رحلة الى مكناس .. مدينة المآثر التاريخية !

رام الله - دنيا الوطن- د.جمال المجايدة

 زرت مكناس في مايو  2016 قادما الها من ايفران بصحبة خطاب الطيبي مدير المكتب الإقليمي الوطني المغربي للسياحة لمنطقة الشرق الاوسط وعدد من الزملاء , وكم تمنيت ان ارى هذه المدينة التاريخية , نظرا لما قرأته وسمعته عن مآثرها التاريخية وموقعها في قلب المغرب .

مكناس هي مدينة مغربية ملقبة بالإسماعيلية . لقبت بهذا الإسم تبعا للسلطان المولى إسماعيل الذي أراد جعلها أحد المدن الكبيرة التي تنافس العواصم الأوروبية الضخمة ، فقام بتشييد مجموعة من المآثر التاريخية التي ظلت صامدة على مر السنين ، مما جعلها مدينة غنية بالتراث و الحضارة ، فتم تسجيلها في قائمة التراث العالمي بمنظمة اليونيسكو سنة 1996 . كانت مكناس تعتبر العاصمة السياسية للمغرب ، لكن إنتقل لقب العاصمة إلى مدينة فاس المجاورة لها ، و هذا لم يمنع مكناس من الحفاظ على مكانتها الكبيرة بصفتها أحد أهم المدن المغربية

باب المنصور الضخم

ومن أعظم آثارها التي ادهشتني حقيقة هي , باب المنصور الضخم المشهور بنقوشه الفسيفسائية وبالقصر الملكي بأسواره العتيقة وضريح مولاي إسماعيل، ومسجد بريمة، وسيدي عثمان، والقصر الجامعي الذي يعد متحفا للفن المغربي

مكناس التي تزخر بتاريخ عريق تحكي عنه أسوارها وأبراجها ومآثرها التاريخية التي ظلت شامخة شموخ جبال الأطلس وجبال زرهون التي تحيط بها من كل ناحية. فمدينة مكناس مدينة الحضارة العربية الإسلامية والتاريخ العريق.

ولعل المآثر التاريخية التي تربض بين جنباتها تعد شاهد إثبات، يستمد جذوره من أعماق التاريخ، على أصالة هذه المدينة. فهي بأسوارها وأبراجها وبساتينها، بقصورها ودورها ومساجدها وسقاياتها، بساحاتها وبمآذنها، بزواياها وأزقتها وعادات وتقاليد ساكنتها تعد متحفا نابضا وشاهدا حيا على تاريخ هذه الحاضرة.

المآثر التاريخية :
تجولنا على الاقدام في حواريها وشوارعها وازقتها العتيقة في محاولة للتعرف على ابرز معالم المدينة وامضينا وقتا طويلا هناك بالمدينة جذابة لاتشعر فيها بالملل اطلاقا وهي ايضا محاطة بمزارع العنب واللوزيات والخضار من شتى الانواع .

تزخر مدينة مكناس بمآثر تاريخية عديدة ، إذ تعتبر أحد المدن التي حافظت على مظاهر التراث القديم و آثار بنايات السكان القدماء ، ومن ابرز هذه الاثار "
باب المنصور : يقع باب منصور العلج بساحة الهديم شرق المدينة القديمة . إنه أحد أكبر أبواب المدينة الإسماعيلية ، شيده المولى إسماعيل في أواخر القرن السابع عشر ، ثم قام إبنه المولى عبد الله بترميمه و زخرفته سنة 1732 . و قد أتخدت صورة الباب كشعار لسنة الدولة المغربية بفرنسا .
صهريج السواني : كان يستعمل قديما كمخزن للحبوب و المواد الغذائية ، لكن تم تحويله إلى خزان مياه كبير في بداة القرن التاسع عشر ، مما جعله أحد أهم مآثر المدينة و أجملها .
ساحة الهديم : توجد على مقربة من باب المنصور. وهي أشهر ساحة بالمدينة، تقوم هذه الساحة بوظيفة التلاقي كما كانت تقوم بها ساحات مدن القرون الوسطى، وكانت تحتضن كل الأنشطة التجارية والثقافية والدينية ، و لا زالت حتى الآن مكانا يجتمع فيه الناس و الشيوخ لسرد الطرائف و مبادلة الأحاديث و الأقاويل .
القصر الملكي : يوجد داخل القصبة الإسماعيلية، بناه المولى إسماعيل في بداية القرن 18 . يغلب عليه طابع العمارة العسكرية. و قد إتخذه الملك الحالي محمد السادس كقصر له .
ضريح المولى إسماعيل : أسس من طرف إبن المولى إسماعيل الملقب بالذهبي . وهو يضم قبور تلاث ملوك للدولة المغربية ، و هم : المولى إسماعيل ، أحمد الذهبي و عبد الرحمن بن هشام ، كما نجد قبر السيدة خناثة زوجة المولى إسماعيل . ويعتبر هذا الضريح معلمة فاخرة تجمعت فيها خلاصة الصناعات اليدوية من نقش على الرخام والخشب والجبص ، وزليج مشكل الزخارف والألوان.

وراء الاسوار

 مدينة مكناس مقسمة إلى جزءين المدينة الجديدة والمدينة القديمة التي تحيط بها الاسوار العالية للحماية , وبما ان مدينة مكناس تقع في ملتقى الطرق التجارية التي كانت تربط بين عدة جهات مما جعل منها منطقة عبور واستقرار منذ عهد قديم  مما أكسبها أهمية كبيرة عند حكام المغرب المتعاقبين.
لم تتنازل مكناس عن أهميتها كمدينة مخزنية وحاضرة كبرى حتى عندما فقدت صفتها كعاصمة سياسية للعلويين خلال المنتصف الثاني من القرن 18م لفائدة جارتها فاس في بداية الأمر إذ كانت سكنا مفضلا لعدد من الأمراء ورجال الدولة. أما خلال خضوع المغرب للحماية الفرنسية فإنها ستستعيد بعض أدوارها كموقع استراتيجي له أهمية عسكرية واقتصادية بالدرجة الأولى وسيترجم اهتمام سلطات الحماية بهذا الموقع من خلال فتح ورش كبير لتشييد مدينة جديدة على الطراز الأوربي بشوارعها وعماراتها وحدائقها وأحيائها الصناعية والتجارية والسكنية وكافة مرافقها الإدارية والعسكرية والرياضية والثقافية .