"محمد" فنان تشكيلي يتضامن مع حلب بطريقته الخاصة

"محمد" فنان تشكيلي يتضامن مع حلب بطريقته الخاصة
رفح – خاص دنيا الوطن – محمد جربوع

تصوير – عبد الرؤوف شعت

تتعرض مدينة حلب السورية منذ ما يزيد عن عشرة أيام تصعيدًا في غارات طيران النظام والطيران الروسي، الذي أسفر عن مقتل أكثر من (250) مدنيًا بينهم نحو خمسين طفلا، ذلك بحسب إحصائية المرصد السوري لحقوق الإنسان.

مشاهد القصف العشوائي الذي طالت جميع المناطق بحلب، جعلتها تنزف دماً، كذات الأيام التي عاشها قطاع غزة خلال السنوات العشر الأخيرة، وكان آخرها العدوان الغاشم على القطاع والذي استمر أكثر من 50 يوماُ على التوالي صيف عام 2014م.

 تلك المعاناة والمشاهد الدامية التي يتابعا سُكان قطاع غزة عبر شاشات التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي، جعلت الفنان التشكيلي محمد أبو العيش (26 عامًا) أن يتضامن مع مدينة حلب السورية بطريقة مُلفتة. 

فقام الفنان التشكيلي الموهوب بفن الحرق على الخشب بتجسيد تضامنه وتعاطفه مع الشعب السوري بنقش لوحة جميلة كُتب عليها "حلب تحترق" تعبيراً منه عن مساندته لقاطني تلك المدينة التي تتعرض للقصف بشكل متواصل منذ عدة أيام.
 
الجرح ذاته والجلاد تغير

يقول أبو العيش لـ مراسل "دنيا الوطن" وعلامات الغضب والحزن تبدو واضحة على وجهه :"لأنني أشعر بالألم الذي يعانيه أهل حلب السورية، بعد أن عاصرته على مدار ثلاثة حروب دامية، أحببت إيصال رسالة للعالم عبر موهبتي وهي الحرق."

وتابع وهو يجلس على كرسي صغير في غرفته التي انطلقت منها موهبته :"المشاهد التي نراها عبر شاشات التلفاز التي تحصل في تلك المدينة التي دمرت بسبب القصف المتواصل، ذاتها المشاهد التي تعرض لها القطاع خلال الحروب الإسرائيلية على مدار السنوات الأخيرة."
 
وأضاف أبو العيش "لكن ما يجري في حلب وجع أكثر لأن الجلاد هو حاكم البلاد، ليس كما الذي كان يقصف ويدمر فالقطاع هو عدو، أي أن المشاهد هي ذاتها لكن الجلاد تغير." 

ويستغرق إعداد لوحة صغيرة بفن الحرق وقت كبير لإخراجها بالشكل المطلوب والمناط به، نظرا لعدم توفر الإمكانات والمواد اللازمة لهذا الفن والاعتماد على المواد البديلة والمصنعة يدوياً بسبب عدم توفرها في القطاع نظرا للحصار الإسرائيلي المفروض منذ ما يزيد عن 10 سنوات. 

موهبة من بين المعاناة

وبين أبو العيش الخريج من جامعة القدس المفتوحة تخصص خدمة اجتماعية، أن بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها سُكان قطاع غزة تحديدًا فئة الشباب من ازدياد نسبة البطالة وعدم توفر فرص عمل، جعله يحاول أن يخلق لأفراد اسرته مصدر دخل، فاكتشف موهبة فن الحرق. 

واستطرد وهو يقوم بإعداد لوحته التي تضامن بها مع حلب السورية "بدأت بإعداد أشياء بسيطة كالمداليات والرسومات الشخصية، ومن ثم تطورت موهبتي بتشجيع من حولي كوالدي وأفراد أسرتي وأصدقائي، حتى وصلت إلى المرحلة التي تُعد من أصعب مراحل الحرق على الخشب وهي الكتابة باللغات."

وأشار أبو العيش إلى أنه حاول أن يتميز عن غيره ممن يتمتعون بموهبة فن الحرق على الخشب، حيث طور نفسه وقام بالتدرب على الكتابة بمكوى الحرق بعدة لغات، كالعربية والانجليزية والرومانية والعبرية والفرنسية والهندية، التركية واليابانية.
 
طموحات وأمنيات

ويطمح الفنان التشكيلي إلى الوصول إلى أعلى المراتب في تلك الموهبة التي يتمتع بها منذ عدة سنوات والتي لم يدرسها في الجامعات. 

ويتمنى أن يقوم بتمثيل دولته الغالية على قلبه والتي يعشقها فلسطين في كافة المحافل الدولية، من خلال المشاركة في المعارض التي تقام في الدول، لكي يتمكن من إيصال معاناة أبناء شعبه بفنه الذي أصبح سلاحًا يواجه به المحتل.