عاجل

  • جيش الاحتلال ينسف منازل سكنية شرق جباليا البلد شمال غزة

  • قصف مدفعي على المناطق الشرقية لمدينة غزة

  • قصف مدفعي على جباليا النزلة شمال قطاع غزة

البرود المصري تجاه المصالحة .. ورسائل الرئيس في لقاء مصطفى بكري

البرود المصري تجاه المصالحة .. ورسائل الرئيس في لقاء مصطفى بكري
كتب غازي مرتجى
لم يتمكّن الساسة والمحلّلون من التقاط أنفاسهم بعد معركة الشد والجذب حول تشكيلة حكومة الوفاق وتأخر اعلانها حتى واجهتهم مشكلة اغلاق البنوك ورواتب الموظفين .. فضاعت القضايا الأهم وانشغلنا جميعاً بمتابعة مستجدّات حلول رواتب غزة وفك قيد رواتب رام الله .

في لقاء الرئيس أبو مازن مع مصطفى بكري الكثير من الرسائل , التي ربما لا تخطر على بال متابع ،فالرئيس أتقن توجيه رسائله التي لن يفهمها إلا المعنيون .

سأقتبس بعضا من لقاء الرئيس أبو مازن مع الاعلامي مصطفى بكري على فضائية صدى البلد في الرسائل التي وجهّها لجمهورية مصر العربية والنظام المصري القوّي القادم برئاسة المشير عبدالفتاح السيسي .

قبلها .. يجب أن يعرف الجميع أنّ المعنى الحقيقي لإنهاء الإنقسام يوم أن تشاهد قادتي فتح وحماس على يمين ويسار الرئيس عبدالفتاح السيسي أو على الأقل أن تسمح لهم الجهات المعنية بعقد اجتماع "اطار المنظمة" هناك , دون ذلك فلا زال في الوقت سعة لنقول "بدري" ..!

بحسب ما أبلغني أحد المقربين فإنّ لدى مصر عتاباً كبيراً بالإجراءات الاخيرة التي انتهت بتشكيل حكومة الوفاق ليس بسبب تشكيلها أو التحالف مع حماس وإنما بسبب "تحييد" مصر عن الصورة رغم تصدرها لمشهد المصالحة منذ بدايته فور فوز حماس بالتشريعي واتفاق مكة وما تلاه وصولاً إلى اتفاق القاهرة الشهير .

"مصر" في المرحلة الحالية تختلف كلياً عن مصر سابقاً في زمن "مبارك" أو "المجلس العسكري" أو "مرسي" حتى .. وهي الآن في حرب مفتوحة مع "الاخوان المسلمين" بل تؤثر على دول وبلدان كثيرة لأجل محاربة الاخوان المسلمين في بلدانهم وتعمل كما ذكرنا سابقاً على تخليص "ليبيا" من جيوب الارهاب الموجودة هناك وكانت ولا تزال تستشعر الحرج بجيرانها في "غزة" .

بحسب نفس الشخص الذي أبلغني فقد رفضت مصر عقد اجتماع  لجنة تطوير وتفعيل منظمة التحرير في الوقت الحالي لأسباب خاصة بمصر , كما رفضت التعاطي بما يخص معبر رفح وأرسلت سابقاً رسائل عتاب شديدة اللهجة بما يخص تصريحات فتح المعبر على مصراعيه وهو ما بدا على طرفي الانقسام بتجنبهم الحديث عن معبر رفح في السرّ والعلن ..!

"مصر" هي مفتاح الحل ومن خلالها يمكن اقناع دول مجلس التعاون الخليجي -عدا قطر- بالتعاون والتعامل مع حكومة الوفاق الجديدة وتفعيل مظلة الأمان العربية المالية على الاقل لها , أما في الوقت الحالي فلا تجد إلا قطر تساند بشكل علني وجهوري حكومة الوفاق بينما لم نستمع لصوت سعودي او اماراتي وهما الدولتين الاكثر دعماً للقضية الفلسطينية وللرئيس ابو مازن على الرغم من تهنئتهما بالحكومة الجديدة واستعدادهما لدفع ما هو مستحق عليهم كما السابق .. لكن لا حوافز ولا اضافات ..!

عدم الرضا المصري على المصالحة حتى اللحظة وكما أسلفت سابقاً يتعامل الرئيس معه بحنكة عالية وفي لقائه مع مصطفى بكري وهو اعلامي مقرّب جداً من النظام الحاكم قال :"لسنا على عجلة من امرنا" .. وقال ايضا :"المصالحة تمت على ارضيتنا-يقصد شروط فتح-" , وفي ذات اللقاء تحدث الرئيس عن عدم تغيّر أي شيء بما يخص الرواتب أو المعبر إلا عند تسلّم حرسه وحكومته الشرعية لكافة المفاصل في القطاع -الامن وخلافه- وهو بذلك يرسل رسائل طمأنة إلى مصر .

عندما سأل مصطفى بكري عن "الأنفاق" لم يكن سؤالاً خالصاً ولا يندرج تحت اسئلة اعدها صحفي للقاء اعلامي وانما كانت الاجابة هي الدليل على نوعية السؤال عندما أكّد الرئيس أن قواته -حرس الرئاسة- ستنتشر على الشريط الحدودي مع مصر كاملاً وستتسلم العمل على معبر رفح ليرسل رسائل من تحت الطاولة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي أنّ أمن مصر القومي سيكون برعايتنا وتحت أيدينا ولن تستمر الأوضاع على ما هي عليه ..

رسائل الرئيس جاءت لعلمه اليقين أنّ مصر في وضعها الحالي وما أسسته من قواعد للعب مع الاخوان المسلمين والتنظيمات الجهادية بتصنيفهم "ارهاباً" لن تتعامل مع حركة حماس لا من بعيد ولا من قريب على الاقل في الوقت الحالي , فأرسل الرئيس رسائله أنّه يعلم تماماً ما يريده الرئيس السيسي .. "ومش مستعجلين".

سياسة العصا والجزرة بمفهومها السياسي كانت حاضرة لدى الرئيس أبو مازن عند سؤال الاعلامي بكري الرئيس عن تعامله مع حركة حماس في ظل تصنيف الاخوان المسلمين كـ"ارهابيين" في مصر , أجاب الرئيس أبو مازن بحدّة ديبلوماسية عندما أكّد انه بقرار المصالحة أغضب إسرائيل فوضع نقاطاً واكتفى بذلك , وعندما أرسل الرئيس نصائحه وخصّ الرئيس السيسي بها بأنّ كل رئيس يقوم بما يجده مصلحة لامنه القومي ولشعبه عليه أن لا يتردد كان يؤكد له انّنا كفلسطينيين معك فيما ذهبت اليه من محاربة للارهاب واخترت امن بلدك القومي ومصلحته العليا ونحن كشعب فلسطيني اخترنا المصالحة مع حماس حفاظا على القضية الفلسطينية وامنها القومي ايضاً .. فكان بمثابة عصا وجزرة ديبلوماسية .

البرود المصري في التعامل مع المصالحة الفلسطينية متوقّع , أكّد لي أحد الساسة أنّ ضغطاً يتم على حركة حماس في الوقت الحالي لاصدار بيان تؤكد فيه اعترافها بالنظام المصري الجديد وتنصلها من الاخوان المسلمين الامر الذي تُجابهه حماس بالرفض , لكن يشير البعض الى امكانية اصدار حماس لبيان تهنئة للرئيس عبدالفتاح السيسي دون ذكر الاخوان المسلمين ما يعني اعترافاً كاملاً من حماس بالنظام المصري الذي لا زالت بعض وسائل الاعلام المقربة من الحركة تنعته بالنظام الانقلابي .

كافة ملفات المصالحة بيد مصر ولا يمكن للمصالحة ان تسير بالاتجاه الصحيح دون "الرضا" المصري , وعلى سبيل المثال فترتيب الاجهزة الامنية ورُتب عناصر حكومة غزة ورواتبهم ومستحقاتهم وعمل الاجهزة الامنية ككل معلّق بـ"الرضا" المصري فهي صاحبة الاختصاص بانشاء وتشكيل اللجنة الامنية التي وافق عليها الطرفين في اتفاق القاهرة ولا يمكن أنّ تُشكّل اللجنة دون مصر .. وهي الأعلم بالوضع الفلسطيني الداخلي .

"معبر رفح" هو احد معالم الانقسام الفلسطيني ويكاد لسان عامة الغزيّين القول ان المصالحة تعني فتح معبر رفح فقط ولا دخل لنا بغير ذلك , ومن يحكم ويتحكّم بالمعبر هي مصر ورسائل مصر الاخيرة للقيادة الفلسطينية بما يخص تصريخات بعض القيادات عن فتح معبر رفح فور تشكيل الحكومة كانت حاسمة , ولعلّ اغلاق معبر رفح منذ تشكيل الحكومة حتى يومنا رسالة مصرية خالصة وهي لم تقم بفتحه حتى كما اعتادت في الاسابيع الماضية ولو على مدار يومين .. كل ذلك يوصلنا الى الجزم بعدم "موافقة" مصر على اتفاق المصالحة الاخير الذي تمّ دونها .. 

الموقف الخليجي من قطر والذي تولّد بسبب الموقف المصري منها يجب أن لا يغيب عن البال , والتعامل البارد "خليجياً" مع اتفاق المصالحة واعلان حكومة التوافق واضح للعيان , وقبول الرئيس ابو مازن بالمساعدة القطرية .. فقط , يعني اغضاب الخليج برمته خاصة مع العقوبات الخليجية على قطر مؤخراً وبالتأكيد سيعقّد العلاقة مع مصر .. وهو ما يتطلب تعاملاً وسطياً ولقاءات وجولات مكّوكية للرئيس ابو مازن لشرح الموقف الفلسطيني الحالي , لكنه بالتأكيد يحتاج لدعم "حمساوي" في المواقف ليُسهل عليه المهمة .

الوقفة الأخيرة لمن تابع لقاءات الرئيس ابو مازن في مصر عدم التقائه منفرداً بالرئيس عبد الفتاح السيسي على الرغم من الطلب الفلسطيني بذلك , وهو مؤشر ورسالة من مصر بعدم رضاها الكامل على الخطوة التي أقدم عليها الرئيس أبو مازن بالتصالح مع حركة حماس ومهمة الرئيس ابو مازن "صعبة"  لكن في الوقت ذاته فإنّ دهاءه السياسي سيمكنّه من اقناع مصر بخطوة المصالحة وتوقيتها .. لكنه يحتاج إلى "لحلحة" في موقف حركة حماس تجاه مصر سياسياً .. وإعلامياً كذلك .

صحيح أنّ ياسر عرفات أسّس لمرحلة القرار الوطني المستقّل لكنه لم يغب يوماً عن التحالفات الاقليمية وحتى الدولية وكان يُلاعب الجميع ويلتزم في النهاية بقرار "رأسه" النابع من مصلحة قضيته .. لكنه لم يخسر يوماً "حليفاً" ولم يُغضب "صديقاً" ..

التعليقات