إحباط في السلطة الفلسطينية

بقلم : عبدالله عيسى
بعد إقامة السلطة شعر الفلسطينيون بحالة إحباط من سياسة إسرائيل وأمريكا والمجتمع الدولي في التعامل مع ملف المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية حيث تبين للمفاوض الفلسطيني أن إسرائيل تتعامل معه بعنجهية واستعلاء وفرض شروط مجحفة نظرا لقناعة إسرائيلية دولية بان السلطة لا تمتلك أي أوراق ضغط تذكر وأنها بحالة من الضعف المهين بحيث يقرر ضابط إسرائيلي صغير مصير شعب بفرض حصار أو إغلاق طرق او منع مرور مواد غذائية أساسية او أدوية .
في الوقت نفسه وفي تلك الفترة لاحظ الفلسطينيون كيف كانت تتعامل إسرائيل مع سوريا مثلا وتلهث خلف حافظ الأسد من اجل إبرام اتفاقية سلام بل أن رابين تعهد لحافظ الاسد من خلال الرئيس الأمريكي بانسحاب كامل من الجولان على أن تمتد السيادة السورية على الجولان باستثناء مسافة كيلومتر بعيدا عن بحيرة طبريا وتعطلت الصفقة بسبب كيلومتر واحد لان سوريا أصرت على سيادتها وحقوقها المائية في بحيرة طبريا وهي ما جرى الحديث عنه في حينه " وديعة رابين ".
وفي عام 1997 قام الطيران الإسرائيلي بقصف رادار سوري في لبنان فقامت الدنيا ولم تقعد رغم أن الرد السوري كان ظاهريا كالمعتاد :" الرد في المكان والزمان المناسبين ".. سارعت أمريكا بكل الوسائل لاسترضاء سوريا تكفيرا عن قصف الرادار السوري .. لماذا ؟ لان لسوريا قوة عسكرية ضاربة وأي حرب تخوضها ضد إسرائيل يعني كارثة حقيقية تصيب إسرائيل إضافة لامتلاك سوريا أوراق ضغط كثيرة في لبنان وفصائل فلسطينية ولبنانية كلها تنتظر إشارة من سوريا لتشعل الجبهة اللبنانية .
نفس التجربة عاشها الأردن في تلك الفترة بعد التوقيع على اتفاق وادي عربة حيث لم يحصل الأردن آنذاك على مساعدات أمريكية ذات قيمة بينما حصلت مصر على مساعدة أمريكية مقدارها حوالي 2 مليار دولار سنويا منذ التوقيع على اتفاق كامب ديفيد .. نفس الحسابات الإسرائيلية - الأمريكية بان مصر لديها قوة عسكرية ضاربة وإسرائيل تريد تحييدها بينما " وفق النظرة الإسرائيلية الخاطئة " أن قوة الأردن العسكرية لا تشكل خطرا على إسرائيل ..
وبعد سنوات اكتشفت إسرائيل أن للأردن مخالب قوية وأوراق ضغط لا يستهان بها فتغيرت المعاملة كليا .
كانت السلطة ترقب المشهد كله بمرارة واكتشفت ان اتفاق اوسلو كان كذوبة ومجرد التخلص من قلق كانت تسببه منظمة التحرير في الخارج وفي المراحل الأخيرة قبل اوسلو كانت منظمة التحرير الفلسطينية تسبب إزعاجا لبعض الدول العربية أكثر من إسرائيل ويبدو آن بعض الدول العربية ضغطت على بوش الاب كي يحل الموضوع الفلسطيني كي يرتاحوا من وجع الرأس فتمت الدعوة لمؤتمر مدريد للسلام بعد حرب الخليج .
بعد التوقيع على اتفاق اوسلو لم تلتزم الدول المانحة بتقديم مساعدات للسلطة الفلسطينية وأصبحت الدول العربية تطالب أبو عمار بالعودة إلى غزة من تونس بحجة أن يكون بين شعبه وأخذت بعض الصحف العربية تهاجمه وتزايد عليه وكان أبو عمار يؤجل عودته كوسيلة ضغط كي تلتزم الدول المانحة بالمساعدات وحتى هذه الورقة تم تجريده منها قبل العودة إلى غزة ..
فأراد ابو عمار أن يحتفظ بورقة صغيرة جدا وحتى هذه انتزعت منه .. قبل مغادرته لتونس طلب من الرئيس زين العابدين أن لا يكون للرئيس ابو عمار وداع رسمي حتى يوحي لأمريكا وإسرائيل أن لديه خيار العودة لتونس إن لم تلتزم الدول الراعية لعملية السلام باستحقاقات السلام .. وفوجئ أبو عمار بزين العابدين يعد له وداعا رسميا في مطار قرطاج ولسان حال الرئيس التونسي كأنه يقول للرئيس عرفات والعالم " لاعودة لك إلى تونس ولا نريد لك مقرا رسميا في بلادنا ".
غادر أبو عمار تونس وهو يشعر بالمرارة وتوجه إلى غزة وقد فهم تماما رسالة بن علي.
بعد وصوله غزة كل شيء بدأ يتغير نحو الأسوأ .. مماطلة إسرائيلية في كل شيء التزام بعملية السلام بالحد الأدنى .. استهتار بالسلطة وتعالي عليها باعتبار أن السلطة كلها أصبحت في فم الحوت الإسرائيلي وبالمقابل تلهث إسرائيل وراء سوريا لإغلاق الجبهة السورية وتجاهل للسلطة بل كان الإسرائيليون يصرحون علنا بان الأولوية لسوريا وليس للسلطة الفلسطينية .
الشعور الفلسطيني بالمرارة نتيجة الموقف الإسرائيلي فجر أول مفاجأة وكانت أحداث النفق عام 1996 مما دفع نتنياهو للانسحاب من الخليل .. قبل أحداث النفق خاضت السلطة مفاوضات صعبة جدا كي تنسحب إسرائيل من الخليل وتابعها الرئيس مبارك بعناية كبيرة حتى انه كان يحفظ أسماء معظم شوارع الخليل ومع هذا أصر نتنياهو على عدم الانسحاب حتى تفجرت أحداث النفق فبدأت مفاوضات حقيقية وجدية وقرر نتنياهو بدون أي ممطالة ولأول مرة بالانسحاب من الخليل وتسليمها للسلطة .
ومنذ أحداث النفق عام 1996 تداعت الأحداث واستوعب الفلسطينيون الدرس الإسرائيلي انه بدون الضغط على إسرائيل لن تحقق السلطة أي تقدم في المفاوضات فتتالت العمليات العسكرية ثم انتفاضة الأقصى عام 2000 بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد .. مسلسل طويل من الدم والدمار حتى عودة نتنياهو مجددا لرئاسة الحكومة الإسرائيلية فأدار ظهره للمفاوضات واخذ يتحدث عن شروط غير منطقية مثل يهودية الدولة ورفضه تقديم أي تنازلات فأصاب الشعب الفلسطيني يأس كبير نراه الآن وهو يستعدون لانتفاضة ثالثة او حرب في غزة .
ما تزال الفرصة سانحة أمام نتنياهو كي يجنب المنطقة مزيد من الدماء والدمار بالعودة إلى مائدة المفاوضات بتقدم جدي لإقامة سلام عادل وشامل أما إطلاق التهديدات ضد غزة والضفة لن يجر المنطقة إلا المزيد من الدمار .
بعد إقامة السلطة شعر الفلسطينيون بحالة إحباط من سياسة إسرائيل وأمريكا والمجتمع الدولي في التعامل مع ملف المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية حيث تبين للمفاوض الفلسطيني أن إسرائيل تتعامل معه بعنجهية واستعلاء وفرض شروط مجحفة نظرا لقناعة إسرائيلية دولية بان السلطة لا تمتلك أي أوراق ضغط تذكر وأنها بحالة من الضعف المهين بحيث يقرر ضابط إسرائيلي صغير مصير شعب بفرض حصار أو إغلاق طرق او منع مرور مواد غذائية أساسية او أدوية .
في الوقت نفسه وفي تلك الفترة لاحظ الفلسطينيون كيف كانت تتعامل إسرائيل مع سوريا مثلا وتلهث خلف حافظ الأسد من اجل إبرام اتفاقية سلام بل أن رابين تعهد لحافظ الاسد من خلال الرئيس الأمريكي بانسحاب كامل من الجولان على أن تمتد السيادة السورية على الجولان باستثناء مسافة كيلومتر بعيدا عن بحيرة طبريا وتعطلت الصفقة بسبب كيلومتر واحد لان سوريا أصرت على سيادتها وحقوقها المائية في بحيرة طبريا وهي ما جرى الحديث عنه في حينه " وديعة رابين ".
وفي عام 1997 قام الطيران الإسرائيلي بقصف رادار سوري في لبنان فقامت الدنيا ولم تقعد رغم أن الرد السوري كان ظاهريا كالمعتاد :" الرد في المكان والزمان المناسبين ".. سارعت أمريكا بكل الوسائل لاسترضاء سوريا تكفيرا عن قصف الرادار السوري .. لماذا ؟ لان لسوريا قوة عسكرية ضاربة وأي حرب تخوضها ضد إسرائيل يعني كارثة حقيقية تصيب إسرائيل إضافة لامتلاك سوريا أوراق ضغط كثيرة في لبنان وفصائل فلسطينية ولبنانية كلها تنتظر إشارة من سوريا لتشعل الجبهة اللبنانية .
نفس التجربة عاشها الأردن في تلك الفترة بعد التوقيع على اتفاق وادي عربة حيث لم يحصل الأردن آنذاك على مساعدات أمريكية ذات قيمة بينما حصلت مصر على مساعدة أمريكية مقدارها حوالي 2 مليار دولار سنويا منذ التوقيع على اتفاق كامب ديفيد .. نفس الحسابات الإسرائيلية - الأمريكية بان مصر لديها قوة عسكرية ضاربة وإسرائيل تريد تحييدها بينما " وفق النظرة الإسرائيلية الخاطئة " أن قوة الأردن العسكرية لا تشكل خطرا على إسرائيل ..
وبعد سنوات اكتشفت إسرائيل أن للأردن مخالب قوية وأوراق ضغط لا يستهان بها فتغيرت المعاملة كليا .
كانت السلطة ترقب المشهد كله بمرارة واكتشفت ان اتفاق اوسلو كان كذوبة ومجرد التخلص من قلق كانت تسببه منظمة التحرير في الخارج وفي المراحل الأخيرة قبل اوسلو كانت منظمة التحرير الفلسطينية تسبب إزعاجا لبعض الدول العربية أكثر من إسرائيل ويبدو آن بعض الدول العربية ضغطت على بوش الاب كي يحل الموضوع الفلسطيني كي يرتاحوا من وجع الرأس فتمت الدعوة لمؤتمر مدريد للسلام بعد حرب الخليج .
بعد التوقيع على اتفاق اوسلو لم تلتزم الدول المانحة بتقديم مساعدات للسلطة الفلسطينية وأصبحت الدول العربية تطالب أبو عمار بالعودة إلى غزة من تونس بحجة أن يكون بين شعبه وأخذت بعض الصحف العربية تهاجمه وتزايد عليه وكان أبو عمار يؤجل عودته كوسيلة ضغط كي تلتزم الدول المانحة بالمساعدات وحتى هذه الورقة تم تجريده منها قبل العودة إلى غزة ..
فأراد ابو عمار أن يحتفظ بورقة صغيرة جدا وحتى هذه انتزعت منه .. قبل مغادرته لتونس طلب من الرئيس زين العابدين أن لا يكون للرئيس ابو عمار وداع رسمي حتى يوحي لأمريكا وإسرائيل أن لديه خيار العودة لتونس إن لم تلتزم الدول الراعية لعملية السلام باستحقاقات السلام .. وفوجئ أبو عمار بزين العابدين يعد له وداعا رسميا في مطار قرطاج ولسان حال الرئيس التونسي كأنه يقول للرئيس عرفات والعالم " لاعودة لك إلى تونس ولا نريد لك مقرا رسميا في بلادنا ".
غادر أبو عمار تونس وهو يشعر بالمرارة وتوجه إلى غزة وقد فهم تماما رسالة بن علي.
بعد وصوله غزة كل شيء بدأ يتغير نحو الأسوأ .. مماطلة إسرائيلية في كل شيء التزام بعملية السلام بالحد الأدنى .. استهتار بالسلطة وتعالي عليها باعتبار أن السلطة كلها أصبحت في فم الحوت الإسرائيلي وبالمقابل تلهث إسرائيل وراء سوريا لإغلاق الجبهة السورية وتجاهل للسلطة بل كان الإسرائيليون يصرحون علنا بان الأولوية لسوريا وليس للسلطة الفلسطينية .
الشعور الفلسطيني بالمرارة نتيجة الموقف الإسرائيلي فجر أول مفاجأة وكانت أحداث النفق عام 1996 مما دفع نتنياهو للانسحاب من الخليل .. قبل أحداث النفق خاضت السلطة مفاوضات صعبة جدا كي تنسحب إسرائيل من الخليل وتابعها الرئيس مبارك بعناية كبيرة حتى انه كان يحفظ أسماء معظم شوارع الخليل ومع هذا أصر نتنياهو على عدم الانسحاب حتى تفجرت أحداث النفق فبدأت مفاوضات حقيقية وجدية وقرر نتنياهو بدون أي ممطالة ولأول مرة بالانسحاب من الخليل وتسليمها للسلطة .
ومنذ أحداث النفق عام 1996 تداعت الأحداث واستوعب الفلسطينيون الدرس الإسرائيلي انه بدون الضغط على إسرائيل لن تحقق السلطة أي تقدم في المفاوضات فتتالت العمليات العسكرية ثم انتفاضة الأقصى عام 2000 بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد .. مسلسل طويل من الدم والدمار حتى عودة نتنياهو مجددا لرئاسة الحكومة الإسرائيلية فأدار ظهره للمفاوضات واخذ يتحدث عن شروط غير منطقية مثل يهودية الدولة ورفضه تقديم أي تنازلات فأصاب الشعب الفلسطيني يأس كبير نراه الآن وهو يستعدون لانتفاضة ثالثة او حرب في غزة .
ما تزال الفرصة سانحة أمام نتنياهو كي يجنب المنطقة مزيد من الدماء والدمار بالعودة إلى مائدة المفاوضات بتقدم جدي لإقامة سلام عادل وشامل أما إطلاق التهديدات ضد غزة والضفة لن يجر المنطقة إلا المزيد من الدمار .
التعليقات