غزة: نجاح عملية جراحية معقدة "فصل وتعديل عظم الجمجمة" لـ طفلة صغيرة

غزة: نجاح عملية جراحية معقدة "فصل وتعديل عظم الجمجمة" لـ طفلة صغيرة
رام الله - دنيا الوطن
لعل من يتابع هذه الصور يعتقد جازما أنها إحدى العمليات الجراحية والتي تتم داخل كبريات المشافي العالمية , أو إنها لمشاهد من فيلم سينمائي أو خدع سينمائية , وبما تدخلت به من مؤثراتها الفنية تظهر لنا أن عملية رفع الوجه وإعادته إلى مكانه ضربا من ضروب الخيال العلمي , وان تلك التوقعات العلمية والطبية منذ فترة ليست بالبعيدة كانت ولاتزال مقتصرة فقط على دول تنظر لنا بأننا عالم ثالث .

لكن في غزة المحاصرة كان للإصرار رأي آخر فإجراء عملية جراحية بهذا التعقيد وما يتطلبه من إمكانيات وتجهيزات طبية لا تقل تعقيدا عن العملية نفسها , دفعت فريقا طبيا من استشاريي وأخصائيي جراحة الأعصاب بمجمع الشفاء الطبي , إلى مقارعة المستقبل , ورسم معالم إجراء طبي ظل في نظر الكثير مستحيلا في ظل نقص الإمكانيات والتجهيزات الطبية اللازمة لإجراء عملية فصل الجمجمة الجبهي عن عظم العين العلوي وإرجاع وضعية عظم الجبهة للحالة الطبيعية .

دعاء أبو طعيمة (عامين ونصف) تردد ذويها مرارا لمتابعة حالة ابنتهم والتي كانت تعاني من إغلاق مبكر لعظم الجمجمة مع تشوه في عظم الجمجمة والعين منذ الولادة , حيث يشير الاستشاري د. باسل بكر رئيس قسم جراحة الأعصاب بمجمع الشفاء الطبي أن قرار إجراء العملية جاء بعد عرض الحالة على اللجنة الطبية لإقرار ما إذا كانت الحالة بحاجة للتحويل للخارج لإجراء عملية تجميلية للطفلة , حيث كان من السهل إجراؤها عند بلوغها 8 أشهر

وبعد محاولات لتحويل الطفلة / دعاء أبو طعيمة عامين لإجراء العملية في مستشفيات الضفة الغربية أو الداخل المحتل تم التواصل من قبل لجنة العلاج التحويلات مع د. بكر كان القرار بفتح غرفة العمليات في مجمع الشفاء الطبي لإجراء العملية , حيث بدء الطاقم الطبي برئاسة د. باسل بكر رئيس قسم جراحة الأعصاب ود. ماهر أبو الخير أخصائي جراحة الأعصاب , ود. محمد الدحدوح ود. هشام الزيناتي استشاري التخدير , ود. آلاء أبو كميل والممرضين هاني الزيان ومحمد الرملاوي , بدءوا بالإعداد لإجراء واحدة من أعقد عمليات تعديل عظم الجمجمة و العين حيث تم فصل كامل للطبقة الأساسية من الوجه بدءا من منتصف أعلى الرأس وحتى منتصف الوجه , وخلال العملية التي استمرت ثلاث ساعات متواصلة تم فصل عظم الجمجمة الجبهي و عظم العين العلوي مع دفعة للأمام وإرجاع وضعية العظم للحالة الطبيعية , وإعادة طبقة الوجه إلى وضعها الطبيعي دون أي مضاعفات تذكر,حيث أن مثل هذه الجراحات تجرع عادة في مراكز متخصصة وبمشاركة فريق من جراحات الأعصاب والوجه والتجميل والآن وبعد أسبوعين من إجراء العملية ومغادرة الطفلة للمستشفى , تشهد الحالة استقرار وتماثلت للشفاء.

وتقدم د. باسل بكر رئيس قسم جراحة الأعصاب بالتحية والتقدير إلى إدارة مجمع الشفاء الطبي والطاقم الطبي والتمريضي المشرف والمشارك في العملية على ما أبدوه من مسئولية كبيرة وحرص على تسجيل تطور جديد في مجال جراحات المخ والأعصاب واستطاعوا التغلب على نقص الإمكانيات والموارد , وإصرارهم على تطوير الخدمة والتخفيف من قائمة الانتظار للتحويل للعلاج بالخارج , وتعزيز ثقة مواطنينا بالخدمة الطبية المقدمة في قطاع غزة .

وتقدم والد الطفلة مهران أبو طعيمة بالشكر والتقدير إلى الطاقم الطبي وتفانيهم في إنهاء معاناة ابنته , وعدم تكبد معاناة السفر .

بدوره أشاد د. مدحت عباس مدير عام مجمع الشفاء الطبي بهذا التطور النوعي في مجال جراحات المخ والأعصاب , والمفردات الجديدة التي تكتب و تتزاحم مع عتمة سنوات الحصار العشر , علها تبدد حالة الحرمان والتي جعلت المريض أول من صرخ فكان الطبيب الفلسطيني أول من لبى النداء ليثبتوا أن العقول المحاصرة لابد أن تتلألأ في حضرة الانجاز .