قضية الأرانب

رام الله - دنيا الوطن
يُحكى أنه منذ ألف عام جاء عدد كبير من الأرانب إلى إحدى القرى وأضرتها ضرراً كبيراً. فرغم أن الأرانب مخلوقات لطيفة، ولكن كثرة عددها فى البلدة أدى إلى ضرر، فلقد أكلت أجزاء كبيرة من المحاصيل والحبوب والخضروات والأعشاب المفيدة التى يعتمد عليها أهل البلدة فى طعامهم، حتى أن مجاعة كبيرة أصابت البلدة الحزينة وجعلت سكانها لا يستطيعون شراء الطعام إلا من تاجر كبير يدعى “سومو”. ولكن كان هذا التاجر يستغل أحوال الناس ويبيع لهم الطعام بأغلى الأسعار.
وفى يوم من الأيام قرر سكان البلدة أنه قد حان الوقت للتعامل مع مشكلة الأرانب، وهكذا قاموا بعمل اجتماع حضره جميع سكان القرية بما فيهم التاجر “سومو” وجلسوا لمناقشة الحلول الممكنة لهذه المشكلة العويصة. وفى هذا الاجتماع، كان سكان البلدة كلهم ينادون بالبحث عن حل لمشكلة الأرانب، فى حين أن التاجر “سومو” والذى كان يستفيد من كثرة وجود الأرانب أكبر فائدة لم يكن يريد لتلك المشكلة أن تُحل.
وفى الاجتماع، طلب سكان البلدة من كل من لديه اقتراح لحل المشكلة أن يقوم برفع يده طالباً الكلام، فرفع سومو يده طالباً الكلام، فوافق الجميع على سماع رأيه.
وقف التاجر “سومو” فى منتصف القاعة، وتنحنح قليلاً قبل أن يقول بهدوء: “أعتقد يا سكان البلدة الأعزاء أنه من غير العدل على الإطلاق أن نقوم بعمل اجتماع عام لمناقشة أحوال الأرانب من غير وجود هذه الأرانب كى تدافع عن نفسها ضد ما يتناقل عنها من أخبار، فقد تكون تلك الأرانب ليست هى المصدر لمشاكلكم، وليست هى من يأكل محاصيلكم وحبوبكم، ولهذا فأنا أرى أن نقوم بتأجيل الاجتماع بعد أن نكلف أحدنا بإعلام الأرانب بضرورة حضورها اجتماعنا القادم كى نتناقش معها فيما يجب أن نفعله.”
استحسن سكان القرية هذا الرأى، فهو قادم من التاجر “سومو” كبيرهم وأحكمهم كما يعتقدون، وهكذا قرر سكان القرية أنه من الأفضل إنهاء الاجتماع، وقاموا بتكليف بعضهم بالمشى فى الشوارع والأزقة لينادوا بأعلى صوتهم على كل الأرانب وإخبارهم بضرورة حضورهم جميعاً هذا الاجتماع المهم والذى سيتحدث فى مصير تلك الأرانب وطريقة التعامل المثلى معها.
واحتاج هذا الجهد إلى عام كامل بالتمام، حيث أن الأرانب كانت قد انتشرت فى كل مكان، وأصبح من الصعب ملاحقتها جميعاً لإخبارها بضرورة حضور الاجتماع. وهكذا أصبح هم أهل البلدة كلهم أنهم كلما رأوا أرنباً طلبوا منه حضور الاجتماع، وطلبوا منه إخبار أهله وأقاربه وأصدقائه كى يحضروا ذلك الاجتماع.
وفى هذه الأثناء تزايدت مشكلة الأرانب إلى حد كبير، الأمر الذى أدى إلى فساد المزيد من المحاصيل، والذى أدى أيضاً إلى ازدهار تجارة التاجر “سومو” الذى باع فى ذلك العام أربعة أضعاف ما كان يبيعه فى كل عام.
وفى ميعاد الاجتماع، حضر أهل البلدة جميعاً واجتمعوا فى القاعة الرئيسية للبلدة، وجلسوا فى انتظار حضور الأرانب. ولكن القاعة التى امتلأت عن آخرها بالبشر لم يظهر فيها حتى أرنب واحد ليتحدث عن لسان باقى الأرانب. أثار هذا التجاهل من جانب الأرانب ضيق وغضب سكان القرية، وقرروا جميعاً أن الأرانب تقلل من احترامهم ولا تهتم بمكانتهم كبشر كبار أكبر منهم فى الحجم والعقل.
ولكن التاجر “سومو” طلب الكلام مرة أخرى ووقف على منصة القاعة الرئيسية وقال مبتسماً: “أعتقد يا أبناء بلدتى الأعزاء أن الأرانب محقة فى عدم حضورها، فهى تخاف على نفسها وعلى أطفالها من قططكم وكلابكم المنتشرة فى كل مكان، وظهورها فى هذه القاعة بأعدادها الضخمة أمر غير آمن بالنسبة لها، فهى تخاف أن تجتمع قططكم وكلابكم وتهجم عليها هجمة واحدة وتقضى عليها جميعاً، لهذا فأنا أرى يا أصدقائى ـ والرأى رأيكم فى نهاية الأمر ـ أن تقوموا بحبس جميع قططكم وكلابكم أو إرسالها بعيداً إلى قرى أقاربكم لكى تشعر الأرانب بالأمان وتتقدم إلى القاعة لحضور هذا الاجتماع المهم.
ولكن الشاب الصغير “موكو” لم يعجبه الحال على الإطلاق، وأدرك خدعة التاجر العجوز، فرفع يده طالباً الكلام وقال: “أعتقد يا سادة بأن الحل الأفضل هو أن نقوم بتجميع الأرانب فى أقفاص كبيرة دون أن نؤذيها، وعلينا أن نضع لها طعاماً يكفيها إلى أن نتمكن من جمعها كلها.”
حاول التاجر “سومو” أن يتخلص من هذا الاقتراح، ولكن الاقتراح أثار إعجاب أهل البلدة كلهم، وقرروا أن يبدأوا فى تنفيذه بالفعل.
وفى غضون شهر واحد، استطاع أهل البلدة تجميع أغلب الأرانب فى أقفاص كبيرة بعد أن وضعوا لها طعام وماء، وبدأوا يتوافدون جميعاً إلى اجتماع البلدة حاملين أقفاصهم المليئة بالأرانب.
وفى تلك الليلة لم يحضر التاجر “سومو” الاجتماع، فاضطر قاضى البلدة أن يبدأ المحاكمة بدونه، وبالفعل بدأ يتلو الاتهامات على الأرانب، التى لم تكن تنظر إليه على الإطلاق، بل كان بعضها مشغولاً بمحاولة الخروج من القفص، فى حين كان بعضها الآخر مشغولاً بالطعام.
هنا وقف الفتى “موكو” مرة أخرى وقال: “يا أخوتى… ألا ترون الخدعة التى وقعتم فيها؟! لقد استطاع التاجر “سومو” إقناعكم بأن الأرانب تعقل وتستطيع الدفاع عن نفسها، فى حين أنها حيوانات بريئة جائعة، ولقد خدعكم التاجر كى يستطيع أن يبيع لكم بضاعته بأسعار خيالية، أفيقوا من وهمكم وانظروا إلى هذه الأرانب .. هل تستحق المحاكمة؟!”
بدأ أهل البلدة يكتشفون الخدعة بالفعل، وقرروا جميعاً بعد مناقشات حامية أنه قد حان الوقت للتوقف عن فكرة محاكمة الأرانب، بل يجب أن يفكروا فى طريقة تحمى محاصيلهم وفى نفس الوقت لا تؤذى الأرانب البريئة التى لم تكن تقصد إيذاءهم بل كل ما تريده هو إيجاد ما يكفيها من الطعام. اقترح الفتى “موكو” الذكى أن يقوم كل فلاح بتخصيص جزء صغير من أرضه لزراعة النباتات التى تحبها الأرانب لكى تأكل الأرانب وتشبع، بينما يستفيد الفلاح بباقى أرضه فى زراعة المحاصيل التى تدر له ربحاً وفيراً. وافق أهل القرية على هذا الاقتراح المعقول وتوقفوا عن شراء البضاعة من التاجر “سومو” الذى أعلن إفلاسه بعد أشهر، فى حين عادت البلدة إلى ازدهارها المعتاد بعد شهور من مشكلة الأرانب.
يُحكى أنه منذ ألف عام جاء عدد كبير من الأرانب إلى إحدى القرى وأضرتها ضرراً كبيراً. فرغم أن الأرانب مخلوقات لطيفة، ولكن كثرة عددها فى البلدة أدى إلى ضرر، فلقد أكلت أجزاء كبيرة من المحاصيل والحبوب والخضروات والأعشاب المفيدة التى يعتمد عليها أهل البلدة فى طعامهم، حتى أن مجاعة كبيرة أصابت البلدة الحزينة وجعلت سكانها لا يستطيعون شراء الطعام إلا من تاجر كبير يدعى “سومو”. ولكن كان هذا التاجر يستغل أحوال الناس ويبيع لهم الطعام بأغلى الأسعار.
وفى يوم من الأيام قرر سكان البلدة أنه قد حان الوقت للتعامل مع مشكلة الأرانب، وهكذا قاموا بعمل اجتماع حضره جميع سكان القرية بما فيهم التاجر “سومو” وجلسوا لمناقشة الحلول الممكنة لهذه المشكلة العويصة. وفى هذا الاجتماع، كان سكان البلدة كلهم ينادون بالبحث عن حل لمشكلة الأرانب، فى حين أن التاجر “سومو” والذى كان يستفيد من كثرة وجود الأرانب أكبر فائدة لم يكن يريد لتلك المشكلة أن تُحل.
وفى الاجتماع، طلب سكان البلدة من كل من لديه اقتراح لحل المشكلة أن يقوم برفع يده طالباً الكلام، فرفع سومو يده طالباً الكلام، فوافق الجميع على سماع رأيه.
وقف التاجر “سومو” فى منتصف القاعة، وتنحنح قليلاً قبل أن يقول بهدوء: “أعتقد يا سكان البلدة الأعزاء أنه من غير العدل على الإطلاق أن نقوم بعمل اجتماع عام لمناقشة أحوال الأرانب من غير وجود هذه الأرانب كى تدافع عن نفسها ضد ما يتناقل عنها من أخبار، فقد تكون تلك الأرانب ليست هى المصدر لمشاكلكم، وليست هى من يأكل محاصيلكم وحبوبكم، ولهذا فأنا أرى أن نقوم بتأجيل الاجتماع بعد أن نكلف أحدنا بإعلام الأرانب بضرورة حضورها اجتماعنا القادم كى نتناقش معها فيما يجب أن نفعله.”
استحسن سكان القرية هذا الرأى، فهو قادم من التاجر “سومو” كبيرهم وأحكمهم كما يعتقدون، وهكذا قرر سكان القرية أنه من الأفضل إنهاء الاجتماع، وقاموا بتكليف بعضهم بالمشى فى الشوارع والأزقة لينادوا بأعلى صوتهم على كل الأرانب وإخبارهم بضرورة حضورهم جميعاً هذا الاجتماع المهم والذى سيتحدث فى مصير تلك الأرانب وطريقة التعامل المثلى معها.
واحتاج هذا الجهد إلى عام كامل بالتمام، حيث أن الأرانب كانت قد انتشرت فى كل مكان، وأصبح من الصعب ملاحقتها جميعاً لإخبارها بضرورة حضور الاجتماع. وهكذا أصبح هم أهل البلدة كلهم أنهم كلما رأوا أرنباً طلبوا منه حضور الاجتماع، وطلبوا منه إخبار أهله وأقاربه وأصدقائه كى يحضروا ذلك الاجتماع.
وفى هذه الأثناء تزايدت مشكلة الأرانب إلى حد كبير، الأمر الذى أدى إلى فساد المزيد من المحاصيل، والذى أدى أيضاً إلى ازدهار تجارة التاجر “سومو” الذى باع فى ذلك العام أربعة أضعاف ما كان يبيعه فى كل عام.
وفى ميعاد الاجتماع، حضر أهل البلدة جميعاً واجتمعوا فى القاعة الرئيسية للبلدة، وجلسوا فى انتظار حضور الأرانب. ولكن القاعة التى امتلأت عن آخرها بالبشر لم يظهر فيها حتى أرنب واحد ليتحدث عن لسان باقى الأرانب. أثار هذا التجاهل من جانب الأرانب ضيق وغضب سكان القرية، وقرروا جميعاً أن الأرانب تقلل من احترامهم ولا تهتم بمكانتهم كبشر كبار أكبر منهم فى الحجم والعقل.
ولكن التاجر “سومو” طلب الكلام مرة أخرى ووقف على منصة القاعة الرئيسية وقال مبتسماً: “أعتقد يا أبناء بلدتى الأعزاء أن الأرانب محقة فى عدم حضورها، فهى تخاف على نفسها وعلى أطفالها من قططكم وكلابكم المنتشرة فى كل مكان، وظهورها فى هذه القاعة بأعدادها الضخمة أمر غير آمن بالنسبة لها، فهى تخاف أن تجتمع قططكم وكلابكم وتهجم عليها هجمة واحدة وتقضى عليها جميعاً، لهذا فأنا أرى يا أصدقائى ـ والرأى رأيكم فى نهاية الأمر ـ أن تقوموا بحبس جميع قططكم وكلابكم أو إرسالها بعيداً إلى قرى أقاربكم لكى تشعر الأرانب بالأمان وتتقدم إلى القاعة لحضور هذا الاجتماع المهم.
ولكن الشاب الصغير “موكو” لم يعجبه الحال على الإطلاق، وأدرك خدعة التاجر العجوز، فرفع يده طالباً الكلام وقال: “أعتقد يا سادة بأن الحل الأفضل هو أن نقوم بتجميع الأرانب فى أقفاص كبيرة دون أن نؤذيها، وعلينا أن نضع لها طعاماً يكفيها إلى أن نتمكن من جمعها كلها.”
حاول التاجر “سومو” أن يتخلص من هذا الاقتراح، ولكن الاقتراح أثار إعجاب أهل البلدة كلهم، وقرروا أن يبدأوا فى تنفيذه بالفعل.
وفى غضون شهر واحد، استطاع أهل البلدة تجميع أغلب الأرانب فى أقفاص كبيرة بعد أن وضعوا لها طعام وماء، وبدأوا يتوافدون جميعاً إلى اجتماع البلدة حاملين أقفاصهم المليئة بالأرانب.
وفى تلك الليلة لم يحضر التاجر “سومو” الاجتماع، فاضطر قاضى البلدة أن يبدأ المحاكمة بدونه، وبالفعل بدأ يتلو الاتهامات على الأرانب، التى لم تكن تنظر إليه على الإطلاق، بل كان بعضها مشغولاً بمحاولة الخروج من القفص، فى حين كان بعضها الآخر مشغولاً بالطعام.
هنا وقف الفتى “موكو” مرة أخرى وقال: “يا أخوتى… ألا ترون الخدعة التى وقعتم فيها؟! لقد استطاع التاجر “سومو” إقناعكم بأن الأرانب تعقل وتستطيع الدفاع عن نفسها، فى حين أنها حيوانات بريئة جائعة، ولقد خدعكم التاجر كى يستطيع أن يبيع لكم بضاعته بأسعار خيالية، أفيقوا من وهمكم وانظروا إلى هذه الأرانب .. هل تستحق المحاكمة؟!”
بدأ أهل البلدة يكتشفون الخدعة بالفعل، وقرروا جميعاً بعد مناقشات حامية أنه قد حان الوقت للتوقف عن فكرة محاكمة الأرانب، بل يجب أن يفكروا فى طريقة تحمى محاصيلهم وفى نفس الوقت لا تؤذى الأرانب البريئة التى لم تكن تقصد إيذاءهم بل كل ما تريده هو إيجاد ما يكفيها من الطعام. اقترح الفتى “موكو” الذكى أن يقوم كل فلاح بتخصيص جزء صغير من أرضه لزراعة النباتات التى تحبها الأرانب لكى تأكل الأرانب وتشبع، بينما يستفيد الفلاح بباقى أرضه فى زراعة المحاصيل التى تدر له ربحاً وفيراً. وافق أهل القرية على هذا الاقتراح المعقول وتوقفوا عن شراء البضاعة من التاجر “سومو” الذى أعلن إفلاسه بعد أشهر، فى حين عادت البلدة إلى ازدهارها المعتاد بعد شهور من مشكلة الأرانب.
التعليقات