رحيل انيسة روضة نجار رائدة العمل الإنساني

رحيل انيسة روضة نجار رائدة العمل الإنساني
رام الله - دنيا الوطن - محمد علي درويش
رحلت الست انيسة روضة نجار عن 103 سنوات وهي التي كرمها لبنان في حياتها، ومنحها رئيس الجمهورية ميشال سليمان وسام الأرز الوطني من رتبة كومندور في عيدها المئة، كما اصدرت وزارة الاتصالات طابعا بريديا حمل اسمها وصورتها، كما نالت في عام 1967 وسام الإستحقاق اللبناني من رتبة فارس.

وُلدت في بيروت يوم 26 يونيو عام 1913، وهي ابنة الراحل سليم محمد روضة، ووالدتها زلفا أمين نجار من العبادية، وتزوجت عام 1944 من المهندس الزراعي الراحل فؤاد أمين نجار الذي أصبح وزيرًا للزراعة عام 1958، وهي أم لثلاثة أولاد هم، منى، سنا وخالد.

تخرجت عام 1936 في الجامعة الأميركية في بيروت بشهادة بكالوريوس علوم إجتماعية وتربية. ثم عينت في العام 1936 رئيسة تحرير «العروة الوثقى». وبعد تخرجها من الجامعة الأميركية، درست في بغداد في دار المعلمات وأصبحت مديرة ثانوية الموصل ثم متوسطة كركوك.

وعملت أنيسة نجار ناشطة في الحركة النسائية، وهي التي نالت جوائز تقدير من هيئات محلية وعالمية، ومثلت لبنان في مؤتمرات عالمية، ومثلت في عام 1960 الهيئات النسائية اللبنانية لدى لجنة الأونيسكو الوطنية لمدة سبع سنوات. ومثلت في عام 1965 العصبة العالمية للسلام والحرية في مؤتمر الأمم المتحدة لـ STATUS OF WOMEN COMMISSION في طهران، ومثلت أيضاً لبنان في نيودلهي في مؤتمر العصبة النسوية العالمية للسلام والحرية. كما مثلت لبنان في العديد من المؤتمرات العالمية.

وعلى الرغم من المآسي التي مرت بها بعدما خسرت ابنتها سنا اثر القصف الإسرائيلي على بلدة العبادية وهي أول مهندسة زراعية لبنانية، واصلت نشاطها، فشاركت في الوفد الذي قابل الأمين العام للأمم المتحدة عام 1985 والذي إعتصم تضامناً مع الفلسطينيين في لبنان .

وكانت انتخبت عام 1986 رئيسة الهيئات النسائية لبيروت الغربية للتعويض عن غياب المجلس النسائي اللبناني.

و اصدرت في ذكرى مئة سنة لولادة زوجها الراحل فؤاد نجار في عام 2010، كتابها “فؤاد نجار مع الارض والانسان”.

وتسلمت نجار أمانة سر بيت اليتيم الدرزي وأمينة سر المجلس النسائي وساهمت في تأسيس الرابطة اللبنانية للتدبير المنزلي، وشاركت في مؤتمرات لبنانية وعربية ودولية عدة. وتم تكريمها في أكثر من عشرين مناسبة في مؤسسات اجتماعية وأكاديمية وتربوية عدة.

مضت أنيسة روضة النجار أكثر من 70 سنة في النضال والجهاد والاهتمام بشؤون الأطفال والايتام، وفي شؤون المعوزين والمحتجاين من أبناء قومها ووطنها، وفي إعلاء شأن الطبقة الوسطى سعياً لبناء وطن حضاري متقدّم ينهض بالعائلة والوطن والمجتمع.

أسست جمعية إنعاش القرية مع افلين بسترس في سنة 1953 لتوعية المرأة الريفية عن طريق جعلها شريكة للرجل في زيادة دخل العائلة وتربية أبناء المستقبل، ولتأكيد أن المرأة القروية هي خازنة تراث الأمة والعنصر الذي يؤمن البقاء في القرية ويحول دون النزوح منها إلى المدينة، لتؤمن رزقها ورزق اولادها، وانشأت المستوصفات والمدارس التي تعطي شهادتي السرتيفيكا والبروفيه.
قامت بأول مشروع تنموي ريفي في العالم العربي في سنة 1953. وسعت إلى إنشاء معهد ريفي يؤمن تربية المرأة المسؤولة: "إنها امرأة الغد"

كلّ ذلك ضمن أهداف جمعية «انعاش القرية» وهي جمعية ذات أهداف وطنية لا طائفية ولا سياسية، يمولها عضواتها ومحبوها، شعارها الصدق ورسالة المرأة المثقفة، مع المرأة النسائية العربية..
عُينت رئسة بعثة لبنان إلى مؤمر «التغذية والزراعة» فاو في القاهرة في سنة 16976.

انتخبت نائب رئيس دولية للعصبة النسائية العالمية للسلام والحرية.

اشتركت في الوفد الذي قابل أمين عام الأمم المتحدة في سنة 1985، وكان اعتصم هناك من أجل دفع الأذى عن الفلسطينيين في لبنان. وترأست الوفد إلى نيروبي في سنة 1985.

انتسبت إلى النادي الثقافي العربي وكانت عضواً فاعلاً فيه إذ اشتركت بعدة نشاطات وأعمال، مع شقيقتها الفنانة سلوى روضة شقير، ما دفع نائب بيروت الأستاذ محمّد قباني إلى أنْ يقول فيها: «هي إبنة بيروت رائدة عملاقة ومن إبنة عريقة في الحسب والنسب من من «عين المريسة» في بيروت.

اما اللبنانية الأولى السيدة وفاء سليمان قالت أنه "مهما بادر وفعل المسؤولون في القطاع العام أو في القطاع الأهلي، من أجل أعلام هذا الوطن، فلن نفيهم حقَّهم لأن بأمثالهم  يعيش لبنان رسالته وتشرق حضارته في كل بقاع الأرض. وبأمثالهم يتحوَّل السلام إلى قدر لشعب صهرته المحن والآلام على مرِّ الحقب والعصور."

السيدة سليمان سنوات أنيسة روضة نجار المئة، ليست مجرد رصف للأيام والعقود، بل تكاد تكون شريطاً متواصلاً من الوهج العابق بالحياة.

نلتقي اليوم في صرح الجامعة الأميركية العريقة، لنكرِّم رائدة انطلقت من مقاعد هذه الجامعة بالتحديد قبل نحو ثمانين عاماً، إلى رحاب العمل والزرع في حقول متعدِّدة، حملت فيها مشعل النشاط والكفاح من أجل قضايا مجتمعها.

انخرطت باكراً في الدفاع عن قضايا المرأة، وزاوجت هذه المسيرة مع وعيها الصائب لأهمية تحقيق التنمية الاجتماعية، وخصوصاً في المناطق الريفية، لمواكبة نضال نساء بلادها ودعم حقوقهن.
ولم تكفّْ أنيسة نجار عن إغنائنا بالأمثولات طوال حياتها. وآخر هذه الأمثولات التي تجعل منها قدوة لأجيال وأجيال، تخطِّيها ما يفرضه تعاقب السنين من إحساس بعدم القدرة على تقديم المزيد، ونظرة اجتماعية محبطة للمسنين، ومقيِّدة لإمكاناتهم الكبيرة التي يمكن أن تثري المجتمع بالخبرة والحكمة.

ولعل إصدارها كتاباً حول محو أمية العقل وهي على مشارف التسعين، هو الرسالة الأنصع عن قدرة العقل نفسه على التألق في كلِّ مراحل الحياة، وخصوصاً مع تراكم النضج والدروس والثقافة في عمرنا المتقدِّم.

ولا شك عندي أن أنيسة موجودة اليوم هنا لتؤكد أنها ما زالت تحبُّ الاحتفاء بالحياة، وأن كلَّ لحظة من عمرنا تستحقُّ أن تُعاش بأفضل ما نملكه من ايمان وشغف وفرح.

أيتها السيدة الجليلة أنيسة روضة نجار،

أودُّ أن أكفَّ عن الكلام عنكِ، لأتكلم معك وأنت تحملين على كتفيك قرناً من حياة كثيفة، عشتها، وما زلت، باندفاع في النشاط من أجل المرأة، والتنمية، والحرية، والسلام.

إن لبنان يكبر بك، كلما أضاف الله على عمرك يوماً جديداً.

ومهما بادرنا وفعلنا، كمسؤولين في القطاع العام أو في القطاع الأهلي، من أجل أعلام هذا الوطن، فلن نفيهم حقَّهم. لأن بأمثالك، يعيش لبنان رسالته، وتُشرِق حضارته في جميع بقاع الأرض.
بأمثالك يتحوَّل السلام إلى قدر لشعب صهرته المحن والآلام على مرِّ الحقب والعصور.
بأمثالك يا أنيسة، يكبر الأمل في قلوبنا، وتشتدُّ عزائمنا في خدمة بلدنا، ويقوى الضوء على العتمة.
ومع كلِّ الأوسمة التي مُنحت لك، والدروع التي حزت عليها، والتكريم الذي نلته في لبنان والخارج، ما زلت تستحقين المزيد. ولا يسعني في هذه المناسبة إلا أن أقدِّم لكِ القليل من هذا المزيد.
لذا، يسرُّني ختاماً أن أقلِّدك وسام الأرز الوطني من رتبة كومندور، الذي منحك إياه فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، تقديراً لحياتك المضيئة، ومسيرة ريادتك النسائية التي تلهمنا جميعاً، وأن أنقل إليك تحيات فخامته ومحبته الكبيرة.

مع كلِّ تمنياتي القلبية بأن يحفظ الله عزمك وقواك لتواكبي مسيرة نهوض لبنان، وإشراق الأمل والخير في قلوب اللبنانيين من جديد. وشكراً لكم.

كلام السيدة سليمان جاء في خلال رعايتها احتفال تكريم الرائدة أنيسة روضة نجار في قاعة الأسمبلي هول في الجامعة الأميركية في بيروت تقديرا لنضالها وعطاءاتها الانسانية المشرفة ولمناسبة بلوغها المئة

اما نجل السيدة رباب الصدر الدكتور رائد شرف الدين  قصيدة بعنوان "انيسة النجار : حكاية حب" ، ثم تحدث الوزير السابق والنائب مروان حماده مشيرا الى  "انه حيث كانت الثورة كانت الست أنيسة: الثورة على الانغلاق، الثورة على الشعبوية ، الثورة على خرق القانون ، الثورة على الاتحادات المعلبة او الانغلاق المجتمعي".

أما السيدة منى الهراوي فأكدت ان "السيدة انيسة لم تفرّق يوما في انشطتها او في تنشيطها بين مواطن وآخر ولا بين مذهب وآخر ولا بين انتماء وآخر. ذلك أنها كرّست حياتها لرفاه الانسان، ولسعادة المواطن أنى كان ، ومن أين جاء شرط ان يدين بالولاء للبنان".



التعليقات