نزيهة أبو زيد ذات الستة عشر ربيعاً تتناول الفضاء الإعلامي بكل جدارة

نزيهة أبو زيد ذات الستة عشر ربيعاً تتناول الفضاء الإعلامي بكل جدارة
رام الله - دنيا الوطن
ولدت ثورات "الربيع العربي" من رحِم مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت الأداة الفاعلة في تغيير الخارطة السياسية في العديد من البلدان، وبمثابة بوابة العبور والانفتاح، لتأسيس كيانات إعلامية جديدة، كسرت كل محاولات القمع والتعتيم والوصاية التي انتهجتها أنظمة الشعوب على مدار عقود. نجحت هذه الكيانات، إلى حد بعيد، في إحداث التغيير الاجتماعي والثقافي والسياسي، عبر مصادر إعلامية جديدة، اتخذت على عاتقها، نقل الحقيقة بموضوعية دون أي انحياز، من خلال سلسلة من المؤسسات الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية.

 وكان التحول الأبرز، بروز ظاهرة "صحافة المواطن" كتعبير جديد للممارسات الصحافية غير المهنية، التي لاقت الاهتمام والعناية من قبل المؤسسات الإعلامية المختصة، حيث كان لها الدور الرئيس في ولادة أسماء إعلامية، شقت طريقها في فضاء الإعلام بكل عزيمة وتفوق، واتخذت على عاتقها، إنتاج إعلام مهني، متزن، بعيد عن عقلية الهيمنة والإيعاز وتغوّل السلطات.

نزيهة أبو زيد، ذات الستة عشر ربيعاً، تناولت الفضاء الإعلامي بكل جدارة، عبر تقديمها النشرة الإخبارية باللغة الكردية، على أثير راديو "ولات اف. ام"، وهي محطة إذاعية محلية، بدأت ببث برامجها منتصف العام الجاري 2014، في شمال شرق سوريا، وترصد أهم المستجدات على الساحة الكردية والسورية، من خلال فقرات حقوقية وسياسية، وبرامج شبابية وثقافية، على مدار اليوم.

أبو زيد، تمتلك نبع من الثقة والقوة يدفعان الأحرف بكل جُرأة إلى مسامعنا، لا خوف من العملاق الجاثم أمامها "الميكرفون"، ثقة في الإلقاء، وتغلبٌ على الخجل القاتل للصوت الإذاعي، تتحكم بمجرى الشهيق والزفير، الحبال الصوتية تتمدد وتتقلص في أوج العطاء، تصنع نغمة سلسة، مريحة للأذن، لذلك، يمكنكم تناول مائدة من الصور الصوتية اللذيذة عبر التمتع بجمال نَبرَة صوتها. لا جفاف في الحلق، التلاعب الفني المتقن في الصوت، صعوداً ونزولاً يضعكم أمام حنجرة مبدعة، متمكنة في تطويع الصوت ووضعه لخدمة المضمون، مجتهدة في التقطيع، ومواقع الضغط في الكلمات والجُمل.

متميزة، بإنتاج الكلام الموزون الدقيق المفهوم، الذي يعتمد على التحكم بالألفاظ والأصوات من المخارج الصحيحة، تمتاز بصناعة الكلام والصوت في صورة مبجلة، الشفتان في حركة دائبة دون أي ارتباك، تتفنن في إلقاء وإخراج الحروف من مخارجها الأصلية بشكله السليم، تملك المقدرة الفائقة في تلوين الصوت، تسيطر على الخوف والانفعال برفع إبهامها في فضاء إطار وجهنا.

تفاحة آدم لديها في قمة النضوج، عضلات الشفاه ترسم الفصول الأربعة في وقتٍ واحد عبر مسامات الكلمة، والاسترخاء الجسدي واضح عبر اللحن المريح الصادر من صندوق الصوت، صوتها المعتق البشوش يجلب الغبطة والراحة إلى جنبات الأذن، تستطيع الاستمتاع بابتسامتها المتناثرة على محياها عبر تراقص الأحرف في بلورات الهواء، حينها لا تشعر البتة بالملل، وكأنك تتناول وجبة موسيقية على تخوم السعادة.

نزيهة أبو زيد، لن تكون الأخيرة، في ثورة أنتجت قامات وطاقات شبابية، استطاعت بناء نظام إعلامي مستقل، تتمتع الصحافة فيه بقدر من الحرية، بعيداً عن التدخل المباشر من قبل السلطات الحاكمة، وتسعى إلى إعادة الرونق الفعال للسلطة الرابعة عبر إعلام محايد، مهني، بزخم قوي، يطمح نحو اقتحام المؤسسات الإعلامية الدولية بكل ثقة.

التعليقات