انفصال حماس عن الإخوان المُسلمين .. إكراه أم طلاق بالثلاثة ؟؟

انفصال حماس عن الإخوان المُسلمين .. إكراه أم طلاق بالثلاثة ؟؟
خاص دنيا الوطن- عبدالله عبيد

من المعروف أن السياسة لعبة مصالح، فاليوم معك وغدا عليك أو ضدك، هذا ما يدور في أروقة السياسة التي تجعل من المصلحة المحرك الأساس لأي دولة أو حزب أو تنظيم.

فمن المعروف أن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" جزء  من تنظيم الإخوان المسلمين الذي أنشأه حسن البنا في جمهورية مصر، لكن يدور الحديث مؤخراً في وسائل الإعلام ومن خلال تقارير ومقالات مطولة بأنها قد تتخلى عنه، خصوصاً وأن حماس تعاني من عزلة إقليمية الفترة الحالية، الأمر الذي يجعلها تفكر ملياً بالانفصال عن الإخوان.

تصريحات عديدة خرجت من قادة حماس بعدم ارتباط الحركة بجماعة الإخوان المسلمين، ولا تربطهم أي علاقة تنظيمية أو إدارية بها، وهذا ما أكده د. أحمد يوسف القيادي المعتدل في حماس، عدم وجود علاقة تنظيمية بين حركته وإخوان مصر، مضيفاً "فنحن نعتز بتاريخ مصر وشخصياتها الإسلامية والقومية أمثال جمال عبد الناصر وحسن البنا".

وقال عضو المكتب السياسي في الحركة الإسلامية، محمود الزهار، إن حركته تتطّلع إلى بناء علاقة جيدة مع النظام المصرى، "أيا كانت توجهاته"، موضحاً أن حماس تتطلع إلى إقامة علاقات جيدة، ومستقرة مع النظام المصرى، أيا كانت تطلعاته وتوجهاته، مبررا ذلك بقوله "الحركة ليست في مرحلة رفاهية الاختيار".

غير حقيقي

مصطفى الصواف، المحلل السياسي يرى أن الحديث الذي يدور عن حركة حماس بأنها جزء من الإخوان المسلمين غير حقيقي، مستبعداً أن تتخلى حماس عن الإخوان المسلمين من ناحية فكرية وعقائدية ومنهجية.

واستدرك الصواف في حديثه لـ"دنيا الوطن": لكن هناك خلط بين الانتماء لفكر جماعة الإخوان ومنهجها وبين الانتماء التنظيمي بين أجزاء الجماعة"، مضيفاً " بمعنى أن الإخوان في قطاع غزة والممثلين في حركة حماس لهم ارتباطات فكرية مع الجميع، لكن لا يوجد أي ارتباط تنظيمي بين إخوان فلسطين ومصر والأردن وسوريا، هذا ليس من اليوم بل منذ فترة أصلا".

ولفت إلى المصريين لم يطلبوا حتى من الحركة الانفصال عن الإخوان، " ولم يتحدث أحد بهذا الأمر لا أعضاء وفد حماس الذي يجري مفاوضات بالخارج، ولا حتى الجانب المصري".

لكن من وجهة نظر المحلل السياسي، أكرم عطا الله فإن الظروف أرغمت حماس التي هي الفرع الفلسطيني للإخوان المسلمين أن تعلن عدم ارتباطها بالإخوان، وقال " الفلسطينيون شاهدوا كيف بايعت حماس الإخوان في مهرجان جماهيري عام (مهرجان البيعة) قبل سنوات".

وقال عطاالله لـ"دنيا الوطن": السياسة لها استحقاقاتها والجوار له التزاماته والحسابات مختلفة، وبالتالي حسابات السياسية أحدثت اختلافاً في حركة حماس، وهي شعرت أن الإعلان عن ارتباط الإخوان المسلمين له تبعاته وتكاليفه سيساهم في إفشال تجربتها أكثر".

الحسابات مختلفة

وبحسب المحلل السياسي، فإن الحركة الإسلامية اختارت نجاح تجربتها وإعلانها الانفصال عن الإخوان، أفضل لها من الارتباط من الإخوان وإفشال التجربة، مشيراً إلى أنها تراجعت خطوة إلى الوراء، لكن الارتباط الأيديولوجي بتنظيم الإخوان يبقى كما هو.

وأضاف: المسألة لها علاقة بالولاء والبيعة وقضايا أكثر اقتراباً من الإخوان، وحماس أجرت حسابات معمقة لتتخذ مثل هذه الخطوة"، مؤكداً أن الفكر الأيديولوجي يبقى رابطاً أساس لدى الأحزاب.

وخلال لقاء وفد حماس مع مسؤولين بالمخابرات المصرية، الأسبوع الماضي  أزال ناشطون من حركة حماس في قطاع غزة، بعض اللافتات التي كانت ترفع على مفترقات الطرق الرئيسية شعار للإخوان المسلمين والرئيس المصري المعزول "محمد مرسي"، والرئيس التركي رجب طيب أوردوغان"، واستبدالها بأخرى.

وأشار بعض المسؤولين في الحركة إلى أن استبدال لافتاتٍ تهدف إلى تقديم تطمينات للجانب المصري، في حين نفى البعض أن تكون هذه اللافتات حلّت مكان صور لقادة دولة قطر وتركيا أو صور الرئيس المعزول  محمد مرسي.

حركة تحرر فلسطيني

وحول ما يدور عن طلب مسؤولي المخابرات المصرية من وفد حماس بالقاهرة، الإعلان عن انفصال الحركة من الإخوان المسلمين، يقول القيادي في حماس، يحيى العبادسة : لم أسمع أن هناك شروط طُلبت من الحركة ولا أعتبر بأن هناك استجابة في هذا الاتجاه، لأن هذا الأمر غير موجود من الأصل".

ويضيف العبادسة لـ"دنيا الوطن": أنا في حركة حماس منذ 40 عام، لا أعلم أنه لهذه الحركة أي ارتباط تنظيمي إداري بحركة الإخوان المسلمين، وما يتم الحديث عنه في هذا الأمر لا أصل له من البداية"، مؤكداً أنه حماس حركة تحرر وطني ي أجندتها وقيادتها فلسطينية، ومجال عملها ضد الاحتلال في فلسطين، بحسب ما قال.

وأوضح أن لحركته مدرسة فكرية تمثل منبعاً لكل حركات ما يعرف بالإسلام السياسي، لكنه استدرك "الإطار التنظيمي أنها حركة إسلامية وطنية لا علاقة لها إداريا وتنظيمياً خارج فلسطين".

وأردف القيادي الحمساوي، أن حماس في منشأها حالة متطورة عن نماذج سابقة كانت موجودة، ولم يكن يطلق على هذه الحركة مثلاً في السبعينيات حركة إخوان مسلمين، وإنما كان يطلق عليها حركة المجمع الإسلامي ثم أصبح الاتجاه الإسلامي وهكذا"، منوهاً إلى أن هذه الحركة سير مستمر، ومن عام 1987 إلى اليوم أصبحت بنسخة فلسطينية جديدة تبنت مقاومة الاحتلال والتعبئة والتحشيد لصالح الاحتلال، ثم أصبحت تعرف بحركة المقاومة الإسلامية "حماس".

لكن د. أشرف الغليظ الخبير في العلاقات الدولية أكد بأن حماس ولدت من رحم الإخوان المسلمين، مستبعداً أن تتخلى حماس عن مدرستها الأم جماعة الإخوان المسلمين.

ويرى خلال حديثه لـدنيا الوطن"، بأن حماس أخذت موقفها أو تنحّت جانباً عن الإخوان المسلمين، لكنها لا يمكن الانفصال عنها، "فهي تعتبر الأب الروحي لها حسن البنا وسيد قطب الذيّن أشعلا شعلة الإخوان المسلمين".

وبحسب الخبير في العلاقات الدولية فإن هناك مواقف من أجل كسب آراء دول أخرى، لافتاً إلى أن هذا ما أرادته حماس، الإعلان عن عدم ارتباطها بالإخوان " لكن في حقيقة الأمر في فكرها ورؤيتها ونهجها وقادتها تمثل امتثال كلي لحركة الإخوان المسلمين".

ويدور نقاشٌ داخلي فلسطيني بشأن أهمية إعلان حركة حماس رسمياً فك ارتباطها بإخوان مصر على غرار ما فعلته مع إخوان الأردن، لكن ذلك لا يبدو خطوة فارقة مع تأكيد حماس الدائم عدم وجود ارتباط تنظيمي أو إداري أصلاً لتعلن عن فكّه.