ورحل اخر الرجال المحترمين

تابعنا أيضا عبر تليجرام t.me/alwatanvoice

قضى حياة صاخبة بالأعمال الفنية القيمة تعالج سلبيات المجتمع العربي فانحاز لكل القضايا العربية وذات مرة تدخل لدى صدام حسين للإفراج عن الفنان العراقي نصير شمة فأنقذه من حبل المشنقة وقد اعلن نصير شمة عن هذا الموقف وشكر الفنان نور الشريف في برنامج الإعلامية منى الشاذلي .

في الثمانينات التقيت الفنان الكبير نور الشريف بتونس وكان احد المخرجين قد اقترح إخراج إحدى رواياتي السياسية حول الحرب السرية بين إسرائيل والأمن الفلسطيني المطبوعة كفيلم سينمائي وتحدثت مع نور الشريف فقال :" أي فيلم فلسطيني أشارك به بدون اجر ".

بكل تواضع لم يشترط مالا او بطولة لان يعتبر ان الفيلم الفلسطيني هو البطل .

رغم انه كان لتوه قد خرج من تجربة مريرة في فيلم فلسطيني من إنتاج عطا الله عطا الله ابو الزعيم رئيس الاستخبارات العسكرية في حينه بعد ان قام المخرج المغربي  محمد البوريكي بعملية نصب ويقال انه أخفى النيجاتيف لصالح المخابرات الإسرائيلية .

التقيت مع أبو الزعيم وشرح لي مأساة الفيلم الذي تم تصويره في ايطاليا تحت عنوان " خيط ابيض.. خيط اسود " وشارك في بطولة الفيلم غسان مطر وفنانين ايطاليين والتقيته وشرح لي المزيد ووجه نفس الاتهام للمخرج المغربي الذي اختفى مع نيجاتيف الفيلم بان الموساد لعب لعبته لاحباط الفيلم في المهد لانه يتناول القضية الفلسطينية من وجهة نظر جديدة موجه للمواطن الأوروبي والأمريكي .

ورغم ما حدث للعالم العربي لم يتخل نور الشريف عن اهتمامه بالقضايا العربية ولا سيما القضية الفلسطينية فعرض على المنتجين في مصر تصور فيلما عن حياة الرئيس الراحل ابو عمار والشيخ الشهيد احمد ياسين الا أن أحدا لم يوافق فتوفي نور الشريف وفيلمي الشهيد ابو عمار والشيخ الشهيد احمد ياسين غصة في حلقه لان صناعة أفلام الهيشك بيشك الآن لاتقبل بعمل عربي فلسطيني وطني من هذا النوع .. فقد سيطر على إنتاج الأفلام شركات يمتلكها منتج مصري أدى العمرة 50 مرة حسب قوله وكل يوم يصفعنا الإعلام بقضية تحرش بالفنانات يقوم ببطولتها الحاج صاحب المآثر السينمائية الذي وصفه مرتضى منصور بأنه عار على السينما المصرية .

وتمكن بين فترة وأخرى من تمثيل بعض الأفلام المسلسلات الهادفة مثل فيلم ناجي العلي وهو تحفة فنية قومية ومسلسل متخافوش .

ومع هذا كانت كل أعماله الفنية خلال السنوات الماضية من روائع المسلسلات العربية الاجتماعية والسياسية الهادفة وكان يقضي معظم وقته في القراءة فكان سياسيا مثقفا مطلعا وحواراته مع الفضائيات العربية لم تكن تافهة مثل حوارات بعض الفنانين وتهريج بل كانت تعتبر محاضرات سياسية ينتظرها الناس لقيمتها الوطنية المصرية والعربية .

وذات مرة سخر الفنان سمير غانم في إحدى مسرحياته من فيلم اخر الرجال المحترمين فقال:"مشيت في الشارع فرأيت صورة رجل يقف ويقول " أنا اخر الرجال المحترمين" فقلت : هم الرجال المحترمين خلصوا؟".

اجل فان الرجال المحترمين أصبحوا عملة نادرة وكان احدهم الفنان نور الشريف الذي أحب بلده مصر كما أحب فلسطين وبلاد العرب وانحاز دائما للقضايا العربية .
وكما قال الكاتب المصري وحيد حامد عن نور الشريف :" ورحل اخر الرجال المحترمين ".