في انتظار "صيد ثمين"

في انتظار "صيد ثمين"
محمد نجيب الشرافي

متى تبدأ الحرب الاسرائيلية على غزة؟ هل سنشهد حربا جديدة على غزة؟ السؤال الاول يلغي السؤال الثاني ويتجاوزه. بمعنى أن الحرب واقعة لا محالة تؤكدها الطبيعة العدوانية الاسرائيلية. إذن ما الذي يؤجلها؟

لا يشك أحد أن حربا رابعة على غزة باتت قريبة. حدس المواطن الغزي لا يخطئ. ما قامت حرب دون أن يتوقعها, بل تراه يحدد ملامحها ويضع لها حدودا ولا يذهب بعيدا عن توقيتها, وإن كان لا يتمناها.

أثبت المواطن العادي في غزة أن لديه القدرة على قراءة الاحداث بدقة يفتقر إليها محللو الفضائيات, وها هي وسائل الاعلام الاسرائيلية تقرع طبول الحرب قبل أن تبدأ, فيما الحكومة برئاسة نتنياهو ومعها المعارضة يطلقون التهديدات ضد غزة ويتوعدون أهلها بقسوة لا مثيل لها.

 المستوطنون في ما يسمى "غلاف غزة" شاركوا بدورهم في عملية التحريض على القيام بعدوان جديد من خلال الهوس المصطنع والفزع من احتمال وصول الانفاق أسفل منازلهم. لكن ثمة عناصر إيجابية تولدت من حالة الفزع المصطنع وهوالشعور بأن تلك المستوطنات لم تعد صالحة للحياة المستقرة واستقطاب مستوطنين جدد.

في المقابل, يتحدث الاعلام الاسرائيلي أن من بين اهداف الحرب القادمة زيادة أعباء الفلسطينيين وإظهار المقاومة بغير المجدية بل والمكلفة ماديا وبشريا والاشارة الى أن ما لم تنجزه الحرب الاخيرة على المستويين السياسي والعسكري يمكن أن تنجزة الحرب القادمة.

يحاول الاعلام الاسرائيلي استباق العدوان وترجمة توجيهات قادة الكيان باظهار قوة "حماس" العسكرية بنفس الطريقة التي لجأ إليها الاعلام الامريكي بتصوير قوة جيش العراق ووصفه بالقوة الرابعة في العالم وما يشكله الرئيس صدام من خطر دولي تمهيدا لغزو العراق, دفاعا عن السلام العالمي وأمن المنطقة التي يهددها صدام حسين.

 كعادتها, اسرائيل لا تقوم بحرب هجومية. إنها فقط حرب  دفاعية (!!)  ضد "أنفاق هجومية". لتهيئة الرأي العام الداخلي والعالمي الى أن تهديدا خطيرا يقف على حدود اسرائيل وربما يتجاوزها ليهدد مستوطناتها.

إذاً, لماذا تأخرت الحرب التي  بدأتها وسائل الاعلام الاسرائيلية على غزة قبل نحوشهر؟

يبدو أن الاستعدادات الاسرائيلية المعلنة للحرب لم تنته بعد,  بسبب جهود مكثفة تبذلها قوات الاحتلال لتحديد أماكن الانفاق المتوقع امتدادها الى الداخل, رغم أنها لا تشكل وحدها مبررا مقنعا لدى الرأي العام المحلي والدولي  لشن حرب جديدة يغيب فيها تحقيق انتصار مزعوم, بل يكمن السبب في انتظار صيد ثمين في وزن قائد القسام احمد الجعبري.

يبدو أن استعجال وسائل الاعلام الاسرائيلية للحرب على غزة دفع قيادة حماس العسكرية لمزيد من اليقظة والسكون تحت الارض, الامر الذي قد يشعل غضب القيادة الاسرائيلية ويدفعها لارتكاب حماقة استهداف أحد - أو عدد من القادة السياسيين بدلا من العسكريين. بعدها ليكن شكل الحرب ومداها على البشر والحجر وكل ما يتحرك في فضاء غزة ما يكون, استجابة لعطش اسرائيلي برؤية الدماء والدمار يغطي غزة من جديد.