حرب الشوارع في الضفة قادمة

حرب الشوارع في الضفة قادمة
بقلم : عبدالله عيسى

بدأت نتائج سياسة نتنياهو تظهر والعنف يتدحرج ككرة الثلج في الضفة ومناطق 48 وان استمرت المواجهات فإنها ستؤدي إلى مجازر اشد خطرا وفتكا من الانتفاضتين الأولى والثانية ولن تستطع إسرائيل أو السلطة السيطرة على وضع خطير قادم .

خلال الانتفاضتين كانت المواجهات بين فصائل مقاومة فلسطينية والجيش الإسرائيلي وكلاهما كانا يعملان وفق تعليمات قيادة الجيش الإسرائيلي أو قيادة الفصائل الفلسطينية كل على حدة وبالتالي كانت العمليات والمواجهات إلى حد ما تحت السيطرة أما في الوضع الحالي فهي حرب شوارع بين مستوطنين وفلسطينيين يسكنون نفس الشارع في مناطق كثيرة .

بعد سنوات من المفاوضات وكلما سارت المفاوضات مسافة قابلها نتنياهو بزيادة الاستيطان ولم يفكر يوما في هذا الوضع الشاذ  .. كيف ستعايش مئات آلاف المستوطنين مع 2 مليون فلسطيني في الضفة ولا يفصل سكن المستوطن عن الفلسطيني أحيانا سوى امتار او مئات الامتار .

لقد حول نتنياهو المستوطنين الى ميليشيات مسلحة بالأسلحة الالية وبالسكاكين والبلطات يعتدون على أراضي المزارعين الفلسطينيين ويقتلون مواشيهم ويخربون زرعهم  ويطلقون الكلاب المسعورة والخنازير البرية على الأراضي الزراعية والى داخل المدن الفلسطينية بما فيها وسط رام الله .. وتمنع إسرائيل السلطة إطلاق رصاصة على كلب أو خنزير بري برام الله إلا بعد تنسيق مسبق كما صرح بذلك وكيل وزارة الحكم المحلي .. حتى أصبح الفلسطيني يتحين الفرص للتنكيل بأي مستوطن وبالمقابل قوى دينية يهودية متطرفة تلقن المستوطنين ليل نهار الفتاوي بقتل الفلسطينيين وبتخريب ممتلكاتهم والاستيلاء على أراضيهم برعاية نتنياهو وليبرمان .. وها هي نتيجة سياسة نتنياهو تزرع الدم في الضفة ومناطق 48 .

القصة ليست قضية الشهيد محمد أبو خضير ولكنها فجرت كل الغضب الفلسطيني وكان يمكن لأي جريمة يرتكبها مستوطنين أن تفجر هذا الوضع .

بجوار أي شارع في الضفة وعلى رؤوس الجبال قام المستوطنون بالاستيلاء على ارضي شاسعة وبناء مستوطنات بحجة ان قدماء اليهود ساروا من نابلس الى رام الله وعلى كل جبل يبعد عن الجبل الآخر بضعة كيلومترات استراح اليهود المسافرون فأقاموا مستوطنة في كل مكان استراحوا فيه .. سلسلة طويلة من المستوطنات على رؤوس الجبال في كل الضفة لإحياء ذكرى استراحة المهاجرين اليهود وتعمدوا بناء المستوطنات في معظمها على رؤوس الجبال حسب معتقدات لقوى دينية يهودية متطرفة بان رؤوس الجبال تحميهم من الفيضانات ولم يحسبوا حساب السكان الأصليين أصحاب الأرض وغضبهم الذي هو اشد من فيضانات الأودية .

تداخل سكاني عجيب في الضفة بين المستوطنين والفلسطينيين حتى تحولت الضفة إلى دولة غير قبلة للحياة وهي مقولة الرئيس الأمريكي الأسبق بوش الابن عندما شاهد صورا جوية للضفة صعق من المشهد فقال كلمته التاريخية " يجب إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة ".. ولكنه للأسف لم يستطع تحقيق هذا الحلم الفلسطيني .

وفي قمة كامب ديفيد عام 2000 زودت مصر المفاوضين الفلسطينيين صورا التقطها القمر الصناعي المصري للمستوطنات في الضفة أيضا .. وكانت إحدى مفاجآت القمة الأمريكية – الفلسطينية –الإسرائيلية وأصيب كلنتون بدهشة لهول المشهد كيف ستعيش دولة فلسطينية وهي مقطعة الأوصال بعشرات المستوطنات فتعاطف كلنتون بشكل شخصي مع الموقف الفلسطينية ولكنه لم يستطع فعل شيء ذو أهمية وتبنى الموقف الإسرائيلي في القمة .

هذا الوضع كما ذكرنا مختلف عن الانتفاضتين والانفجار الحاصل يجب على حكومة إسرائيل تفاديه لان القوى الدينية اليهودية المتطرفة دفعت بالمستوطنين إلى مجزرة حقيقية في الضفة وحصولها مسالة وقت لا أكثر ان لم تتخذ حكومة إسرائيل قرارات حاسمة بوقف الاستيطان والتعجيل بالمفاوضات لإنهاء هذا الوضع الشاذ والتداخل السكاني بين الفلسطينيين والمستوطنين .

إن استمر التصعيد الآن لن تكون هنالك انتفاضة كما عهدناها بل ستكون مجازر حقيقية يتعرض لها المستوطنين والفلسطينيين وحرب شوارع .. إنها مجازر متوقعة تمتد الى مناطق 48 ..وقد امتدت فعلا .. وهناك اشد خطرا على إسرائيل وفلسطينيو 48 بسبب التداخل السكاني الأكبر. . انها مجازر قادمة يمكن لحكومة إسرائيل تفاديها.

التعليقات