سيناريوهات حسم أزمة «الرياض - طهران»

سيناريوهات حسم أزمة «الرياض - طهران»
رام الله - دنيا الوطن - وكالات 
تصاعدت مؤخراً الأزمة بين المملكة العربية السعودية، وإيران، مع توتر فى العلاقات شاب العلاقات بين «طهران» وعدد من البلدان العربية بسبب حرق عدد من المتظاهرين لمقر سفارة المملكة، وقنصليتها بطهران، والتى وصلت لحد طرد البعثات الدبلوماسية الإيرانية فى عدة دول عربية، وهو ما يطرح تساؤلات عدة حول إلى أين يمكن أن تصل الأزمة؛ فهل سيتم تصعيدها لتصل لحالة «المواجهة العسكرية المباشرة»؟ وسيناريوهات حدوث ذلك من عدمها.

1 «التحالف الإسلامى» يرجح كفة «المملكة»
وعقب إعلان «المملكة» إعطاء «طهران» مهلة 48 ساعة لسحب دبلوماسييها، أجرى الأمير محمد بن سلمان، ولى ولى العهد ووزير الدفاع السعودى، اتصالاً هاتفياً مع الفريق أول صدقى صبحى، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، وفقاً لما أعلنته وكالة الأنباء السعودية «واس»، والذى أرجعته إلى بحث أوجه التعاون فى الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، بما فسره البعض بأنه تبادل لوجهات النظر حول كيفية مواجهة التحركات الإيرانية بالمنطقة.

وعن سيناريوهات الغد فى الأزمة، وإمكانية أن تصل لحالة المواجهة المباشرة، يرى الخبراء العسكريون والاستراتيجيون وجود 3 سيناريوهات يمكن أن تصل إليهم الأزمة؛ أولها استمرار تصاعد الخلافات بين الطرفين، واتخاذ إجراءات تصعيدية متبادلة حتى الوصول لحد يتم بعده تسوية الخلافات، وثانيها هو حسم «المملكة» للأزمة عبر وصولها إلى سلاح ردع يحسم المواجهة مع إيران عبر تحقيق الردع، متوقعاً أن تسعى المملكة لامتلاك قوة نووية توازن الصراع مع القوة النووية التى تمتلكها «طهران»، فيما اعتبروا أن «السيناريو الأسود» هو انتصار إيران على المملكة.

وشدد الخبراء على أن الأزمة لن تصل لمرحلة الحرب المباشرة لأن الصراعات تُدار حالياً بـ«حروب بالوكالة»، مشددين على أن الصراع بين الطرفين سيحسم عبر «مواجهة غير مباشرة».

وقال اللواء أركان حرب طلعت موسى، مستشار الأمن القومى بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، إن الأزمة لها 3 سيناريوهات للوصول إليها؛ أولها هو استمرار «حالة السجال» الدائرة بين الدولتين، وبقاء الأوضاع كما هى حتى يتم حسمها، وثانيها ترجيح كفة «المملكة» عبر استغلال التحالف الإسلامى العسكرى، وتفعيل القوة العربية المشتركة، موضحاً أن أول تلك التحالفات وفقاً للآليات المعلنة عنه بالتعاون بين الدول الإسلامية عسكرياً، وأيديولوجياً، وإعلامياً سيضيف الكثير للمملكة، لكن لا غنى بأى حال من الأحوال، طبقاً للخبير العسكرى، عن إنشاء القوة العربية المشترك، مردفاً: «الاتحاد بين الدول العربية يعزز من قوة وصمود أى دولة عربية أمام ما تواجهه المنطقة من تحديات».

2 تشتت الدول العربية يضع إيران فى المقدمة
وعن السيناريو الثالث، وصفه مستشار الأمن القومى بـ«أكاديمية ناصر» بـ«الأسوأ»، وذلك عبر تنامى القوى الإيرانية، والتى ستحدث فى حال ظهور خلافات فى الرؤى بين الدول العربية، وتشتت جهودها فى حل الأزمة مما ينتج عنه عدم اتخاذ إجراء موحد ضد هذا الخطر الداهم.

وعن إمكانية الدخول فى «حرب مباشرة»، شدد «موسى» على أنه لا مجال على الإطلاق للتفكير فى دخول مثل تلك الحروب مهما تصاعدت الخلافات، والمواقف بين الدولتين، مشدداً على أن الحروب التقليدية لم يعد لها وجود، ولكن «حروب بالوكالة».

وعن رؤيته الاستراتيجية حول ما ستؤول إليه الأزمة، يرى مستشار الأمن القومى بـ«أكاديمية ناصر» أن مصر ستتخذ موقفاً بالوقوف إلى جانب «السعودية» باعتبارها دولة شقيقة، ولكن على المملكة البحث عن سبل لمضاعفة قوتها فى المنطقة عبر السعى لامتلاك «السلاح النووى» فى رؤيته ليكون سلاح ردع فى مواجهة «النووى الإيرانى».

3 مواجهة غير مباشرة واستمرار «لا سلم ولا حرب»
أما عن مصدر الحصول على هذا السلاح، شدد «موسى» على أن «المملكة» دعمت دولة باكستان فى فترة تصنيعها لـ«القنبلة النووية»، ويمكنها الاستفادة من ذلك بالحصول عليها.

وأضاف «موسى» أن الأزمة الحالية ما هى إلا تنفيذ للمخطط الأمريكى لتقسيم المنطقة والذى يهدف إلى تفكيك الدول العربية لدويلات صغيرة حتى تصبح إسرائيل هى الدولة المسيطرة والتى تمتلك أكبر قوة يمكنها من خلالها التحكم فى المنطقة العربية.

وأشار مستشار الأمن القومى إلى أن دولة إيران لديها عدد من الثوابت لا تتنازل عنها؛ أولها استعلاء الفكر الفارسى على العربى، مردفاً: «فهم يرون أنهم أفضل من الشعوب العربية بما يستلزم ضرورة الهيمنة على المنطقة العربية».

أما ثانى ثوابت الدولة الإيرانية فهو ضرورة التوسع فى الأراضى بالقوة، وهو ما يتضح تاريخياً حين قامت بالاستيلاء على الجزر الإماراتية الثلاث فور جلاء القوات البريطانية عنها فى ديسمبر 1970، أما ثالث تلك الثوابت فهو سعيها الدائم لنشر المذهب الشيعى، ومعاملتها لدول الخليج على أنها جزء من أمنها القومى، وبالتالى يجب السيطرة عليه.

وفى توضيح للموقف السياسى الراهن بالمنطقة، أكد الدكتور مدحت الشريف، أستاذ العلوم الاستراتيجية وسياسات الأمن القومى، فى تصريحه لـ«الوطن»، أن السعودية تقع فى دائرة الأمن القومى المصرى، ومنطقة الخليج العربى بشكل عام تقع فى دائرة الأمن القومى والإقليمى لمصر وهناك الكثير من إجراءات التعاون بين مصر ودول الخليج التى شهدتها الفترة السابقة متمثلة فى العديد من المناورات البحرية والبرية والجوية فى إطار تشكيل نوع من التعاون العسكرى بين الدول والذى يعد نواة للقوى العربية المشتركة، إلا أن هذه القوى وجودها مهم من أجل كونها عامل درع وحماية ضد أى اعتداءات محتملة، بالرغم من استبعاد دخول إيران فى صدام مباشر مع السعودية، ولكن يجب تفعيل هذه القوى العربية المشتركة لتأمين جميع الحدود لأنها الدرع الآمنة لكل البلاد العربية.

ويتم الآن التنسيق على كافة المستويات العربية والاستراتيجية، خاصة بين الدول التى تقع فى نطاق دائرة الأحداث الراهنة، وهذه الاتصالات من أجل التنسيق، فضلاً عن استيعاب تداعيات الأزمة فى حد ذاتها ووضع سيناريوهات محتملة للوضع الحالى والأوضاع المحتملة مستقبلاً.

وأكد الخبير الاستراتيجى أنه حتى الآن لا يوجد اتجاه نحو حل عسكرى ولكن هناك تحالفاً وثيقاً بين الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية تشمل أساليب التنسيق والتعاون المشترك بين البلدين ووضع أسس التعاون بين البلدين.

فيما أوضح اللواء نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع بالمخابرات الحربية الأسبق، فى تصريحه لـ«الوطنى، أن السعودية دولة مستقلة ذات سيادة وكونها أعدمت أحد مواطنيها بعد إدانته هذا حقها، وليس من حق أى دولة أخرى توجيه اللوم، وبالتالى رد الفعل الإيرانى لم يكن لائقا بالمرة، فإيران أعدمت المئات على أراضيها، ولم تتدخل الدول الأخرى، وهذا الموقف من الجانب الإيرانى غير لائق، وبالتالى اتخذت السعودية ما تراه مناسباً من أجل الحفاظ على كرامتها بالدرجة الأولى ومن حقها الحفاظ على مواطنيها ودبلوماسييها بالشكل اللائق الذى تراه سواء بسحب السفير السعودى أو بإعطاء الدبلوماسيين الإيرانيين مهلة 48 ساعة لمغادرة المملكة السعودية.

وعن احتمال نشوب مواجهة عسكرية بين البلدين أكد الخبير العسكرى أن هذا الأمر مستبعد تماماً أن تكون هناك أى مواجهات عسكرية مباشرة بين الدولتين، إلا أنه من المتوقع أن يكون رد الفعل الإيرانى خلال الفترة المقبلة من خلال تفعيل مجموعاتها الإرهابية الكامنة للقيام بأعمال تضر بالمصالح السعودية سواء على أراضى المملكة أو فى أى دولة أخرى تحتوى على مصالح للسعودية، وبالتالى ستكون المواجهة غير مباشرة.

وما فعلته إيران على أراضيها تصرف غير لائق سواء كان تصرفاً فردياً أو مدفوعاً من خلال جماعات بعينها، وكان يستلزم رد فعل أقوى من الجانب الإيرانى تجاه ما حدث من خراب وتدمير للسفارة السعودية بإيران.

وعن محادثات التنسيق بين الجانبين المصرى والسعودى أكد أنه من المتوقع إجراء مثل هذه المباحثات التليفونية بين الجانبين والذى جاء من أجل تبادل الرؤى بين البلدين ولا يشترط أن يكون تناول الأزمة الراهنة فقط وربما تطرق الحديث إلى موضوعات أخرى.

أما عن دور مصر حيال هذه الأزمة القائمة فى المنطقة أكد رئيس جهاز الاستطلاع بالمخابرات الحربية الأسبق أن استراتيجية مصر الأمنية لحماية أمنها القومى والإقليمى تنتهج سياسة «مسافة السكة» ووقوف مصر إلى جانب السعودية فى مواجهة أى تهديد يحيط بها أمر طبيعى ولن نترك أى أحد من أشقائنا من الدول العربية وحيداً ضد أى تهديد أو مخاطر محتملة تواجهه، فالأمن القومى العربى هو حاصل جمع الأمن القومى لكل دولة عربية ومعنى أن يحدث خرق لأى دولة عربية يعد تهديداً لأمننا القومى العربى وكلنا مسئولون عن أمننا القومى وكلنا متكاتفون ومسئوليتنا جماعية.