هل سيتقدم رامي الحمدلله باستقالته ؟ .. و لماذا لا يعود دحلان لرام الله ؟

كتب غازي مرتجى
**
يُمكن كتابة يوم "الافراج" عن فياض ودحلان من سرايا النيابة -مجازياً- من أيام التاريخ القضائي الفلسطيني , وتأكيد بما لا يدع مجالاً للشك فيه انّ السلطة القضائية منفصلة تماماً عن السلطتين التشريعية والتنفيذية , وكسب القضاء الفلسطيني الجولة رغم حملات التشويه التي تعرّض لها قبل الحكم .. وحتى بعد الحكم .
لم يُغادر فياض شعور "رجل الدولة" فأصرّ على الصمت والاكتفاء بالتوجّه للقضاء الفلسطيني من أجل المداولة في قرار تجميد أموال مؤسسته التي يرأس مجلس إدارتها وبعد الحُكم رفض الحديث واكتفى بما نُشر من قرار محكمة العدل العليا بينما وصف دحلان الحُكم بـ"ثورة القضاة" .. فيّاض تعامل بروح سامية ولم يرغب بالتصعيد رغم قدرته على ذلك بينما استغلّ محمد دحلان الحكم حتى الرمق الأخير ليُهاجم منافسيه في "حسابات" أقل ما يُقال عنها شخصية بحتة .
أثبت القضاء الفلسطيني في هذه الجولة عدم رضوخه لمتطلبات السلطة وبعض من رموزها الشخصية .. وبقي التذكير هنا انّ أي قرار سيتخذه فيما بعد يجب أن يكون محل ثقة وتقدير واحترام تنفيذ وألاّ نأخذ ما لنا ونترك ما علينا .. بل من الواجب التأكيد على استقلالية القضاء في أي "طاريء" يحكم فيه .
إعادة رواتب مناصري دحلان في غزة والحكم القضائي لصالحه يفتح صفحة جديدة أنصح فيها "دحلان" بالتوجه لرام الله والمثول أمام المحكمة الحركية والتوجه للقضاء الفلسطيني للفصل في اي قضايا عالقة ولا اعتقد ان اي "مضايقات" سيتعرض لها النائب دحلان خاصة مع قرار المحكمة بتثبيت مزاياه كنائب في المجلس التشريعي .
**
من الواضح انّ بعض مراكز "القوى" في السلطة الفلسطينية اضافة الى حركة حماس يعملون ضد توجهات رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمدلله ويملأون الإعلام "تناقضات" تُثبت ان الخلافات الشخصية -عدا بعض حماس- تُسيطر على الوضع الفلسطيني برمته وتُهدد بهدم المعبد .
لو كنت بدلاً من رئيس الوزراء ولدي القرار في ذلك لتوجّهت بالاستقالة الى الرئيس ابو مازن فوراً إلاّ في حال واحد ان يكون رئيس الوزراء "حر" نفسه واختياراته فلا منطق ولا واقع يقول ان يتم فرض "وزراء" على رئيسهم لأقوم مستقبلاً بمحاسبة رئيسهم والاثخان فيه ليخرج بـ"سواد الوجه" .. ويخرج الوزراء بـ"بياض الوجه" .
إما ان يختار رئيس الوزراء من يراه مناسباً من الوزراء لملأ الفراغ الحكومي القائم وإما أن يتقدّم "المنافسون" لذلك لنسمع الجعجعة الفارغة دون ان نرى الطحين بالتأكيد ..
من مزايا رئيس الوزراء الحالي "القبول" الذي يحظى به من اطراف متعددة في فتح ومنظمة التحرير وكذلك من حركة حماس رغم "هجومها"الأخير عليه .. فـ"حماس" لم تكن ترفض توليه رئاسة الوزراء في وقت الصراع الأشد مع فتح ووافقت على توليه المنصب وما الهجمات المرتدة على رئيس الوزراء إلا جزءاً من عملية هجومية واسعة تشنها الحركة على حركة فتح ومنظمة التحرير ومن ضمنها رئيس الوزراء .
إنّ ما دبّره البعض بحق "سلام فياض" حين كان رئيساً للوزراء يعمل ذاتهم على المنوال نفسه مع "رامي الحمدلله" وكأنّ النخبة التنظيمية دخلت في صراع قوي مع النُخب التكنوقراط .
بعد فوز حماس في انتخابات المجلس التشريعي شكلّت حكومة "حمساوية" بحتة وبعد مفاوضات في القاهرة وتُوجت باتفاق مكّة اتفقت الاطراف على تشكيل حكومة وحدة وطنية زادت من الانقسام بشكل "مُبالغ" فيه وانتهت تلك الفترة بقتال حامي الوطيس أسفر عن تسلُم حماس حكم غزة بالقوة المسلحة .. ومن المنطقي ان يكون هناك "استقطاباً" حاداً في الحكومة المُشار لها فكل شخصياتها كانت تتبع لتنظيماتها فإن أصدر التنظيم أمراً كان له "الوزير" بالمرصاد ونفذّه بحذافيره دون تغيير .. اما حكومة "التكنوقراط" فلديها من هامش حرية التعامل الكثير وحتى في زمن الانقسام تمكّن سلام فياض من فتح بضعة خطوط مع حركة حماس ولم ينقطع التواجد الحكومي في قطاع غزة وحافظ قدر المستطاع على الشرعية الفلسطينية على الارض حتى لو لم يكن يحكُم فعلياً .
للوزراء "التكنوقراط" فوائد ومضار وللوزراء "التنظيميين" مضار وفوائد .. وقد يجيء يوم لا يمكن لوزير التكنوقراط التمكن من العمل كما جاء اليوم الذي لا يمكن لوزير التنظيم من انفاذ قراراته ..!
ارحموا عزيز قوم ذل .. فارحموا القضية الفلسطينية المُذلّة بتصرفاتكم .. وكُفوا أيديكم عن الوزراء ليصح وطنكم