صبر اللاجئ أيوب باقٍ في عودة الفالوجة

رام الله - دنيا الوطن
أعاد الحنين محمد عبد أيوب( 88)عاماً للتجوال افتراضيًا في بلدتهالفالوجة، التي دمرتها العصابات الصهيونية عام 1948، ونقل خلال الحلقة (46) منسلسلة "ذاكرة لا تصدأ" الذي تنظمها وزارة الإعلام واللجنة الشعبيةللخدمات في مخيم الفارعة، ملامح بلدته، ومدارسها، وحقولها، وعائلاتها، وتجارتها،ولحظات نكبتها، وحصارها، وذكرياتها مع الجيش المصري وضباطه.، الذين قادوا ثورة تموز 1952.
يسرد بتجاعيد وجهه وكوفيته: كانت بلدتنا كبيرة ومتقدمةعن غيرها من البلدات، وأقرب إلى المدينة، وفاق سكانها خمسة آلاف، وتأسست فيهابلدية، وعدة مدارس ثانوية وابتدائية للبنات، وكتاتيب، وعيادة صحية، ومحكمة، ومسلخللحوم، وعاش أهلها على الزراعة والتجارة.
عائلات ومعالم
ووفقالراوي فإن الفالوجة (30 كم) شمال شرق غزة، وغرب الخليل أيضَا، وفيها عائلاتالسعافين، وعقيلان، والنجار، والنشاش، والمطرية، والبراجنة. ويتذكر مختارها محمدأحمد رمضان، ورئيس بلديتها أبو عواد، ولا ينسى عبد أبو رضوان، الذي أوكلت لهالبلدية مهمة مصابيح إنارة شوارعها، فيما كان الأهالي ينتظرون شبكها بالمياه عبرأنابيب قادمة من أراضي عبدس المجاورة، بعدشراء بئر منها بـ 16 ألف جنيه، لكن لم تمهلهم النكبة إكماله. مثلما لا يغفل عنحكاية الشاعر الشعبي أبو زهدي، الذي أطرب "الفالوجيين" في أعراسهم بصوتهالعذب.
يعيد أيوب سرد أسماء أراضي بلدته فيتذكر الشومرة،والخصاص، وأم النعاج، والرسوم، وخربة الشلف، ودار كركية، وأبو الغربان، ومليطة،والقبال، وابو القوص، وأبو القلاع، والجلس. ويكمل: كانت بلدتنا تستقبل المدن والقرىالمجاورة كل يوم خميس، فيأتون لسوق البرين، وتعرض السلع العديدة كالقماش واللحوموالذهب والخضار. وكنا نشاهد مواسم سباقات خيول على البحر، ودبكة، وأناشيد دينيةللفرق الصوفية، وبيع، وشراء في مناسبات كثيرة.
جميّز وحصار
غادر الراوي مقاعد الدراسة مبكرًا، فلم يدرس غيرالصف الأول، وطلب والده أن يساعده في فلاحة الأرض ورعي قطيع الأغنام. وكانوا يزرعون الحبوب والسمسم، وامتازتأراضي البلدة بسهولها الخالية من الحجارة والصخور، فيما كانت تفتقد للمياه فيالصيف، واعتمدت على الزراعات البعلية، واشتهرت بوادي البلد، الذي كان يقسمهالنصفين في مواسم الشتاء. أما أرضها فكانت تجود بالخبيزة والمرّار وعرفت بأشجارالجميّز، والحبوب والعدس والسمسم والذرة والبطيخ المحيسني(أبيض اللون) والشمام،واعتمدت على مدينة المجدل في خضارها الصيفية المروية.
يكمل: عاشت الفالوجة تحت الحصار والقصف ستة أشهر،وكانت البلدة ساحة معركة، وصد الجيش المصري العصابات الصهيونية مرات كثيرة، وشاهدناالشهداء والجرحى والطائرات، وكان يظن الجنود المصريون أن الطائرات الإسرائيليةالتي تقصفهم مصرية، وشاهدنا ضباط الجيش المصري الذي قادوا الثورة مثل جمال عبدالناصر، الذي أقام في بلدتنا، ومعه البيك طه وغيرهم.
ومما لا يسقط من ذاكرته، كيف رفض قادة الجيش المصريدخول الصليب الأحمر بلدته؛ لإنقاذ العصابات الصهيونية، واكتفوا بالسماح لمركباتاللجنة الدولية بالوصول إلى الشارع الرئيس المُعبد، دون النزول منها.
اقتلاع وأفراح
يروي:هجرنا من البلد مشياً ثم إلى الدوايمة، حتى وصلنا الخليل،
وأثلجت الدنيا علينا، وانتقلنا عام 1949 إلى مخيمالفارعة، وننتظر العودة إلى الفالوجة، التي جاورتها قرى: بيت عفا وبعلين وصمّيلوحمامة.
ومما لا ينساه الراوي، اشتهار البلدة بأفراحها حين كانالرجال يصطفون صفاً واحداً بلباسهم التقليدي( الدماية)، ويشعلون الحطب، ويوزعونالشاي، ثم تأتي سيدةً منقبة أو كاشفة وجهها أحيانا وتسمى(الحاشية) لترقص بسيفها،وإذا ما حاول الرجال الاقتراب منها، فإنها ترفع السيف بوجههم، فيبتعدوابسرعة. مثلما كانت تراقب الرياح لتستعد إلى المطر، وتحصن بيوتها قبله منالدلف، فيخرج الأهالي في عونة اجتماعية لإصلاح الشقوق والصدوع أما الفلاحون فكانوا يعفرون العفير( بذر الحنطة وزراعة الأرض بعد أول مطر مبكر).
وحسب الراوي، فقد كانت الفالوجة تستقبل شهر رمضانبتجهيزات خاصة، بعد أن تعرف ثبوته من علماء الأزهر بمصر، وكانت تنشط لديهم الزواياالصوفية، ويستمعون إلى دق الطبول والموالد الرمضانية . وحافظأهلها طوال الشهر الفضيل، على تقليد (الخروج) فيحمل كل واحد منهم طبقا من الطعام،ويجتمعون في مجالس الحارات، ويأكلون معا.
حراسالذاكرة
بدوره، أشار منسق وزارة الإعلام في طوباس عبد الباسط خلف، إلىأن سلسلة "ذاكرة لا تصدأ"، التي تستعد لإنهاء عامها الرابع، تأتي لتوثيقمرارة النكبة، قبل رحيل الشهود على النكبة، الذين غيب الموت ستة منهم خلال أربعسنوات.
وأضاف إن السلسلة وثقت الشهادات عبر تجربتين مرئيتين، واحدة سلطتالضوء على الفالوجة بإسهاب قبل سنتين، والثانية قدمت اثنتي عشرة ومضة من مدن وقرىمدمرة، تركزت لسرد لحظة الاقتلاع والتهجير.

أعاد الحنين محمد عبد أيوب( 88)عاماً للتجوال افتراضيًا في بلدتهالفالوجة، التي دمرتها العصابات الصهيونية عام 1948، ونقل خلال الحلقة (46) منسلسلة "ذاكرة لا تصدأ" الذي تنظمها وزارة الإعلام واللجنة الشعبيةللخدمات في مخيم الفارعة، ملامح بلدته، ومدارسها، وحقولها، وعائلاتها، وتجارتها،ولحظات نكبتها، وحصارها، وذكرياتها مع الجيش المصري وضباطه.، الذين قادوا ثورة تموز 1952.
يسرد بتجاعيد وجهه وكوفيته: كانت بلدتنا كبيرة ومتقدمةعن غيرها من البلدات، وأقرب إلى المدينة، وفاق سكانها خمسة آلاف، وتأسست فيهابلدية، وعدة مدارس ثانوية وابتدائية للبنات، وكتاتيب، وعيادة صحية، ومحكمة، ومسلخللحوم، وعاش أهلها على الزراعة والتجارة.
عائلات ومعالم
ووفقالراوي فإن الفالوجة (30 كم) شمال شرق غزة، وغرب الخليل أيضَا، وفيها عائلاتالسعافين، وعقيلان، والنجار، والنشاش، والمطرية، والبراجنة. ويتذكر مختارها محمدأحمد رمضان، ورئيس بلديتها أبو عواد، ولا ينسى عبد أبو رضوان، الذي أوكلت لهالبلدية مهمة مصابيح إنارة شوارعها، فيما كان الأهالي ينتظرون شبكها بالمياه عبرأنابيب قادمة من أراضي عبدس المجاورة، بعدشراء بئر منها بـ 16 ألف جنيه، لكن لم تمهلهم النكبة إكماله. مثلما لا يغفل عنحكاية الشاعر الشعبي أبو زهدي، الذي أطرب "الفالوجيين" في أعراسهم بصوتهالعذب.
يعيد أيوب سرد أسماء أراضي بلدته فيتذكر الشومرة،والخصاص، وأم النعاج، والرسوم، وخربة الشلف، ودار كركية، وأبو الغربان، ومليطة،والقبال، وابو القوص، وأبو القلاع، والجلس. ويكمل: كانت بلدتنا تستقبل المدن والقرىالمجاورة كل يوم خميس، فيأتون لسوق البرين، وتعرض السلع العديدة كالقماش واللحوموالذهب والخضار. وكنا نشاهد مواسم سباقات خيول على البحر، ودبكة، وأناشيد دينيةللفرق الصوفية، وبيع، وشراء في مناسبات كثيرة.
جميّز وحصار
غادر الراوي مقاعد الدراسة مبكرًا، فلم يدرس غيرالصف الأول، وطلب والده أن يساعده في فلاحة الأرض ورعي قطيع الأغنام. وكانوا يزرعون الحبوب والسمسم، وامتازتأراضي البلدة بسهولها الخالية من الحجارة والصخور، فيما كانت تفتقد للمياه فيالصيف، واعتمدت على الزراعات البعلية، واشتهرت بوادي البلد، الذي كان يقسمهالنصفين في مواسم الشتاء. أما أرضها فكانت تجود بالخبيزة والمرّار وعرفت بأشجارالجميّز، والحبوب والعدس والسمسم والذرة والبطيخ المحيسني(أبيض اللون) والشمام،واعتمدت على مدينة المجدل في خضارها الصيفية المروية.
يكمل: عاشت الفالوجة تحت الحصار والقصف ستة أشهر،وكانت البلدة ساحة معركة، وصد الجيش المصري العصابات الصهيونية مرات كثيرة، وشاهدناالشهداء والجرحى والطائرات، وكان يظن الجنود المصريون أن الطائرات الإسرائيليةالتي تقصفهم مصرية، وشاهدنا ضباط الجيش المصري الذي قادوا الثورة مثل جمال عبدالناصر، الذي أقام في بلدتنا، ومعه البيك طه وغيرهم.
ومما لا يسقط من ذاكرته، كيف رفض قادة الجيش المصريدخول الصليب الأحمر بلدته؛ لإنقاذ العصابات الصهيونية، واكتفوا بالسماح لمركباتاللجنة الدولية بالوصول إلى الشارع الرئيس المُعبد، دون النزول منها.
اقتلاع وأفراح
يروي:هجرنا من البلد مشياً ثم إلى الدوايمة، حتى وصلنا الخليل،
وأثلجت الدنيا علينا، وانتقلنا عام 1949 إلى مخيمالفارعة، وننتظر العودة إلى الفالوجة، التي جاورتها قرى: بيت عفا وبعلين وصمّيلوحمامة.
ومما لا ينساه الراوي، اشتهار البلدة بأفراحها حين كانالرجال يصطفون صفاً واحداً بلباسهم التقليدي( الدماية)، ويشعلون الحطب، ويوزعونالشاي، ثم تأتي سيدةً منقبة أو كاشفة وجهها أحيانا وتسمى(الحاشية) لترقص بسيفها،وإذا ما حاول الرجال الاقتراب منها، فإنها ترفع السيف بوجههم، فيبتعدوابسرعة. مثلما كانت تراقب الرياح لتستعد إلى المطر، وتحصن بيوتها قبله منالدلف، فيخرج الأهالي في عونة اجتماعية لإصلاح الشقوق والصدوع أما الفلاحون فكانوا يعفرون العفير( بذر الحنطة وزراعة الأرض بعد أول مطر مبكر).
وحسب الراوي، فقد كانت الفالوجة تستقبل شهر رمضانبتجهيزات خاصة، بعد أن تعرف ثبوته من علماء الأزهر بمصر، وكانت تنشط لديهم الزواياالصوفية، ويستمعون إلى دق الطبول والموالد الرمضانية . وحافظأهلها طوال الشهر الفضيل، على تقليد (الخروج) فيحمل كل واحد منهم طبقا من الطعام،ويجتمعون في مجالس الحارات، ويأكلون معا.
حراسالذاكرة
بدوره، أشار منسق وزارة الإعلام في طوباس عبد الباسط خلف، إلىأن سلسلة "ذاكرة لا تصدأ"، التي تستعد لإنهاء عامها الرابع، تأتي لتوثيقمرارة النكبة، قبل رحيل الشهود على النكبة، الذين غيب الموت ستة منهم خلال أربعسنوات.
وأضاف إن السلسلة وثقت الشهادات عبر تجربتين مرئيتين، واحدة سلطتالضوء على الفالوجة بإسهاب قبل سنتين، والثانية قدمت اثنتي عشرة ومضة من مدن وقرىمدمرة، تركزت لسرد لحظة الاقتلاع والتهجير.

