ذكريات من معركة جنين الخالدة كما يرويها النائب "جمال حويل"

ذكريات من معركة جنين الخالدة كما يرويها النائب "جمال حويل"
غزة – دنيا الوطن – احمدالعشي

معركة من المعارك التي سبتقى خالدة في ذهن الكل الفلسطيني طوال سنين حياته، معركة من اشرس المعارك التي خاضها المقاومون الابطال الا وهي معركة جنين البطولة،

فبالرغم من تبيان العدة و العتاد بين المقاومين وجنود الاحتلال الا انه بالارادة و الاعداد الجيد و الايمان بالله تعالى استطاعت المقاومة ان تقهر وتذل الاحتلال في هذه المعركة التي شهد العالم اجمع ببسالة وببطولة مقاوميها.

احد ابطال المقاومة الذين كانوا في الصفوف الاولى يروي لـ"دنيا الوطن" تفاصيل المعركة البطولية...

اكد الاسير المحرر النائب جمال حويل وهو احد افراد المقاومة الذين خاضوا المعركة ان معركة جنين بدأت في 1/4/2002 حيث انها كانت ابرز محطات الانتصار في التاريخ الفلسطيني المعاصر، وذلك لما في ذلك من نماذج الصمود الفلسطيني امام الاحتلال الاسرائيلي.

وبين ان معركة جنين العسكرية الفريدة تكاد تكون الوحيدة التي تبين الانتصار الفلسطيني من داخل فلسطين المحتلة، حيث انها جاءت بعد دخول الارهابي شارون الى باحات المسجد الاقصى بعد فشل اتفاقية كامب ديفد و تتالي الاحداث و انتفاضة الاقصى الى ان جاء ما يسمى بعملية السور الواقي. 

وأوضح ان اهم ما يميز هذه المعركة انها هي الرابعة في مخيم جنين التي تخوضها المقاومة في المخيم وبالتالي خلقت نوع من التجربة و كسر لحاجز الخوف ما بين قوات الاحتلال الاسرائيلي و شباب المقاومة، و شكلت نموذجا للمقاومة في مخيم جنين، لافتا الى ان ابناء المخيم شكلوا حاضنة للشباب المقاومين من ابناء المخيم. 

وقال في لقاء خاص مع "دنيا الوطن" :"اهم ما يميز المعركة انها كانت تضم جميع فصائل العمل الوطني و الاسلامي وقوى الامن الفلسطيني حيث انهم توحدوا و انصهرت الحزبية و التنظيمية في بوتقة العمل المشترك، بالاضافة الى ان هناك كان شباب داخل مخيم جنين مقتنعين ان قضية اللجوء لن تتكرر مرة اخرى وبالتالي تم التحضير لهذه المعركة بشكل كبير جدا والاستفادة من الاجتياحات السابقة للمخيم ومناطق الضفة الغربية".

واضاف: "تم تشكيل غرفة عمليات مشتركة من كافة فصائل العمل الوطني والاسلامي و التي كان يرأسها الشهيد البطل ابو جندل وهو رائد في الامن الوطني، وكان معه مجموعة من المقاومين مثل زياد العامر ابرز قادة كتائب شهداء الاقصى، ومحمود طوالبة ابرز قادة سرايا القدس ومجموعة من المقاومين الذين لازالوا احياء الى هذه اللحظة".

واشار الى انه تم وضع خطة عسكرية متواضعة لقيادة المعركة وبحسب الامكانيات المتوافرة مثل الكلاشنكوف واسلحة بسيطة واكواع وعبوات امام جبروت الاحتلال الاسرائيلي الذين كان يضم حوالي 10الاف جندي بالاضافة الى طائرات الاباتشي والجرافات وبالتالي فان العدو متفوق من ناحية العدة و العتاد، ولكن اصرار المقاومة و التحامها مع الجماهير وايمانها بالله بالنصر والاعداد الجيد و المتواضع للمعركة كلها عوامل كانت مفاجئة للاحتلال الاسرائيلي الذي كان يعتبر ان جنين ستكون لقمة سائغة ، على حد تعبيره.

وفي السياق قال: "كانت الرسالة الوحيدة لنا انه عندما توفر القرار السياسي من الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي قال (سترون ماذا سيحدث في جنين)".

وحول الصعوبات التي واجهت المقاومة في المعركة، قال: "بالفعل هناك صعوبات كثيرة حيث قاتل الاحتلال بـ10الاف جندي بالاضافة الى التكنولوجيا المقاومة، امام 200 مقاوم فلسطيني، حيث اعددنا المواد التموينية والطبية وما نحتاج من بطاريات لهواتفنا للتواصل مع العالم واحضرنا كميات كبيرة من الذخيرة من قوى الامن و الامن الوطني، ولكن بالقصف الكثيف والمتواصل على مدار الساعة من طائرات الاباتشي الاسرائيلية على الاهالي بالتحديد".

 واضاف: "في المقابل استخدمنا خطة استفدنا فيها من العدو الاسرائيلي استخدمها في مخيم بلاطة وهي من بيت الى بيت حيث تم هدم جدران البيوت للاختباء تحت الارض، حيث استخدمنا هذه الخطة بالتعاون مع الاهالي للاختباء تحت الارض، كما احضرنا كميات كبيرة من اطارات السيارات و تم اشعالها بشكل كامل حتى نخفي تحركاتنا في المخيم من تحت الارض كما تم تقسيم المجموعات المقاومة الى 8 مجموعات موزعة على حارات المخيم".

اصعب مشهد

كان هناك مشاهد عديدة من الصعب وصفها حيث كانت هناك المعاقين عقليا والشيوخ و الاطفال الذين استشهدوا و كانت مناظر محزنة، لافتا الى ان اصعب مشهد واجهه خلال المعركة ان هناك رجلا مسنا يبلغ من العمر 80 عاما كان يريد النظر من بيته الى قوات الاحتلال فتم القاء الرصاص عليه بشكل مباشر و استشهد، ولكن المشهد المؤلم اكثر هي الشهيدة البطلة مريم وشاحي التي كانت تعمل مع المقاومين خلال تحضير الطعام والمراقب وكان ابنها مع افراد المقاومة، حيث قال: "قلنا للشهيدة يا اخت مريم ابعدي حتى لا تستشهدي، فردت علينا قائلة: انا مش احسن منكم بدي استشهد، وفعلا استشهدت و يدها في العجين حيث تم ضربنا برصاصة في صدرها، حيث كان ابنها الصغير معها و كان ينادي عليها بقوله ماما ماما ونحن لا نستطيع الوصول اليها ودمها على العجين بشكل كثيف".

وبين في السياق ان الذي قاد المعركة من الجانب الاسرائيلي والذي كان متواجدا في حوش السعادة هو رئيس الوزراء في حينها ارئيل شارون و بنيامين بن اليعيزر وموفاز وزير الاركان ونائبه موشيه يعالون.

وقال: "حينها سألنا الرئيس ياسر عرفات قلنا له : (هل تريد لنا ان نقاوم؟ قال لنا حرفيا: انا مثل ما اسقطت باراك سأسقط شارون، دافعوا عن انفسكم وعن ارضكم و اهلكم)، وبالتالي كان للاهالي دور مميز في المعركة و كان هناك قائد قدم الكثير هو    الفاخوري وهو ابرز قادة شهداء الاقصى ورياض ابدير من طولكرم و هو من سرايا القدس، كما انني اذكر طفلة صغيرة اعطتنا خاتم لشراء الذخيرة". 

واضاف: "كما ان للمسيحيين في الزبابدة دورا مهما حيث جاء الاب و اعطاني مبلغا من المال لشراء التموين، فكان هناك وحدة مميزة جدا".

وتابع بقوله: "من اهم عوامل الانتصار: وحدة الاهالي في المخيم مع وحدة قوى الامن الفلسطيني ووحدة المحافظة والمحافظات الاخرى بالاضافة الى وحدة الشعب العربي الذين وفروا لنا الدعم الاعلامي حيث كان لذلك الاثر الكبير في الصمود والمقاومة في هذا الموقع".

واوضح ان هناك معارك كثيرة وقعت خلال المواجهة بدءا من اليوم الاول عند استشهاد القيادي زياد العامر حيث كانت هناك معركة في منزل الشهيد محمود طوالقة و معركة وقعت في بيت المصاب عماد القاسم الذي بترت يده في هذه المعركة وفي معركة في حارة الدمج، اما المعركة الشرسة التي وقعت في حارة العواشيم وكمين الـ13 المشهور حيث تم عمل كمين في اليوم التاسع الساعة الرابعة وتم قتل 13 جندي و اصابة عدد كبير منهم فكانت الحصيلة النهائية للجنود 34 قتيل و170 مصابا، فما بلغ عدد الشهداء الفلسطينين 63 شهيدا، حيث انهم قتلوا من المقاومين فقط 27 مقاوما والذي زاد عدد الشهداء انهم قتلوا الشيوخ و الاطفال الامنين في البيوت، على حد وصفه، مبينا انه تم هدم تقريبا 1200 بيتا ، 500 منهم هدم كلي.

وحول اصعب يوم في المعركة قال: "بالنسبة لي اصعب يوم هو اليوم الاخير من المعركة الذي اسرت فيه، حيث تم هدم البيوت بشكل كامل واستشهاد معظم المقاومين وتم حصاري انا و 27 بشكل كامل في حفرة، حيث توزعت الدبابات من نوع ميركافاه على اربعة جهات وجرافات و طائرات اف 16 و اباتشي، حيث كان الخيار صعب هل نسلم انفسنا ام نقاوم حتى النفس الاخير  خاصة و انه تم ابلاغنا انه سيتم تصفيتنا جسيدا ام يتم استشهاد 27 مقاوم؟، حيث كان عدد المطاردون والمطلوبون 4 مقاومين انا من بينهم".

واضاف: "كان مر الخيارات ان نسلم انفسنا ولكن بعد نقاش طويل وبعد خطة للتفاوض مع الاحتلال و التي استمرت ما يزيد عن 10 ساعات، حيث تم تخبئة الاسلحة التي كانت بحوزتنا بمكان امن".

 واسترسل بقوله: "ابلغنا العالم باننا موجودون ومحاصرون و بدأنا بالتفاوض وتم الحديث مع الناطق باسم الجيش في تل أبيب وحولني الى قائد العملية مباشرة فتم التفاوض الساعة 10 مساء يوم الاربعاء الى الساعة 8 صباح يوم الخميس وتم بالنهاية بالاتفاق ان نسلم انفسنا ونخرج بشكل امن بحضور كل وسائل الاعلام الاسرائيلية، حيث عند خروجنا فان قائد العملية العسكرية الاسرائيلية وجه لي التحية العسكرية".

واختتم حويل بقوله: "قال لي الشاباك يريدك ثم ذهبنا الى رحلة التحقيق حيث تم ادخالنا الى المسجد و تم احضار الكلاب البوليسية والتي هاجمتني".






التعليقات