مواقف مع عرفات وأبو إياد:"أبو الامين" يكشف تفاصيل مؤامرة في اليمن..وسر "الملوخية" اثناء اجتياح شارون

مواقف مع عرفات وأبو إياد:"أبو الامين" يكشف تفاصيل مؤامرة في اليمن..وسر "الملوخية" اثناء اجتياح شارون
غزة- خاص دنيا الوطن-اسامة الكحلوت

فى معلومات تنشر لاول مرة فى تاريخ القضية الفلسطينية على لسان قيادى عاش لحظات منظمة التحرير الفلسطينية وعمل معهم خارج فلسطين ، بدءا من الانتفاضة داخل قطاع غزة انطلاقا بعمل المنظمة فى بيروت واليمن والدول العربية ، ليصل لاهم انجاز فى عمله داخل المنظمة باحباط اكبر عملية فى تاريخ المنظمة كانت تستهدف ابو عمار والقيادة الفلسيطنية واليمنية خلال الاحتفال بمهرجان انطلاقة حركة فتح المركزى فى اليمن .

محمود النجار ابو الامين  "57 عاما " التحق بحركة فتح عام 1976 فى منطقة خانيونس ككل ابناء الشعب الفلسطينى بمقارعة الاحتلال داخل المدن الفلسطينية بالخروج بمسيرات يومية ، بعد مشاهدتهم لقمع الاحتلال الاسرائيلى للمواطنين فكان سلاحهم الهتاف والحجارة والاعتصام  بشكل ارتجالى .

وانضم رسميا للحركة فى بداية التحاقه فى جامعة بيروت خلال توجهه للدراسة هناك ، وكان اول لقاء سرى له مع مصطفى العقاد ، حيث تعرف عليه من خلال شقيقه وتم توجيهه حينها للعمل فى جهاز الامن الموحد ، وكان ينقسم الاختصاص لعمل تنظيمى وعمل امنى وعمل عسكرى وعمل داخل الاراضى المحتلة .

وانشئ جهاز الامن الموحد بداية السبعينات وكان هذا الجهاز يمثل كل الفصائل الفلسطينية ومسؤول عن امنها ، كما فوض لهذا الجهاز القائد صلاح خلف وامينه امين الهندى ، وخصص جهاز مماثل له يتبع لحركة فتح مباشرة ترأسه هايل عبد الحميد ابو الهول .

وتطورت الامور بعد سنوات واصبح جهاز الامن الموحد تنطوى تحت ادارته العمل بالخارج ، وبدأ نشاط  العمل الطلابى داخل الجامعات من خلال متابعة ومراقبة الطلبة القادمين  من الارضى المحتلة واستدراج الاشخاص المشبوهين ومن له علاقة مع الاحتلال الاسرائيلى ، ومحاولة تجنيد شبان ايضا خلال دراستهم لصالح الثورة .

وكان للمنظمة مدرسة تابعة لجهاز الامن الموحد بهدف التدريب والتدريب واجراء دورات خاصة فى تخصصات الامن ، حيث تم القاء القبض على الكثير من العملاء على يد الجهاز بعد جمعهم للمعلومات واستدراج عملاء بعد نقل هذه المعلومات لجهاز الامن الخاص المختص بذلك .

ذكريات ابو عمار

 واستذكر النجار بعض المواقف التى شاهدها لابو عمار خلال عمله ، وبحكم عمله مع  ابو اياد كان جهازهم قليل الاحتكاك مع ابو عمار الا فيما يخص العمل ، على الرغم من وجود بيته فى نفس الطابق المتواجد فيه مكتب النجار وكان اسمه الامن السياسى ، وكان يرأس هذا المكتب ابو الحكم الهباش .

وقال النجار في سرده لذكرياته لدنيا الوطن ان ابو عمار كان من القيادات النادرة جدا فلم يكن يختبئ تحت الارض بل فوقها ، وفى احدى المرات تم الاتصال بابو عمار وابلاغ بوجود سيارة فولكس فاجن متواجد بالقرب من مفترق ال 17 القريب من مكتبه ، فنزل ابو عمار شخصيا واشرف على الاتصال بالجهات المختصة وخبراء المتفجرات وهو على مقربة من المكان وتم تفكيك العبوة الناسفة المتواجدة داخل السيارة  التى وضعت لاغتياله .

وكان ابو عمار لديه حاسة ليست متواجدة عن بقية البشر ، حيث كان يغيّر طريق المشى عدة مرات ولم يعرف سائقه اين يتوجه بل كان يطلب من السائق التوجه لشوارع مفاجئة مغيرا طريقه ، قائلا " ابو عمار فىه حاجة لله " ، لانه هناك الكثير من عمليات الاستهداف فشلت على بعد امتار من تواجده ، فكان ابو عمار يغادر المكان او يغير طريقه لتفشل خطة اغتياله بصاروخ من طائرة او بسيارة مفخخة  ، وكثيرا كان يغادر المكان قبل استهدافه بالطائرات بدقائق .

ويشهد النجار خلال تواجده فى غرفة العمليات فى منطقة عايشة بكار ، كان هناك غرفة عمليات فى الاجتياح وتم استهدافها بعد خروج ابو عمار وابو جهاد بدقائق قليل ، وكانت هذه الغرفة الرئيسية قبل الاجتياج ويترأسها سعد صايل ، حيث تواجد فيها ابو عمار صباحا برفقة القيادة الفلسطينية ، وتم استهداف البناية بعد خروج ابو عمار منها بدقائق واصيب محمد ابو هداف واستشهدت زوجته ، وكانت البناية لا تبعد عن مكتب الرئيس الا 60 متر تقريبا .

وقال النجار من خلال عمله ان 52 جهاز مخابرات منهم عرب واجانب كانوا يعملوا فى لبنان لمراقبة ابو عمار والثورة الفلسطينية ، وذلك من خلال مراقبتهم للسفارات الموجودة ضمن مكافحة التجسس .

وكان نظام العمل للمنظمة يتركز فى ستة مجالات وهى المجال السياسى وتخص السياسيين ونشاطهم  والمجال الامنى وتخص الاجهزة الامنية ومجال العسكرى  وتخص القوات المسلحة وكل اذرعها والمجال الاقتصادى ويتعلق فيما يخص اقتصاد البلد والمجال العلمى ويخص الجامعات والمؤسسات ودور البحث والحلقة الاضعف هى مجال نظم الاتصالات فى الدولة وهم اهم حلقة ولكنها اضعف حلقة ، لامكانية اختراقها عبر تقنيات حديثة ، وكان الاحتلال الاسرائيلى يستهدف هذه المجالات ، من خلال مراقبتها عبر مراكز ثقافية منتشرة فى لبنان وسفارات مهمتها جمع المعلومات .

وشبه النجار عمله بطريقة علمية  بحيث يستطيع الوصول للعملاء والقاء القبض عليهم بسهولة ، كمن يخرج للصيد فى الغابة لصيد ارنب اوغزال ولسرعة تحركه لن تستطيع قنصه ، ويتواجد الارنب والغزال فى الغابة بهدف البحث عن الطعام والمياه ، وحتما لو انتظرهم الصياد عند الطعام سيجدهم هناك ، وهكذا العملاء هدفهم المواقع الامنية والعسكرية والمجالات الستة السابقة ، فكانوا يضعوا مراقبة مكشوفة وغير مكشوفة لمراقبة كل التحركات حول المواقع والمكاتب على مدار الساعة لمتابعة الاشخاص الذين يتكرر وجودهم حول هذه الاماكن وجمع المعلومات عنهم سواء كانوا افراد او سيارات ، ومن خلال هذه الخطة توصلوا لخيوط ان اعداد كبيرة من السفارات والمراكز كانت تعمل على جمع المعلومات عن ابو عمار والمنظمة .

واستذكر النجار بداية حصار بيروت قائلا  لدنيا الوطن" عام  82 كنت اسكن فى منطقة ال 17 وضربت اسرائيل الضربة الاولى للمنظمة للمدينة الرياضية التى يتواجد فيها العساكر ، وخرجنا جميعا من المبنى وتوجهنا للطابق الارضى داخل مبنى الهندسة على مقربة منا ، وكان بداية الاجتياح لبيروت ، وكنت اعمل حينها مع عاطف بسيسو وتوجهنا اليه واستلمنا العدة والعتاد والملابس والسلاح ،  وطلبوا منا الاستعداد وانتشرنا وكانت الليلة الاولى لاجتياح اسرائيل ، وبدأت الليلة بقصف المناطق الجنوبية بطريقة لم يسبق لها مثيل  وقصف صيدا وصور وبرج البراجنة وبيروت الغربية ، وطلب منا ابو عمار ان نحمى محيط بيروت ، وسيطرت اسرائيل على محور الجنوب والشرق المتواجد فيها حزب الكتائب اللبنانية برئاسة بشير جميل ، وسهل دخولهم للمنطقة الشرقية وخلال ايام كان حصار بيروت من الجهات الاربعة بحرا وجوا وبرا ، وتم قصف بيروت بطريقة جنونية بحيث لا يخلو متر واحد من القصف الجوى والبرى والسيارات المفخخة ، وكان يتحرك ابو عمار على جميع المحاور لمتابعة المقاتلين " .

وتابع " اذكر حين زارنا ابو عمار خلال تواجدنا بالقرب من مطار بيروت برفقة ابو اياد، وكان الاحتلال الاسرئيلى يبعد عنا مسافة كيلو متر واحد خط نارى فى منطقة المطار ، وكان الاشتباك معهم بشكل يومى خاصة ليلا ، وتفأجئنا بزيارة ابو عمار لنا فى المكان برفقة ابو جهاد ايضا ، حاملا مسدسه الخاص ويلبس بدلته العسكرية الخضراء ، وحينما طلبنا منه المغادرة قال لنا انا هنا جندى معكم وروحى ليس اغلى من ارواحكم وشرب معنا الشاى واعطانا دفعة معنوية وغادر " .

وفى احدى الليالى خلال زيارة ابو اياد لمكان تواجد النجار ورفاقه وجدهم يجهزون الطعام ليلا ويقوم اثنين من المجموعة يتنظيف الدجاج قبل طبخه ، فيما يقوم النجار بخرط الملوخية من اجل طبخها فضحك وقال له " والله يا محمود شارون بيقصف جو وبحر وانت تبطخ ملوخية الصح يستحى على نفسه وينسحب " .

محاولة الاغتيال

وفى تفاصيل اخطر عملية ضد الثورة الفلسطينة فقد تعرضت القيادة الفلسطينية والرئيس ابو عمار واللجنة المركزية وقادة الفصائل بحضور ابو عمار وابو اياد وابو جهاد وسعد صايل وهانى الحسن وخالد الحسن ونايف حواتمة وجورج حبش وابو العباس لمحاولة اغتيال حقيقية ، وكان سيذهب ضحية الاغتيال رئيسين عربيين من خلال عملية ينفذها جهاز مخابرات عربى بالتعاون مع احد الفصائل الفلسطينية ، بعد تأكدهم من حضور الجميع لمهرجان انطلاقة حركة فتح فى اليمن.

ولولا رعاية الله لحصلت المجزرة حيث كان من المخطط اجراء المهرجان فى 1/1  عام 1983 فى اليمن ،  وحصل زلزال فى اليمن الشمالى وبناء عليه تم تأجيل الانطلاقة 21 يوما عن موعدها الرسمى احتراما لضحايا الزلزال فى اليمن الشمالى حيث كان يتواجد هناك قوات فلسطينية بقيادة ابو حميد.

وفى هذه الفترة قامت القوة التابعة للنجار بنشاط عملياتى وامنى فى اليمن استطاعوا من خلاله ان يحصلوا على خيوط العملية المدبرة ضد القيادة الفلسطينية ، حيث كانت طبيعة الظروف والبيئة السياسية والمعلومات تؤكد ان هناك امر ما قد يحدث ، بعد ورود معلومات لابو اياد تؤكد ان هناك انشقاق داخل حركة فتح بالتعاون مع احد الانظمة العربية ، وهذا كان مؤشر لشم رائحة مؤامرة قد تنفذ فيها عملية تصفية جسدية .

وقال النجار " اجتمعنا 6 اشخاص من الطاقم ونزلنا فى احد الفنادق فى اليمن ، حيث كان هناك احتفال مركزى للاتطلاقة ، وبعد استدعاء ابو اياد نزلنا فى الفندق وقمنا بعمل خاص وقمنا بعملية تحليل بناء على مؤشرات انه قد يحدث شئ ما ، فقمنا باجراءات وقائية نتخذها لحماية كل الاشياء التى تاخذ طابع السرية من اشخاص ومواقع ".

وتابع لمراسل دنيا الوطن " اجتمعنا وجهزنا خطة لكيفية تحركنا لان  الوفود العربية ستبدأ بالحضور للفندق بعد تحديد موعد المهرجان ، وكان يتواجد حينها فى اليمن 3 فنادق فندق الروك والامبسادور والهلال  وتواجدنا فى هذا المرابع الخاص بالفنادق القريبة من بعضها البعض ، وقبل انتشارنا طلبنا من عاطف بسيسو المتواجد بتونس تنسيق من الحكومة اليمينة للتحرك بحرية ، وقام بالاتصال بهم من خلال علاقاته وجاءنا منسق من الحكومة لاطلاعه على اماكن تحركنا واعطاءنا الضوء الاخضر ، وقمنا بنشاط شبه يومى ومن ثم نقوم بالتحليل نهاية كل يوم ، وخلال احد الايام شاهدنا شخص داخل الفندق منتصف العشرينات ليس يمنيا نزل حديثنا الى الفندق ، وملامحه شامية وكان هذا بداية الخيط " .

 وبحسب ما استخلصناه من التحقيقات مع هذا الشخص كان المهمة عبارة عن اغتيال لشخص ا بو عمار والقيادة الفلسطينية داخل المهرجان ، حيث سيتم ضرب صاروخ على منصة الاحتفال حين الوصول لكلمة منظمة التحرير ، والصاروخ الثانى باتجاه الجمهور حتى لا يقوم باسعاف القيادة وابو عمار والصاروخ الثالث للمنصة مرة اخرى باتجاه ابو عمار .

وكان يحمل الشخص المنفذ معه خارطة للتنفيذ وتحديد مكان انطلاق الصاروخ من اعلى الجبل المجاور للاحتفال على بعد 700 متر خط نارى بصواريخ ارض ارض ، وكان من الممكن ان يقتل فى العملية ما يقارب 1000 شخص بسحب التقديرات الاولية للطاقم .

وبحسب اقوال النجار وبعد خطة جهنمية تم وضعها للطاقم المنفذ لعملية الاغتيال تم القبض على المخطط الاول والمنفذ للعملية بالاضافة لثلاثة اخرين مساعدين له فى المكان ، حيث انطلقوا من مكتب احد الفصائل الفلسطينية التى يتواجد لها مكتب فى اليمن  ، وكانت العملية مرتبطة بعاصمة اوربية كانت تدير العملية من خلال ضابط بالاشتراك مع فصيل فلسطينى وتنسيق مخابراتى .

وتم تبليغ الحكومة اليمنية بالعملية التى تم كشفها ، لعدم قدرة المجموعة على اعتقال اى شخص اثناء وجودهم فى اليمن ، فيما طلبوا من الحكومة باعتقالهم ونفذت ذلك على الفور ، وقام النجار وزملائه بالتحقيق مع الخلية داخل سجون اليمن بعدما قاموا بالمهام العملياتية والمعلوماتية وجمع المعلومات وادارة المهام على الارض ، ومن ثم توترت العلاقات بين اليمن والنظام العربى الذى خطط للعملية ، وذلك لانه قيادة اليمن كانت ستكون ضمن القتلى بعد تواجدهم مع القيادة الفلسطينية لحضور المهرجان مثل الرئيس على صالح وعلى ناصر ووزير الدفاع على عنتر .

ورفض النجار كشف تفاصيل العملية فى استدراج المجموعة والاعلان عن اسم هذه الدولة العربية التى ساهمت فى محاولة الاغتيال بانتظار قرار من بعض الشخصيات السياسية فى المنظمة للاعلان رسميا عن هذا الحدث ،  مع عدم التحدث عن الدولة نظرا لتواجد عدد كبير من ابناء الشعب الفلسطينيى حتى الان داخل هذه الدولة .


 


التعليقات