أول حوار أجراه "أبو عمّار" لصحيفة دير شبيجل عام 1968

رام الله - دنيا الوطن
أجرى الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، أول حوار مع وسيلة إعلام أجنبية في يونيو 1968، وكانت مجلة "دير شبيجل" الألمانية، وترجمتها جريدة "الأنوار" اللبنانية بتاريخ 23 يونيو 1968.
وأكد عرفات، في حواره الأول، أن الثورة تنبع من داخل الأراضي المحتلة، وأن الإمدادات فقط تأتي من الخارج، وأن دور المقاومة هو نفس دور ثوار الجزائر الذين كانوا يتلقون الإمدادات عن طريق تونس. وإلى نص الحوار المترجم:
ـ أبوعمار، حسب معلوماتي فإن منظمة "فتح" وأنت تحاولان تحقيق شيء لم تستطع الجيوش العربية تحقيقه حتى الآن، إن هدفكما هو الانتصار على إسرائيل وتحرير الأراضي المحتلة. الفدائيون ينظرون إليك كبطل أسطوري؟
أنا لست ببطل، أنني فقط جندي من الجنود العرب الأبطال الذين ناضلوا واستشهدوا. وأنا لا أخوض معركة التحرير وحدي، و"فتح" تساهم في رد الاعتبار للشعب الفلسطيني. أنني أؤمن بالثورة وبانتصارها الحتمي. ونحن على ثقة بأن أرضنا المسلوبة ستعود إلينا حتى ولو.
ـ حتى ولو كلفك ذلك حياتك؟
حتى ولو كلفني حياتي. إنني لا أفكر بالخطر ولا أخافه، الخطر هو شيء طبيعي يجابهه كل إنسان يسير على طريق الثورة. عندما نقارن بين الأهداف التي ستحققها الثورة وبين الثمن الذي سندفعه نجد أن هذا الثمن رخيص جدا، أن حياتنا نداء للمبادئ التي نؤمن بها، أننا نحتقر الحياة ونحتقر الموت.
ـ وتحتقر اليهود أيضا، أليس كذلك؟ لنفرض أن ثورتكم نجحت فما هو مصير اليهود؟ هل ستتبع خطى الفاشل، الشقيري، وتقذفهم بالبحر؟
إن المسلمين والمسيحيين يعيشون جنبا إلى جنب في البلاد العربية، وأنا اعتقد أن المجال ذاته سيكون أمام اليهود. لقد عاش اليهود في الماضي في فلسطين العربية بسلام ودون أن يعانون من النزعة العنصرية أو الدينية، واستمر هذا الوضع حتى ظهور الصهيونية. إننا نريد بناء بلدنا دون أي تفكير عنصري أو تفرقة شعوبية أو دينية.
ـ الإسرائيليون لا يريدون أن تتحقق هذه الأهداف التي تنادي بها، ولا يرغبون في العمل من أجل تحقيقها، فهل الشعب العربي يؤيد هذه الأهداف على الأقل؟
إننا لا نعمل من أجل الحصول على التأييد الشعبي، فنحن جزء من الشعب العربي، وهذا الشعب يريد الثورة. إننا فقط نمثل إرادة الشعب.
ـ هذا الكلام شبيه بنظرية ماوتسي تونج. هل صحيح أن أقوال ماوتسي تونج انتشرت بشكل واسع جدا في صفوف الفدائيين الفلسطينيين؟ مجلة "بكين ريفيو" الصينية تقول إن سلاح الفدائيين القوي هو أقوال ماوتسي تونج. فهل أصبح الصينيون المثل الأعلى لثورتكم؟
إننا نتعلم من جميع الثوار والثورات في العالم. وقد أخذنا الكثير من ثورة الجزائر وأيضا من الصين وكوبا وفيتنام. والآن بدأت تتجمع لدينا تجاربنا الخاصة. وأنا على يقين من نجاحنا وانتصارنا، فالتاريخ يقف إلى جانبنا.
ـ ولكن التاريخ يعرف منذ عشرين سنة دولة اسمها إسرائيل؟
شعبنا الفلسطيني طرد من بلده وبيوته وأراضيه، هذا ما يقوله التاريخ. لقد شبعنا من قرارات الأمم المتحدة وتوصياتها، ولهذا السبب حمل شعبنا السلاح وأصبح يعلم أن حرب التحرير الثورية هي الطريق الوحيد لتحقيق اهدافه.
ـ ولكنكم تسيئون إلى شعب آخر بإتباعكم هذا الطريق؟
عندما عملت بريطانية والولايات المتحدة الأمريكية على خلق دولة غريبة في أرضنا على حساب شعبنا، وعندما طردنا من بيوتنا وأملاكنا، وعندما استخدم الصهيونيون أبشع الأساليب وأكثرها وحشية في قتلنا وتشريدنا، ارتفع صوتنا مطالبا بالإبقاء على حياتنا على الأقل، ولكن الضمير العالمي لم يتحرك ويدين هذا العدوان الوحشي أو يقول أن هذا الظلم لا يجوز أن يحدث، لقد كان الضمير العالمي نائما.
ـ وأنت الآن تريد إيقاظ الضمير العالمي بواسطة حرب التحرير التي تخوضها، فهل حققت أي نجاح؟
بدون شك لقد حققنا الكثير كحركة ثورية. نجحنا في وضع حجر الأساس للثورة الفلسطينية واستطعنا القضاء على أسطورة تزعم أن الجيش الإسرائيلي لا يقهر.
ـ إن عدد الفدائيين الذي أسروا أثناء العمليات العسكرية لا يتعدى العشرة بالمئة من الرقم الذي تزعمه إسرائيل. أما بقية المعتقلين العرب فهم من مؤيدي الثورة الفلسطينية؟
ولنفترض أن إسرائيل اعتقلت فعلاً هذا العدد من الرجال، عندئذ تتضح الأكاذيب الإسرائيلية القائلة أن أفراد المقاومة الفلسطينية هم جماعة تتسلل من خارج الأراضي العربية المحتلة.
ـ هل يؤيدكم الشعب في الضفة الغربية؟
إنك تتكلم وكأننا نحن شيء وشعبنا شيء آخر. أنني أكرر ما سبق أن قلته لك: نحن جزء لا يتجزأ من شعبنا، نحن رمز هذا الشعب وشعاره، أن إخواننا العرب في الضفة الغربية يساندوننا بجميع الوسائل التي يملكونها، أنهم يعالجون جرحانا، أنا نفسي عولجت من قبل إخواني في الضفة الغربية عندما أصبت بجروح في إحدى المعارك، تأكد أننا سنقضي على الاستعماريين والصهيونيين ونحرر أرضنا منهم.
ـ وماذا تقول الدول العربية عن ذلك؟
إننا نمثل إرادة شعبنا العربي من الخليج إلى المحيط، كل حكومة عربية تؤمن بأهدافنا تساعدنا وتساندنا.
ـ من أين تتلقون المساعدات العسكرية؟ دايان يقول إن الإسرائيليين استولوا على 190 مدفعا رشاشا وإعدادا من مدافع "البازوكا" من الفدائيين وجميعها كانت من صنع دول المعسكر الشرقي.
أسلحتنا ليست شرقية فقط، إننا نستعمل أي نوع من الأسلحة يقع في أيدينا، بل أننا نستخدم الأسلحة التي نستولي عليها من العدو الصهيوني، وقد استولينا على كميات كبيرة من هذه الأسلحة.
ـ الإسرائيليون يزرعون الحدود بألغام ويقيمون "حزاما إلكترونيا" ويحشدون جنودهم لإيقاف التسلل، فهل ذلك يعيق نشاطكم؟
إن ثورتنا تنبع من داخل الأراضي المحتلة، الإمدادات فقط تأتي من الخارج، دورنا هو نفس دور ثوار الجزائر الذين كانوا يتلقون الإمدادات عن طريق تونس، وكما تعلم فان الفرنسيين أقاموا حواجز كهربائية على طول الحدود ولكن ذلك لم يمنع ثورة الجرائر من الانتصار.
أجرى الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، أول حوار مع وسيلة إعلام أجنبية في يونيو 1968، وكانت مجلة "دير شبيجل" الألمانية، وترجمتها جريدة "الأنوار" اللبنانية بتاريخ 23 يونيو 1968.
وأكد عرفات، في حواره الأول، أن الثورة تنبع من داخل الأراضي المحتلة، وأن الإمدادات فقط تأتي من الخارج، وأن دور المقاومة هو نفس دور ثوار الجزائر الذين كانوا يتلقون الإمدادات عن طريق تونس. وإلى نص الحوار المترجم:
ـ أبوعمار، حسب معلوماتي فإن منظمة "فتح" وأنت تحاولان تحقيق شيء لم تستطع الجيوش العربية تحقيقه حتى الآن، إن هدفكما هو الانتصار على إسرائيل وتحرير الأراضي المحتلة. الفدائيون ينظرون إليك كبطل أسطوري؟
أنا لست ببطل، أنني فقط جندي من الجنود العرب الأبطال الذين ناضلوا واستشهدوا. وأنا لا أخوض معركة التحرير وحدي، و"فتح" تساهم في رد الاعتبار للشعب الفلسطيني. أنني أؤمن بالثورة وبانتصارها الحتمي. ونحن على ثقة بأن أرضنا المسلوبة ستعود إلينا حتى ولو.
ـ حتى ولو كلفك ذلك حياتك؟
حتى ولو كلفني حياتي. إنني لا أفكر بالخطر ولا أخافه، الخطر هو شيء طبيعي يجابهه كل إنسان يسير على طريق الثورة. عندما نقارن بين الأهداف التي ستحققها الثورة وبين الثمن الذي سندفعه نجد أن هذا الثمن رخيص جدا، أن حياتنا نداء للمبادئ التي نؤمن بها، أننا نحتقر الحياة ونحتقر الموت.
ـ وتحتقر اليهود أيضا، أليس كذلك؟ لنفرض أن ثورتكم نجحت فما هو مصير اليهود؟ هل ستتبع خطى الفاشل، الشقيري، وتقذفهم بالبحر؟
إن المسلمين والمسيحيين يعيشون جنبا إلى جنب في البلاد العربية، وأنا اعتقد أن المجال ذاته سيكون أمام اليهود. لقد عاش اليهود في الماضي في فلسطين العربية بسلام ودون أن يعانون من النزعة العنصرية أو الدينية، واستمر هذا الوضع حتى ظهور الصهيونية. إننا نريد بناء بلدنا دون أي تفكير عنصري أو تفرقة شعوبية أو دينية.
ـ الإسرائيليون لا يريدون أن تتحقق هذه الأهداف التي تنادي بها، ولا يرغبون في العمل من أجل تحقيقها، فهل الشعب العربي يؤيد هذه الأهداف على الأقل؟
إننا لا نعمل من أجل الحصول على التأييد الشعبي، فنحن جزء من الشعب العربي، وهذا الشعب يريد الثورة. إننا فقط نمثل إرادة الشعب.
ـ هذا الكلام شبيه بنظرية ماوتسي تونج. هل صحيح أن أقوال ماوتسي تونج انتشرت بشكل واسع جدا في صفوف الفدائيين الفلسطينيين؟ مجلة "بكين ريفيو" الصينية تقول إن سلاح الفدائيين القوي هو أقوال ماوتسي تونج. فهل أصبح الصينيون المثل الأعلى لثورتكم؟
إننا نتعلم من جميع الثوار والثورات في العالم. وقد أخذنا الكثير من ثورة الجزائر وأيضا من الصين وكوبا وفيتنام. والآن بدأت تتجمع لدينا تجاربنا الخاصة. وأنا على يقين من نجاحنا وانتصارنا، فالتاريخ يقف إلى جانبنا.
ـ ولكن التاريخ يعرف منذ عشرين سنة دولة اسمها إسرائيل؟
شعبنا الفلسطيني طرد من بلده وبيوته وأراضيه، هذا ما يقوله التاريخ. لقد شبعنا من قرارات الأمم المتحدة وتوصياتها، ولهذا السبب حمل شعبنا السلاح وأصبح يعلم أن حرب التحرير الثورية هي الطريق الوحيد لتحقيق اهدافه.
ـ ولكنكم تسيئون إلى شعب آخر بإتباعكم هذا الطريق؟
عندما عملت بريطانية والولايات المتحدة الأمريكية على خلق دولة غريبة في أرضنا على حساب شعبنا، وعندما طردنا من بيوتنا وأملاكنا، وعندما استخدم الصهيونيون أبشع الأساليب وأكثرها وحشية في قتلنا وتشريدنا، ارتفع صوتنا مطالبا بالإبقاء على حياتنا على الأقل، ولكن الضمير العالمي لم يتحرك ويدين هذا العدوان الوحشي أو يقول أن هذا الظلم لا يجوز أن يحدث، لقد كان الضمير العالمي نائما.
ـ وأنت الآن تريد إيقاظ الضمير العالمي بواسطة حرب التحرير التي تخوضها، فهل حققت أي نجاح؟
بدون شك لقد حققنا الكثير كحركة ثورية. نجحنا في وضع حجر الأساس للثورة الفلسطينية واستطعنا القضاء على أسطورة تزعم أن الجيش الإسرائيلي لا يقهر.
ـ إن عدد الفدائيين الذي أسروا أثناء العمليات العسكرية لا يتعدى العشرة بالمئة من الرقم الذي تزعمه إسرائيل. أما بقية المعتقلين العرب فهم من مؤيدي الثورة الفلسطينية؟
ولنفترض أن إسرائيل اعتقلت فعلاً هذا العدد من الرجال، عندئذ تتضح الأكاذيب الإسرائيلية القائلة أن أفراد المقاومة الفلسطينية هم جماعة تتسلل من خارج الأراضي العربية المحتلة.
ـ هل يؤيدكم الشعب في الضفة الغربية؟
إنك تتكلم وكأننا نحن شيء وشعبنا شيء آخر. أنني أكرر ما سبق أن قلته لك: نحن جزء لا يتجزأ من شعبنا، نحن رمز هذا الشعب وشعاره، أن إخواننا العرب في الضفة الغربية يساندوننا بجميع الوسائل التي يملكونها، أنهم يعالجون جرحانا، أنا نفسي عولجت من قبل إخواني في الضفة الغربية عندما أصبت بجروح في إحدى المعارك، تأكد أننا سنقضي على الاستعماريين والصهيونيين ونحرر أرضنا منهم.
ـ وماذا تقول الدول العربية عن ذلك؟
إننا نمثل إرادة شعبنا العربي من الخليج إلى المحيط، كل حكومة عربية تؤمن بأهدافنا تساعدنا وتساندنا.
ـ من أين تتلقون المساعدات العسكرية؟ دايان يقول إن الإسرائيليين استولوا على 190 مدفعا رشاشا وإعدادا من مدافع "البازوكا" من الفدائيين وجميعها كانت من صنع دول المعسكر الشرقي.
أسلحتنا ليست شرقية فقط، إننا نستعمل أي نوع من الأسلحة يقع في أيدينا، بل أننا نستخدم الأسلحة التي نستولي عليها من العدو الصهيوني، وقد استولينا على كميات كبيرة من هذه الأسلحة.
ـ الإسرائيليون يزرعون الحدود بألغام ويقيمون "حزاما إلكترونيا" ويحشدون جنودهم لإيقاف التسلل، فهل ذلك يعيق نشاطكم؟
إن ثورتنا تنبع من داخل الأراضي المحتلة، الإمدادات فقط تأتي من الخارج، دورنا هو نفس دور ثوار الجزائر الذين كانوا يتلقون الإمدادات عن طريق تونس، وكما تعلم فان الفرنسيين أقاموا حواجز كهربائية على طول الحدود ولكن ذلك لم يمنع ثورة الجرائر من الانتصار.