(125) ألف فتاة عانس في غزة : الفتيات يبحثن عن "الأمان" رغم البطالة والحرب !

(125) ألف فتاة عانس في غزة : الفتيات يبحثن عن "الأمان" رغم البطالة والحرب !
غزة -خاص دنيا الوطن - نيّرة النحال

عانى المجتمع الفلسطيني على مدار سنوات الحصار الثمانية من ارتفاع ملحوظ لنسب البطالة بين أوساط الشباب وخريجي الجامعات ,فمنذ ثماني سنوات لم تتوفر أي وظائف نتيجة الإنقسام بين شقي الوطن سوى لفئات محدودة ,وفي ظل ازدياد في أعداد الخريجين من الجامعات الفلسطينية سنويا ,فمن تخرج منذ سنوات أصبح عالة على المجتمع ولم يستطيع تكوين نفسه نتيجة الحصار وارتفاع البطالة والحروب الإسرائيلية الثلاثة على القطاع.

الملفت للنظر إنعكاس الآية فبدلا من أن يبحث الشباب عن فتيات للزواج ,ونتيجة لإرتفاع نسبة العنوسة ,أصبحن فتيات غزه يبحثن عن الحب والامان وبناء اسرة متماسكه لأجل تحقيق احلامهم وتكوين الأسرة التي تحلم بها كل فتاة ,لكن الظروف الصعبة التي توجها قطاع غزة وتدهور الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ومن جهة غلاء المهور ادي الي ارتفاع نسبة العنوسة الفتيات في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية وارتفاع تكاليف الزواج في الوقت الراهن ,كما أن الكثير من الشباب المقبلين على الزواج في غزة يعانون من "أزمة العمل"، وانعدام تكافئ الفرص في مجتمع أرهقه الاحتلال من ناحية، والاحزاب السياسية من ناحية اخرى، واثارت الحروب والتصعيدات الاحتلال الاسرائيلي الي فقدان عدد كبير من الشباب.

دافع البحث عن الزواج

يؤكد الأخصاء الإجتماعيون والنفسيون أن الفتاة فور بلوغها سن الواحد والعشرين تبدأ تشعر بإحساس الأمومة ,وتشعر انها غريبة في بيت عائلتها ,ويراودها إحساس التفكير بتكوين الأسرة وحلمها بالإستقلال في بيت الزوجية وفرشه وتجهيزه حسب مخيلتها الخاصة.

وعن رأي الفتاة الشخصي بالبحث عن الزواج والإستقرار وتكوين الأسرة أيدت الفتاة سهاد "24" نظرية علم الإجتماع النفسي ,وأضافت لـ"دنيا الوطن" أنها شعرت بهذا الإحساس فعليا في السنة الثالثة أثناء دراستها بالجامعة ,وباتت تنتظر لحظة تخرجها وكلها امل في أن يتقدم لها العريس المناسب.

وأبدت ندما كبيرا على تمسكها بالتعليم بعد انهائها مرحلة الثانوية ,لرفضها عدد من العرسان الين تقدموا للإرتباط بها ,وأشارت الى أنها كانت ترغب في إكمال تعليمها ,وخشيت من ان الإرتباط بالزوج وتكوين الأسرة أن يقف حائلا بينها وبين طموحها ,موضحة أن نظرتها للأمور كانت مختلفة ,حيث كانت تطمح الى أن تنهي تعليمها وترتبط بزوج ,ولفتت الى انها حرصت على إكمال تعليمها من أجل أن تحظى بفرصة عمل تستطيع من خلالها مساعدة زوجها في مصاريف البيت نظرا للظروف الصعبة التي يعاني منها المجتمع الفلسطيني.

وتابعت: "بعدما تخرجت من الجامعة ومكثت عامين في البيت أنتظر تحقيق حلمي ,لم يطرق بابنا سوى قلة من الخطّابين وكلهم يبحثون عن فتاة موظفة ,ضاحكةً "يشترطون ان تكون موظفة في "الأونروا".

وأكملت: "بعدها بدأت أبحث عن علاقة حب صادقة عبر مواقع التواصل الإجتماعي ,من اجل أن يتحقق حلمي ,ولكن المفاجاة أن غالبية الشباب الذين صادفتهم وتناقشت معهم في الأمر يعانون من قلة الإمكانيات وعدم توفر فرص عمل مناسبة يستطيعون من خلالها تكوين أسرة وتساعدهم على تغطية مصاريف الحياة الزوجية.

الهروب من ضغط الأهل

وتواصلا للقضية ذاتها واستكمالا لأسباب دوافع الفتاة للبحث عن الزواج ,أوضحت الفتاة شروق "28" عاما ,أنها تخرجت من الجامعة في العام 2008 وبدأت رحلتها متنقلة في العمل التطوعي بين الجمعيات والمؤسسات من أجل الحصول على فرصة عمل ,فتارة تحصل على بطالة لمدة محدودة وباقي الفترة تعمل "خدامة" في المنزل على حد وصفها لإخوتها ووالديها.

ومتابعة للإحساس الفسيولوجي التي تشعر به كل فتاة وحاجتها للأمومة والإستقلال بالحياة الزوجية أكدت في حديثها لـ"دنيا الوطن" أنها ترغب في الزواج للتخلص من ضغط العمل و "الخدمة" في البيت والتدخلات في كل صغيرة وكبيرة دون مراعات لخصوصية الفتاة.

ولفتت الى أنها تعاني من خلافات حادة داخل الأسرة ,قالت: "غالبا ما اختلف أنا وأمي وأخواتي نتيجة بعض التغيرات التي أرغب في تغييرها ,كإبداء تشكيل معين لغرفة المسافرين وترتيب المطبخ وفق رؤيتي الخاصة وغير ذلك".

وأشارت الى أنها قدمت عدة طلبات عبر مواقع تختص بالزواج على الإنترنت ولكن دون جدوى ,مشيرة الى أن غالبية الشباب التي تطابقت المواصفات معه تكتشف انه يبحث عن فتاة موظفة او يكون متزوج ويريدها "ضرّة" أي زوجة ثانية لأسبابه الخاصة.

غلاء المهور وتكاليف الزواج

وبالإشارة الى عدم إقبال العديد من الشباب على الزواج ,أوضح الشاب صامد "30" عاما أنه تخرج من الجامعة في العام 2006 الي ان اهم الاسباب التي لا تمكنه من الزواج هو غلاء المهور وارتفاع تكاليف الفرح والزواج في ظل تدهور الوضع الاقتصادي وزيادة البطالة بشكل كبير وخاصه الخريجين الشباب المقبلين علي فتح بيت وتكوين اسرة . 

وأوضح أن شروط أهل الفتاة التي ينوي الشاب بالتقدم لخطبتها والإرتباط بها تكون تعجيزية في ظل الوضع الإقتصادي السيء الذي يعاني منه قطاع غزة تحديدا في ظل انقسام سياسي وإجتماعي ,خيم برمته على فئة لا بأس من الشباب والبنات.

وأشار الى أن الوضع الإقتصادي السيء لم يمكنه حتى اليوم من توفير ولو جزء من إمكانيات الزواج المتعددة ,لافتا الى انه تقدم قبل سنوات لخطبة فتاة فطلب أهلها مهر 4000 دينار وعفش بيت 3000 دينار ومتأخر 5000 دينار واشترطوا أن يكون له بيت مستقل ,متسائلا:"من أين أستطيع ان أوفر بيت مستقل في ظل الأوضاع الصعبة والحصار الخانق ومنع الإحتلال الإسرائيلي لدخول مواد البناء.

وأضاف: "قضيتي هي نموذج واضح وحقيقي لجيل بأكمله تخرج في ظل أوضاع سياسية واجتماعية ومعيشية صعبة للغاية ,فمنذ أن تخرجت واجهت قضية الإنقسام والحصار وتوقف الدعم الدولي عن غزة وتحويل كافة المشاريع التي تهدف الى تشغيل الشباب ومنحهم فرص العمل الى الضفة الغربية نتيجة الإنقسام بين الأطياف السياسية وإنفصال الضفة الغربية عن قطاع غزة وتشكيل حكومتين كل منهما عملت عن توظيف اتباعها".

إحصائية 

وفي إحصائية رسمية اعلن عنها الداعية الإسلامي الشيخ عماد حمتو في لقاء له قل أيام على تلفزيون فلسطين أن نسبة العنوسة في قطاع غزة بلغت 125000 فتاة من أصل 1800000نسمة عدد سكان القطاع.

الأمر الذي يثير القل بين أوساط فئة الشباب سواء من الذكور او الإناث في المجتمع الفلسطيني .

الأهل 

وأرجحت احدى العائلات الفلسطينية في قطاع غزة عدم القبول بمهر زواج بسيط الى ارتفاع الأسعار في تجهيز الفتاة "العروسة" ,لافتة أم وليد عليان الى أن تجهيز الفتاة مكلف جدا ,ودخل الأسرة الفلسطينية بسيط مقارنة بارتفاع الأسعار التي يشهدها السوق الفلسطيني.

وأضافت لدنيا الوطن: "عندي أربع بنات ,زوجت منهم إثنتين ,وكل واحدة منهما كلفت والدها أكثر من 1000 دينار غير مهرها الأساسي ,ناهيكي عن تجهيز اخوتها وأخواتها والمقربين منا" ,منوهة الى أن الوضع الإقتصادي للبلد أصبح سيئا والدخل لا يلبي الحاجات الأساسية ,لذا نتطلع لأن يكون المهر على الأقل يكفي لكل احتياجات العروسة فقط.

الأخصائي الإجتماعي والنفسي

وترى الأخصائية الإجتماعية والنفسية الأستاذة نبال السعيد أن الفتاة عندما تبلغ مرحلة المراهقة تشعر بالحنين الى الأمومة ,وتشعر بغربة في بيت أهلها ,مشيرة الى أن إحساسها في تلك الفترة يتمحور في حلم الإستقلالية ببيت زوجها.

ونصحت "السعيد" الأهل بمراعاة تلك الشعور الذي يصاحب بناتهن في هذا السن بالتحديد ,وأن على الأم التقرب من ابنتها مراعاة لشعورها.

الجدير بالذكر أن الحالة الإجتماعية والنفسية التي يمر بها عامة المواطنين في قطاع غزة تثير القلق النفسي والاجتماعي ,لما يمر به المجتمع العربي والفلسطيني خاصة من ظروف متقلبة على مدار سنوات طويلة نتيجة عدم الإستقرار السياسي والإجتماعي والإقتصادي.

التعليقات