الجزائريون ينقسمون إلى فئتين بعد إطلاق الدستور الجديد وترسيمه في الجريدة الرسمية بين "مؤيد و معارض"

رام الله - دنيا الوطن
تشكيلات سياسية تتقاذف التهم فيما بينها و أحزاب معارضة تطالب "بإصلاحات جذرية حقيقية غير شكلية أو ترقيعية"
الجزائريون ينقسمون إلى فئتين بعد إطلاق الدستور الجديد وترسيمه في الجريدة الرسمية بين "مؤيد و معارض"

الدستور هو أحد المفاهيم الأساسية التي تقوم عليها المؤسسات السياسية ، وهو متداخل مع اكتشاف السياسة ذاتها ، متشابها في معظم الدول ، إلا أن تطبيقه قد يفضي إلى نتائج متباينة ، وفقا للظروف السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية لكل دولة ، لذلك فإن الإلمام المجرد بالقواعد الدستورية السائدة في دولة معينة ، لا يكفي بحد ذاته للحكم على نظامها السياسي .
مشروع الدستور الجزائري بدأت فكرته سنة 2011 بعد الإصلاحات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة آنذاك في خطاب متلفز ، منذ تلك الفترة و الحديث لم ينقطع عنه إلى غاية سنة 2014 و بداية الانتخابات الرئاسية السابقة ، أين تم طرح فكرة تعديله بشكل جدي ، وهذا ما أعلن عنه رئيس الكتلة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني السيد عمار سعداني ، وكان ديوان رئيس الجمهورية قد فتح الباب أمام الشخصيات الوطنية و الأحزاب السياسية بمختلف إنتماءاتها للمشاركة في عملية إعداد الدستور الجديد للبلاد ، فكان الرفض قاطعا من المعارضة التي اعتبرته مجرد تجديد أو إعادة هيكلة للنظام القائم و إطالة أمده ، وفي المقابل لقي قبولا واسعا لدى الموالاة و بعض من يسمى بالشخصيات الوطنية ، وقبل نهاية سنة 2015 وافق رئيس الدولة على المشروع لمراجعته ، ليمر بعدها عبر البرلمان دون اللجوء إلى استفتاء شعبي وفق المادة 176 من الدستور و التي تنص على إمكانية رئيس الجمهورية إصدار القانون الذي يتضمن التعديل الدستوري مباشرة دون عرضه على الشعب للاستفتاء متى أحرز ثلاثة أرباع ¾ أصوات أعضاء غرفتي البرلمان بشرط أن لا يمس بالمبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري وحقوق الإنسان و المواطن وحرياتهما .
أكد في هذا الجانب عضو المكتب السياسي للحزب العتيد البرلماني السيد حجوج عبد القادر أن الدستور الحالي في البلاد تضمن العديد من الإيجابيات في شتى الجوانب معتبرا إياها بمثابة سد للنقص الذي اعترى الدساتير الجزائرية السابقة ، منها : التأكيد على الرغبة في العمل التوافقي و التشاركي لتعديل الدستور و يأتي ذلك من خلال الرغبة في إشراك مختلف الأطياف المكونة للساحة السياسية وللمجتمع المدني وكذا الشخصيات الوطنية والأساتذة الجامعيين لإبداء آرائهم وملاحظاتهم حول مشروع التعديل الدستوري وهذا من شأنه أن يتيح للجزائريين، أن يضعوا لأول مرة في تاريخهم، دستورا في جو من التوافق، تأكيد التعديل الدستوري في نص الديباجة على هذا التوافق يظهر من خلال الإعتراف لمختلف مكونات الشعب الجزائري بالمشاركة في تشييد دولة عصرية كاملة السيادة بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية ،حيث أن الصياغة الجديدة تأخذ بعين الاعتبار الطابع التعددي للمجتمع الجزائري سواء أثناء فترة الاحتلال أو خلال الثورة التحريرية أو بعد الاستقلال رغم حضر التعددية السياسية، وتبني مبدأ الحزب الواحد؛ حيث كانت توحي الصياغة القديمة بإقصاء شرائح عديدة من الشعب الجزائري، والتي لم تنخرط في حزب جبهة التحرير الوطني، من فضل المشاركة في تشييد الدولة العصرية كاملة السيادة، خاصة وأن رموزا من قادة الثورة شكلوا أحزابا سياسية سرية بعد الاستقلال ولعل هذا التوجه يدخل في إطار المقاربة التوافقية التي تقوم عليها سياسة الدولة في الفترة الراهنة، إلى جانب دسترة مبدأ التداول الديمقراطي على السلطةأين تم التأكيد في على حماية الدستور لمبدأ التداول الديمقراطي على السلطة، يستهدف من دون شك الاعتراف بحق المعارضة في الوصول إلى سدة الحكم وعدم اقتصار ذلك على الأغلبية الحاكمة، لأن جوهر العمل الحزبي بالإضافة إلى مساهمته في التنشأة والمشاركة السياسية و يستهدف بالأساس الوصول إلى السلطة بغية تطبيق برنامج الحزب الذي يتجمع حوله المنخرطون في الحزب والمتعاطفين معه؛ على أن يكون ذلك عبر العمل السلمي والآليات الديمقراطية وعلى رأسها العملية الانتخابية. ونظرا لتمتع الديباجة يقول حجوجبنفس القوة القانونية لمواد الدستور، الأمر الذي سيجعل من أي عمل يستهدف الاعتراض على التداول الديمقراطي والسلمي على السلطة مخالف للدستور حسبه ؛ لذلك، ونظرا لترابط أحكام الدستور مع بعضها البعض، تم اقتراح تحديد تجديد العهدة الرئاسية بمرة واحدة فقط، على غرار ما هو معمول به في كثير من الدول الديمقراطية، كالولايات المتحدة وفرنسا ، يضيف المتحدث إلى " إيجابية دسترة تبني الشعب الجزائري لمبادئ سياسة السلم و المصالحة حيث يعتبر حسبه هذا التوجه تسلسلا طبيعيا للأحداث، خاصة أنه سبق للشعب الجزائري تبني هذه المبادئ من خلال إقراره لميثاق السلم والمصالحة الوطنية عبر الاستفتاء منذ 2005." بالإضافة يقول رئيس أمانة الشباب و الطلبة بحزب جبهة التحرير الوطني و إطار بسونطراك السيد عادل جرود " إلى إيجابية دعم حماية الاقتصاد الوطني ويظهر ذلك من خلال اقتراح دسترة مبدأ محاربة الرشوة الفاعلة والسلبية، والتصريح بالممتلكات، وإقرار مصادرة الممتلكات المكتسبة بفعل الرشوة، أيا كانت طبيعتها؛ حيث أن الارتقاء بحماية الاقتصاد الوطني من مستوى التشريع العادي وما تضمنه من إجراءات ردعية، سواء تعلق الأمر بقانون العقوبات أوالقانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، إلى المستوى الدستوري، من شأنه تمكين السلطات العمومية مدعومة بمشاركة المجتمع المدني، من محاربة الفساد الذي يطال المال العام . يضيف " زيادة إلى ذلك معاقبة القانون على تحيز الإدارة حيث لم يكتف مشروع التعديل الدستوري المقترح بالنص على ضمان حياد الإدارة، وإنما أضاف لها الإحالة على القانون لوضع عقوبات ردعية لأي شكل من كل أشكال تحيز الإدارة، ويدخل هذا في إطار تجسيد مبدأ مساواة المواطنين أمام المرافق العامة. إلى جانب توسيع مجال الحقوق و الحريات يتجلى ذلك من خلال تأكيد الدستور الجديد ، على ضمان الحريات المتعلقة بممارسة الشعائر؛ والتعبير، وإنشاء الجمعيات، والاجتماع، والتّجمع والتّظاهر السلمي، والصحافة، بل أكثر من ذلك أصبحت هذه الأخيرة غيـر مقيّدة بأي شكل من أشكال الرقابة الرّدعية المسبقة، شريطة عدم استغلال هذه الحرية للمساس بكرامة الغير وحرياتهم وحقوقهم ، كما تضمن الدستور النص على ضمان المحاكمة المنصفة، ومنع الحجز أو الحبس في الأماكن التي لا ينصّ عليها القانون، وإلزامية الفحص الطبيّ للقصر، إضافة إلى إلزام الدولة بحماية الأطفال المشرّدين، وإسعاف المعوقين والمسنين بلا دخل. وكذا تعزيز الدور التشريعي و الرقابي لغرفتي البرلمان على مستوى الدور التشريعي للبرلمان، استدرك الدستور التناقض الذي كان موجودا في دستور 1996 والذي كان من نتائجه حرمان أعضاء مجلس الأمة من اقتراح القوانين أو إدخال تعديلات عليها، في الوقت الذي كان بإمكانهم القيام بذلك على قدم المساواة مع نواب المجلس الشعبي الوطني من خلال اللجنة متساوية الأعضاء، في حالة التوافق على الأحكام المختلف حولها بين الغرفتين.علما أن حق اقتراح القوانين المقترح تخويله لأعضاء مجلس الأمة حدد على سبيل الحصر في المجالات المرتبطة بالتنظيم المحلي وتهيئة الإقليم والتقسيم الإداري، بالنظر إلى تركيبة مجلس الأمة التي يتشكل ثلثيها من منتخبين محليين.أما على المستوى الرقابي، يظهر هناك نوع من التقدم الملموس فيما يتعلق بإلزام الحكومة بنصوص دستورية حتى تبقى خاضعة للرقابة من قبل أعضاء البرلمان؛ من خلال تحديد مدة عشرين يوما لأعضاء الحكومة للرد خلالها على استجوابات وأسئلة أعضاء البرلمان الكتابية، وإلزام كل غرفة من غرفتي البرلمان على تخصيص جلسة شهريا، لمناقشة جدول الأعمال الذي تعرضه مجموعة برلمانية من المعارضة، وإلزام الوزير الأول بحضور الجلسة التي يخصصها المجلس الشعبي الوطني في كل دورة لمراقبة عمل الحكومة. إضافة إلى ذلك إعطاء بعض الحقوق للمعارضة، على رأسها تخصيص كل غرفة من غرفتي البرلمان جلسة شهريا، لمناقشة جدول الأعمال الذي تعرضه مجموعة برلمانية من المعارضة، يضاف إلى ذلك تمكين أعضاء البرلمان(70 نائبا أو 40 عضوا في مجلس الأمة) من إخطار المجلس الدستوري، وهي آلية من شأنها تمكين المعارضة، متى استطاعت جمع هذا العدد من التوقيعات، من الطعن أمام المجلس الدستوري في القوانين والتنظيمات والمعاهدات التي ترى بأنها مخالفة للدستور.زيادة على توسيع حق إخطار المجلس الدستوري لأعضاء البرلمان تم تمكين الوزير الأول من هذا الحق، إضافة إلى تحديد شروط موضوعية للعضوية في المجلس الدستوري، من حيث يجب أن يتمتعوا بخبرة مهنية مدّتها عشرون(20) سنة على الأقل في مجالي التعليم العالي أو القضاء، أو يكونوا قد شغلوا وظيفة عليا في الدولة أو انتخبوا في إحدى غرفتي البرلمان لفترتين تشريعيتين على الأقل، وأن يُـشهد لهم بالأخلاق والحياد والنزاهة، الأمر الذي سيسمح دون شك بوصول الكفاءات للمجلس الدستوري بالنظر إلى الدور المنوط به وعلى رأسه السهر على مطابقة القوانين للدستور، إضافة إلى رقابة صحة الانتخابات الرئاسية والتشريعية والاستفتاءات والفصل في الطعون المقدمة بشأنها وإعلان نتائجها النهائية . كما قدم الدستور سد الفراغ الذي كان موجودا في دستور 1996 فيما يتعلق بحجية قرارات وآراء المجلس الدستوري بنصه على أنها "نهائية، وملزمة لكل السلطات العمومية والإدارية والقضائية"؛ إضافة إلى وضع أجلين لإصدار المجلس الدستوري لقراراته وآرائه، حيث تم تمديد مدة العشرين يوما التي كانت محددة في دستور 1996 إلى ثلاثين يوما لإعطائه الوقت الكافي لإعداد قراراته وآراءه، على أنه في حالة الاستعجال يخفض هذا الأجل إلى عشرة أيام، بناء على طلب من الوزير الأول.
أعرب محافظ وهران عضو اللجنة المركزية الشاب دينار محمد بدر الدين عن سعادته القصوى بالتذكير بأن رئيس الجمهورية لم يضع أي حدود مسبقة في هذا التعديل الدستوري، فيما عدا تلك المتعلقة بالثوابت الوطنية والقيم والمبادئ التي تؤسس المجتمع الجزائري، وتجسد تاريخه الطويل وحضارته العريقة ورؤيته المستقبلية المتشبعة بالقيم والمبادئ التي يتقاسمها كل المواطنين الجزائريين.
فهذه المبادئ حسبه هي التي تؤسس بنيان مجتمعنا و تبقى راسخة، غير قابلة لأي تعديل، فهي تلك المبادئ المنقولة عبر الأجيال المتعاقبة لتشكل اليوم الموروث المشترك بين جميع الجزائريات والجزائريين، مما يجب الحرص على أن تبقى دوما، في منأى عن أي مساس محتمل، حتى تحفظ وتنقل بأمانة إلى الأجيال المقبلة.
مضيفابأن إقرار العمل على تحقيق المناصفة بين الرجل والمرأة، وإقرار حرية ممارسة الشعائر الدينية في إطار القانون، وحرية الصحافة ضمن احترام حقوق وحريات الغير ومنع ممارسة أي رقابة مسبقة عليها، وحرية التظاهر والتجمع بطريقة سلميتين، والحق في محاكمة عادلة، ومنع الحجز أو الحبس في أماكن غير مقررة قانونا، وإلزامية إبلاغ الشخص الموقوف للنظر بحقه في الاتصال بعائلته، وإلزامية إخضاع القاصر الموقوف للنظر للفحص الطبي، وحماية بعض الفئات الاجتماعية الأكثر ضعفا، وواجب المواطن في حماية وحدة الشعب الجزائري وواجب المواطنين للامتثال لمبدأ المساواة امام الضريبة ، تعد، كلـّها، حقوق وحريات جماعية وفردية وواجبات على عاتق المواطن، بحيث أن دسترتها من شأنه أن يؤدي إلى تعميق ثقافة التسامح في بلادنا، ودعـم الحريات العامة، ودعم روح التضامن وتوطيد تقاليد مؤازرة المحتاجين والضعفاء بما يتماشى وتعاليم ديننا الحنيف.

فيما أعقب المعارضلخضر بن خلاف نائب البرلمان المادة ( 73) من الفصل الأول في الباب الثاني من الدستور المعدل و التي تنص على أنه ” لا يحق أن ينتخب لرئاسة الجمهورية إلا المترشح الذي: يثبت إقامة دائمة بالجزائر دون سواها لمدة عشر (10) سنوات على الأقل قبل إيداع الترشح ” ، هذا يقصي برأيه ملايين الجزائريين بطريقة مباشرة من الترشح لإنتخابات رئاسة الدولة وهو حق لكل مواطن جزائري ، علما أن الدستور الحالي يحمي حقوق المواطنين وفق المادة ( 24) مكرر التي تنص على أنّ ” الدولة تعمل على حماية حقوق المواطنين في الخارج و مصالحهم ، في ظل إحترام القانون الدولي … كما تسهر الدولة على الحفاظ على هوية المواطنين المقيمين في الخارج و تعزيز روابطهم مع الأمّة ، و تعبئة مساهمتهم في تنمية بلدهم الأصلي” ، و بالتالي هناك تناقض صريح بين المادتين في الدستور الجديد ، كما أنها مخالفة تمامًا للمادة ( 50) من الدستور المنقضي و التي تنص على أنّ “لكل مواطن تتوفر فيه الشروط القانونية أن يَنتخَب و يُنتخَب”.
ثم يقول إن كان هؤلاء الجزائريين المقيمين في الخارج يعتبرون مواطنون و لهم حقّ الإنتخاب و حقّ تقلد المهام و الوظائف في الدولة و هذا ما تنص عليه المادة ( 51) من الدستور الحالي ” يتساوى جميع المواطنين في تقلد المهام و الوظائف في الدولة دون أية شروط أخرى غير الشروط التي يحددها القانون ، بشرط التمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها” ، فلماذا يمنع عليه الترشح لمنصب رئيس الدولة إلا إن كان مقيما لمدة 10 سنوات حسب المادة (73) المذكورة سابقا ، فهذه المادة هي إقصائية و غير عقلانية ، كل جزائري سواء مقيم داخل الوطن أو خارجه له الحق في الترشح لأيّة إنتخابات داخل بلده.
و في نفس المادة (73) أضيفت لجملة ” يثبت أنّ زوجه يتمتع بالجنسية الجزائرية ” كلمة ” الأصلية فقط” ، هذا إقصاء آخر للجزائريين المتزوجين بالأجنبيات ، ليس من حق المشرّع الجزائري للقانون الدستوري أن يضع شرط الجنسية الجزائرية فقط على زوج المترشح أو المترشحة ، كلمة ” الأصلية فقط” ستمنع الكثير من الكفاءات الجزائرية الطامحة نحو قيادة البلد من الترشح لمنصب رئيس الدولة ، ليخرج بعده رئيس جبهة العدالة و التنمية عبد الله جاب الله عن صمته ليشير بأن الدستور الحالي تضمن الكثير من الضمانات التي تحمي الحقوق و الحريات لكنها غير كافية ـ مشير في نفس الإطار أن الدستور أهمل الكثير من واجبات السلطة تجاه المواطنين الجزائريين المقيمين بالخارج ، وفي رده عن سؤال حول العودة إلى تحديد العهدات الرئاسية رد جاب الله إن هذا الأمر جيد لأنه حق للشعب باعتباره صاحب السيادة لكنه انتقد ما أسماه إستمرار تمركز الصلاحيات في يد رئيس الجمهورية وجعله فوق كل مساءلة أو متابعة بالإضافة إلى تغييب طبيعة نظام الحكم التي لا تظهر صراحة إلا من خلال العودة إلى صلاحيات مختلف السلطات ، وفيما يخص دسترة الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات إعتبر السيد جاب الله أن هذه الهيئة بالغة الأهمية لكن ما جاء في الدستور لا يفي حسبه بالغرض و يجعل منها هيئة مساعدة من الناحية العملية لوزارة الداخلية في تنظيم الاستحقاقات الانتخابية . ليرد مستشار رئيس الجمهورية في هذا الخصوص السيد كمال رزاق بارة أن الدستور كرس ضمنيا الحق في ازدواج الجنسية للجزائريين ، متأسفا التأويلات المبالغ فيها حول المادة المتعلقة بتحديد تولي المسؤوليات العليا لحاملي الجنسية الجزائرية ، مشيرا بأن المادة 51 من الدستور المعدل تكرس ضمنيا حق الجزائريين في إزدواج الجنسية مذكرا أن قانون الجنسية لسنوات السبعينات كان يقتصر حصريا على الجنسية الجزائرية ، وبعد أن أبرز الطابع التمييزي لهذه المادة أشار إلى أن المسؤوليات العليا في الدولة التي يتم توليها حصريا من طرف حاملي الجنسية الجزائرية فحسب سيتم تحديدها بنص القانون ، و أوضح أن الأمر يتعلق بعشرة "10" أو حوالي خمسة عشر "15" منصبا ذاكرا على سبيل المثال المناصب الخاصة بمحافظ البنك المركزي و المدير العام للأمن الوطني ورئيس المحكمة العليا التي لا يمكن توليها من طرف حاملي جنسيتين مشيرا إلى أن هذا الإجراء معمول به في كل العالم . و اعتبر في هذا السياق أن هذه المادة أثارت تأويلات مبالغ فيها أفضت إلى لبس بين مفهوم "الجنسية" و "المواطنة" و "الهوية " إضافة إلى وضعيات تتنافى ونية الذين قدموا إسهامات في عملية تعديل الدستور ، و تأسف لكون التأويل لم يأخذ بعين الاعتبار التوازنات المتضمنة في هذا التعديل ذاكرا المادة 24 من مشروع التعديل الذي ينص على أن الدولة تعمل على حماية مصالح الجزائريين المقيمين في الخارج و الحفاظ على هويتهم ،واعتبر أن هؤلاء جزائريون مهما كانت جنسيتهم الثانية لا سيما خلال المواعيد الانتخابية التي يمارسون فيها حقهم في المواطنة من خلال التعبير عن أصواتهم و آراءهم السياسية .
أما لويزة حنون رئيسة حزب العمال أكدت في العديد من خرجاتها بأن الجزائر تحتاج إلى إصلاحات جذرية حقيقية غير شكلية أو ترقيعية ، تفتح بصرف النظر عن الجنس أو الأصول العرقية أو الانتماءات الجهوية ، مؤسسات الدولة لإطارات كفئة ، تحكمها النزاهة و الإرادة السياسية و التصميم من أجل تطوير إمكانات تنظيمية ذات قدرة عالية لتحقيق المشاريع تعود بالفائدة على شعبنا بكل فئاته وفي كل الجهات دون تمييز أو تهميش ، تكون في مستوى المنافسة الدولية ، وذات منظور سياسي من شأنه فتح آفاق للجزائر للاستفادة بطرق فعالة إمكانات الجزائر الكبيرة من موارد بشرية شابة و ديناميكية وتراث تاريخي و ثقافي ثري جدا ، و تقاليد التنوع و احترام التعددية غنية و عميقة الجذور ، وموارد طبيعية سطحية وجوفية ثرية ، وموقع جغرافي استراتيجي ، عاتبة في نفس السياق على الدستور الجديد الذي وصفته "بالخنثى" الذي لم تتوضح معالمه ، واعتبرت أنه لا يتعلق بإصلاح سياسي دستوري عميق لا يتعدى أن يكون مجرد تعديلات ليست عميقة قائلة " أنه لا توجد نية و إرادة في إحداث تحول ديمقراطي سلمي " فيما وصفت النظام الدستوري "بالنظام الرئاسوي " مضيفة في نفس السياق بأنه لا يوجد فصل بين السلطات بصفة فعلية بل توجد شعارات و عناوين و بررت ذلك بعدم تقوية الجهاز التشريعي و الرقابي و بخصوص استقلالية القضاء ترى لويزة أنها غير مكرسة في النسخة الموجهة للأحزاب ووسائل الإعلام ، خاصة و أن المجلس الأعلى للقضاء يترأسه رئيس الجمهورية ، وفيما يتعلق باللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات حذرت حنون قائلة " الشعب لن يقبل مستقبلا بأن تزوير ونحن لن نقبل و لن نسكت " ، لتضيف تعليقاتها حول الدستور الجديد و انتقاداتها بأن البلاد تحتاج إلى إصلاحات تمكننا من العودة بالسياسة و السياسيين إلى مكانة محترمة تبعث من جديد ثقة المواطنين فيهم . و بحاجة أيضا إلى أن يكون لدى التشكيلات السياسية هيكلة تعتبر الاستقامة و النزاهة ضمن الأمور السياسية حيث يكون ذو شفافية يخضع دوما للمساءلة و مراجعة تامة .
فيما طرحت في الأخير العديد من الأسئلة التي تعتقد أنه كان من الأجدر أن تذكر قائلة " وماذا عن تحييد الهيئة النظامية للجيش " و تحييد الإدارة فعليا و تجريم إقحامها ؟ " ورغم ذلك لم تخف حنون فرحتها بترسيم اللغة الأمازيغية ، غير أنها اعتبرت الفرحة منقوصة ، متسائلة " إذا كانت العربية اللغة الرسمية للدولة فالأمازيغية لغة رسمية لمن ؟ " كما استغربت عدم إدراج الأمازيغية ضمن المواد التي لا تتغير كونها من ثواب الأمة ، معلقة على كل ذلك بقولها " لا يوجد دستور في العام أدرجت فيه مثل هذه الأمور " .
و حسب آراء العديد من السياسيين و المختصين أجمعوا بأن المادة "3" مكرر التي تنص على أن " تمازيغت هي كذلك لغة وطنية ورسمية " أضيفت كلمة رسمية في خطوة موازية للمادة "3 " من نفس الفصل و التي تنص على أن "اللغة العربية هي اللغة الوطنية و الرسمية " مفيدين بأن أيُّ أمازيغية يقصدون القبائلية أم الترقية أم الميزابية أم الشاوية ؟ ، ليست هناك لغة أمازيغية موحّدة في الجزائرحسبهم حتى يتم ترسيمها كلغة رسمية مثل اللغة العربية ، مؤكدين بأنهم ليسوا ضدّ اللغة الأمازيغية – هذا إن كانت هناك أمازيغية موحّدة ـ و لكن الزمن والوضع الذي تعيش فيه الجزائر اليوم سيجعل من وجود لغتين أو أكثر فيها خطرا على وحدتها.
مجمعين في سياق حديثهم بمخاطر وجود لغتين داخل بلد واحد مثل الجزائرحيث تؤثر على وحدت ترابه ، فهو يتميز بخصوصية مختلفة عن باقي الدول الأخرى فيها عدة لغات مثل كندا أو سويسرا التي يحكم فيها القانون و يعيش مواطنوها على العدالة و المساواة و الحرية وغياب الجهوية ، مميزات جعلت من الشعب المتعدد اللغات داخل هذه الدول لا يفكر في الإنفصال بل جعل من الوحدة شعاره حفاظا على المميزات المذكورة ، على هذا بقيت بلدناهم موحّدة . الجزائر ليست كندا و لا سويسرا ، لا توجد عدالة و لا مساواة ولا حرية و لا قانون يُطبق فوق الجميع يحكم في البلاد ، أضف الى ذلك يقول المختصين إلى خطرإنتشار الجهوية بشكل رهيب ، هذه المميزات ستجعل من الجزائر بعد ترسيم عدة لغات أخرى داخلها من دون شك - كل فئة تطالب بترسيم لغتها بعد ترسيم لغة معينة – بدون هوية حقيقية من هنا يبدأ التشتت وتصبح الجزائر على شكل دويلات لكل دولة لغة ، دولة في الشمال و أخرى في الجنوب و أخرى في الوسط و هكذا يحدث الإنفصال عندما تتوفر شروطه مثل اللغة بحجّة غياب أسس الحياة الكريمة ، عندما تـُـرّسم لفئة معينة لغتها و لا تـُّـرّسم لغة فئة أخرى و لا توفر العدالة والعيش الكريم داخل دولة هنا تصبح هذه الفكرة خطرا على وحدةالبلد.
وحدة اللغة في الدولة أمر أساسي يقول المختصون لبقائها خاصة في البلد الذي لا يعيش ديمقراطية حقيقية ، كل فرد له الحرية في تكلم أية لغة حتى وإن كانت أجنبية ، و لكن تعدد التدريس بلغات مختلفة في المدرسة و في الجامعة الحكومية ، و تعدد اللغات في الإدارات العمومية و مؤسسات الدولة هذا أمر مرفوض جملة و تفصيلا . أي لغة وطنية وحّدت الجزائر نحن نتحدث يقولون عن اللغة العربية ، لغة القرآن الكريم ، لغة الحضارة الإسلامية ، بعد كل هذا هل يمكن أن نساوي بين اللغة العربية و اللغة الأمازيغية التي ليس لها قواعد محددة و موحدة وشاملة دستوريا ؟
مباشرة بعد الإعلان على الدستور الجديد ، إطلـّـع الجزائريون عليه و على مواده المختلفة ، فكان لكل واحد نظرة تحليلية حول التعديلات و الإضافات المقترحة ، و بالتالي هناك فئتين الأولى تعول بشكل كبير على هذا المشروع الذي سيؤدي في نظرهم الى بناء “الدولة المدنية” ، و الثانية لا تعتبر التعديل الجديد حتى قبل الإعلان عنه أنـّه سيجعل من البلد أكثر ديمقراطية و إحترامًا للقانون ، و يبدوا أنّ هذه الفئة أكثر إنتشارا و توسعا داخل الوسط الشعبي ، و الدليل على ذلك هو عدم مبالاة غالبية المواطنين للعملية السياسية داخل البلاد . حنان لعروسي