"ثورة نسائية صامتة" في الجزائر

"ثورة نسائية صامتة" في الجزائر
رام الله - دنيا الوطن - وكالات 
تجهد حسيبة بولمرقة، البطلة الاولمبية في سباقات المسافات المتوسطة في العام 1992، اليوم للترويج للرياضة النسائية في الجزائر حيث ترص النساء الصفوف لتعزيز مكانتهن في المجتمع.وترئس العداءة السابقة بولمرقة لجنة "الرياضة والمرأة" في اللجنة الأولمبية الجزائرية وهي تجول على المدارس والثانويات والجامعات من اجل حث المرأة على خوض المجال الرياضي.

في التسعينات وفي خضم الحرب الأهلية، كان الأئمة المتطرفون يستشيطون غيظا عند رؤية حسيبة بولمرقة تشارك بسروال قصير في سباقات دولية. وقد نجت من محاولتي اعتداء واستحالت رمزا لكفاح المرأة في وجه التطرف الديني.

وبعد عشرين عاما على ذلك، بات وجود المرأة أكبر على الساحة الرياضية وفي مجال الأعمال أو السياسة إلا أن التفاوت لا يزال كبيرا مع الرجال.

ويقول عالم الديموغرافيا كامل كاتب "تستفيد النساء من التوسع التدريجي للحريات الأساسية. لكن التقاليد المجتمعية والدينية تعقد هذه المهمة".

ويؤكد كاتب أن على النساء تنظيم صفوفهن ضمن شبكات من أجل إحداث "ثورة صامتة".

التشجيع على إنشاء شركات

وقد استحدثت في مجال الأعمال حوالي عشر جمعيات نسائية باتت تضم مئات العضوات.

ورغم البدايات صعبة في العام 1993، استحالت شبكة "المعرفة والرغبة في العمل / جمعية رائدات الأعمال الجزائريات" اليوم أكبر تجمع للمقاولات في البلاد.

وأطلقت رئيسة سابقة لهذه الشبكة سميرة حاج جيلاني في كانون الثاني ـ يناير في العاصمة الجزائرية الشبكة الجزائرية لسيدات الأعمال "لإيصال صوت المرأة إلى السلطات".

وتفيد الأرقام الرسمية أن النساء كن يشكلن 19,5 % من اليد العاملة النشطة في العام 2014 في مقابل 10,5 % فقط في العام 1991. وبتن يحصلن على شهادات جامعية أكثر وكان ثلثهن يمارس مهنا فكرية أو علمية في 2013 أي أكثر بكثير من الفترة الممتدة بين عامي 1970 و1980.

وتقول نسيمة برايح رئيسة تجمع "دي زي ومين إن تكنولوجي" الذي يضم 223 طالبة ورئيسة شركة وقد أسس العام 2014 "تتمتع الجزائر بقدرة نسائية كبيرة إلا أن قلة من النساء ينشئن شركات".

ويسمح هذا التجمع بنقل المعرفة بين هؤلاء النساء لتحفيز الاستثمارات النسائية.

وفي إطار كل هذه الشبكات الاقتصادي توفر النساء النصح إلى الطالبات اللواتي لديهن مشاريع في نهاية دراستهن.

وغالبا ما تكون هذه الشبكات مرتبطة بمراكز أبحاث ومنتديات دولية وتلقى دعما من أطراف راعية خاصة مع أنها تتعامل مع مؤسسات رسمية.

وبدأت جهودها تؤتي ثمارا. فقد عينت للتو سعيدة نغزة على رأس الاتحاد العام للمقاولين الجزائريين وهي ثاني نقابات أصحاب العمل في الجزائر.

وتقول المحامية نادية آيت زاي "مطالب المرأة أصبحت متخصصة أكثر" مشددة على أن "وضع المرأة تحسن على الصعيد القانوني".

وعلى الصعيد السياسي كان التطور ملفتا جدا. فبعدما كانت المرأة متخلفة كثيرا في هذا المجال مع 8 % من مقاعد البرلمان خلال الولاية النيابية 2007-2012، تحسن الوضع بشكل كبير بفضل قانون يفرض حصصا نسائية في المجالس. وانتقلت نسبة مشاركة المرأة إلى 31 % وهي الأعلى في العالم العربي.

"خطر دائم"

وينص الدستور الجديد الذي أقر في كانون الثاني ـ يناير على أن الدولة تعمل على تعزيز المساواة بين الرجال والنساء وتشجع تسليم النساء مراكز مسؤولية.

وتضم الحكومة أربع نساء من أصل 30 وزيرا من بينهن "ميركل الجزائرية " نورية بن غبريط وزيرة التربية، والشابة هدى إيمان فرعون وزيرة البريد وتكنولوجيات البريد والاتصال.

ويعتبر الجيش الجزائري "الوحيد في العالم العربي الذي قام بترقية خمس نساء إلى رتبة لواء". إلا أن الباحثة اليا غانم يزبك تشير إلى أن هيمنة "الطابع الذكوري" يحصرهن في "دور الدعم" (الصحة والإدارة).

وتشير آيت زاي إلى أن "التمييز داخل العمل لا يزال قائما" معتبرة أن الذهنيات يجب أن تتغير بعمق.

وتؤكد عالمة الاجتماع ناصرة مراح على أن هذا التقدم ليس نهائيا مشددة على أن "مكتسبات المرأة في خطر دائم".

شكوك حول الجمعيات والإحصائيات

ولكن تبقى هناك تساؤلات حول ما إذا كانت الأرقام والإحصائيات الصادرة في الجزائر صحيحة وتعبر عن واقع الحال، فجميع الإحصائيات والدراسات المتعلقة بالمجتمع الجزائري تخضع للفلترة من قبل الدولة الجزائرية ولا يمكن أن تصدر أي معلومات تخص المجتمع الجزائري دون علم الدولة وموافقتها.

ويشكك الكثير من المتابعين بمصداقية وحتى نوايا المنظمات النسائية العاملة في الجزائر، ويطرحون تساؤلات عديدة حول دقة المعلومات، وعن ما إذا كانت هذه الجمعيات تقدم خدماتها للنساء الجزائريات من كافة الشرائح بلا تمييز أو محسوبيات.