وتجمعوا المخابرات في كوبري القبة

وتجمعوا المخابرات في كوبري القبة
بقلم : عبدالله عيسى

واجه الرئيس الأمريكي بيل كلنتون مشكلة في منطقة الشرق الأوسط حيث أن دماغه كانت متكلفة والشرق الأوسط مقرف بمشاكله المعقدة والتداخلات الدولية والإقليمية فأوكل لرئيس المخابرات الأمريكية جورج تينت مهمة حلحلة بعض المشاكل في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية وقضايا أخرى تتعلق بالمنطقة منذ عام 1997 .

نجحت فكرة كلنتون واستحسن زعماء المنطقة الفكرة فأوكل أبو عمار مهمات وملفات لقادة المخابرات الفلسطينية أمين الهندي وطارق ابو رجب وأوكل الرئيس المصري حسني مبارك مهام شائكة جديدة وملفات للواء عمر سليمان وكذلك أوكل الملك عبدالله الثاني مهاما جديدة وملفات لمدير المخابرات الأردنية وأوكل نتنياهو خلال رئاسته الأولى للحكومة الاسرائيلية مهمات لرئيس المخابرات الإسرائيلية فاكتملت الحلقات وبدأت أجهزة المخابرات الأمريكية والإقليمية تقوم بدور جديد وخرجت ولأول مرة للنور بعد أن كانوا يعملون في الظلام ولا يعرف الجمهور صورهم أصلا إلا نادرا .

تغلبوا على بعض المشاكل وفشلوا في قضايا أخرى ولكن النتائج بالمجمل كانت طيبة ومشجعة واستطاع الزعماء الحصول على تقييم للمشاكل والصراعات أكثر دقة من السابق وطرح حلول عملية وواقعية اقرب من تصورات وزراء الخارجية الذين أصابهم اليأس والإحباط من دوامة مشاكل منطقة الشرق الأوسط .

فكرة كلنتون بقيت سارية المفعول وعندما تعصف بالمنطقة مشاكل صعبة يتجمع قادة المخابرات لحلها وينجحون عادة في ذلك إلى حد كبير كما يحصل الآن في اجتماعات التهدئة في مقر المخابرات العامة المصرية بالقاهرة " كوبري القبة ".

الجنرال محمد التهامي رئيس المخابرات المصرية يرعى المباحثات الفلسطينية الإسرائيلية التي يقودها من الجانب الفلسطيني اللواء ماجد فرج مدير المخابرات الفلسطينية  وعزام الاحمد ومن الجانب الاسرائيلي يورم كوهين مدير المخابرات الإسرائيلية " الشاباك" وعاموس جلعاد مدير القسم السياسي والأمني في وزارة الأمن الإسرائيلية .

ورغم أن كل ما نعرفه عن  الجنرال محمد التهامي انه من قادة الجيش المصري وتولى كل المناصب القيادية في سلاح المشاة إضافة لإدارة المخابرات الحربية ومن رجالات حرب أكتوبر المجيدة فانه ومن خلال ما يرشح بوسائل الإعلام عن تلك المباحثات لديه إصرار على إنجاح التهدئة والتوصل لوقف إطلاق نار بقطاع غزة .

المقاومة الفلسطينية حملت مطالبها إلى اجتماعات القاهرة وهي مطالب تعبر عن رغبة شعبية فلسطينية في رفع الحصار عن قطاع غزة والى الأبد والتي يعرضها ويناقشها اللواء ماجد فرج وعزام الأحمد  مع الجانب المصري كراعي للمباحثات والجانب الإسرائيلي كطرف .

الاتفاقات على التهدئة المؤقتة مؤشرات هامة على تقدم المباحثات والأيام القادة ستحمل اتفاقا نهائيا لوقف إطلاق النار يمنح الشعب الفلسطيني فرصة الحياة بأمن وسلام وحرية تنقل كباقي البشر في العالم ويرفع الحصار عن هذا الشعب الذي عاني الويلات بسبب الحصار الإسرائيلي المتواصل في كل مناحي الحياة .

الموضوع الأصعب في اجتماعات القاهرة أن ما يجري لا يتعلق بخلاف حدودي أو سياسي إنها حرب مدمرة أزهقت أرواح ألاف الشهداء الفلسطينيين في قطاع غزة ودمرت آلاف البيوت وحولت أحياء كاملة إلى ركام وتشرد عشرات الآلاف من الفلسطينيين داخل قطاع غزة بلا بيوت وأقاموا في مدارس ومراكز إيواء وبعضهم عند أقاربهم او أصدقائهم بتكافل اجتمعي يفوق الوصف وبعض الشقق سكن بها أكثر من خمسين شخصا من عدة عائلات وما زال الحال الذي نصفه قائما ولم يتغير شيء ,, ولكن الرسالة الأهم التي وجهها الشعب الفلسطيني في حرب غزة انه صامد على أرضه ولم يحاول فلسطينيا واحدا الاقتراب من أي معبر حدودا هروبا من الحرب ولم يمنع احد الناس من الهرب لو أرادوا ولم يفكر احد بهذا الخيار مجرد تفكير حتى وان كانت المعابر شبه مغلقة فالجمهور يفرض حالة فتح المعابر إنسانيا لو حصل هذا .. كل ما يامله المواطن الفلسطيني ان يرفع الحصار وان يسافر معززا مكرما ويعود بلده معززا مكرما كما يفعل كالناس في دول العالم .. وان يجد المريض علاجه بغزة وان يجد الصياد مصدر رزقه في البحر .. وان وان .. وأمام الدمار الناتج عن حرب غزة هل سيقبل الشعب بغزة أن لا يرفع الحصار نهائيا بعد كل هذه التضحيات .. سؤال  نأمل من اللواء ماجد فرج وعزام الأحمد طرحه على الجانب الإسرائيلي خلال المباحثات في القاهرة .


 


 

التعليقات