وعد": اقتصاد المعرفة والتنمية المستدامة يتطلبان إصلاح المنظومة التعليمية

رام الله - دنيا الوطن
يصادف الخامس والعشرين من شهر فبراير الذكرى الرابعة والأربعين لتأسيس الاتحاد الوطني لطلبة البحرين ويوم الطالب البحريني، التي تأتي هذا العام في ظل استمرار الجمود السياسي بسبب تجدر الحل الأمني بدلاً من الحل السياسي مما أدى إلى تناسل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، بما فيها البطالة التي بلغت مستويات غير مسبوقة، وانعكاس كل ذلك سلباً على النظام التعليمي في البلاد. إننا وفي الوقت الذي نهنئ طلبتنا بيومهم، نؤكد على ضرورة اطلاق حرية العمل النقابي في الوسط الطلابي سواء في المدارس أو الجامعات، وذلك وفق ما هو متعارف عليه في العمل النقابي المستقل.

لقد بلغ عدد الطلبة في الجامعات الحكومية خلال العام الدراسي الماضي ما يقارب 24,000 طالب وطالبة، يشكلون 4% من عدد سكان البحرين المواطنين الذين يصل عددهم قرابة 590,000 نسمة، وما يعادل 1.8% من إجمالي عدد السكان البالغ 1,300,000 نسمة. إن هذا التمركز الكثيف للعقول والطلبة في مساحة محدودة نسبيا يجب استغلاله بشكل (اقتصادي) عبر تعزيز التواصل بين الطلبة وتشجيعهم لإطلاق العنان لإبداعاتهم وافكارهم وتسخير الموارد المالية والتقنية اللازمة لهم ليتحول الحرم الجامعي من مبنى حجري في وسط الصحراء إلى واحة للمعرفة والإبداع والابتكار مما يدعم قطاع البحث العلمي ويرفع من نسبة مساهمته في ناتجنا القومي.
وفي هذه المناسبة العزيزة، يؤكد المكتب الشبابي بجمعية "وعد" على ضرورة الشروع في ورشة وطنية كبرى تعنى بإصلاح النظام التعليمي ومخرجاته التي اصبحت دون المستوى وذلك بشهادة القائمين على إدارة الموارد البشرية سواء بالقطاعين العام أو الخاص. أن إصلاح التعليم يشكل خطوة أولى ورئيسية تسير بالتوازي مع برنامج وطني للإصلاح الدستوري والاقتصادي، ووضع سياسات شفافة تقضي على التمييز في البعثات الدراسية والإفراج عن جميع الطلبة المعتقلين وإرجاعهم إلى مقاعدهم الدراسية والتأكيد بأن الأحداث التي مرت بها البحرين منذ 14 فبراير 2011 هي نتيجة لسياسات تهميش الشباب وتغييب مشاركتهم الفاعلة في اتخاذ وصنع القرار على مختلف المستويات، فضلاً عن ضعف البرامج الموجهة للشباب بمختلف فئاتهم العمرية والدراسية، وبالتالي فقدان الإحساس بالمواطنة الكاملة والمساواة أمام القانون.

وتجدد جمعية (وعد) دعوتها للقائمين على قطاع التعليم في البحرين بإعادة النظر في جملة من المسائل أهمها:

1.  وضع خطة وطنية لإصلاح التعليم: حيث يعتبر إصلاح المنظومة التعليمية من القضايا الكبرى التي يجب ان يشترك فيها جميع الفاعلين في الاقتصاد والسياسة، والقطاعين العام والخاص ليتم وضع استراتيجيات وخطط ورؤى واضحة المعالم لمعالجة مواطن الخلل في المنظومة التعليمية والوقوف على الإيجابيات وتطويرها والسلبيات ومعالجة اسبابها.

 

2.  مفهوم المواطنة في المناهج التعليمية: ويجب فيها التركيز على مفهوم المواطنة والانتماء للوطن وتوعية الطلبة بثنائية الواجبات والحقوق وإعلاء قيمة الحوار واحترام الآخر، الأمر الذي يربي مواطنا يعي واجباته تجاه الدولة والمجتمع كما يعي حقوقه وحقوق الآخرين ويعزز من انتمائه لقضايا بلده وأمته.
 

3.  العمل النقابي الطلابي: تؤكد جمعية (وعد) على أهمية وجود مجالس طلابية مستقلة في الجامعات، وإنشاء اتحاد وطني طلابي لتمثيل الطلبة وحماية مصالحهم. ويجب عدم إغفال تكامل الأدوار مع مؤسسات المجتمع المدني، حيث تتطلب فتح أبواب المدارس لإقامة الفعاليات والندوات ودعوة الشخصيات الوطنية فيها، مما يساهم في انفتاح الطالب على مجتمعه ويعي التنوع ويحترم اختلاف وجهات النظر وينشر الوعي الحقوقي في صفوف الطلبة والتعريف بجملة الحقوق العامة لهم كحق التنظيم والتعبير والرأي وحقوق الانسان وغيرها، ذلك أن الممارسة الفعلية بجانب التعليم النظري من شأنهما أن يعززا حقوق المواطنة لدى الجيل القادم ويضاعف الانتماء الوطني.

 

4.  إعادة الاعتبار للمعلم البحريني: لقد تم تغييب دور المعلم الوطني و تحييده في الحراك المجتمعي. وهنا يؤكد المكتب الشبابي على حق المنتسبين في سلك التدريس في تشكيل منظماتهم النقابية المستقلة، وأن يقيموا فعالياتهم ويمارسوا حقوقهم المصانة دستوريا وفي المواثيق الدولية ذات الصلة، ويتفاعلوا مع قضايا الشعب الوطنية والقومية. كما يتوجب العمل على إعادة الاعتبار  لمهنة المعلم ودوره في التنشأة الوطنية للطلبة.

 

5.  دور التعليم العالي في التنمية المستدامة: تعتبر مؤسسات التعليم العالي من أهم روافد البحث العلمي والابتكار والإبداع والرافعة الحقيقية لأي تحول من الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد المعرفي. وفي البحرين اكدت الرؤية الاقتصادية 2030 والمبادرة الوطنية لإصلاح سوق العمل على اهمية استنهاض قطاع التعليم وربط مخرجاته بسوق العمل. واليوم لا تزال مؤسسات التعليم العالي في البحرين مقفلة على نفسها، وتقليدية في أساليب تعليمها، لا تتعاطى بالقدر الكافي مع المجتمع ولا تهتم بالتطورات في مجالات البحث العلمي والمعرفة، إذ من المعروف أن الجامعات الحية والمتفاعلة مع محيطها هي التي ترفد مجتمعها  بالأفكار وتقترح حلولا للمشكلات وتكون حاضرة دوما أمام المستجدات والتحديات التي يواجهها المجتمع. أما على الصعيد الأكاديمي، فيجب أن يتم تعزيز استقلال مؤسسات التعليم العالي، باعتبار أن المؤسسة الجامعية بيئة علمية ومجتمع أكاديمي قائم بذاته، فالبحث العلمي الموضوعي وإعداد الدراسات الميدانية الاجتماعية والنقد الحر وانفتاح الكليات على المجتمع والسماح للأكاديميين بالكتابة في الصحف وإقامة الندوات، هي ركائز مهمة لتعزيز المواطنة والمشاركة الفاعلة بين المؤسسات التعليمية والمجتمع و المساهمة في دعم تحول البحرين من الاقتصاد القائم على ريع النفط إلى الاقتصاد القائم على المعرفة.