جوالات أولاد غزة

جوالات أولاد غزة
بقلم : عبدالله عيسى

جمهور عجيب من المتفرجين الفضوليين من أولاد غزة وفتيانها يحملون الجوالات ويلاحقون الطائرات الحربية الإسرائيلية بكفاءة تفوق الرادار .. بلا خوف ولا حسابات ولا يؤمنون أبدا بأي قواعد للسلامة ولا بتعليمات الدفاع المدني والشرطة بالابتعاد عن الأماكن التي يستهدفها الطيران الإسرائيلي بغزة .

هذا الجمهور عهدناه منذ انتفاضة الأقصى مع بدء باراك باستخدام المروحيات في قصف غزة والضفة ثم لم يصبر شارون كثيرا واستخدم طائرات اف 16 وادخلها للمعركة ومازالت حتى الآن كل الحكومات الإسرائيلية تسير على هدي باراك وشارون في استخدام المروحيات وطائرات ا لاف 16 في قطاع غزة كما استخدمتها في الضفة خلال انتفاضة الأقصى .

أجيال فلسطينية تشبعت بثقافة الكراهية لإسرائيل بفضل السياسة الإسرائيلية وما نراه الآن هو نتيجة للسياسة الإسرائيلية التي جعلت ذاكرة الفتي الفلسطيني تعيش على مشاهد الشهداء والدمار والأشلاء .. هذا الفتي بعد بضعة سنوات فقط نراه شابا يحمل سلاحا وينتظر اليوم الذي تتاح فيه فرصة قتال الإسرائيليين على حدود قطاع غزة .. هؤلاء الشبان الذين يقصفون إسرائيل بلا هوادة من رجال المقاومة ويحملون السلاح وينتظرون الدبابات الإسرائيلية على حدود غزة هم أنفسهم قبل سنوات من شاهدوا بأعينهم أشلاء الشهداء "و ساعدوا في جمعها " وبقايا منازل مدمرة .

خلال انتفاضة الأقصى كان فتيان وشبان غزة يلاحقون الطائرات المروحية وهي تقصف رجال المقاومة وأحيانا كانت تسقط صواريخ الاباتشي ولا تنفجر وهنا المشهد الذي لامثيل له في العالم .. يتجمهر الأولاد حول الصاروخ الذي لم ينفجر ولا ينتظرون شرطة ولا خبراء متفجرات فهذه الجهات لا يؤمنون بها .. هؤلاء الأولاد هم الخبراء فجاء ذات مرة احد الشبان وأراد أن يختبر الصاروخ والفتية يضربون الصاروخ بحجر عن بعد امتار ليرونه هل ينفجر ام لا ثم اتبعها احدهم بضرب الصاروخ بالشلوت حتى انفجر !!.

هذا الجيل الذي يواجهه نتنياهو الآن .. جيل لا يعرف حسابات السياسيين ولا يعرف الخوف .. جيل جمع أشلاء الشهداء بيديه وهو فتى صغيرا ماذا ينتظر نتنياهو منه الان؟؟!!

الآن تطورت الأمور مع أولاد وفتيان غزة فكل منهم يحمل جوالا ويصور القصف وهدم المنازل على رؤوس أصحابها وأشلاء الشهداء ويحتفظ بها وتنشرها وسائل الإعلام .. أولاد غزة بجولاتهم كانوا أهم من كل الصحفيين بغزة .. الأسرع في نقل الخبر وبالصوت والصورة .

من الذي صور اغلب مشاهد تدمير المنازل وبثتها كل وسائل الإعلام حتى أن مجلس الامن تحدث عن المهلة التي يعطيها الطيران الحربي الإسرائيلي لأصحاب المنازل المدمرة والتي لا تزيد أحيانا عن 50 ثانية لإخلاء المنزل .. هم هؤلاء الفتية .

الأولاد في العام الآن يتحفظون بجوالاتهم بصور ولقطات من المونديال وفي العالم العربي ترى أطفالنا يحتفظون بلقطات لمسلسلات تلفزيونية ودعايات طريفة مرحة .. وفي غزة تكتظ جوالاتهم بمشاهد أشلاء الشهداء ودمار المنازل ..

منذ إقامة السلطة وإسرائيل "وتحديدا نتنياهو " تشتكي من مشاهد الكراهية عند الفلسطينيين لإسرائيل واذكر أن خبراء فلسطينيون وإسرائيليون وأمريكيون بحثوا هذه المسالة كثيرا ومنذ حكومة نتنياهو الأولى .. وتوصلوا إلى قناعة أن القياديتين الفلسطينية والإسرائيلية جاهزة للسلام ولكن الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي غير جاهزين بسب مشاعر الكراهية عند الطرفين .

بعضهم قال إما ان يتم إغداق أموال هائلة على الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي حتى يقنع الناس في كلا الطرفين بمزايا السلام وهذا الحل يتطلب أموالا طائلة ووقتا طويلا وإما إغراق المنطقة بالدماء حتى يقتنع الناس بالسلام .

سيبقى تحقيق السلام العادل والشامل هو الحل لهذا الصراع وما يحصل الآن بغزة من قصف لمنازل المدنيين ومشاهد الدمار التى يراها فتية وشبان غزة بأعينهم ويصورونها بجولاتهم ستكون قنابل موقوتة وألغام في طريق السلام الذي ينتظره الناس بعد عشرات السنين من الصراع  العربي الاسرائيلي .

 

التعليقات