عاجل

  • مصادر صحفية: جرحى معظمهم من الأطفال جراء استهداف إسرائيلي لمواطنين في حي الزيتون جنوبي مدينة غزة

  • استشهاد طفل جراء إطلاق قوات الاحتلال النار على منتظري المساعدات قرب جسر وادي غزة وسط القطاع

قناة ام بي سي تنهي أسطورة الفن المصري

قناة ام بي سي تنهي أسطورة الفن المصري
بقلم : عبدالله عيسى
رئيس التحرير

قبل أشهر فوجئت بزيارة كريمة من قبل د. إبراهيم ابو ذكري رئيس اتحاد المنتجين السينمائيين العرب برام الله ولم أكن قد تشرفت بمعرفته شخصيا باستثناء متابعتي الصحفية لنشاطاته.

ورغم ألام المرض فقد سعدت بزيارته وكرم أخلاقه وكانت فرصة طيبة كي نتحدث في شؤون الإنتاج السينمائي والتلفزيوني العربي والمصري بشكل خاص .

وقد أبديت ملاحظات على الإنتاج التلفزيوني المصري واللبناني وظاهرة تقصير الفساتين سنة بعد سنة وتحديدا في شهر رمضان المبارك وقلت له لماذا يستقصدون الناس في الشهر الفضيل بمشاهد العري .. يا أخي اتركوا شهر رمضان في حاله ولا تفسدوا على الناس صيامهم وحتى المسلسلات الدينية اختفت تماما عن الشاة العربية في شهر رمضان وكان اخر عهدنا بها مسلسل عمر ابن الخطاب .

قال د. ابو ذكري " العري هو شرط ومطلب من بعض الفضائيات العربية والمنتج لايريد ان يخسر أمواله مقابل تشبثه برفض العري ".. انتهى حديث او ذكري.

اذكر في الثمانيات ان الإنتاج التلفزيوني العربي كان يتحسس طريقه ومن اجل تسويق أي فيلم او مسلسل عربي وكان المنتج يتعمد اقحام أي ممثل مصري كي يضمن نجاح وتسويق الفيلم او المسلسل .

وكان احد المخرجين التونسيين اقترح علي تصوير إحدى رواياتي البوليسية السياسية كفيلم سينمائي وطلب مني اقتراح ممثل مصري في الفيلم لإنجاح التسويق .. وفي تلك الفترة كان الفنان المصري الكبير نور الشريف في زيارة لتونس فالتقيته فرحب بالفكرة تماما وبمشاركته في الفيلم كبطل طبعا وعندما حاولت الحديث معه عن أجره قال لي كلمة واحدة :" أي فيلم فلسطيني أشارك به لا اتقاضى عنه أي اجر وإنما دعما للقضية الفلسطينية ".

وكان قد شارك في عدة أفلام فلسطينية مثل خيط ابيض خيط اسود والذي أنتجه القيادي الفلسطيني عطا الله عطالله " أبو الزعيم " وكذلك الفنان غسان مطر وقد عايشت قصة ذلك الفيلم مع ابو الزعيم وغسان مطر بعد ان سرق المخرج المغربي " البوريكي " مسودة الفيلم والأموال المخصصة وهرب وكان ابو الزعيم يتهم البوريكي بالعمالة للموساد وان إسرائيل أرادت إحباط إنتاج هذا الفيلم  والذي كان يصور في ايطاليا .

إضافة لمشاركة نور الشريف في فيلم ناجي العلي وغيره.. وفي السنوات الماضية حاول نور الشريف تمثيل فيلم عن الشيخ احمد ياسين ولكن لم يتطوع أي منتج لتحقيق حلمه .

كما قتل المخرج السوري العالمي مصطفى العقاد في تفجيرات فنادق عمان وهو يبحث عن ممول لتصوير فيلم عن صلاح الدين الأيوبي وفشل في الحصول على تمويل لفيلم صلاح الدين الايوبي وكان قد اخرج فيلمين عالميين الرسالة وأسد الصحراء عمر المختار وأراد ان يتحف العالم بفيلم صلاح الدين الايوبي فكان الرد الأول: قتل المخرج والثاني:إتحافنا بمسلسلات زهرة وازواجها الخمسة والحاج متولي وفيلم بوبوس الذي ألف بين مشاهد عارية قصة سخيفة.

منذ التسعينات تعاني السينما والمسلسلات والمسرحيات المصرية من ازمة نص فاتجهت الى التهريج والتكرار والقفشات فبعد ان كانت معظم الافلام المصرية في السبعينات تجمع عدة رصقات في الكباريه لتربط بينها بقصة سخيفة تغير الوضع إلى جمع عدة نكات وقفشات لجمعها بقصة سخيفة باستثناء قلة من الأفلام الجادة في السبعينات ثم بدا الانحدار فنلاحظ مثلا ان سمير غانم في كل أفلامه يكرر قفشات لا تتغير وأصبحت الأفلام والمسلسلات والمسرحيات المصرية تتعمد التهريج لإضحاك المشاهد مثل المسرحيات الأخيرة لعادل امام وغيره .

بدأت الدراما السورية تتحسس طريقها بدورها من خلال مسلسلات الفانتازيا التاريخية والتي اجتهدت كثيرا في حينها ان افهم شيئا مما يريد ان يقوله المسلسل بدون جدوي وحقا كانت مسلسلات تافهة بكل معنى الكلمة حتى انقذ الدراما السورية ياسر العظمة في مسلسل مرايا وقبله طبعا دريد لحام الذي اكتسح العالم العربي في الثمانيات بمسرحيات غربة وضيعة تشرين والخ .

واذا بالدراما السورية تنتقل نقلة نوعية بمسلسلات كوميدية تنتقد الفساد في الدوائر الحكومية او بدرجة اقل منن الانتقاد وبقيمة عالية جدا من الكوميديا مثل مسلسل يوميات مدير عام وعائلة 5 نجوم  والخ .

عادة الفقر ملك الكوميديا لان الغني لايوجد في حياته أي مواقف كوميدية وهنا كان مقتل الانتاج التلفزيوي والسينمائي والمسرحي المصري إذ اتجه لقصص خيالية بعيدة عن الواقع المصري والعربي بالتركيز على قصص في المسلسلات والافلام لرجال اعمال مصريون يمتلكون مليارات ويبرمون صفقات بالمليارات وقتل عمال على بطال ومعروف ان المواطن المصري والعربي لا تروق له مثل هذه القصص الخيالية في حين ان المسلسلات السورية كانت تتحدث عن المواطن المسحوق وكيف ينشغل دائما بتدبير مائة ليرة سورية من هنا او هناك فكانت اقرب للناس وما تعرضه من مواقف كوميدية عالية .

فتحت ام بي سي وتلفزيون قطر الباب على مصراعيه للانتاج السوري فبدأت سلسلة من المسلسلات السوري التاريخية من تأليف الكاتب الفلسطيني وليد سيف وإخراج حاتم علي مثل التغريبة الفلسطينية وربيع قرطبة وصقر قريش والقعقاع ابن عمرو التميمي والذي يعتبر من روائع المسلسلات العربية والزير سالم وباب الحارة الذي استطاع منع التجول في العالم العربي في كل شهر مضان عندما كانت تبثه ام بي سي والمسلسل الرائع عمر ابن الخطاب والخ .

إمكانات هائلة للانتاج وفرتها ام بي سي وتلفزيون قطر بينما كانت مصر تعرض مسلسلات تاريخية تافهة من حيث الخروج عن النص وإقحام قصص خيالية لا اصل تاريخي لها مثل مسلسل هارون الرشيد وعمر ابن عبدالعزيز وامكانات انتاجية ضعيفة جدا .

الأردن بدورها قفزت قفزة نوعية عبر ام بي سي أيضا وتلفزيون قطر من خلال مسلسلات بدوية مثل نمر العدوان وعيون عليا والخ .

الإنتاج الخليجي وتحديدا السعودي والكويتي احتل مكانة أولى من حيث النوعية وكثافة الانتاج مثل مسلسل طاش ما طاش وسلسلة طويلة من المسلسلات الكويتية الشريرة .. وحتى المسلسلات الكويتية والسعودية تتحدث عن المواطن الغلبان الفقير ولم تتحول الى قصص المليارات الوهمية في السينما والدراما المصرية فنجح الانتاج الكويتي والسعودي نجاحا باهرا .

ومن يلاحظ خلال السنوات الاخيرة فان الفضائيات العربية والخليجية لا تبث الا مسلسلات خليجية سعودية وكويتية وسورية ولبنانية وبين كل عشر مسلسلات خليجية هنالك مسلسل مصري واحد.

ومنذ 3 سنوات وبعد ان ابتليت سوريا بوضعها الداخلي اتجه الفنانون السوريون الى المشاركة في انتاج مصري وانقلبت الاية فعندما كان العرب يبحثون عن ممثل مصري لاقحامه في اعمالهم لضمان التسويق .. الان اتجهت الدراما المصرية الى الفنانين السوريين والأردنيين لضمان التسويق  مثل صبا مبارك وغيرها .. وقبل سنوات ثار بعض الفنانين المصريين ضد مشاركة الفنانين العرب في اعمال مصرية وقاد الحملة الفنان احمد ماهر ولا سيما بعد ان نجح مسلسل حدائق الشيطان للفنان السوري جمال سليمان.

كان هذا على صعيد الدراما واما على صعيد الأغنية والطرب فقد انهت ام بي سي ايضا اسطورة الطرب المصري من خلال برامج ذا فويس وسوبر ستار وارب ايدول واصبح المطربون المصريون غرباء وتقدمت مواهب مغمورة أظهرتها قناة ام بي سي للعامة من فلسطين والمغرب وتونس وليبيا والخليج العربي والاردن والخ .

باختصار واقع الحال يقول ان الدراما المصرية والطرب المصري انتهى بل اصبح منبوذا في الفضائيات العربية وعلى رأسها ام بي سي.. باستثناء المسلسلات المصرية الصعيدية الناجحة والتي ما تزال تمسك بزمام الفن المصري من الانهيار .

لا اعتقد ان هنالك سياسة مبرمجة او مؤامرة ضد مصر دبرت بليل بل عجز الفنان والمنتج المصري عن مواكبة المنافسة وتقوقعه باطار مصر فقط بعكس السابق وعدم اخذ العبر من اسباب نجاح الدراما السورية واللبنانية والخليجية والانكفاء دائما على التاريخ فقط .

والتغني بتاريخ الفن المصري يشبه حال العرب بالتغني بالأمجاد وتاريخهم القديم في مواجهة تحديات خطيرة قادمة من كل أنحاء العالم ضد العرب .

المطلوب من مكونات الفن المصري نقاش حالة الفن في مصر والنهوض به حتى يواكب ثورة ام بي سي ونجاح ام بي سي ليس معيبا بل ما نراه أن النهضة الفنية العربية يجب ان تكون شاملة في مصر وكل العالم العربي .

 


التعليقات