بين المدني وعباس زكي :فتحاويون تائهون - لقاء الرئيس وقرارات المركزي العكسية !

بين المدني وعباس زكي :فتحاويون تائهون - لقاء الرئيس وقرارات المركزي العكسية !
كتب غازي مرتجى

*
بداية لنتفق أنّ اللقاء مع (بعض) الاسرائيليين ضرورة لا بُدّ منها - فالتنسيق المدني لخروج المواطنين عبر حواجز الاحتلال شرٌ مفروض - واللقاء باليساريين والمؤيدين لإقامة الدولة الفلسطينية خيرٌ يجب أن يكون مضبوط - وقد نصل لمرحلة تأييد اللقاء بـ"اليمينيين" وحتى "المتطرفين" من الاسرائليين في حال كان الطرف المُمثل للشعب الفلسطيني وقضيته يعرف ما يقول ولا تُدغدغه عواطف الـ"VIP" والتصريح طويل الأمد .

يوم أن تحدث "عباس زكي" عضو مركزية فتح عن التنسيق مع طهران لمساعدة عوائل الشهداء الفلسطينيين في الضفة ردّت الرئاسة الفلسطينية ببيان تبرئة من تلك اللقاءات وأنها لا تمثل الموقف الفلسطيني الخاص بمنظمة التحرير والرئاسة الفلسطينية - جميل ٌ ذلك فلم تقل أنه لا يُمثل وجهة نظر حركة فتح التي انتُخب من قواعدها .

ليخرج بعدها محمد المدني زميل عباس زكي في مركزية فتح ليُعزّي بالضابط الاسرائيلي "منير عمار" بداعي استمالة الدروز .. لا نشُك هنا بوطنية المدني لكن الاندفاع الأهوج نحو الداخل الاسرائيلي لا يُفيد بل أضراره لا تُعّد ولا تُحصى مقارنة بفوائد صغيرة (من وجهة نظر المؤيدين) .

تابعت لقاء الرئيس أبو مازن على القناة العبرية الثانية والذي تحدث فيه عن تفتيش الأمن الفلسطيني لحقائب طلبة المدارس ليكتشفوا ما إن يحملون السكاكين من عدمه - حاول أبو مازن التهرّب من (إدانة) عمليات الطعن وكان ذكياً في ذلك ولم ينجّر نحو استفزازات المذيعة الاسرائليية  - هو قال انه ضد ان يقوم الاطفال بعمليات الطعن لكنه سيمنع ذلك في حال اعطاء نتنياهو السيطرة الأمنية للسلطة على مناطق A والإقرار بحدود دولة فلسطين .. فربطُ وقف العمليات مقابل الاعتراف بالدولة ذكاء لا بُدّ من وضعه بالحسبان .

عودة إلى لقاء محمد المدني وعدد من القيادات الفلسطينية في بيت عزاء الضابط الاسرائيلي منير عمّار فهي بتقييمي (جريمة) لا بُدّ من مراجعة الحسابات بعدها - فالطائفة الدرزية التي ينوي المدني استمالتها لا تعتبر تعزية الفلسطينيين بضابط يخدم بالجيش الاسرائيلي إضافة لهم - فهل سيزور "المدني" بيوت عزاء من رفضوا الانضمام للخدمة بالجيش الاسرائيلي ؟

في لقاء أبو مازن على القناة الثانية كانت نظرية "الاندفاع" نحو الداخل الاسرائيلي واضحة وجليّة .. ولا أعرف ما إن كان قرار القيادة الفلسطينية بتطبيق قرارات المجلس المركزي فُهمت بشكل عكسي (من قِبلنا) وبدلاً من وقف التنسيق وكل شيء قررنا الهجوم نحو استمالة الداخل الاسرائيلي !؟

الاستفزاز الذي أظهرته ردود النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي "منطقية" وكنتُ أتمنى من الرئيس أبو مازن أن يفتح قلبه للداخل الفلسطيني لوسيلة إعلام فلسطينية يستطيع من خلالها مُصارحة شعبه بدلاً من أن نقوم بنقل تصريحاته من الإعلام العبري المُوجّه أصلاً ..

عودة إلى عباس زكي ومحمد المدني فالأول مثّل فتح في موقفها والثاني كذلك .. ففتح التي تضم اليميني واليساري على ذات الطاولة فيها من وجهات النظر التي تؤيد المدني وأخرى تعارضه بشدّة وبينهما من يُعارض عباس زكي وآخرون يغبطون موقفه الوطني الذي يجب أن يكون والبعض  يعتقدون بضرورة الانتباه الى القاعدة الفتحاوية وترك (ترهات) العلاقات مع الدول والاحتلال لمنظمة التحرير والسلطة لا فتح .

محمد المدني يتوجّه الى الداخل الاسرائيلي بتفويض من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير لا من حركة فتح - أما عباس زكي فذهب لطهران بتأييد من فتح لا من منظمة التحرير , وبين تلك العلاقة غير المُعرّفة يُمكن القول أنه من الواجب على قيادات فتح التنحي جانباً في أي مواقف منبوذة شعبياً وتركها إلى "الفنيّين والخبراء" بدلاً من وصم حركتهم بذلك .

في لقاءات "المدني" وتلك الكلمات التي تحدث بها الرئيس في لقائه فإنّنا أمام حالة من "اللافهم" الوطني وعدم التفهم لتلك الاجراءات من قبل المواطنين سببه رفع سقف الرد على الاعتداءات الاسرائيلية (منذ مارس الماضي حيث قرارات المركزي) وعدم الاكتفاء بالتهديد بتطبيقها فقط وعدم تنفيذها على الأرض بل التوجّه نحو إجراءات عكسية تماماً بالانفتاح على الجانب الاسرائيلي بالمعنى السلبي لا الايجابي المدروس .