فينيسيا .. مدينة يحتضنها البحر : 3 آلاف طريق و 400 جسر في المدينة والتنقل بالقوارب فقط

فينيسيا ..  مدينة يحتضنها البحر : 3 آلاف طريق و 400 جسر في المدينة والتنقل بالقوارب فقط
فينيسيا – دنيا الوطن- جمال المجايدة

غادرنا كورتينا في جبال الالب في التاسعة والنصف صباحا لنصل الي مدينة البندقية  ( فينسيا (في الحادية عشر قبل الظهر , وكان في استقبالنا هناك , بير جيوفاني كوسمو مدير شركة Blitz  المتخصصة في خدمات المواصلات البحرية الفاخرة والطائرات والسيارات الفخمة . وكان اليخت الفاخر في انتظارنا علي رصيف الميناء المجاور للشركة , لننطلق بسرعة مع قائد اليخت فرناندو في جولة الي المدينة الاعجوبة ! ورحنا نتنسم هواء شاطئ البحر الادرياتيكي تحت اشعة الشمس الناعمة , ونتحاور عن سر هذه المدينة التي سجلتها اليونيسكو بكاملها في سجل الاثار الخالد للانسانية .

في الحقيقة , لم تكن تلك هي الزيارة الاولي لي , الي فينيسيا الايطالية التي خلدها شكسبير في رائعته (تاجر البندقية ) , فقد زرتها مرارا وفي كل مرة اشعر بطعم اخر للزيارة , انها مدينة اسطورية من طراز اخر لم يعرفه البشر في اصقاع الارض .

في تلك الجولة البحرية التي استغرقت قرابة الساعتين مررنا بكل احياء فينسيا التي تحيط زوارها بالجمال  , شاهدنا معالم المدينة التاريخية واحيائها الهائمة فوق سطح البحر وكنائسها العتيقة وحي المعارض الفنية المعروف باسم / بينالي البندقية /.

اسطورة الماء !

فينيسيا هي اسطورة الماء ولاتوجد فيها طرق مرصوفة او سيارات  فالمدينة التي يقدر عدد سكانها 271 الف نسمة، عبارة عن عدة جزر متصلة ببعضها عن طريق جسور و تطل المدينة على البحر الأدرياتيكي.  

ومهما رحنا نتحدث عن معالم  فينيسيا التي تعتبر من اهم المدن الايطالية و أكثرها جمالا فاننا لن نفيها حقها فهي بمثابة ارث للانسانية جمعاء يصور قدرة الانسان الخارقة في قهر البحر والاعاصير والاهوال .

اثناء الجولة زرنا ايضا عدة مباني تاريخية يعود أغلبها إلى عصر النهضة و ركبنا الجندول الخشبي الطويل المزركش بالالوان الاحمر والازرق والاخضر في معظم من قنواتها المائية المتعددة ونحن نتنفس الهواء العليل تحت ظلال البيوت التاريخية.

طبعا كل مباني فينيسيا قديمة ترجع الي العصور الوسطى  وصممت علي مايبدو لمواجهة الحملات الصليبية    , ويقول لنا سائق اليخت ان لكل بيت في فينيسيا حكاية مع التاريخ والاجيال المتعاقبة .

المهم عزيزي القارئ اذا اتيحت لك الفرصة لزيارة  فينيسيا فلاتردد واذا لم تتاح لك الفرصة تذكر ان المدينة الاسطورية  هي عبارة عن أكثر من مئة جزيرة ملتصقة كانت وما زالت من أصعب أماكن التنقل عمليا وهندسيا.

 طرق التنقل في فينيسيا محصورة في القوارب الكلاسيكية المتوفرة بكثرة في المدينة والتي يطلق عليها الجندول  .

وتعتبر المدينة مثالية من ناحية عدم استخدام السيارات والشاحنات على مستوى أوروبا والعالم.

لاحظنا خلال الجولة ايضا ان فينيسيا التي اختلطت جدرانها بمياه البحر تشكل لوحة فنية رائعة تجذب آلاف السائحين من كل بقاع الأرض لزيارتها وملامستها وقراءة ما فيها في محاولة لاكتشاف سر بقائها واحتضان البحر لها منذ العام 420 ميلادياً، وسر جاذبيتها التي أثارت فضول العالم، والتعرف الى ملامح صورتها المنعكسة على صفحة مياه البحر الادرياتيكي.

جزر متناثرة تربطها القوارب !

وربما تعلم عزيزي القارئ ان بيوتها وأبنيتها تشكل مجموعة جزر متناثرة تربطها قوارب ومراكب متعددة الأغراض والأنواع والعصور، أشهرها (الجندول) الذي لا يعرف صوت ماكينات الدفع الحديثة، حيث ما زال قائده يعتمد على مجداف خشبي طويل لتسييره، وهو خاص برحلات التنزه وسط الأزقة والشوارع الضيقة، إلى جانب مجموعة من الحافلات المائية مختلفة الأحجام والتي ترسو على جنبات القنوات المائية في محطات معروفة يقصدها المتنزهون والزوار وأهل المدينة.

وتخلو تلك المدينة من وسائل النقل البرية اللهم إلا في بعض الجزر الرئيسية التي تشطرها الشوارع المعبدة، غير أن تلك الوسائل محدودة النطاق، مثلها مثل القطار الوحيد الذي يربط فينيسيا  بالمدن الإيطالية الأخرى .

مدينة يحتضنها البحر !

في مدينة يحتضنها البحر عليك أن تترك نفسك وعينيك تتخيلان عمق الدفء بين أبنية قديمة صامدة وتلك الشوارع والأزقة المائية، وأن تستوعب مقدار الفتنة التي تكسو ملامح مدينة يحتضنها البحر ، عليك أن تعيد النظر في كل ما قرأت عن المدينة، وكل ما شاهدت من مغامرات رومانسية دغدغت بها السينما العالمية مشاعر كل من اقبلوا على أفلام روائية تعكس وجهاً من حضارة فينيسيا،

عليك أن تطأ تلك الشوارع التي قطعها /جيمس بوند / في أحد وأهم أفلامه، وأن تجعل من نفسك رحالة لتكتشف المزيد من السحر، فشوارع مدينة يحتضنها البحر  وأزقتها تسلب قلبك كلما ابتعدت عنها.

في فينسيا ثمة 3 آلاف طريق في قلب المدينة التي تضم 400 جسر، والطرق أو القنوات المائية أو الشوارع باختلاف مسمياتها ضيقة وأكبر طريق أو قناة مائية هي المعروفة باسم  القناة الكبرى  ويبلغ طولها 4 كيلومترات، أما اشهر الجسور فهو / ريالتو / الذي يكتسب شهرته من كونه شيّد فوق تلك القناة، ولأنه يؤدي إلى أهم أسواق ومحلات البندقية التي تبيع الاقنعة , لان اكثر ماكان يميز فينيسيا هو التخفي بالاقنعة التي كانت عادة من أيام الرومان وحفلاتهم المترفة التي تسمح بالجنون وارتكاب الحماقات واحتفظت فينيسيا بهذه التقاليد وكان القناع يصنع من الفخار أو الجص عام 1270 ثم سنت جمهورية البندقية في القرن السابع عشر قانونا لمنع سوء استعمال القناع لان البعض كان يضعه ويضيف اليه لحية مستعارة امعانا في التخفي لرغبته بعدم الافصاح عن شخصيته اثناء توقيع عقود البيع والشراء أو خيانة الزوجة .

 










التعليقات