الحرب .. بين القدس وغزة

كتب غازي مرتجى
عملية آل الجمل في المعبد اليهودي صباح الثلاثاء وما سبقها من عمليات فردية حصدت أكثر من عشرة قتلى من المستوطنين بينهم "رجال دين" كبار كشفت عن مدى اليأس الفلسطيني من إمكانية ظهور "حكومة سلام" إسرائيلية وإجراءات اليمين المتطرف الاجرامية اليومية بحق المقدسات أولاً والمواطن المقدسي دائماً .
التنكيل الاسرائيلي بالمقدسيين وجرائم المستوطنين اليومية وآخرها "شنق" الشهيد الرموني بالقدس واقتحام المسجد الاقصى يومياً , عدا عن حالة "الجمود" الاسرائيلي على مسار التسوية وعدم تقديم أي بوادر لإمكانية صناعة حل دائم فجّر "الصبر" الفلسطيني رويداً رويداً وبدأت الكرة بالتدحرج ولن تقف طالما استمرّت العنجهية الاسرائيلية المتطرفة بشذوذها .
في الداخل الاسرائيلي حكومة نتنياهو تتأرجح على أنغام موسيقى يمينية صاخبة , والمتطرف الأبله يحاول جاهداً كعادته كسب رضا الأكثر تشدداً في إسرائيل لضمان مقاعده في أي انتخابات قادمة , نجا نتنياهو من عواقب "حرب غزة" بسبب السياسة الفلسطينية غير الواضحة في حينه والدعم الغربي الامريكي اللامحدود الذي تلقته حكومة اليمين إلاّ أنّ "حرب القدس" لن تنتهي كما انتهت حرب غزة .
خلال أقل من شهر حصدت سكاكين و"دعاسات" البنزين الفلسطينية ما يزيد عن عشرة مستوطنين وعشرات الاصابات , وكافة العمليات كانت بقرار وتخطيط فردي وهو ما ساعد على نجاحها , وجميع المنفذين كانوا من أبناء القدس ومعظمهم يحمل "الهوية الزرقاء" ويتمتعّون بمزايا افضل من حاملي الهوية الخضراء , لكن في القدس حيث التهويد والتنكيل اليومي وزد على ذلك اقتحام المسجد الاقصى المستفّز لن تنفعه هوية زرقاء او دونها وستستمر إسرائيل بحصاد غباء حُكّامها إلى ان يرث الحكم فيها من يؤمن بدولة فلسطين وبحق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال .
السيناريوهات المطروحة على الطاولة الاسرائيلية ليست كثيرة , فإما الاستمرار بالعنجهية اليمينية وهو المتوقع وعندها ستستمر عمليات المقاومة والانتقام الفردية وسيتطور الأمر إلى عمليات استشهادية في قلب الدولة الاسرائيلية .. أو أن تبدأ الحكومة الاسرائيية مفاوضات جديّة ومباشرة مع منظمة التحرير للوصول الى حل نهائي بدولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية ووقف الاستيطان وعمليات التهويد و"سفالات" المستوطنين ..
وعلى ذات الجانب الاسرائيلي فإن الايام القادمة ستُظهر لنا تفكك ائتلاف نتنياهو الحكومي والبدء بتحالفات جديدة لاسقاطه , ويبدو ان موعد الانتخابات الاسرائيلية المبكرة سيُحدد قريباً بعد موجة الرد الفلسطيني على "سفالات" المستوطنين .
اما السيناريوهات المتوقعة فلسطينياً فهي استمرار القيادة الفلسطينية المراوحة بذات المكان والتنديد والاستنكار او الترحيب والتهليل دون أي خطوات جديّة على الارض والاستمرار بالسير دون نهج واضح أو خطة معروفة قد تُولّد أوراق ضغط على حكومة اسرائيل .
على جانب غزة المُنهكة منذ العدوان الأخير و"الميتة اكلينيكياً" بعد التلكك في إعادة الإعمار وفتح المعابر فلا اتوقّع ان تنجّر الى تصعيد جديد إلا في حال استمرار حالة الركود الحالية وعدم التقدّم اي خطوة للأمام والابقاء على حالة "الخنق" المُتعمدة للمواطنين فعندها سنجد أننا أمام مرحلة تصعيد جديدة لن تكون "مركزّة" كما العدوان الاخير لكنها قد تنقلب في ليلة وضحاها بما لا يُحمد عقباها .
الحالة الفلسطينية تمّر في "أرذل" أعمارها .. ولا يزال الفوضويون في حركتي حماس وفتح على حالهم دون التنازل شبراً من أجل طهارة المسجد الأقصى ولا التراجع خطوة من أجل سلامة المواطنين وأمنهم .. وسيبقى الحال الفلسطيني على ما هو عليه دون "زيادة أو نقصان" .. اللهم إلا بعض حالات "الآكشن" الموسمية التي تُعيد للأذهان جزءاً من الحقيقة المُرة .. اننا شعب تحكمه قيادة لا تملك شيء سوى اسمها ..!
التعليقات