مركزية وعد تحذر من تداعيات الوضع الحقوقي والمعيشي على المواطنين

رام الله - دنيا الوطن
عقدت اللجنة المركزية بجمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) سلسلة اجتماعات دورتها الأخيرة في الفترة من 3 ـ 10 أكتوبر 2015، واستعرضت الاستعدادات القائمة لعقد المؤتمر الاستثنائي الذي من المقرر له أن يناقش ويعتمد التعديلات على النظام الأساسي لوعد، واعتمدت ما تم إنجازه من خطط المكاتب واللجان وناقشت المعوقات التي تمنع تنفيذ بعض هذه الخطط

وناقشت اللجنة المركزية أحدث المستجدات المحلية السياسية والحقوقية والاقتصادية وتداعيات الوضع الإقليمي، وذلك على النحو التالي:

فعلى الصعيد المحلي تم التخلي عن تشكيل الحكومة المصغرة التي تم الإعلان عن نية تشكيلها أثر اجتماع جلالة الملك مع سمو ولي العهد، لمواجهة الأزمة الاقتصادية والمالية، وبدلاً عنها تم إعادة تدوير بعض المناصب وبقت الوزارة على نهجها الذي قاد البلاد إلى عجز متصاعد في الموازنة العامة مما قاد إلى رفع سقف الدين العام لعشرة مليارات دينار مرجح له أن يبلغ هذا المستوى في غضون عامين، مما يشكل رقماً غير مسبوق في حجمه.

أن البحرين التي تمر بأزمة مالية واقتصادية مستفحلة، وانكماش واضح في السوق المحلي، نظراً لاستمرار ذات السياسات الحكومية واستشراء الفساد، وبسبب انهيار أسعار النفط وتراجعها إلى أقل من النصف، واستمرار العجز المتفاقم في الموازنة العامة وتضاعف الدين العام، الأمر الذي يفرض ضرورة مراجعة كل السياسات التي سارت عليها الحكومة منذ الاستقلال، والتوجه لتشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة تمثل كافة الأطياف السياسية والمجتمعية في البلاد، تؤسس للخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الطاحنة، وتبدأ في برنامج المصالحة الوطنية الذي أساسه العدالة الانتقالية، وتضع حلولاً للمشكلات التي تعرقل عملية التنمية المستدامة، وتتبنى برنامجاً مزمناً للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي بحيث تجرى إعادة إنتاج مبادرة سمو ولي العهد ذات البنود السبعة التي أطلقها في مارس 2011 والعمل على تطبيق بنودها بما يعزز الوحدة الوطنية ويجنب بلادنا الانزلاق لمستنقع تداعيات الأزمات الإقليمية والحلول الطائفية والمذهبية المدمرة، وذلك بتشبيك العناصر الواردة في وثيقة المنامة التي أصدرتها القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة في أكتوبر 2011، مع مبادرة سمو ولي العهد الصادرة في 12 مارس من نفس العام والخروج بتوافقات سياسية جادة.

وعلى صعيد رفع الدعم عن المواد الأساسية مثل اللحوم والدقيق والمحروقات والكهرباء، فقد سبق لجمعية وعد والقوى الوطنية الديمقراطية المعارضة التحذير من مغبة الوصول إلى هذا المفصل بسبب المعالجات الانفرادية غير المجدية، وقدمت مقترحات بهذا الشأن منذ مطلع الألفية الثالثة، وذلك من أجل تجنيب زيادة نسبة الفئات المحدودة الدخل والحفاظ وزيادة نسبة الطبقة الوسطى في المجتمع التي يشكل اتساعها عنصر الاستقرار في المجتمع ومحركاً رئيسياً للسوق الداخلي.

إن تنفيذ قرار الحكومة رفع الدعم عن بعض المواد الأساسية مثل اللحوم الحمراء والبيضاء والبيض، قد زاد من أعباء المواطن الذي يعاني أصلاً من حالة الضنك، فبسبب هذا القرار الانفرادي غير المدروس تضاعفت أسعار اللحوم بنسبة 350 بالمئة والدجاج بنسبة 40 بالمئة، وأدى ذلك لزيادة أسعار الوجبات في المطاعم وبدأت الحالة المعيشية تواجه مأزقاً وأعباءً جديدة.

كما حذرت اللجنة المركزية من توجه الحكومة الحثيث باتخاذ قرارات انفرادية لا تراعي المصلحة العامة برفع الدعم عن المحروقات وخصوصاً البنزين والديزل بشكل تدريجي بدءاً من العام المقبل، فضلاً عن الكهرباء والماء التي لن تكون بعيدة عن هذا التوجه الحكومي المتفرد بالقرار دون مشاركة شعبية ومجتمعية ودون تفاصيل توضح

الآلية التي سيتم من خلالها رفع الدعم وكيفية تخفيف الأعباء عن كاهل المواطن إزاء هذه الخطوات، في ظل الموقف الضبابي الذي تتخذه الحكومة إزاء الإعلان الواضح بالحفاظ والدفاع عن مكتسبات المواطن المعيشية للحؤول دون سقوطه في براثن الحاجة والعوز والفقر.

وأكدت اللجنة المركزية على أن هناك تبعات سلبية تنتج عن رفع الدعم بالطريقة المتبعة حكومياً، تمتد لتطال أولئك المواطنين الذين افنوا عمرهم في خدمة وتطوير بلادنا حتى بلغوا سن التقاعد، وهو سن تكرمه الدول التي تقدر عطاءات مواطنيها، ولذلك فعلى الحكومة أن تتشارك مع المؤسسات التشريعية والرقابية ومؤسسات المجتمع المدني المتخصصة كالاقتصاديين والاجتماعيين والحقوقيين والشفافية والمؤسسات المدافعة عن حقوق المتقاعدين الذين افنوا ريعان شبابهم في خدمة الوطن ودفعوا اشتراكاتهم كاملة بغض النظر عن مستوى رواتبهم التي حصلوا عليها كحق مقابل إنتاجيتهم وكفاءتهم، ولا يجوز تمييز المتقاعدين في الحصول على الدعم حسب أجورهم، بل يجب تقدير إخلاصهم الطويل دون تمييز بينهم وتقديم المزيد من المكتسبات لهم كباقي الدول التي تقدر إخلاص أبناؤها المتقاعدين الذين حملوا على عاتقهم تنمية بلادهم وتطويرها، محذرة من التوجه لتخصيص التأمينات الاجتماعية باعتبارها خطوة خطيرة غير مسبوقة.

وعلى صعيد الواقع الحقوقي تطرقت اللجنة المركزية لهذا الوضع المستمر كواقع مأزوم بوجود أكثر من ألفي سجين وراء القضبان على خلفية الأزمة السياسية الدستورية. ورغم ابتكار بعض الحلول لهذا الواقع والمتمثل في توصيات اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق التي قدمتها لجلالة الملك في الثالث والعشرين من نوفمبر 2011، وتوصيات مجلس حقوق الإنسان العالمي، والتي وافقت الحكومة على تنفيذ توصياتهما، إلا أن جوهر التوصيات وروحها لم يتم تطبيقه، وان عملية التنفيذ قد تمت من ناحية الشكل فقط، خصوصاً مسألة الإفراج عن سجناء الرأي والضمير والتوصيات الخاصة بوقف عملية التحريض الإعلامي ومنح قوى المعارضة مساحات مقبولة في الإعلام المحلي. ان التطورات الأخيرة في مجلس حقوق الانسان العالمي تؤكد على حيوية قضية البحرين واستمرار 33 دولة في المطالبة بوقف الانتهاكات وإرسال مقرر أممي خاص للبحرين للوقوف على وفع حقوق الإنسان. وهي خطوة مهمة على طريق اتخاذ قرار ملزم لتشكيل مكتب أممي يراقب أوضاع حقوق الإنسان في البحرين.

إن الوضع الحقوقي في البحرين يتدحرج نحو مزيد من التعقيد وتحت عناوين شتى، قادت في نهاية المطاف إلى استمراء صدور الأحكام القاسية ضد المعتقلين والموقوفين على خلفية الأزمة السياسية، ومنهم المناضل إبراهيم شريف السيد الذي أعادت السلطات اعتقاله على خلفية ممارسة حقه الأصيل في التعبير عن الرأي والإفصاح عن مواقفه السياسية وآراءه التي يكفلها الدستور والميثاق وكافة المواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير. إن الإفراج الفوري عنه وشطب القضية المرفوعة ضده، حيث أن ليس هناك قضية أصلاً لكي ترفع بحقه، وباعتبار أن التهم التي وجهتها له النيابة العامة هي تهم مرسلة لا تستند على أي أساس قانوني، وهذا ما أكدته المنظمات الحقوقية المحلية والإقليمية والدولية والعديد من الدول التي تحترم حقوق الإنسان وحرية التعبير عن الرأي.

وعلى صعيد تعزيز الوحدة الوطنية تبرز أهمية الدعوة التي أطلقها معتقل الرأي والضمير المناضل إبراهيم شريف فور خروجه من السجن في النصف الثاني من شهر يونيو- حزيران الماضي وقبل اعتقاله ثانية، حيث أكد على ضرورة مد الجسور بين مكونات المجتمع البحريني وتبريد الساحة لصالح الوحدة الوطنية ولجم أي انزلاقات يمكن أن تشهدها البلاد على خلفية الوضع في المنطقة. إننا نؤكد هنا على مبدأ رئيس هو أن البحرين لجميع البحرينيين، وان محاولات حرف الواقع بغير ما هو عليه لن يحل الأزمة السياسية ولن يغير شيء في الواقع القائم، الأمر الذي يفرض ضرورة تمتع الجميع بدرجة عالية من الوعي لكي لا نقع في براثن الفرقة والتمترس الطائفي والمذهبي الذي تعاني منه المنطقة برمتها

وعلى صعيد الأوضاع الإقليمية في سوريا واليمن والعراق ولبنان وفلسطين، فقد استعرضت اللجنة المركزية أحدث المستجدات فيها كالتدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا، والفساد المالي والإداري المستشري في العراق واستمرار دول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية في حربها في اليمن، واستمرار تعطيل الحياة السياسية في لبنان، والهبة الفلسطينية الراهنة ضد الكيان "الصهيوني"، وأكدت اللجنة المركزية على جملة من الثوابت الداعية إلى وقف الحروب فيما بين الدول العربية واللجوء إلى توافقات مجتمعيه عبر حوارات وطنية جادة والبدء في الانتقال إلى دول ديمقراطية مدنية حديثة والانتهاء من مرحلة الدول الاستبدادية والشمولية، والتوجه الجاد لمواجهة التطرف والإرهاب بمنظماتها المتعددة عبر تجفيف أسبابها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والتعليمية والإعلامية.

وفي ختام هذه الاجتماعات هنأت اللجنة المركزية الشعب التونسي حول حصول الرباعي الراعي للحوار الوطني (العمال، أرباب العمل، المحامون، المدافعين عن حقوق الإنسان) على جائزة نوبل للسلام لعام 2015، الأمر الذي يؤكد بأن وجود النية الجادة والصادقة لأي حوار وطني، سوف تحقق المكتسبات والإنجازات على الصعيد الدولي، وأهمية استرشاد حكومة البحرين ومؤسسات المجتمع المدني من التجربة التونسية.