب والمقاومة، وضرورة انتخاب رئيس الجمهورية وسنّ قانون انتخابات وتفعيل المؤسسات ومعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية والأزمات المستفحلة على الصعد كافة.
وقال حردان: لقد ساهم وجود الحزب على طاولة الحوار الوطني، في حصر النقاش بالمسائل الجوهرية، المتصلة بتفعيل المؤسسات والاهتمام بقضايا الناس، وحين تصاعد الحديث عن الاستراتيجية الدفاعية في محاولة من فريق 14 أذار لوضع المقاومة في خانة الاستهداف، واجهنا هذا الاستهداف، بتأكيد أنّ فريق 14 آذار لا يُقدّم أفكاراً حول الاستراتيجية الدفاعية، بل هو يمارس دوراً مشبوهاً يرمي إلى نزع سلاح المقاومة. وأكدنا أنه في ظلّ احتلال العدو لأرض لبنانية فإنّ سلاح المقاومة هو جوهر الاستراتيجية الدفاعية. وعليه، قدّمنا في جلسة 26 حزيران 2012، رؤية واضحة للاستراتيجية الدفاعية، عنوانها الأول العمل على تسليح الجيش اللبناني وتعزيز قدراته في مواجهة العدو الصهيوني، وهذا ما أحرج المطالبين بنزع سلاح المقاومة وجوّف كلّ طروحاتهم، لأنهم يدركون أنّ هناك "فيتو" أميركي ـ "اسرائيلي" على تسليح الجيش، وقد تأكدت مفاعيل هذا "الفيتو" بتراجع حلفاء 14 آذار عن الهبات لتسليح الجيش.
ولفت إلى أنّ الحزب وضع في جلسات الحوار الممتدّة من أيلول حتى تشرين الثاني 2015، (6 جلسات)، وضع الحزب خارطة طريق لكلّ المواضيع المدرجة على الطاولة، وأبرزها تحديد مواصفات رئيس الجمهورية والتأكيد على ثابتة خيار المقاومة، ورفض منطق النأي بالنفس حيال الإرهاب. وقد اتسمت مشاركتنا في الحوار، بالحرص الدائم على المصلحة الوطنية، وكلما رأينا جنوحاً في الحوار نحو مواضيع غير أساسية، واجهناه، ولعبنا دوراً رئيساً في توجيه النقاش بالاتجاه الصحيح.
وأوضح حردان أنّ تسمية النائب تمام سلام لرئاسة الحكومة من قبل نواب الحزب جاءت في سياق المناخ الإيجابي الذي كان سائداً حينذاك، للخروج من الأزمة التي تعصف بلبنان، وقد عبّرنا في موقفنا عن تفاؤل حذر، وأكدنا ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية تُعزز السلم الأهلي وتُحصّن الاستقرار والوحدة الوطنية وتكبح الخطاب الطائفي والمذهبي حتى يشعر اللبنانيون جميعاً أنها حكومة تعبّر عن تطلعاتهم. كما أكدنا أنّ الظرف الاستثنائي الذي يمرّ به لبنان يستدعي تشكيل حكومة سياسية قائمة على الوفاق بين الأفرقاء لردم الهوّة القائمة المتمثلة بحالة الانقسام. وأكدنا وجوب ان تلتزم الحكومة ثوابت لبنان ووثيقة الوفاق الوطني وأولوية التعاطي مع الأراضي التي يحتلها العدو الصهيوني، والتمسك بالمعادلة الذهبية (الجيش والشعب والمقاومة) وأهمية العلاقة بين لبنان والشام والالتزام بما نصّ عليه اتفاق الطائف لجهة أن لا يكون لبنان مقراً أو ممراً للتآمر على الشام، وضرورة العمل على إعادة العلاقات الطيبة بين البلدين ومنع تسلل المسلحين وتهريب السلاح للمجموعات الإرهابية. وشدّدنا على أولوية سنّ قانون انتخابات يقوم على الدائرة والواحدة والنسبية.
وقال: إنّ الحكومة التي مضى على تشكيلها عامان ونيّف لم تحقق المصلحة الوطنية كما أعلن رئيسها، ولم تتوصل الى قانون انتخابي ولم تتحمّل مسؤولياتها كاملة حيال تفاقم أوضاع اللبنانيين، ما يعني أنّ التفاؤل الحذر الذي أعلنا عنه كان محقاً. والحكومة التي كنا نأمل أن تعيد العلاقات الطيبة مع الشام، راكمت مشكلات عديدة على اللبنانيين، أبرزها مشكلة النزوح السوري، بحيث لا تزال هذه الحكومة تنأى عن معالجة هذه المشكلة مع الحكومة السورية، ما يعني أنها تتعامل مع القضايا الأساسية بذهنية الفريق وليس بذهنية المصلحة الوطنية الجامعة وما نص عليه اتفاق الطائف.
وأضاء حردان على دور فروع الحزب في العراق والأردن وفلسطين المحتلة وفي المغتربات، كاشفاً عن حضور كبير للحزب في هذه الكيانات وعن تطوّر علاقات الحزب السياسية مع أحزاب وقيادات رسمية.
واشار رئيس الحزب إلى تفّرد الحزب بالردّ على دعوة الجامعة العربية في العام 2013 الى مبادلة أراض فلسطينية بأراض فلسطينية، واعتبر أن هذا الأمر يشكّل تنازلاً فاضحاً يؤدّي الى تصفية المسألة الفلسطينية. كما دعا إلى قيام انتفاضة فلسطينية ثالثة.
وأكد أنّ إنجاز المصالحة الفلسطينية خطوة لإعادة بناء الوحدة الوطنية الفلسطينية، وقد يدفع هذا المستجدّ على الساحة الفلسطينية إلى رسم صيغة علاقات جديدة تؤثر في مجرى الصراع وتُعيد فلسطين إلى صدارة القضايا التي تشكل دمشق قلب معادلتها القومية الاستراتيجية.
هذا وتستمر اعمال المؤتمر حتى يوم غد الأحد 12 حزيران، وستصدر توصيات ومقررات عامة، كما ينتخب المؤتمرون أعضاء المجلس الأعلى، وأعضاء هيئة منح رتبة الأمانة.
التعليقات