نبيل عمرو يفتح عبر دنيا الوطن ملف "الرئاسة والانتخابات والقوى" :من الشقيري الى عرفات الى عباس (ح1)

كتب نبيل عمرو
-1-
الرئاسة الفلسطينية، ومنذ تأسيسها على ارض الوطن من خلال اوسلو، لم تكن شأناً فلسطينياً خاصاً، بل تكرست كإستثمار دولي، يرتبط وجوداً وعدما بمشروع سياسي يهتم بمنطقة الشرق الاوسط بأسرها، ومسيرة الرئاسة الفلسطينية منذ تأسيسها حافلة بالوقائع الدالة على ذلك، من جائزة نوبل التي منحت لعرفات تشجيعا على المضي قدما في مشروع التسوية، مرورا باجتهاد تأسيس حكومة فلسطينية تتقاسم المسؤولية مع ياسر عرفات، وانهاءً بالتخلص من عرفات شخصيا لخروجه عن النص المقرر في اجندات اصحاب المشروع الاساسيين .
بعد التخلص من عرفات بالطريقة التي نعرفها جيدا، انتقلت الرئاسة على نحو تلقائي وفي غاية السلاسة الى السيد محمود عباس، شريك عرفات في الثورة وحليفه في مسيرة السلام، واحد الاسماء التاريخية المحسومة في شجرة عائلة فتح.
لم يكن عباس مولعاً بارتداء البدلة العسكرية، ولا مفتونا الى ما لا نهاية بالبندقية رغم انه كان من القلائل الذين دعموا عرفات في البداية، حين قرر الضغط على الزناد واطلاق الرصاصة الاولى، ولدى وضع حالة عباس تحت المجاهر الدولية صاحبة القرار اعتمد الرجل رئيسا للفلسطينيين، وأيد الفلسطينيون هذا الاعتماد فمنحوه اصواتهم في الانتخابات الرئاسية التي تمت في العام 2005.
جاء عباس الى الرئاسة باجماع نادر، املاه الخوف من فراغ ما بعد عرفات، اضافة الى تقدير غير مدقق تماما من جانب سدنة مشروع التسوية، بأن عباس سيفعل ما لم يستطع عرفات فعله، وقبل ان تقطع تجربة عباس في الرئاسة شهورا، بدا على ارض الواقع ان الرجل لا يستطيع الوفاء بالرهانات التي وضعت عليه من قبل سدنة المشروع، وبالمقابل ضُرب رهان عباس في الصميم حين لم تستطع القوى الدولية التي دعمته في موقع رئيس الوزراء، من ان تساعده في التقدم بمشروع السلام الذي تراجع بصورة خطيرة وان لم يكن قد انهار تماماً فقد وقف على حافة الانهيار النهائي، كان ذلك بمثابة التحدي الاكبر الذي فرض نفسه على عباس وأضيف اليه تحدٍ افدح حين فازت حماس في الانتخابات التشريعية ما شجعها على الاستئثار بغزة، وسلخها اداريا وسياسياً عن باقي اجزاء الوطن.
وقد اودت هذه الاحداث بفكرة تداول السلطة عن طريق الانتخابات، وطرح قول ما زال ساري المفعول لتبرير هجر الانتخابات من الحياة الفلسطينية وهو انه لا انتخابات دون توافق، مع ان الانتخابات وجدت اساسا لحل المعضلات الناجمة عن استفحال الصراع الداخلي، وابتعاد التوافق، فدخل الفلسطينيون مرحلة كل شيء في حياتهم انتهت ولايته، فالمجلس التشريعي انتهت ولايته، وانتهى دوره، ورئيس المجلس التشريعي لم تتجدد رئاسته حسب الاصول، ورئيس السلطة الوطنية انتهت ولايته وفق النظام الذي اتى به، والحكومة الفلسطينية صارت مجهولة الهوية فهي في رام الله حكومة وفاق وفي غزة حكومة نفاق، ولم يبق في حياتنا شرعية غير منتهية، الا شرعية المجلس الوطني الفلسطيني التي لا تنتهي الا حين تبدأ فعليا شرعية مجلس جديد، وهذا الذي يجري هو اخطر ضربة وجهت لآمال الفلسطينيين في تكريس نظام سياسي جديد يثبت رغم كل المعوقات جدارتهم في الانتقال من مرحلة الحكم الذاتي الى مرحلة الدولة .
ان كل هذه الرزايا حدثت دفعة واحدة مع توالد ازمات متسلسلة انهكت وارهقت المواطن الفلسطيني الذي يعاني من الاحتلال والاستيطان في الضفة، والقتل والتدمير الشامل على يد اسرائيل في غزة، وبلا اي قدر من البالغة في الوصف فان ما يعانيه الشعب الفلسطيني لم يبسق ان عانا مثله في كل احقاب تاريخه الطويل والغني بالاحداث.
ولقد دخلنا في مرحلة يتخذ التدهور فيها سمة متسارعة، وما ان نحقق تقدما على صعيد ما ولنقل على الصعيد الدولي، فان واقعنا على الارض هنا يبدد هذا التقدم ويجعل من الرهان عليه كمخرج من ازمتنا مؤجل التحقق لفترة طويلة ولأن الرئاسة الفلسطينية هي اربع رئاسات في شخص واحد فانها تواجه اربع استعصاءات بالغة التأثير على الخاضر والمستقبل
رئاسة الدولة تبدو غير منطقية مع تراجع تأسيس الدولة على الارض، ورئاسة السلطة يرفع في وجهها بين وقت واخر حكاية انتهاء الولاية، ورئاسة المجلس التشريعي تتطابق في هذا الامر مع رئاسة السلطة ورئاسة المنظمة مع ضعف المنظمة اساسا وغياب دورها هي بحاجة الى تجديد
هذا هو الحال الان ودعوني استعرض باقي عناوين هذا الملف لعلني اصل الى اقتراحات محددة لمعالجة الوضع .
-1-
الرئاسة الفلسطينية، ومنذ تأسيسها على ارض الوطن من خلال اوسلو، لم تكن شأناً فلسطينياً خاصاً، بل تكرست كإستثمار دولي، يرتبط وجوداً وعدما بمشروع سياسي يهتم بمنطقة الشرق الاوسط بأسرها، ومسيرة الرئاسة الفلسطينية منذ تأسيسها حافلة بالوقائع الدالة على ذلك، من جائزة نوبل التي منحت لعرفات تشجيعا على المضي قدما في مشروع التسوية، مرورا باجتهاد تأسيس حكومة فلسطينية تتقاسم المسؤولية مع ياسر عرفات، وانهاءً بالتخلص من عرفات شخصيا لخروجه عن النص المقرر في اجندات اصحاب المشروع الاساسيين .
بعد التخلص من عرفات بالطريقة التي نعرفها جيدا، انتقلت الرئاسة على نحو تلقائي وفي غاية السلاسة الى السيد محمود عباس، شريك عرفات في الثورة وحليفه في مسيرة السلام، واحد الاسماء التاريخية المحسومة في شجرة عائلة فتح.
لم يكن عباس مولعاً بارتداء البدلة العسكرية، ولا مفتونا الى ما لا نهاية بالبندقية رغم انه كان من القلائل الذين دعموا عرفات في البداية، حين قرر الضغط على الزناد واطلاق الرصاصة الاولى، ولدى وضع حالة عباس تحت المجاهر الدولية صاحبة القرار اعتمد الرجل رئيسا للفلسطينيين، وأيد الفلسطينيون هذا الاعتماد فمنحوه اصواتهم في الانتخابات الرئاسية التي تمت في العام 2005.
جاء عباس الى الرئاسة باجماع نادر، املاه الخوف من فراغ ما بعد عرفات، اضافة الى تقدير غير مدقق تماما من جانب سدنة مشروع التسوية، بأن عباس سيفعل ما لم يستطع عرفات فعله، وقبل ان تقطع تجربة عباس في الرئاسة شهورا، بدا على ارض الواقع ان الرجل لا يستطيع الوفاء بالرهانات التي وضعت عليه من قبل سدنة المشروع، وبالمقابل ضُرب رهان عباس في الصميم حين لم تستطع القوى الدولية التي دعمته في موقع رئيس الوزراء، من ان تساعده في التقدم بمشروع السلام الذي تراجع بصورة خطيرة وان لم يكن قد انهار تماماً فقد وقف على حافة الانهيار النهائي، كان ذلك بمثابة التحدي الاكبر الذي فرض نفسه على عباس وأضيف اليه تحدٍ افدح حين فازت حماس في الانتخابات التشريعية ما شجعها على الاستئثار بغزة، وسلخها اداريا وسياسياً عن باقي اجزاء الوطن.
وقد اودت هذه الاحداث بفكرة تداول السلطة عن طريق الانتخابات، وطرح قول ما زال ساري المفعول لتبرير هجر الانتخابات من الحياة الفلسطينية وهو انه لا انتخابات دون توافق، مع ان الانتخابات وجدت اساسا لحل المعضلات الناجمة عن استفحال الصراع الداخلي، وابتعاد التوافق، فدخل الفلسطينيون مرحلة كل شيء في حياتهم انتهت ولايته، فالمجلس التشريعي انتهت ولايته، وانتهى دوره، ورئيس المجلس التشريعي لم تتجدد رئاسته حسب الاصول، ورئيس السلطة الوطنية انتهت ولايته وفق النظام الذي اتى به، والحكومة الفلسطينية صارت مجهولة الهوية فهي في رام الله حكومة وفاق وفي غزة حكومة نفاق، ولم يبق في حياتنا شرعية غير منتهية، الا شرعية المجلس الوطني الفلسطيني التي لا تنتهي الا حين تبدأ فعليا شرعية مجلس جديد، وهذا الذي يجري هو اخطر ضربة وجهت لآمال الفلسطينيين في تكريس نظام سياسي جديد يثبت رغم كل المعوقات جدارتهم في الانتقال من مرحلة الحكم الذاتي الى مرحلة الدولة .
ان كل هذه الرزايا حدثت دفعة واحدة مع توالد ازمات متسلسلة انهكت وارهقت المواطن الفلسطيني الذي يعاني من الاحتلال والاستيطان في الضفة، والقتل والتدمير الشامل على يد اسرائيل في غزة، وبلا اي قدر من البالغة في الوصف فان ما يعانيه الشعب الفلسطيني لم يبسق ان عانا مثله في كل احقاب تاريخه الطويل والغني بالاحداث.
ولقد دخلنا في مرحلة يتخذ التدهور فيها سمة متسارعة، وما ان نحقق تقدما على صعيد ما ولنقل على الصعيد الدولي، فان واقعنا على الارض هنا يبدد هذا التقدم ويجعل من الرهان عليه كمخرج من ازمتنا مؤجل التحقق لفترة طويلة ولأن الرئاسة الفلسطينية هي اربع رئاسات في شخص واحد فانها تواجه اربع استعصاءات بالغة التأثير على الخاضر والمستقبل
رئاسة الدولة تبدو غير منطقية مع تراجع تأسيس الدولة على الارض، ورئاسة السلطة يرفع في وجهها بين وقت واخر حكاية انتهاء الولاية، ورئاسة المجلس التشريعي تتطابق في هذا الامر مع رئاسة السلطة ورئاسة المنظمة مع ضعف المنظمة اساسا وغياب دورها هي بحاجة الى تجديد
هذا هو الحال الان ودعوني استعرض باقي عناوين هذا الملف لعلني اصل الى اقتراحات محددة لمعالجة الوضع .