العبور نحو التسوية في ليبيا

العبور نحو التسوية في ليبيا
رام الله - دنيا الوطن - وكالات 
بدأ زمن الجرأة في ليبيا من اجل صنع التسوية الصعبة بتضافر خارجي ومحلي ، مع وصول رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فايز السراج، إلى قاعدة طرابلس البحرية في 30 مارس واتخاذها مقرا مؤقتا له .

لكن، مع تمزق ليبيا وتنازع الشرعية فيها بين حكومتين، وتحولها الى مجموعة من " المدن – الدول" على الطريقة اليونانية القديمة، يتطلب انقاذها مسارا طويل النفس ونوعا من " أعمال هرقل الاثني عشر" لفرض الحل على قوى الامر الواقع ولن يتيسر ذلك من دون تحمل القوى الاقليمية والدولية لمسؤولياتها في عدم تخريب المسار، بل في دعمه بالآفعال وليس بالاقوال والتمنيات.

مع نجاح " داعش" في استخدام ليبيا بمثابة مركز اقليمي لنشاطاتها على ابواب أوروبا وتحديها للامن الاقليمي والعالمي، ازداد التحدي ومما لا شك فيه ان تمركز ثقل داعشي جهادي على جزء من سواحل البحر الابيض المتوسط يهز استقرار شمال افريقيا ويتواصل مع التطرف من مالي والساحل الى نيجيريا وغرب افريقيا، واتضح أنه بالرغم من قرارات مجلس الامن الدولي في العام الماضي : 2249 ( داعش) ، و2259 ( ليبيا) ، وغيرها فلا نتيجة عملية من دون إطلاق عملية سياسية " خلاقة " تنقذ ليبيا تدريجيا ، تتيح طلب التدخل الدولي ضد " داعش" وأخواتها ، وربما تسهم ايضا في التعاون مع ما يؤرق اوروبا في ملفي الهجرة غير الشرعية واللجوء.

لكن النجاح ولو النسبي والمحدود للعملية السياسية ، يبدو ضروريا ايضا لوقف تشظي البلاد واهتراء الوضع فيها، ولوقف النزيف الاقتصادي والمالي في بلد كان يصنف بين البلدان الميسورة، فإذ به يصبح مهددا بالشح المالي الكبير وصلت الأمور الى منحدر استراتيجي نتيجة تمترس الاطراف الليبية المتنازعة وراء مواقفها، لكن الضغط الدولي أدى لتخفيف تداعيات الانقسام الاقليمي ومن هنا الفرصة الجديدة لم تنكشف كل الاوراق خاصة بالنسبة لإعادة تجميع الجيش الليبي وموقع اللواء خليفة حفتر فيه ، ومن دون هذه الخطوة والاتكال على الذات سيكون كل رهان على الدعم الخارجي إن كان ضد داعش او لحماية الوضع الجديد ، رهانا محفوفا بالمخاطر والمفاجات .

عدا جانب الحرب ضد داعش واحتواء تمددها، تبقى المهمة الصعبة في الوصول للتوافقات الداخلية ، وهذه المرة لا بد من أولوية استرداد ليبيا واعادة بناء دولتها