نبيل عمرو يفتح عبر دنيا الوطن "ملف الرئاسة والانتخابات والقوى": الفصائل ! (ح4)

نبيل عمرو يفتح عبر دنيا الوطن "ملف الرئاسة والانتخابات والقوى": الفصائل ! (ح4)
كتب نبيل عمرو

الفصائل

-4-

ورث الفلسطينيون نفوذا غير مبرر لفصائل صغيرة ذات حضور ضعيف على الصعيد الشعبي، وهذه الظاهرة التي كانت مفهومة وحتمية في زمن الكفاح المسلح، لم تعد مفهومة ولا حتمية في زمن الاعتراف باسرائيل والدخول في محاولات لايجاد حلول وسط معها .

ان ضعف الفصائل على ارض الوطن، وفي الاوضاع الجديدة، وتنامي سطوة القطبين الرئيسيين فتح وحماس وتسلح كل قوة منهما بنفوذ سلطوي وعلاقات اقليمية ودولية، أدّى بصورة موضوعية الى جعل الفصائل مجرد اجسام ملحقة بالقطبين ما افقدها تماما اي دور مستقل في الحياة السياسية الفلسطينية، ولقد أدّى ذلك الى اضعاف منظمة التحرير الفلسطينية وتهميش دورها السياسي كاطار وطني اعلى، رغم ان منظمة التحرير هي صاحبة الشرعية السياسية الاقوى على الصعد الفلسطينية والعربية والدولية، وتتحمل هذه الفصائل المسؤولية الاولى عن ضعفها المتمادي، وتبعيتها للقطبين الفاعلين على الساحة وذلك بفعل الاعتماد المطلق على شرعية قديمة آخذة بالتحلل وضعف المصداقية وعدم قدرة هذه الفصائل على الافادة من عودة معظم قياداتها وكوادرها الى ارض الوطن، وعدم نجاحها في تطوير عمقها الشعبي داخل المجتمع الفلسطيني، وعدم اعتماد سياسة جديدة في بنائها وتكييف برامجها مع الاوضاع المستجدة، ولقد عوقبت هذه الفصائل بشكل صارم عبر صناديق الاقتراع التي لم تعطها جميعا اكثر من 5% من مقاعد المجلس التشريعي الثاني وهذه نسبة لا تؤهلها لممارسة دور فعّال ناهيك عن ان معظم ان لم نقل جميع قيادات هذه الفصائل اندمجت فعليا في اطارات ومؤسسات السلطة مع احتفاظها بحق الاعتراض اللغوي على بعض المواقف والاتجاهات، وبميزان المصالح الخاصة بكل فصيل فإن صندوق الاقتراع غير وارد لدى الفصائل الصغيرة خصوصا، وان ما كان ممكنا في الانتخابات الثانية من حيث النتائج صار مشكوكا فيه في الانتخابات الثالثة، لهذا تلتصق هذه الفصائل بالشرعية القديمة التي تعطيها اكثر بكثير مما يعطيها وزنها وتضمن لها الجلوس في الواجهة ما دامت اطارات منظمة التحرير قائمة ولم تتغير، وما دام استثمار القطبين الرئيسيين فتح وحماس لهذه الفصائل يعطي مردودا ولو دعائيا في لعبة الاستقطاب الداخلي، لذلك تبدو الانتخابات بالنسبة لضامني الجلوس في الواجهة بحكم الاستنساخ المستمر للشرعية القديمة بمثابة اعلان صريح عن افول دور هذه الفصائل في الوضع الجديد، فمن اين يأتي فصيل يكاد نفوذه لا يرى تحت مجهر مكبر بمقعد على رأس الهرم القيادي اذا ما صار صندوق الاقتراع هو اساس النفوذ والمكانة في البناء الوطني، وبذلك يفتقد دعاة الانتخابات الى صوت ولو اعلامي يطرح الانتخابات كخيار لتجديد الشرعية، فما الداعي لهذا التجديد طالما تواصل الشرعية القديمة والمتآكلة دورها الموروث دون تعب او جهد لتأسيس عمق شعبي يوفر للفصيل مكانة راسخة في الحياة السياسية

التعليقات