عاجل

  • شهداء وجرحى جراء قصف للاحتلال على محطة "سلطان" لتحلية المياه في حي الرمال غرب مدينة غزة

  • مصابون بقصف إسرائيلي على محطة لتحلية المياه في حي الرمال غربي مدينة غزة

  • طيران الاحتلال يشن غارتين على منطقة الجندي المجهول بحي الرمال غرب مدينة غزة

سعادة السفير أحمد الصائم يحاضر حول "التجربة التونسية والمحيط الإقليمي"

سعادة السفير أحمد الصائم يحاضر حول "التجربة التونسية والمحيط الإقليمي"
رام الله - دنيا الوطن
استضاف منتدى الأربعاء في مؤسسة الإمام الحكيم سفير الجمهورية التونسية في لبنان سعادة الأستاذ حاتم الصائم بحضور جمع من الشخصيات الدبلوماسية والسياسية والإعلامية والثقافية..

قدم اللقاء وأداره المحامي الأستاذ بلال الحسيني الذي أوجز لمحة تاريخية عن تونس الخضراء.. آملاً أن يتحقق الاستقرار فيها بتحقيق الأهداف التي ناشدت الثورة من أجلها..

تحدث بعدها سعادة الاستاذ حاتم الصائم فقدم لمحة تاريخية عن شمال أفريقيا، وبالأخص منطقة المغرب العربي والحضارة الأمازيغية التي تعود إلى أكثر من 40 ألف سنة.. أما في تونس والجزائر فهناك ما يسمى بـ "الحضارة القفصية" وهي حضارة لم يتمكن أحداً لحد الآن من التعريف بها أو النبش في كل محتوياتها..

ثم تحدث عن علاقته بهذه المنطقة ـ منطقة المشرق العربي ـ التي بدأت في عمان وتلاها إيران، فقال: كنت سفيراً في سلطنة عُمان وحدث انقلاباً في مسيرتي المهنية ثم حللت في الخليج ورغم ثقافتي العربية وتديني الإسلام، بدأت أكتشف هذا الشرق الحائر..

في المغرب العربي ووصولاً إلى الخليج، أعرف منطقتين هما: بلاد الإسلام وبلاد النصارى.. وعندما وصلت إلى الخليج اكتشفت أن الأخوة يتكلمون عن سُنة وشيعة وهذا أكثر ما فاجئني كثيراً.. وهذا لأسباب تاريخية، فنحن في تونس منذ صغارنا نقول " الله ينصر دين الإسلام فقط دون اي شيء آخر"..

          أما حول حديثنا لليوم وهو عن تونس وعلاقته بالمحيط الإقليمي..

عنوان الحديث بيننا كان محل نقاش بيننا، فقد عرض المنظمون موضوع "الإسلام السياسي والتجربة التونسية وتأثير التجربة التونسية في المحيط الإقليمي".. لكنني لم أرغب بالحديث عن الإسلام السياسي والتجربة التونسية لأنه عندما تدخل عبارة "الإسلام السياسي" فهذا يدخلنا في متاهات، فالإسلام دين والسياسة دُنيا.. فلا نخلط المفاهيم، ولا ندخل العامل الديني مؤثراً لما حدث في تونس..

والعودة إلى ماحدث في تونس عام 2011، لا بد من أن نعود إلى السنوات التي سبقت.. فالوضع الاقتصادي والاجتماعي في تونس كان وضعاً عادياً حتى عام 2008.. المشكلة الكبيرة التي كانت في تونس ـ أي في بداية القرن العشرين ـ هي افتقاد الحريات السياسية والاجتماعية وخاصة السياسية منها والتي كانت معطلة في البلاد، فلا توجد حرية صحافة أو حرية تعبير أو حرية مجتمع، وقد منع العديد من المعارضين من دخول الانتخابات وزاد الوضع تعقيداً الوضع عام 2008م بسبب الأزمة الاقتصادية التي عرفتها أمريكا ثم أوروبا إذ إن الاقتصاد التونسي كما هو معروف مرتبط جداً بأوروبا وخاصة في البلدان الثلاث: فرنسا، ألمانيا وإيطاليا.. وبتعثر الاقتصاد في هذه البلدان تعثر الاقتصاد في تونس، وخاصة عدم تحمل طاقة الاقتصاد التونسي على استيعاب الأعداد الهائلة من خريجي التعليم وخاصة التعليم العالي..

لكن حماقة الطبقة الحاكمة في تلك الحقبة ما بين 2008 و2011؛ مع احتدام الأزمة والمشاكل الاقتصادية، عوضاً من أن تلبي رغبات الشعب، وأن تستجيب إلى طموحاته، أكثرت من فسادها.. فلم تتفهم الوضع الاجتماعي والاقتصادي وازدادت ظلماً.. وهذا ما أدى إلى انفجار اجتماعي وخاصة من قبل الشباب الذي استغل فاجعة المرحوم "محمد بو عزيزي" وفنزلوا إلى الشارع في نهاية شهر ديسمبر 2010..

وأضاف: كانت مطالب الشباب منادية بالكرامة والحرية وبالخبز.. ولهذا سُميت هذه الثورة/ الانتفاضة بـ"ثورة الكرامة".. وهذا هو المصطلح المتعارف عليه في تونس ولغاية اليوم.. ثم جاءت تسميات أخرى صنعتها الصحافة الغربية أولاً، كـ"ثورة الياسمين" و"الثورة المخملية" و"ثورة الأزهار".. وما يميز هذه الانتفاضة هو غياب القيادة السياسية، فلم تكن هناك قيادة سياسية لهذه الثورة، لم يكن لها أي أيديولوجيا أو شعارات تابعة لأحد.. لا من الأحزاب الإسلامية ولا اليسارية ولا من أي حزب.. بل هم شباب الكومبيوتر والفيس بوك... ووسائل التواصل الاجتماعي وكان كلما ازداد القمع كلما خرج الشباب أكثر وخاصة في وسط البلاد في منطقة "البو زيد" والكفصة.. وكلما ازداد عدد الشهداء كلما تقدمت الثورة إلى أن التحقت النقابات بهذه الثورة الشبابية (4 كانو الثاني 2011) عندها بدأ النظام ينهار إلى آن غادر الرئيس السابق زين العابدين بن علي في 14/1/2014..

أما بالنسبة لعلاقة الأحداث في تونس مع المحيط الخارجي..

لا بد من الإشارة أنه لغاية سقوط النظام أثّر المحيط الخارجي بنقل الأخبار.. عندما كان النظام يحاول التعتيم، كانت هناك قنوات عديدة تبث ما يحدث في تونس.. ولكن، لم يكن هناك تنسيق مع أطراف خارجية أثناء الأحداث.. الشيء الذي حصل هو تفاعل شعبي مع مجريات الأحداث في تونس في بلدان عديدة كمصر واليمن.. ولكن، بدأت التفاعلات بخاصة بعد سقوط النظام في تونس.. وكان مثالاً لبلدان أخرى.. تونس لغاية ثورة 14 يناير كانت تعتبر بلداً صغيراً ممسوكاً بقبضة حديدية لا يمكن أن يحدث فيها التغيير.. ما حدث ألهم شباباً في بلدان أخرى، فسقط حائط الخوف، وهذا هو ماحدث فقط.. فخرج الشباب المصري بعد أسبوعين، ثم حصلت انتفاضة ليبيا..

          وتحدث سعادته عن أوجه التشابه بين دول الثورة.. فذكر أنه في العلاقة بين مصر وتونس وليبيا.. كان هناك عائلات حاكمة تتحكم في مصادر الثروة، وشباب مثقف عاطل عن العمل وفاقد للكرامة، هذه العوامل المتشابهة أثرت في كل البلدان ذات الصفة نفسها..

أما بالنسبة لأوجه الاختلاف بين مصر وتونس: ففي مصر، ثمة جيش قوي ومؤسسة عتيدة.. أما في تونس، فالجيش أقل وهو جيش جمهوري متحفظ، ولكن في تونس هناك نقابات عتيدة وتاريخية لها وزنها في المجتمع وفي البلاد وهي التي أثرت بتغيير النظام، ولا تزال تؤثر حتى اليوم في مجرى المؤسسات والفترة الانتقالية..

          وبالنسبة للعلاقة بالجارة الأخرى ليبيا فالوضع مختلف.. الأخوة في ليبيا عانوا من نظام مدته (42) سنة، ترك بلاداً بلا مؤسسات ولا جيش، حتى أن المؤسسات التربوية بدأت تتراجع وتتراجع أكثر فأكثر.. وهذا ما جعل الوضع حالياً في لبيبا متردياً وعادت القبلية والنعرات القديمة.

وعن باقي المحيط الإقليمي بالنسبة للجزائر والمغرب الوضع مختلف.. فالأخوة في الجزائر عرفوا واكتووا بنار الإسلام السياسي وكانت لهم ثوراتهم، فالوضع مستقر وهذا ما يبرد صدورنا في تونس.. وكذلك بالنسبة للأخوة المغاربة حيث تمكن الملك من الاستجابة بسرعة إلى المطالب الشعبية..

          وأضاف: أما في المرحلة الثانية، فقد تحرك المحيط الإقليمي البعيد ـ لا المحيط المغاربي الذي تكاتف وتعاطف معنا ـ فبعد سقوط النظام رجع عدد كبير من المعارضين بكل أطيافهم، وقد لاحظنا إطلاق سراح عدد من المساجين، فالعديد من المنظمات والتيارات في المشرق أو أوروبا، حاولت كل واحدة أن تساعد مُنتسبيها.. الإسلام السياسي حاول أن يساند منتسبيه، والتيارات اليسارية حاولت أن تساند بعضها.. ولكن بقيت الأمور تحت السيطرة ، ولم يتوصل هؤلاء إلى أشياء كبيرة، وبقي المجتمع المدني حريصاً على استقلالية القرار التونسي وعلى وسطية الاختيار التونسي.. وقد حاولت بعض الأطراف الإسلامية المتطرفة أن تذهب بنا إلى دستور بمنع أشياء كثيرة ولكنهم لم يفلحوا في ذلك.. وحاولت بعض التيارت اليسارية أن تعود بنا إلى أشياء تجاوزها التاريخ ولم يكن لها ذلك أيضاً..

تعيش تونس اليوم فترة تاريخية مصيرية، مقبلون على انتخابات تشريعية في 26 أكتوبر، ثم انتخابات رئاسية، بحسب الدستور المعتمد، فالانتخابات التشريعية لها أهمية كبرى لأنها ستنتخب مجلساً وهو الذي سيعين رئيساً للحكومة، لأننا أصبحنا في نظام نصف برلماني أو برلماني معدل، ورئيس الجمهورية يبقى فقط رمزاً لوحدة البلد ومسؤولاً عن السياسة الخارجية وعن الدفاع الوطني..

وتلا المحاضرة مداخلات تنوعت للحضور أثرت العرض الذي قدمه سعادة الأستاذ حاتم الصائم.. 

التعليقات