السعادة الحقيقية

رام الله - دنيا الوطن
بجانب القصر الماسى الذى كان يسكنه الملك “همام”، كان هناك صياد عجوز يسكن فى كوخ فقير هو وزوجته وأبناؤه التسعة، وكانوا فى كل مساء يجلسون حول النار يرددون الأناشيد بسعادة وهناء ويدعون الله عز وجل ويشكرونه على نعمه الكثيرة التى أنعم بها عليهم.
وكان الملك “همام” يقف فى كل مساء فى شرفة قصره الماسى وينظر إلى تلك العائلة السعيدة ويحاول أن يفهم أسباب سعادتها دون أن يعرف، فهموم الحكم قد اشتدت عليه حتى أنه لم يعد يحس بالسعادة فى أى وقت من أوقات الليل أو النهار.
وفى إحدى الأمسيات قرر الملك “همام” أن يعرف سر سعادة ذلك الصياد العجوز، فتنكر فى زى تاجر عادى وذهب لزيارة عائلة الصياد على أنه مسافر يقطع البلاد ويترحل ليبيع الأشياء الثمينة.
وحضر الملك “همام” الاحتفال الجميل، وشارك العائلة السعيدة فى احتفالها. وقبل أن يغادر الملك “همام” كوخ الصياد سأله عن سبب سعادته الدائمة فقال الصياد وهو يبتسم ابتسامة كبيرة: “ولماذا لا أكون سعيدًا طوال الوقت، فأنا أذهب كل يوم فى الصباح إلى البحر الواسع، وأصطاد من الأسماك الكثير، وآتى لأبيعها فى السوق وأشترى بثمنها حاجيات منزلى وعائلتى، والبحر كبير كما تعرف، وبكل تأكيد لن ينتهى منه السمك.”
وهكذا عاد الملك “همام” إلى قصره وفى ذهنه فكرة غريبة، فأرسل فى اليوم التالى الحراس ليقفوا على الشطآن كلها ويمنعوا الصيادين جميعًا من الصيد فى ذلك اليوم بأمره هو شخصياً.
وانتظر الملك بفارغ الصبر المساء كى يرى رد فعل الصياد وعائلته على هذا القرار الجائر، ولكنه فى ذلك المساء أيضاً وجدهم سعداء كما هم، ينشدون ويمرحون فى سعادة وهناء واضح، ولم يكن هناك ما يعكر صفوهم على الإطلاق، فأسرع للتنكر مرة أخرى فى ثياب التاجر وذهب لمقابلتهم وسألهم من جديد: “ما الذى يجعلكم فرحين طوال الوقت هكذا؟ ألم تسمعوا عن قرار الملك بعدم السماح لأحد بأن يقوم بالصيد مرة أخرى؟” هنا أجابه الصياد وابتسامة كبيرة على وجهه: “بكل تأكيد سمعنا، ولكننى عندما سمعت بذلك الخبر، قررت أن أقوم بالذهاب إلى الجبل حاملاً فأسى الصغير معى، وقمت بجمع الحطب هناك، وجئت بكمية كبيرة منه بعتها فى السوق واشتريت بثمنها مستلزمات منزلى وحاجات عائلتى، بل وزاد ربحى عن أرباحى من صيد السمك. أعتقد بأننى سأعمل حطاباً من الآن وصاعداً.”
كظم الملك غيظه الشديد، وودع العائلة وعلى وجهه ابتسامة متكلفة قبل أن يتجه من فوره إلى قصره الكبير وهو يخطط لخطة جديدة. فقد قرر إرسال الحراس إلى كل الغابات ومعهم جميعاً قرار جديد بمنع جمع الحطب، بل إنه حدد غرامة كبيرة على كل من يحاول جمع حطب من الجبال أوالوديان أوالغابات.
وكان الملك “همام” متأكد من أن هذا سيؤدى بالعائلة السعيدة لأن تكون مهمومة حزينة مثله تماماً، ولكنه فى المساء، وبعد طول انتظار لتلك اللحظة، وجد العائلة تغنى وسعيدة، بل إن سعادتهم كانت أكبر من كل يوم.
وتنكر الملك “همام” للمرة الثالثة فى شكل التاجر واتجه من فوره إلى منزل العائلة بحثاً عن سبب سعادتها فى هذا اليوم، ومن فوره سأل الملك الصياد العجوز عن سبب سعادته ليجيبه الصياد بابتسامة كبيرة: “هناك ما أصاب ملكنا العزيز، فلقد منع الحطابين من ممارسة مهنتهم الشريفة، وهكذا رحت أشكو همى لأحد أصدقائى الذين يقفون حراساً على بوابة قصر الملك الماسى هذا، فاستطاع صديقى هذا أن يجد لى عملاً كحارس على باب القصر بجانب منزلى، أى أننى أستطيع أن أظل مع عائلتى طوال اليوم سعيداً مرتاحاً وأنا أمارس عملى الذى أحصل منه على نقود كثيرة، أكثر من تلك النقود التى كنت أحصل عليها من عملى كصياد أو عملى كحطاب.”
عندها لم يتحمل الملك أكثر من هذا، فأسرع عائداً إلى قصره وقام باستدعاء الصياد العجوز والحارس الذى أوجد له العمل فى القصر، فجاء كلاهما بثيابهما العسكرية، عندها أعلن الملك بأنه قد عيّن الصياد العجوز حارسًا على أبواب السجن يقضى كل وقته مع المجرمين واللصوص، وأنه قد حكم على الحارس الآخر بالسجن لمدة عشر سنوات لأنه سمح لصياد عجوز أن يكون حارساً على باب قصره الماسى.
وبالفعل، جاء الحراس لأخذ الحارس الآخر إلى السجن، والدموع تكاد تنهمر من عينيه، ولم يستمع الملك إلى توسلات الصياد العجوز أو صديقه الحارس فى هذا الشأن على الإطلاق.
وهكذا عاد الصياد العجوز إلى منزله حزيناً مكتئباً، وطرح الأمر كله على عائلته الصغيرة، عندها اقترح عليه أحد أبنائه حلاً لهذه المشكلة، فأعجب الصياد العجوز بهذا الحل، وبدأ يلعب ويمرح من جديد مع عائلته.
وكان الملك يتابع أحوال العائلة من شرفة قصره، وعندما وجدها سعيدة كما هى جن جنونه، ونزل يجرى متنكراً بزى التاجر ليعرف سبب سعادتهم هذه المرة. وعندما وصل إلى منزل العجوز رحب به الصياد ودعاه للدخول، ولكن الملك بادره بالسؤال: “ألست مسئولاً عن سجن صديقك الحارس؟ كيف تستطيع أن تكون سعيداً إلى هذه الدرجة؟” فقال له الصياد : “أنا سعيد لأننى وجدت الحل، سأتنكر فى زى زميلى الحارس ثلاث مرات فى الأسبوع، وأقضى ثلاث ليالى فى السجن مكانه، يكون فيها هو حراً طليقاً، وهكذا ستمر السنوات العشر ولن يحس بها أحدنا.”
وعندما رأى الملك تفانى الصياد العجوز من أجل الحفاظ على سعادة صديقه لدرجة أنه سيضحى ببعض الوقت من حياته الشخصية وسعادته من أجله، عندها أدرك الملك غلطته الكبرى وكيف أنه لم يكن يجب أن يفعل كل ما فعله دون سبب إلا أنه يريد أن يفسد على الصياد سعادته ورضا نفسه، فكشف عن حقيقته أمام الصياد واعتذر له وكافأه، وأطلق سراح صديقه من السجن قبل أن يعلن بأنه يتخلى عن الحكم لوزيره الحكيم، وينطلق للعيش فى سعادة بعيداً عن أى هموم.
بجانب القصر الماسى الذى كان يسكنه الملك “همام”، كان هناك صياد عجوز يسكن فى كوخ فقير هو وزوجته وأبناؤه التسعة، وكانوا فى كل مساء يجلسون حول النار يرددون الأناشيد بسعادة وهناء ويدعون الله عز وجل ويشكرونه على نعمه الكثيرة التى أنعم بها عليهم.
وكان الملك “همام” يقف فى كل مساء فى شرفة قصره الماسى وينظر إلى تلك العائلة السعيدة ويحاول أن يفهم أسباب سعادتها دون أن يعرف، فهموم الحكم قد اشتدت عليه حتى أنه لم يعد يحس بالسعادة فى أى وقت من أوقات الليل أو النهار.
وفى إحدى الأمسيات قرر الملك “همام” أن يعرف سر سعادة ذلك الصياد العجوز، فتنكر فى زى تاجر عادى وذهب لزيارة عائلة الصياد على أنه مسافر يقطع البلاد ويترحل ليبيع الأشياء الثمينة.
وحضر الملك “همام” الاحتفال الجميل، وشارك العائلة السعيدة فى احتفالها. وقبل أن يغادر الملك “همام” كوخ الصياد سأله عن سبب سعادته الدائمة فقال الصياد وهو يبتسم ابتسامة كبيرة: “ولماذا لا أكون سعيدًا طوال الوقت، فأنا أذهب كل يوم فى الصباح إلى البحر الواسع، وأصطاد من الأسماك الكثير، وآتى لأبيعها فى السوق وأشترى بثمنها حاجيات منزلى وعائلتى، والبحر كبير كما تعرف، وبكل تأكيد لن ينتهى منه السمك.”
وهكذا عاد الملك “همام” إلى قصره وفى ذهنه فكرة غريبة، فأرسل فى اليوم التالى الحراس ليقفوا على الشطآن كلها ويمنعوا الصيادين جميعًا من الصيد فى ذلك اليوم بأمره هو شخصياً.
وانتظر الملك بفارغ الصبر المساء كى يرى رد فعل الصياد وعائلته على هذا القرار الجائر، ولكنه فى ذلك المساء أيضاً وجدهم سعداء كما هم، ينشدون ويمرحون فى سعادة وهناء واضح، ولم يكن هناك ما يعكر صفوهم على الإطلاق، فأسرع للتنكر مرة أخرى فى ثياب التاجر وذهب لمقابلتهم وسألهم من جديد: “ما الذى يجعلكم فرحين طوال الوقت هكذا؟ ألم تسمعوا عن قرار الملك بعدم السماح لأحد بأن يقوم بالصيد مرة أخرى؟” هنا أجابه الصياد وابتسامة كبيرة على وجهه: “بكل تأكيد سمعنا، ولكننى عندما سمعت بذلك الخبر، قررت أن أقوم بالذهاب إلى الجبل حاملاً فأسى الصغير معى، وقمت بجمع الحطب هناك، وجئت بكمية كبيرة منه بعتها فى السوق واشتريت بثمنها مستلزمات منزلى وحاجات عائلتى، بل وزاد ربحى عن أرباحى من صيد السمك. أعتقد بأننى سأعمل حطاباً من الآن وصاعداً.”
كظم الملك غيظه الشديد، وودع العائلة وعلى وجهه ابتسامة متكلفة قبل أن يتجه من فوره إلى قصره الكبير وهو يخطط لخطة جديدة. فقد قرر إرسال الحراس إلى كل الغابات ومعهم جميعاً قرار جديد بمنع جمع الحطب، بل إنه حدد غرامة كبيرة على كل من يحاول جمع حطب من الجبال أوالوديان أوالغابات.
وكان الملك “همام” متأكد من أن هذا سيؤدى بالعائلة السعيدة لأن تكون مهمومة حزينة مثله تماماً، ولكنه فى المساء، وبعد طول انتظار لتلك اللحظة، وجد العائلة تغنى وسعيدة، بل إن سعادتهم كانت أكبر من كل يوم.
وتنكر الملك “همام” للمرة الثالثة فى شكل التاجر واتجه من فوره إلى منزل العائلة بحثاً عن سبب سعادتها فى هذا اليوم، ومن فوره سأل الملك الصياد العجوز عن سبب سعادته ليجيبه الصياد بابتسامة كبيرة: “هناك ما أصاب ملكنا العزيز، فلقد منع الحطابين من ممارسة مهنتهم الشريفة، وهكذا رحت أشكو همى لأحد أصدقائى الذين يقفون حراساً على بوابة قصر الملك الماسى هذا، فاستطاع صديقى هذا أن يجد لى عملاً كحارس على باب القصر بجانب منزلى، أى أننى أستطيع أن أظل مع عائلتى طوال اليوم سعيداً مرتاحاً وأنا أمارس عملى الذى أحصل منه على نقود كثيرة، أكثر من تلك النقود التى كنت أحصل عليها من عملى كصياد أو عملى كحطاب.”
عندها لم يتحمل الملك أكثر من هذا، فأسرع عائداً إلى قصره وقام باستدعاء الصياد العجوز والحارس الذى أوجد له العمل فى القصر، فجاء كلاهما بثيابهما العسكرية، عندها أعلن الملك بأنه قد عيّن الصياد العجوز حارسًا على أبواب السجن يقضى كل وقته مع المجرمين واللصوص، وأنه قد حكم على الحارس الآخر بالسجن لمدة عشر سنوات لأنه سمح لصياد عجوز أن يكون حارساً على باب قصره الماسى.
وبالفعل، جاء الحراس لأخذ الحارس الآخر إلى السجن، والدموع تكاد تنهمر من عينيه، ولم يستمع الملك إلى توسلات الصياد العجوز أو صديقه الحارس فى هذا الشأن على الإطلاق.
وهكذا عاد الصياد العجوز إلى منزله حزيناً مكتئباً، وطرح الأمر كله على عائلته الصغيرة، عندها اقترح عليه أحد أبنائه حلاً لهذه المشكلة، فأعجب الصياد العجوز بهذا الحل، وبدأ يلعب ويمرح من جديد مع عائلته.
وكان الملك يتابع أحوال العائلة من شرفة قصره، وعندما وجدها سعيدة كما هى جن جنونه، ونزل يجرى متنكراً بزى التاجر ليعرف سبب سعادتهم هذه المرة. وعندما وصل إلى منزل العجوز رحب به الصياد ودعاه للدخول، ولكن الملك بادره بالسؤال: “ألست مسئولاً عن سجن صديقك الحارس؟ كيف تستطيع أن تكون سعيداً إلى هذه الدرجة؟” فقال له الصياد : “أنا سعيد لأننى وجدت الحل، سأتنكر فى زى زميلى الحارس ثلاث مرات فى الأسبوع، وأقضى ثلاث ليالى فى السجن مكانه، يكون فيها هو حراً طليقاً، وهكذا ستمر السنوات العشر ولن يحس بها أحدنا.”
وعندما رأى الملك تفانى الصياد العجوز من أجل الحفاظ على سعادة صديقه لدرجة أنه سيضحى ببعض الوقت من حياته الشخصية وسعادته من أجله، عندها أدرك الملك غلطته الكبرى وكيف أنه لم يكن يجب أن يفعل كل ما فعله دون سبب إلا أنه يريد أن يفسد على الصياد سعادته ورضا نفسه، فكشف عن حقيقته أمام الصياد واعتذر له وكافأه، وأطلق سراح صديقه من السجن قبل أن يعلن بأنه يتخلى عن الحكم لوزيره الحكيم، وينطلق للعيش فى سعادة بعيداً عن أى هموم.
التعليقات