الصحفيون والأطباء .. واعتقال الزميل عوض

كتب غازي مرتجى
(1)
أثار قرار وزير الصحة الدكتور جواد عواد بفصل أحد الاطباء المتسببين بوفاة "أم وطفلها" اثناء عملية ولادة واحتجاز النيابة العامة له صخباً واسعاً من قبل الأطباء , وأعلن عدد منهم تقديم استقالته وبدأت نقابة الأطباء بفعاليات احتجاجية على اثر القرار.
عندما يُخطيء "المهندس" يتم محاسبته وقد يُحاكم بالحبس لسنوات , وإن فسّر البعض ما كتبه "صحفي" خطأً يتم استدعاؤه والتحقيق معه وقد يتم توقيفه أيضاً .. وفي حال ادانته يتم اعتقاله .. وفي كافة المجالات الخطأ وارد والمُحاسبة ضرورة .
في مصر أبرمت نقابة الصحفيين اتفاقاً مع النائب العام بما يخص "توقيف الصحفيين" ويُمنع توقيف الصحفي احترازياً الا في حالات محددة وضيقة , لكن بشرط أن تتخذ نقابة الصحفيين إجراءاً ضد الصحفي إن ثبُت خطأه , وفي حال ثبوت الخطأ تُسند بقية الاجراءات للنيابة العامة ويُحاكم الصحفي وفقاً لأحكام القانون دون تمييز .
في الأراضي الفلسطينية لم يُبرم أي اتفاق من أي جهة , كان من الواجب على نقابة الأطباء العمل على صياغة تفاهمات تمنع اعتقال "الطبيب" أثناء التحقيق بالواقعة فقط , وفي حال ثبُت "الخطأ" تعلن النقابة بالتعاون مع اللجان المشكلة من جهة الوزارة نتائج التحقيق وتتخذ النقابة "قرارها" ويُسند بعدها الأمر للقانون ليأخذ مجراه .
حماية وصون "الطبيب" أو "الصحفي" من مسؤوليات نقابته المختصة بما لا يُخالف القانون .. وإلاّ لو سنّت كل نقابة قانونها بمنع اعتقال منتسبيها حتى في حال ثبُت خطأهم فإن دولة القانون ستتحوّل الى دولة نقابات .
إنّ تفسير البعض ما يُنشر عبر الإعلام لأخطاء في المؤسسات العامة ومن ضمنها "قطاع الصحة" بأنه استهداف لمهنة الطب هو تفسير خاطيء والاستناد على هذا "الرأي" هو السبب في استمرار الجفاء بين الإعلام من جهة والأطباء من جهة أخرى .
نعم من الطبيعي أن يتأثّر زملاء المهنة مما يحدث مع زميل لهم ومن المنطقي الدفاع عنه .. لكن الأكثر منطقية هو الانفتاح مع المجتمع والقُرب من المواطن أكثر .
إنّ من واجب أي إعلامي التطرق لقضايا "الأخطاء" في أي مؤسسات حكومية وخاصة .. لكن من الواجب عليه أيضاً عدم النظر إلى النصف الفارغ فقط وإنما البحث عن الإيجابيات والنجاحات وهي باعتقادي أكثر من "الأخطاء" .
أهمس في أذن نقابة الأطباء سواء في قطاع غزة أو الضفة .. لا يوجد إعلامي يتصيّد الأخطاء لكم ولا يوجد من يُحاول "تشويهكم" وأصبح من الضرورة والواجب إبرام وصياغة اساس مشترك بين نقابة الأطباء ونظيرتها الصحفيين وعقد جلسات وورش عمل دورية كي تكون "الحقائق" شاخصة سواء امام الاطباء أو الإعلاميين .. كلٌ من جهته .
لا شكّ أن "الأجواء السلبية" تؤثر على العمل سواء في حقل "الطب" أو غيره , لكن من الواجب البدء بصياغة خطة وطنية مُتكاملة لمواجهة المخاطر المحدقة بمهنة الطب ومن ضمنها ما يعكسه قلّة من الأطباء ضد المهنة الأكثر إنسانية , فهجرة بعض العقول من الأراضي الفلسطينية ومعظمهم من الأطباء المتخصصين يدق ناقوس خطر يجب البدء باستشعاره حتى لا نصل إلى مرحلة لا يُحمد عقباها .
قطاع الطب في قطاع غزة يُعاني من نقص في عدد الأطباء أصلاً .. كيف وقد بدأت فكرة "هجرة العقول" بالسريان في الأوساط , وبالتأكيد من يفكر بالهجرة لديه من الأسباب ما تجعله يُقنع مناظره وهي أسباب يجب التطرق لها والعمل على وأدها وحلّها كي لا تزداد الأوضاع سوءاً .
(2)
اشتعلت الأوساط الصحفية المصرية بحملات استنكار واستهجان لقيام وزارة الداخلية المصرية برفع قضايا ضد رئيس تحرير اليوم السابع وزميل صحفي آخر , وساند صحفيو الجمهورية بعضهم البعض حتى لو كانوا من المتنافسين .
قطاع الصحفيين في فلسطين يحتاج لإعادة صياغة للمفاهيم , فقد تأثرّت نقابة الصحفيين بفعل الانقسام بين شطري الوطن ما جعل بعض القرارات والبيانات الصادرة هنا وهناك نوع من الدوران في فلك "الحاكم" , وإذ تعتبر نقابة الصحفيين الفلسطينيين الجدار الواقي لكافة الإعلاميين بات من الضرورة العمل على تحديد موعد لإجراء الانتخابات لضخ دماء جديدة في النقابة ومحاولة إعادة إحيائها بما يضمن تبنّيها لقضايا الصحفيين على مُختلف انتماءاتهم الحزبية .
قضية الزميل "محمد عوض" المعتقل في الضفة والمُتهم بقضايا غسيل أموال يجب التوقف عندها "كثيراً" , فرغم تصريحات الناطق باسم الاجهزة الأمنية إلا أنه من الواجب على نقابة الصحفيين الطلب من الجهات المختصة ما يثبت ادانة الصحفي عوض -ولا يُمكن تغييب موقف النقيب عبد الناصر النجار الذي وقف من اليوم الأول ضد قرار اعتقال الزميل عوض- .. وإن لم تثبت الجهات المختصة اتهاماتها بالأدلة والبراهين وجب الاعتصام المفتوح حتى الإفراج النهائي عنه .. وأي صحفي موقوف أو معتقل لدى أي جهة أمنية في الضفة أو غزة وجب العمل على الافراج عنه دون قيد أو شرط .