من علامات انهيار النظام

من علامات انهيار النظام
بقلم: عبدالله عيسى

قبل أن ينهار أي نظام تظهر علامات تتزايد وتتسارع مع اقتراب نهايته  وهي علامات معروفة ومن يحاول دراسة سقوط الأنظمة يجد هذه العلامات بوضوح .

وعلامات سقوط الأنظمة تبدأ بزيادة الطغيان والعنجهية والاستعلاء على الشعب والفساد والنهب بلا وازع وعلى عينك يا تاجر .

وفي مرحلة العد التنازلي لسقوط النظام يدخل  الفاسدون في سباق عجيب  للنهب والاختلاس والرشاوى بدون حياء أو خجل لأنهم يدركون أن المركب تغرق فيريد كل واحد منهم إثقال جيوبه بأكبر قدر ممكن من الأموال استعداد للقفز من السفينة .. وتتصاعد عمليات تهريب الأموال للخارج وكل فاسد يجتهد في البحث عن دولة تؤويه مع أمواله المنهوبة من الشعب . في الثمانينات وصلت إحدى الشخصيات التونسية إلى عضوية مجلس النواب  بتزكية من الحزب الحاكم ثم مركز رفيع اخر وكان عهد الرئيس التونسي بورقيبة قد بدأ العد التنازلي للسقوط وحديث الناس في كل مكان عن خلافة بورقيبة قبل انقلاب زين العابدين بن علي .

النائب المحترم قال في نفسه الفرصة الآن ذهبية كي انهب ما استطيع فحول مكتبه إلى مكتب سمسار.. مقاول داخل ومقاول خارج ورئيس مجلس إدارة شركة داخل لمكتبه وآخر خارج .. واتفاقيات تحت الطاولة .. المناقصة الفلانية ترسي على المقاول الفلاني برشوة مقدارها كذا وسمسرة مع رئيس مجلس إدارة شركة بمبلغ كذا وعلى عينك يا تاجر .

فاحت رائحة النائب وأصبح حديث أصحاب الشركات فطلبه مسئول كبير ووبخه قائلا :" لا أمنعك من تقاضي عمولات ولكن ليس على هذا النحو لقد فضحتنا .. تقاضى العمولات سرا وسكتم بكتم ".

حتى الدولة العثمانية عندما أفل نجمها وخرجت من البلاد العربية بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى .. خرج عساكرها وهم يحملون الأموال والذهب عائدين إلى تركيا وبعضهم لم يتمكن من حمل الأموال المنهوبة فحفروا حفرا في الأرض ووضعوا علامات حيث دفنوا الذهب .

ومن هنا جاءت قصة الباحثين عن الثروة من الدفائن الذهبية في الأرض وانشغل كثير من الناس في معظم الدول العربية بالحفر والاستعانة بمشايخ ثم معدات الكشف عن المعادن للوصول إلى أموال الضباط الأتراك المدفونة بالأرض.. بعضهم وصل للدفائن وكثير منهم لم يصل لشيء . وكانت نظرية الضباط الأتراك هي العودة إلى البلد الذي دفن فيه الذهب بعد ان تهدأ الأمور والحرب .

وفي كتب التاريخ كنا نقرأ دائما عن أسباب انهيار الدولة العثمانية .. الفساد والرشوة والمحسوبية .. وفي مطلع بيان الضبط الأحرار الذي تلاه السادات في الإذاعة بعد الإطاحة بنظام الملك فاروق برر قيام ثورة 23 يوليو بانتشار الفساد والرشوة في الدولة والجيش .

ويقول بيان ثورة 23 يوليو :" اجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم، وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش، وتسبب المرتشون المغرضون في هزيمتنا في حرب فلسطين. .
وأما فترة ما بعد هذه الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد وتآمر الخونة على الجيش وتولى أمره إما جاهل أو خائن أو فاسد حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها، وعلى ذلك فقد قمنا بتطهير أنفسنا، وتولى أمرنا في داخل الجيش رجال نثق في قدرتهم وفي خلقهم وفي وطنيتهم".

التعليقات