هاني الحسن والتيار الإسرائيلي في السلطة

هاني الحسن والتيار الإسرائيلي في السلطة
بقلم : عبدالله عيسى

بعد عودة هاني الحسن " أبو طارق " عضو اللجنة المركزية لحركة فتح إلى ارض الوطن فوجئ الرجل بواقع جديد فرض على السلطة بوسائل إسرائيلية شتى أهمها لوي الذراع .. والمشكلة أن السلطة منذ إقامتها لا يوجد لديها ذراع كي تلويه إسرائيل بل عشرات الأذرع القابلة للوي وهو لوي موجع في أحيان كثيرة .. تبدأ بمنع دخول المواد الغذائية والأدوية لمناطق السلطة وتنتهي باهانة المسئولين على الحواجز ووصل الامر ذات مرة الى قيام جنود الاحتلال بطرح وكيل وزارة أرضا على حاجز حزما قرب رام الله وإجباره على رفع رجليه !!

هذا هو الواقع المرير أما الخيال والشعارات والتمنيات والعنتريات أمر اخر لا يقدم ولا يؤخر .. وهذا لا يعني أن السلطة كانت مستكينة لإسرائيل تلعب بها إسرائيل الكورة بل قاومت السلطة وقيادتها الضغوط الإسرائيلية ولكن حدود مقاومة السلطة كانت محدودة أيضا لأسباب أهمها ضعف الدعم العربي للسلطة وانتقال بعض الدول العربية إلى دور ناقلي التهديدات الإسرائيلية  لابوعمار وأحيانا كان ابو عمار يغلق خط الهاتف بوجوه بعض المسئولين العرب الذين اتصلوا به في المقاطعة برام الله لنقل تهديدات إسرائيلية .

هذ الواقع لم يبدأ بحصار ابو عمار في المقاطعة بل بدا بعد إقامة السلطة مباشرة وترافق مع وجود تيار إسرائيلي في مناطق السلطة رأى هاني الحسن أن هذا التيار يجب محاربته والقضاء عليه سياسيا وإداريا وقانونيا .

كان هاني الحسن محل ثقة الرئيس المصري حسني مبارك الذي ايد في حينه بقوة توجه هاني الحسن كما أيد ابو عمار بقوة هذا التوجه الا ان ابو عمار  ومبارك وهاني الحسن لم يتخيلوا ربما خطورة هذا التوجه .

بدا هاني الحسن يشكل اشبه ما يكون بتيار وطني فلسطيني معاكس للتيار الإسرائيلي في السلطة واخذ يطلق التصريحات الصحفية العلنية يتحدث فيها عن ما اسماه ب " الاسرلة " او " التيار الإسرائيلي" في السلطة وبدا يحارب هذا التيار بقوة باعتماده على ابو عمار وبمساندة سرية وخفية من حسني مبارك وبعلم ابو عمار .

توجه هاني الحسن أثار بلبلة في السلطة خلال الأعوام 1996-1997 خلال ولاية نتنياهو الأولى وفي اجتماع للجنة المركزية لحركة فتح في نابلس برئاسة ابو عمار أثير موضوع التيار الإسرائيلي بقوة في الاجتماع وطلب من هاني الحسن توضيح للموضوع .. أدلى الحسن بدلوه فأجمعت مركزية فتح وعلى رأسهم ابو عمار طبعا الذي كان على اطلاع دقيق مسبق لهذا الملف على تأييد توجه هاني الحسن بمحاربة التيار الإسرائيلي في السلطة .

على ما يبدو شعر الأفندية ممن يتهمهم هاني الحسن بالاسرلة او التيار الإسرائيلي بالخطر واشتغل كتبة التقارير يعملون ضد هاني الحسن لدى إسرائيل .

حدثني هاني الحسن في حينها  1997فقال :" كنت مسافرا إلى مصر من خلال معبر رفح فجاء ضابط امني إسرائيلي كبير واعترض سبيلي في المعبر وقال لي بوضوح وبدون مواربة .. ان ما تقوم به من محاربة للتيار الإسرائيلي في السلطة أمر لن نقبل به ولن نسمح لك ان تكمل هذا الطريق وان واصلت سيكون لنا رد عنيف ".

وحسب كلام هاني الحسن انه لم يأخذ كثيرا بكلام هذا الضابط الكبير واعتبره من باب التهويش واستمر في توجهه وعلى الموجة .

بعد فترة وجيزة تعرض مساعده محمد ابو سردانه لمحاولة اغتيال أمام منزله قرب منتزه البلدية بغزة وأصابته نحو خمس رصاصات في ساقيه ونقل إلى مستشفى الشفاء بغزة ثم نقله ابو عمار فورا بالإسعاف لاحد المستشفيات الأردنية للعلاج .

وبعد اقل من شهرين كانت محاولة اغتيال لهاني الحسن قد دبرت وأصبحت على وشك التنفيذ بغزة وحسب هاني الحسن فان ابو عمار وصلته معلومات دقيقة حول محاولة اغتيال أبو طارق " وصعق ابو عمار لتلك المعلومات وابلغ هاني الحسن بمحاولة الاغتيال التي احبطها ابو عمار في المهد .

أجرى مبارك اتصالات هاتفية مع ابو عمار حول محاولة اغتيال هاني الحسن .

ابو عمار كان على علم تام بالمنفذين والمخططين لمحاولات الاغتيال وعندما سالت هاني الحسن قال لي فلان وفلان .. الخ. . حسب معلومات ابو عمار .

كما أوضحت في بداية المقال كانت إسرائيل وما زالت بالمرصاد ضد أي قرار تتخذه القيادة الفلسطينية ضد التيار الإسرائيلي رغم ان هذا التيار ليس من الصف القيادي ولكنه له امكانات ونفوذ وقوة .

وسمعت من ابو عمار في تلك الفترة في خطاب ألقاه بمركز رشاد الشوا بغزة بمناسبة وطنية فقال :" كنت عائدا من اليمن وأريد دخول غزة الساعة الثانية ليلا واذا بنتنياهو يتخذ قرار بمنعي من دخول غزة اتصلت بمبارك هاتفيا الذي اتصل بنتنياهو وجرت مشادة كلامية بينهما انتهت بسماح نتنياهو لابو عمار بدخول غزة ".

قبل هذه الحادثة بأيام قام الجيش الإسرائيلي باعتقال عباس زكي على حاجز في الضفة .

انتهى توجه هاني الحسن المدعوم من ابو عمار ومركزية فتح ومبارك بالإحباط وبقيت دار لقمان على حالها .

في ذكرى استشهاد هاني الحسن " ابو طارق " رأيت أن اروي جوانب من حياته النضالية التى لم يعرفها عامة الناس وحتى خاصتهم إلا نفر قليل .

 

التعليقات