ماذا جرى للجيش الإسرائيلي في حرب غزة .. الخزعبلات

بقلم : عبدالله عيسى
كشفت حرب تموز الفلسطينية 2014 عن حقائق كثيرة وأزاحت أساطير ووضعت الحد الفاصل بين الحقيقة والخيال فلسطينيا وعربيا ودوليا وإسرائيليا .
ومن اجل الوصول إلى تفسير لما جرى في حرب تموز الفلسطينية نحتاج إلى العودة لبعض المحطات التاريخية والتي لا يمكن فصل هذه المحطات عن حرب تموز وما جرى للواء جولاني وجفعاتي على ارض غزة .
لقد نشرت ألاف المذكرات والأبحاث عن مراحل الصراع العربي الإسرائيلي والظروف والأسباب السياسية والعسكرية العربية والدولية التي أدت إلى نكبة 1948 ثم نكبة حزيران 67 وانتصارات الجيوش العربية لاحقا ورأيت أن أتناول بعدا اخر بعيد عن تلك الأسباب والظروف السياسية والعسكرية وهو البعد النفسي والمعنوي ودوره في الهزائم والانتصارات وصولا إلى حرب تموز الفلسطينية 2014 لأنه لعب دورا مهما حتى الآن وان كان لا يمكن فصله عن الأسباب الأخرى ولكنه يعتبر عاملا أساسيا لا يمكن تجاهله والقفز عنه لما سيكون له من دور أهم قادم .
بعد نكبة عام 1948 وعلى مدى 20 عاما عاش الفلسطينيون والعرب أوهاما عن الإسرائيلي .. فالطفل الفلسطيني لم ير إسرائيليا وجها لوجه ورسم صورة للإسرائيلي أو اليهودي من خلال حكايات الآباء والأجداد على انه وحش كاسر ووصل الجهل ببعض الأسر أنها كانت تخوف الطفل قبل أن ينام " بالوحش اليهودي ".. لم يكن خلال الخمسينات أو الستينات وسائل اتصال كما هو الحال الآن فأجهزة التلفزيون شحيحة جدا وموجهة من الدول العربية والإذاعات كانت موجهة وجميعها كانت تعمل على نمط حكايات الجدات ونام قبل أي يأتيك اليهودي .. وسائل أخرى لم تكن موجودة مثل الانترنت وغيره أي أن الطفل الفلسطيني والعربي رسم صورة خيالية عن الإسرائيلي لا أساس لها في الواقع من باب الشحن المعنوي وبث الكراهية في نفوس أجيال فلسطينية وعربية من اجل تأهيل جيل فلسطيني وعربي يسترد الحقوق المسلوبة يوما ما ولكن النتيجة كانت الكراهية والخوف معا من إسرائيلي لا يستطيع احد أن يقف في وجهه .
لم ير أطفال فلسطين وشبانها ورجالها ونسائها مذابح دير ياسين وكفر قاسم بالصور والتلفزيونات كما يحصل الآن وإنما رسموا صورة لها في خيالهم من خلال حكايات الآباء والأجداد ايضا.
بالمقابل اتبع الإسرائيليون نفس الأسلوب في بث الكراهية للعرب في نفوس أطفال وشبان إسرائيل على وقع تذكيرهم دائما بضحايا النازية وان العرب هم الوجه الآخر للنازية وان العرب يعدون العدة لإبادة اليهود كما فعل هتلر وان فلسطين ارض الميعاد وارض الآباء والأجداد وأنها ارض اللبن والعسل " واللبن والعسل مأخوذة من الأزمان الغابرة وباعتبارها كانت قيمة اقتصادية هائلة قبل ظهور النفط في العالم ".
ونشط الإعلام الإسرائيلي في بث خزعبلات في الخمسينات تشوه صورة الفلسطيني والعربي ومنها أن احد الأفلام الإسرائيلية في تلك الفترة صور عائلة يهودية تعيش في فلسطين في منزل صغير حيث يجلس الأب ليلا بجانب المدفأة يقرا كتابا والزوجة تجلس بجانبه تداعب طفلتها وإذا بمجموعة كبيرة من الفلسطينيين يهجمون على منزل اليهودي يحملون الفؤوس والعصي وبنادق وهم يصرخون كالهنود الحمر !!
هذا المشهد باختصار كان نموذجا للصورة الخيالية التي أراد قادة إسرائيل رسمها للإنسان الفلسطيني في نفوس أجيال إسرائيلية والرسالة الإسرائيلية واضحة انه لا سبيل أمام الشعب الإسرائيلي لحماية نفسه من الفلسطينيين سوى القتل .
جيل عربي خرج مهزوما شر هزيمة من حرب 1948 وحمل في جوانحه الخوف والكراهية المطلقة لليهود وجيل يهودي تشبع بالكراهية للنازية والعرب والخوف معا ولكن دفع انتصار إسرائيل في حرب 48 بفعل الدعم الدولي الكبير ورجال أعمال يهود أدى إلى ترجيح الكفة طبعا لصالح إسرائيل .
حتى عام 1967 كانت المعنويات العربية شبه منهارة كما يروي الفريق محمد فوزي وزير الدفاع المصري الأسبق في مذكراته عن حرب 1967 فيقول :" دخلنا حرب 67 وقمنا باستدعاء الاحتياط ولاحظ بعض ضباط الجيش أن بعض جنود الاحتياط القادمين من صعيد مصر يحملون حقائب صغيرة في أيديهم وعند تفتيش الحقائب وجد بها ملابس مدنية فسألهم الضباط لماذا يحملون ملابس مدنية وهم يتوجهون للجبهة فقالوا :" يقال أن الجيش الإسرائيلي لا يهاجم المدنيين فإذا خسرنا الحرب وهزمنا نخلع الزي العسكري ونرتدي الزي المدني ونهرب ".
ويقول الفريق محمد فوزي :" لنتخيل معنويات جنود ذاهبون للجبهة وهم يستعدون للهزيمة والفرار من ارض المعكرة بالزى المدني .. ". انتهى الاقتباس .
ويقول نتنياهو في كتابه مكان تحت الشمس الصادر عام 1997 خلال فترة رئاسته الاولى للحكومة الاسرائيلية :"عشية حرب 1967 انتشرت نكتة في إسرائيل تقول :" العرب قادمون لابادة إسرائيل وعلى اخر إسرائيلي يهرب مغادرا إسرائيل أن يطفئ الأنوار في مطار بن غوريون".
أي مثل أي عائلة تغادر منزلها وعادة اخر من يغادر المنزل يطفئ الأنوار .
من هنا كان عدد قتلى الجيش الإسرائيلي في حرب 67 لا يزيد عن 600 قتيل إسرائيلي .. في حرب هزمت فيها إسرائيل 3 دول عربية ومعها كانت معظم الجيوش العربية تؤازر على الجبهات الثلاث !!! بينما خسرت إسرائيل أكثر من هذا العدد في حرب لبنان 1982 واجتياح بيروت في مواجهة رجال أبو عمار فقط .
وخسرت نحو 3 آلاف قتيل في حرب أكتوبر 1973 على الجبهتين المصرية والسورية حسب الإحصائيات الإسرائيلية .
ونلاحظ كيف تغير عدد قتلى إسرائيل في الحروب اعتبار من حرب 1973 وعندما تغيرت مفاهيم الجيوش العربية وأعطيت الفرصة للجندي العربي لقتال حقيقي تحققت الانتصارات في مصر وسوريا ولبنان وغزة وعندما ابتعدت عن الخزعبلات .
حقق الأردن والثورة الفلسطينية حدثا تاريخيا يعود الفضل فيه إلى كل الانتصارات العربية التي تحققت حتى الآن وتمثل في معركة الكرامة عام 1968 عندما هزم الجيش الأردني والثورة الفلسطينية معا جحافل إسرائيلية تسللت للأردن فكانت هزيمة ماحقة وحقيقية للجيش الإسرائيلي ولأول مرة في تاريخ إسرائيل ففتحت عيون الزعيم جمال عبدالناصر لشن حرب الاستنزاف حتى عام 1970 وكان الهدف الرئيسي لحرب الاستنزاف رفع معنويات الجيش المصري واثبات حقيقة للجندي المصري انه يحارب جنديا إسرائيليا عاديا يمكن أن يهزم هذا الإسرائيلي وليس وحشا كاسرا لا أمل في الانتصار عليه .
والحقيقة أن الرئيس السادات تحدث كثيرا عن الحاجز النفسي بين العرب وإسرائيل في جوانب معينة بعد حرب اكتوبر وقال " جيل حرب أكتوبر خالي من العقد النفسية ".
بدأت الصورة تتغير قتاليا ومعنويا بعد معركة الكرامة في الأردن وحرب الاستنزاف على الجبهة المصرية وفي حرب أكتوبر 1973 وكان الانتصار حليف العرب .. في كل هذه الحروب وما بعدها حتى الآن حيث لم تسجل أي هزيمة عسكرية فلسطينية أو عربية واحدة منذ معركة الكرامة عام 1968 .
وبعد مفاوضات الكيلومتر 101 على الجبهة المصرية عام 1974 لفض الاشتباك قال قائد الجيش الإسرائيلي الذي شارك في الاجتماعات في الخيمة مع القادة العسكريين المصريين :" اجتمعت مع وزير الدفاع المصري المشير الجمصي ووجدته إنسانا مثلنا وليس كما تخيلته وحشا ".
يتبع
كشفت حرب تموز الفلسطينية 2014 عن حقائق كثيرة وأزاحت أساطير ووضعت الحد الفاصل بين الحقيقة والخيال فلسطينيا وعربيا ودوليا وإسرائيليا .
ومن اجل الوصول إلى تفسير لما جرى في حرب تموز الفلسطينية نحتاج إلى العودة لبعض المحطات التاريخية والتي لا يمكن فصل هذه المحطات عن حرب تموز وما جرى للواء جولاني وجفعاتي على ارض غزة .
لقد نشرت ألاف المذكرات والأبحاث عن مراحل الصراع العربي الإسرائيلي والظروف والأسباب السياسية والعسكرية العربية والدولية التي أدت إلى نكبة 1948 ثم نكبة حزيران 67 وانتصارات الجيوش العربية لاحقا ورأيت أن أتناول بعدا اخر بعيد عن تلك الأسباب والظروف السياسية والعسكرية وهو البعد النفسي والمعنوي ودوره في الهزائم والانتصارات وصولا إلى حرب تموز الفلسطينية 2014 لأنه لعب دورا مهما حتى الآن وان كان لا يمكن فصله عن الأسباب الأخرى ولكنه يعتبر عاملا أساسيا لا يمكن تجاهله والقفز عنه لما سيكون له من دور أهم قادم .
بعد نكبة عام 1948 وعلى مدى 20 عاما عاش الفلسطينيون والعرب أوهاما عن الإسرائيلي .. فالطفل الفلسطيني لم ير إسرائيليا وجها لوجه ورسم صورة للإسرائيلي أو اليهودي من خلال حكايات الآباء والأجداد على انه وحش كاسر ووصل الجهل ببعض الأسر أنها كانت تخوف الطفل قبل أن ينام " بالوحش اليهودي ".. لم يكن خلال الخمسينات أو الستينات وسائل اتصال كما هو الحال الآن فأجهزة التلفزيون شحيحة جدا وموجهة من الدول العربية والإذاعات كانت موجهة وجميعها كانت تعمل على نمط حكايات الجدات ونام قبل أي يأتيك اليهودي .. وسائل أخرى لم تكن موجودة مثل الانترنت وغيره أي أن الطفل الفلسطيني والعربي رسم صورة خيالية عن الإسرائيلي لا أساس لها في الواقع من باب الشحن المعنوي وبث الكراهية في نفوس أجيال فلسطينية وعربية من اجل تأهيل جيل فلسطيني وعربي يسترد الحقوق المسلوبة يوما ما ولكن النتيجة كانت الكراهية والخوف معا من إسرائيلي لا يستطيع احد أن يقف في وجهه .
لم ير أطفال فلسطين وشبانها ورجالها ونسائها مذابح دير ياسين وكفر قاسم بالصور والتلفزيونات كما يحصل الآن وإنما رسموا صورة لها في خيالهم من خلال حكايات الآباء والأجداد ايضا.
بالمقابل اتبع الإسرائيليون نفس الأسلوب في بث الكراهية للعرب في نفوس أطفال وشبان إسرائيل على وقع تذكيرهم دائما بضحايا النازية وان العرب هم الوجه الآخر للنازية وان العرب يعدون العدة لإبادة اليهود كما فعل هتلر وان فلسطين ارض الميعاد وارض الآباء والأجداد وأنها ارض اللبن والعسل " واللبن والعسل مأخوذة من الأزمان الغابرة وباعتبارها كانت قيمة اقتصادية هائلة قبل ظهور النفط في العالم ".
ونشط الإعلام الإسرائيلي في بث خزعبلات في الخمسينات تشوه صورة الفلسطيني والعربي ومنها أن احد الأفلام الإسرائيلية في تلك الفترة صور عائلة يهودية تعيش في فلسطين في منزل صغير حيث يجلس الأب ليلا بجانب المدفأة يقرا كتابا والزوجة تجلس بجانبه تداعب طفلتها وإذا بمجموعة كبيرة من الفلسطينيين يهجمون على منزل اليهودي يحملون الفؤوس والعصي وبنادق وهم يصرخون كالهنود الحمر !!
هذا المشهد باختصار كان نموذجا للصورة الخيالية التي أراد قادة إسرائيل رسمها للإنسان الفلسطيني في نفوس أجيال إسرائيلية والرسالة الإسرائيلية واضحة انه لا سبيل أمام الشعب الإسرائيلي لحماية نفسه من الفلسطينيين سوى القتل .
جيل عربي خرج مهزوما شر هزيمة من حرب 1948 وحمل في جوانحه الخوف والكراهية المطلقة لليهود وجيل يهودي تشبع بالكراهية للنازية والعرب والخوف معا ولكن دفع انتصار إسرائيل في حرب 48 بفعل الدعم الدولي الكبير ورجال أعمال يهود أدى إلى ترجيح الكفة طبعا لصالح إسرائيل .
حتى عام 1967 كانت المعنويات العربية شبه منهارة كما يروي الفريق محمد فوزي وزير الدفاع المصري الأسبق في مذكراته عن حرب 1967 فيقول :" دخلنا حرب 67 وقمنا باستدعاء الاحتياط ولاحظ بعض ضباط الجيش أن بعض جنود الاحتياط القادمين من صعيد مصر يحملون حقائب صغيرة في أيديهم وعند تفتيش الحقائب وجد بها ملابس مدنية فسألهم الضباط لماذا يحملون ملابس مدنية وهم يتوجهون للجبهة فقالوا :" يقال أن الجيش الإسرائيلي لا يهاجم المدنيين فإذا خسرنا الحرب وهزمنا نخلع الزي العسكري ونرتدي الزي المدني ونهرب ".
ويقول الفريق محمد فوزي :" لنتخيل معنويات جنود ذاهبون للجبهة وهم يستعدون للهزيمة والفرار من ارض المعكرة بالزى المدني .. ". انتهى الاقتباس .
ويقول نتنياهو في كتابه مكان تحت الشمس الصادر عام 1997 خلال فترة رئاسته الاولى للحكومة الاسرائيلية :"عشية حرب 1967 انتشرت نكتة في إسرائيل تقول :" العرب قادمون لابادة إسرائيل وعلى اخر إسرائيلي يهرب مغادرا إسرائيل أن يطفئ الأنوار في مطار بن غوريون".
أي مثل أي عائلة تغادر منزلها وعادة اخر من يغادر المنزل يطفئ الأنوار .
من هنا كان عدد قتلى الجيش الإسرائيلي في حرب 67 لا يزيد عن 600 قتيل إسرائيلي .. في حرب هزمت فيها إسرائيل 3 دول عربية ومعها كانت معظم الجيوش العربية تؤازر على الجبهات الثلاث !!! بينما خسرت إسرائيل أكثر من هذا العدد في حرب لبنان 1982 واجتياح بيروت في مواجهة رجال أبو عمار فقط .
وخسرت نحو 3 آلاف قتيل في حرب أكتوبر 1973 على الجبهتين المصرية والسورية حسب الإحصائيات الإسرائيلية .
ونلاحظ كيف تغير عدد قتلى إسرائيل في الحروب اعتبار من حرب 1973 وعندما تغيرت مفاهيم الجيوش العربية وأعطيت الفرصة للجندي العربي لقتال حقيقي تحققت الانتصارات في مصر وسوريا ولبنان وغزة وعندما ابتعدت عن الخزعبلات .
حقق الأردن والثورة الفلسطينية حدثا تاريخيا يعود الفضل فيه إلى كل الانتصارات العربية التي تحققت حتى الآن وتمثل في معركة الكرامة عام 1968 عندما هزم الجيش الأردني والثورة الفلسطينية معا جحافل إسرائيلية تسللت للأردن فكانت هزيمة ماحقة وحقيقية للجيش الإسرائيلي ولأول مرة في تاريخ إسرائيل ففتحت عيون الزعيم جمال عبدالناصر لشن حرب الاستنزاف حتى عام 1970 وكان الهدف الرئيسي لحرب الاستنزاف رفع معنويات الجيش المصري واثبات حقيقة للجندي المصري انه يحارب جنديا إسرائيليا عاديا يمكن أن يهزم هذا الإسرائيلي وليس وحشا كاسرا لا أمل في الانتصار عليه .
والحقيقة أن الرئيس السادات تحدث كثيرا عن الحاجز النفسي بين العرب وإسرائيل في جوانب معينة بعد حرب اكتوبر وقال " جيل حرب أكتوبر خالي من العقد النفسية ".
بدأت الصورة تتغير قتاليا ومعنويا بعد معركة الكرامة في الأردن وحرب الاستنزاف على الجبهة المصرية وفي حرب أكتوبر 1973 وكان الانتصار حليف العرب .. في كل هذه الحروب وما بعدها حتى الآن حيث لم تسجل أي هزيمة عسكرية فلسطينية أو عربية واحدة منذ معركة الكرامة عام 1968 .
وبعد مفاوضات الكيلومتر 101 على الجبهة المصرية عام 1974 لفض الاشتباك قال قائد الجيش الإسرائيلي الذي شارك في الاجتماعات في الخيمة مع القادة العسكريين المصريين :" اجتمعت مع وزير الدفاع المصري المشير الجمصي ووجدته إنسانا مثلنا وليس كما تخيلته وحشا ".
يتبع
التعليقات