التحويلات الطبية : كيف نغير مفهوم المهمة الوطنية !؟

التحويلات الطبية : كيف نغير مفهوم المهمة الوطنية !؟
كتب غازي مرتجى
منذ أسابيع جلست برفقة أحد الاصدقاء فسار بنا النقاش نحو التحويلات الطبية التي تُكلّف موازنة السلطة ملايين الشواكل وكيف انّ الحكومة لم تستطع حتى اللحظة تقنين تلك المصروفات ولو بالحد الأدنى . لم يكن صديقي المعروف يُشخّص المشكلة فقط بل استغلّ احدى الدورات التدريبية التي حاز عليها في الولايات المتحدة ليقوم بتصميم خطة شاملة لإدارة ملف التحويلات الطبية وزاد عليها تكاليف الأدوية وصرفها في مستودعات وزارة الصحة . 

ما دفعني للحديث عن خطة الطبيب المبنية على أساس علمي وبأرقام محددة حالة اللامبالاة التي تدفع مسؤولة العلاج بالخارج لاستثناء مرضى غزة من الحصول على حقهم المكفول قانوناً ولم ترفث الحكومة يوماً هذا الحق .

سيدة قيل لي أنها متديّنة وتصوم كل اثنين وخميس هي مسؤولة العلاج بالخارج وتم تعيينها مؤخراً بدلاً من اسامة النجار وهو مسؤول التحويلات سابقا , تحدث اليها احد المرضى من قطاع غزة غاضباً أنه سيقوم بحرق نفسه فشجعّته على ذلك وطلبت منه احراق نفسه , هذا المريض سُدّت حوله كل الطرق ولم يبق له سوى اتصال مع مسؤولة كل من توجّه لهم ففوجيء برد مسؤولة التحويلات فأُضيف رد المسؤولة لمرضه القاتل ليُفكّر بعدها ملياً بالهجرة من القطاع لعلّ نسبة شفائه من مرضه تزيد في عرض البحر أو يصعد لربه شهيداً غريقاً بدلاً من أن يكون قتيلاً حريقاً ..! فيا ويل صوم السُنن وترك الفرائض 

ما يزيد عن ثمانمائة حالة من حالات المرض الخطير والذي يحتاج لعلاج فوري وتحويلات مُباشرة لا زالت تلك الحالات مجتمعة تنتظر قرار الرحمة من مسؤولة العلاج بالخارج فإما تحويلة مجبولة بذل الانتظار وإما ممات مدفوع بفاتورة الوطن الذي يُتاجر به كل صغير وكبير ! , هذه الحالات المرضية ومن ضمنها عشرات حالات السرطان واكثر من ثلاثين حالة لمرضى يحتاجون علاجاً خاصاً غير متواجد الا في احدى الدول المجاورة لم يرّق قلب مسؤولة العلاج بالخارج رغم صيامها ليوم الاثنين لتُرسل لهم "تحويلة الرحمة" وإنما كانت هذه الحالات هي السبب في مديونيات السلطة العالية وقروضها الشهرية ومنع تلك التحويلات سيجعل السلطة الفلسطينية تتحوّل الى "سنغافورة" بين تحويلة وضحاها ..

صديقي الذي تحدّثت معه مطولاً حول الأمر يؤكد بالارقام استفادة عشرات الحالات من التأمين الصحي الحكومي دون أن يكون بحاجة له .. ولو راجعت السيدة المسؤولة عن تحويلات العلاج ما يُصرف يومياً من تحويلات باهظة الثمن قد تجد منها "مُنكراً" كثيراً فهذا يريد خلع طاحونته في تل أبيب وآخر يريد النوم مع زوجته وفق الطريقة الفرنسية للتجميل فيُرسلها الى هناك لتتلقى علاجاً تجميلياً قد يكون في النهاية عملاً وطنياً لو قرأنا السطور بمفهوم آخر !!

أرواح مرضى قطاع غزة ليست رخيصة بالقدر الذي يتم التعامل معه ويجب الوقوف ملياً عند تلك المشكلة التي بدأت بالظهور جلياً في الأيام السابقة ولا يُمكن لرئيس وزراء حكومة التوافق وهو الشخصية التي حازت على ثقة "السيدة العجوز" في معبر إيرز أن يقبل ولو بأدنى حد المتاجرة بأمراض مواطني قطاع غزة والذين عانوا الأمرّين في الحرب وما بعدها ويوم سقوط المطر .. ولا يُمكن قبول صمت وزير الصحة والذي تعهّد وأقسم يمينه الطبي أولاً والوزاري ثانياً على المحافظة على أرواح المرضى والمواطنين وعدم تعريضهم للخطر .. فما بال وزيرنا بما يحصل لمرضى قطاع غزة من تعريض حياتهم للموت في كل لحظة لهدف قد يكون نبيلاً لدى مسؤولة العلاج بالخارج بتوفير أموال لخزينة الحكومة لتتمكّن الحكومة من دفع بدالات "المهمات الوطنية" لمن يعتبر السلطة انجازاً تجارياً خالصاً .

أطالب الرئيس أبو مازن ورئيس الوزراء الدكتور رامي الحمدلله بمتابعة ملف التحويلات الطبية وأعرض نيابة عن صديقي الطبيب خدماته وآرائه وخطته الشاملة على الجهات المختصّة لعل وعسى أن تكون مقترحاته "مهمة وطنية" خالصة لوجه الوطن لتغيير مفهوم بعض "المهمات الوطنية" الحالية !

التعليقات