(علاج ونصائح) : قتل الافاعي في فلسطين...هواية متوارثة نتائجها كارثية

(علاج ونصائح) : قتل الافاعي في فلسطين...هواية متوارثة نتائجها كارثية
رام الله - دنيا الوطن
سلط تقرير أخير لمركز العمل التنموي/ معا الضوء على ظاهرة متوارثة تتمثل بقتل الأفاعي واشعال الحرائق بالقرب من المناطق السكنية للقضاء عليها، فهل الأفعى والعرابيد تستحق منا كل هذا العداء، وهل جميع أنواعها المتواجدة في فلسطين سامة وضارة، يحاول هذا التقرير الاجابة الوافية عن تلك التساؤلات.

جاء في مقدمة  التقرير المعد من قبل الصحفية حسناء الرنتيسي: "حريق هائل شب في منطقة جبلية ما بين قريتي كفر نعمة ودير ابزيع، جبل كامل أحرق لمطاردة "عربيد" ظهر في تلك المنطقة، فهل يستحق ظهور هذا العربيد حرق جبل كامل لقتله، هذا ما أثار غيظ مربي الافاعي جمال العمواسي، الذي استفزته هذه الظاهرة والتي تنتشر بين الناس دون ان يفكروا في تداعياتها".

يضيف العمواسي: "العربيد لا يقتل أو يؤذي أحداً، بينما يتباهى البعض بقتله وعرض صوره دون معرفة فوائد هذا العربيد، فهو صائد محترف للأفاعي السامة التي تنتشر في فلسطين، فلماذا نقتله؟ هل هي مجرد ثقافة عدائية بلا مبرر؟!!، لماذا نقتلها اذن، اذا رأيت افعى في جبل او في مكان بعيد عن المنازل اتركها وشأنها، واذا وجدت افعى في باحة منزل مثلا يمكنك التعامل معها بطريقة معينة كي لا تؤذيك اذا كانت سامة، وذلك باستخدام عصا طويلة، كعصا القشاطة التي نستخدمها في المنازل، حيث يقوم المواطن بالضغط على رأس الافعى بالعصا، وبالتالي ستثبت ولن تتمكن من الهروب، ويمكن ادخالها في قنينة مياه فارغة اذا كان المواطن ليس متأكدا انها سامة ام لا، وعرضها على من يعرف التعامل معها من المواطنين أو الهواة". ويؤثر سم الافاعي حسب وزارة الصحة الفلسطينية على الدورة الدموية والجهاز العصبي للانسان، ما يؤدي لتشنجات صعبة. اضافة الى ما تؤثره لدغة الأفعى من آلام شديدة ودوخة وهزلان الجسم، وقد يصل الأمر الى فقدان الوعي.

متى نقتلها؟

مواطن من رفيديا في نابلس اشتكى من تكاثر الافاعي في محيط المنازل في المنطقة التي يقطنها في رفيديا، وهي من نوع الكوبرا الاستوائية كما يقول، ويبدأ خروجها في شهر حزيران".

ويشتكي هذا المواطن عدم استجابة الجهات الرسمية لمناشدة اهالي المنطقة، حيث وصل الدفاع المدني ولم يفعلوا شيئا، بحجة انهم غير مسؤولين عن الاماكن المفتوحة، فهم يختصون بساحة بيت منزل او المكان المغلق والصغير، وغير ذلك لا يعنيهم.

هذه الانواع من الافاعي لم يعترض العمواسي على قتلها اذا كانت قريبة من الاماكن السكنية، فالقتل العشوائي للافاعي يثير حفيظة عاشقها العمواسي الذي يرى انه يجب ان نتقن تمييز انواعها، والعمل على عدم ابادتها فقط، بسبب تصورات وهمية ان كل الافاعي سامة، ففي فلسطين ما نسبته 80% من النوع غير السام.

وأنواع الافاعي السامة هي عشرة انواع في فلسطين مع اضافة افعى الشجرة الخضراء التي تم اكتشاف خطورتها من قبل الاحتلال، وهناك 45 نوعا غير سام، حسب الاستاذ داوود الهالي، استاذ الجغرافيا والمختص البيئي، والذي يرى اننا نقتل الأفاعي في فلسطين بشكل عشوائي لامتلاكنا ثقافة خاطئة حولها، داعياً إلى تغيير هذه الثقافة من خلال النشرات والدروس التوعوية.

لماذا الافاعي؟

"الافاعي لم تخلق عبثا" يقول العمواسي، ويضيف، هناك من يستخدم اثوابها في انواع علاجات شعبية، حيث يقال انها تستخدم لعلاج الثواليل، ومنهم من يستخدمها لصنع دواء لعلاج العقم، ولعلاج الصدفية وما شابه.

كما انها تقتل الفئران والجرذ الكبيرة المؤذية للانسان والمزروعات، واذا قمنا بقتل الافاعي بشكل عشوائي سنعاني فيما بعد من انتشار هذه الحيوانات، وبالتالي انتشار الأمراض كالطاعون وغيره.

 ويشير العمواسي الى أن ما وصلت له اسرائيل من تقدم في مجال استخدام الافاعي وجلودها وسمها في انواع من الادوية، فمنها تصنع مضادات حيوية، كما قامت دولة الاحتلال باستخدامها في الكوزمتكس أيضا، وليس فقط في الادوية العلاجية.

ويؤكد ذلك الهالي، الذي يرى ان ابادة هذه الافاعي يؤدي لانتشار الأمراض الخطيرة، فهناك الأفعى البقلاوية غير السامة التي تعتبر صائدا محترفا للافاعي السامة، وبقتل هذه الافاعي نساعد على انتشار الافاعي السامة في فلسطين، وخاصة الفلسطينية منها.

كما يشير الهالي الى اهمية الافاعي في استخلاص الادوية والمستحضرات الطبية منها، مع ضرورة التمييز بين الخرافات والمنطق، فسموم الافاعي مثلا تستخدم في صناعة انواع من الأدوية، وهو ما ذُكر في كتب الطب الشعبي.

علاج لدغاتها مكلف

ومن أخطر الافاعي في فلسطين "أفعى فلسطين السامة" والتي لا تخلو من اي كيلومتر مربع في فلسطين، وتتزايد اعدادها بشكل كبير جدا، ففي هذه السنة فقط تم رصد ما يزيد عن 17 لدغة افعى حتى الان كما أوضح العمواسي.

في عام 2013 تم تسجيل 95 لدغة افعى حسب د. جواد البيطار من وزارة الصحة، والذي اشار الى وجود حالات غير مبلغ عنها، إلا ان ما بلّغ عنه وصل 95 حالة في الضفة وغزة، منها 47 حالة في الضفة، و48 حالة في غزة، بمعدل اصابة بلغ 2.1 اصابة لكل 100 الف مواطن.

ويضيف البيطار"في عام 2014 لم تصلنا بلاغات من غزة، وفي الضفة هناك 57 حالة اصابة، اي بمعدل اصابتين لكل 100 ألف مواطن."

وعلاج هذه اللدغات مكلف جدا حسب العمواسي، فالمصل يتم شراءه من اسرائيل، وثمن الجرعة منه 1000 دولار، تصنعه دولة الاحتلال وتشتريه وزارة الصحة الفلسطينية، ويحتاج المصاب من 3-5 جرعات، هذا في حال الاصابة الخفيفة، وبالتالي كل جرعة ستكلف الف دولار، فهي مكلفة جدا، ولم تكن متوفرة لدى وزارة الصحة، لكن بعد جهد كبير وبسبب زيادة اللدغات والاصابات تم توفير هذه الجرعات التي تحتاج إلى مختبرات دقيقة، ومعدات متطورة وخبراء لتصنيعها.

وفي فلسطين ينقصنا الاطباء المختصين في مجال لدغات الافاعي، ففي احدى الحالات قاربت احدى الاصابات على الوفاة بسبب عدم معرفة المشفى لكيفية التعامل مع المصاب وقياس ضغطه بسبب خطورة اللدغة، لكن تدّخل العمواسي وتقديم مساعدته للأطباء حالت دون تدهور حالة المصاب، ويقول العمواسي "علاج لدغات الافاعي يحتاج إلى شخص يتعامل عن قرب مع الافاعي وخبير فيها، فهي ليست مجرد حالة يتعامل معها اي طبيب".

نصائح عاشق الافاعي

وناشد العمواسي كافة المواطنين عدم قتل العربيد، فهو غير سام كما يقول، وهو لا يقتل أو يؤذي أحد، بينما يتباهى البعض بقتله وعرض صوره دون معرفة فوائد هذا العربيد، فهو صائد محترف للافاعي السامة،

ولكن يحذر العمواسي من افعى فلسطين، والتي كان من بين ضحاياها الحاج ابو الذيب 60 عاما من بيت نوبا، الذي كان يمارس عمله في الحصاد، الا ان تلك الافعى لدغته حين داسها بقدمه دون ان يقصد، فهربت، واعتبر العمواسي ان عدم لبس حذاء مرتفع تسبب في سهولة وصول الافعى لقدمه، وقال "كانت حالته خطره جداً، ولكن 5 جرعات من المصل المضاد التي تم حقنه بها حسّن من حالته فنجا والحمد لله.  وعزا العمواسي انتشار الافاعي السامة في فترة الحصاد الى انتشار الفئران، ما يعني فترة نشاط الافاعي.

ونصح الهالي بضرورة نشر الوعي بين المواطنين من خلال الجامعات والمدارس واماكن تجمع المواطنين للحث على عدم القتل العشوائي لهذه الافاعي، والعمل على تخليص الناس من الخرافات العالقة بأذهانهم، والتي منها ما يتعلق بضرورة قتل العربيد، فهو في العرف الشعبي يلتف حول الانسان ويقتله، لكن ذلك غير صحيح، فهو يقتل الافاعي السامة ولا يؤذي الانسان