مجموعة من الأدباء التونسيين يطلقون مشروع حركة أدبية جديدة "حركة نص"

رام الله - دنيا الوطن
أطلقت مجموعة من الأدباء التونسيين مشروع حركة أدبية جديدة هي "حركة نص"، في الوقت الذي خفتت فيه الأصوات المنادية بالتجمعات والتكتلات الفنية والأدبية

وتعالت الأصوات التي تؤمن بأن العملية الإبداعية تتأسس على العزف الانفرادي.

وكما ذكّرت "حركة نص" بالحركات الأدبية التونسية والعربية التي سبقتها، ذكّرت أيضا بإخفاقات تلك الحركات والنقد الذي واجهته.

وأصدرت الحركة هذه الأيام كتابها الأول بعنوان "حركة النص" عن دار رسلان بتونس في 442 صفحة، والكتاب ناطق باسم الحركة التي أسسها عدد من الشعراء التونسيين في أغلبهم من الجيل الجديد، وهم عبد الفتاح بن حمودة وأمامة الزاير ونزار الحميدي وصلاح بن عياد وزياد عبد القادر وخالد الهداجي وشفيق الطارقي والسيد التوي وعبد الواحد السويح.

وقد احتوى الكتاب على بيانات الحركة وهي بيانات مفردة كتبها الشعراء المؤسسون لها، ونصوص إبداعية لهم، وعدد من المقالات النقدية التي كتبت عن إنتاج المجموعة، إلى جانب قسم للحوارات

كما احتوى الكتاب على ترجمات من الأدب الغربي بأقلام بعض ضيوف الحركة، من الفلسطينية ريم غنايم إلى الشاعر والروائي جمال الجلاصي، ونصوص أخرى لمصطفى الكيلاني وفتحي النصري ومحمد صالح بن عمر وصابر العبسي.

ويحاول هذا الكتاب أن يعطي فكرة عن هذه الحركة التي تأسست إثر ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011، فكانت واحدة من التجمعات الثقافية والفنية التي ظهرت إثر حل حزبالتجمع الدستوري الديمقراطي.

من جانبه، صرح -للجزيرة النت- المسؤول الأول على نشر وتجميع مواد الكتاب، الشاعر عبد الفتاح بن حمودة، أن الحركة تأسست ضمن حراك سياسي واجتماعي وثقافي عام، ولكن إرهاصاتها كانت قبل ذلك بسنوات ضمن حراك ثقافي وشعري لم يكن ظاهرا بل خفيا، واستقرّ الأمر في صيف 2011 حيث اختار بعض الأصدقاء الشعراء إنجاز حركة أدبية وتمّت كتابة البيانات بشأن ذلك.

وفي الوقت الذي يقول فيه بن حمودة إن "حركة نص" لم تولد من أرض محروقة بل من أرض مخصبة (الحداثة الشعرية العربية وما عبّدته من طريق شاق إلى النص)، يصب جام غضبه على المشهد الثقافي التونسي ويعتبر أن ميلاد الحركة كان ضد السائد والمألوف، وضد الانتهازية الثقافية وكل اللوبيات التي سيطرت على المشهد الثقافي (اتحاد الكتاب ووزارة الثقافة وبيت الشعر والمهرجانات الفولكلورية والمآدب والولائم...إلخ).

ويعتبر بن حمودة أن شعراء "حركة نص" جمعهم هاجس التغيير والرغبة في الخروج على الأساليب المترهلة والولاءات الحزبية والمالية المقيتة، وأن الحياة في الحركة حياة حرة خارج أسيجة العبودية التي كان يتحرك فيها المشهد الثقافي في تونس.

مغامرة كتابةأما الشاعر نزار الحميدي فيعتبر غاية الحركة الإبداع، مؤكدا على أنه "لا مجال -ونحن نؤسس لواقع ثوري- للرداءة، إن الرداءة عدوة الثورة ونحن الآن وهنا من أجل نص حداثي ينبئ عن ثقافة صاحبه وفرادته".

ويذهب الشاعر والروائي السيد التوي إلى أن الحركة تستمد هويّتها من اسمها، إذ إنها تحيل على التجدد والتغير والتبدل، أما النص فيشير إلى التنوع والاختلاف والانفتاح، وهي بهذا المعنى حركة ضد الجمود والانغلاق والتّنميط.

وتذهب الشاعرة الوحيدة بالحركة أمامة الزاير بعيدا في المراهنة على النص، وتعتبر "حركة نص" "ورشة عمل تحتفي بالنص دون سواه، وأنها لم تدّعِ تأسيس مدرسة في الأدب وإنما هي تسعى إلى تخريب ما هو معتاد في الكتابة، وتجهد أن تخرب أفق القارئ وأن تمجّد لغة الحياة".

والناظر المدقق في هذه الحركة ومقولاتها يراها -حتى الآن- تعيد إنتاج مشروع حركة الطليعة التي أسسها الشاعر الطاهر الهمامي مع عدد من المبدعين التونسيين مثل سمير العيادي وعز الدين المدني وغيرهم، لكن برؤية غير واضحة جسدتها بيانات ذات نفس شعري تخلو من الدقة التي رأيناها في بيانات السورياليين مع أندري بروتون، وبيانات الحركة الشعرية العربية معمحمد بنيس وقاسم حداد وأدونيس، وهذا ما يجعل من الإصغاء إلى النقد أمرا ضروريا لكي تستعيد هذه الحركة طريقا واضحة يمكن أن توصلها إلى أهدافها.

كما أن هذه الحركة تبدو منغلقة خلافا لما تدعيه في افتتاحية الكتاب، فقد ولدت قاصرة لأنها تحصر نفسها في جنس أدبي واحد هو الشعر، مع أن عددا من كتابها يكتبون النثر ولكن هم في الحركة بصفتهم شعراء.

ولا يخفى على أي مطلع على الحركات الإبداعية في العالم شموليتها وتنوعها وانفتاحها على بقية الفنون الأخرى، وخاصة منها المسرحية والتشكيلية والسينمائية.